Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخلاف مع بغداد يعيد الإضرابات لكردستان

قطاعات واسعة تمهل الحكومة لإطلاق المرتبات المتأخرة

بدأ الموظفون في السليمانية وحلبجة وكرميان إضراباً جزئياً احتجاجاً على عدم تسلمهم المرتبات (أ ف ب)

ملخص

دخل الخلاف بين حكومتي بغداد وأربيل فصلاً جديداً من الاتهامات المتبادلة بعد أشهر من الاستقرار النسبي في العلاقة

عادت ظاهرة إضرابات موظفي القطاع العام في إقليم كردستان العراق احتجاجاً على تأخر المرتبات إثر تعثر الاتفاقات بين حكومتي بغداد وأربيل في تطبيق بنود الموازنة العامة، فيما دخل الخلاف بين الحكومتين فصلاً جديداً من الاتهامات المتبادلة بعد أشهر من الاستقرار النسبي في العلاقة، كان تحقق على ضوء تفاهمات تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني.

وكانت حكومة أربيل برئاسة مسرور بارزاني رفضت "قرضاً" مرسلاً من حكومة السوداني يبلغ 500 مليار دينار، ما يعادل 350 مليون دولار، كإجراء موقت لحين حسم الخلافات في ما يتعلق بالتزام الإقليم "بكامل بنود الموازنة"، وقالت إن المبلغ لا يسد نصف الأموال المطلوبة لتغطية مرتبات موظفيها، معتبرة الخطوة بأنها "انقلاب على تفاهمات تشكيل حكومة السوداني، وعلى دستور البلاد".

ويؤكد الأكراد أنهم نفذوا كامل التزاماتهم المتعلقة بتسليم النفط ونصف إيراداتهم من الضرائب والجمارك، وأن على بغداد الالتزام بدفع حصتهم المقرة في الموزانة البالغة ترليوناً و375 مليار دينار، نحو 887 مليون دولار. إلا أن المتحدث باسم الحكومة الاتحادية باسم عوادي رد على اعتراضات الإقليم بالقول إن حكومة السوداني "أوفت بالتزامتها المالية تجاه الإقليم، وبلغ ما بذمته من أموال لغاية شهر يونيو (حزيران) ثلاثة أضعاف حصته في الموازنة"، متهماً حكومة أربيل "برفض تسليم الإيرادات النفطية وغيرها وفق ما تقتضيه بنود الموازنة".

السرطان ينهك "الجسد العربي" وفجوة الرعاية تتسع
تشير التوقعات إلى أن العبء الأكبر الناجم عن الإصابات بالسرطان بحلول 2030 سيكون من نصيب شرق المتوسط حيث تقع غالبية الدول العربية. فكيف يبدو وضع هذا المرض في دولنا اليوم؟ التفاصيل في المجهر.
Enter
keywords

 

مهلة وشروط

وبدأ الموظفون يوم أمس الأحد في نطاق نفوذ حزب "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني، وهي السليمانية وحلبجة وكرميان، الإضراب الجزئي في مختلف القطاعات الخدماتية والقضائية والتربوية، احتجاجاً على عدم تسلمهم المرتبات منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، وأمهل مسؤولون في القطاع الصحي الحكومة ثلاثة أيام لإطلاق مرتبات شهري يوليو وأغسطس (آب)، والالتزام بصرفها في مواعيدها كل نهاية شهر، وبخلافه سيعلنون عن إضراب عام".

وقال رئيس نقابة موظفي الصحة هاوجين محمد خلال مؤتمر صحافي إن "حكومة الإقليم تلقي بالمسؤولية على الحكومة الاتحادية، لكن الكرد في الحقيقة هم شركاء فيها عبر مناصب رفيعة يشغلونها بدءاً من رئيس الجمهورية ونواب رئيسي البرلمان والحكومة والوزراء، ولم نعد نقبل مزيداً من الأعذار".

"العلة في الفساد"

من جهتهم أعلن موظفو قطاع التعليم في السليمانية عن بدء إضراب اعتباراً من يوم الأربعاء المقبل في أول أيام العام الدراسي الجديد، ودعوا في بيان مشترك مع الموظفين المحتجين، إلى "غلق أبواب الدوائر من الآن، في حال عدم إطلاق المرتبات المتأخرة، وكذلك تلك المدخرة لدى الحكومة للسنوات الماضية"، واعتبروا أن "الواقع المتأزم في الإقليم هو نتاج الفساد المستمر منذ 30 عاماً إلى حد لم يتبق للسلطة الكردية أي ثقل محلي أو خارجي".

في المقابل أكد وزير التربية آلان محمد سعيد خلال مؤتمر صحافي أن "المقاطعة ليست حلاً"، وأضاف أن "مطالب المعلمين مشروعة، لكن العلة تكمن في سياسة حكومة بغداد التي تتحكم بالمرتبات وتقع عليها مسؤولية دفعها، وإذا لم يكن موظفو الإقليم على ملاك الدولة العراقية، إذاً فليسمحوا بأن نبيع نفطنا بأنفسنا لكي نحل أزمة المرتبات".

لكن عضو اللجنة المالية في البرلمان الاتحادي عن حزب "الاتحاد" نرمين معروف أعلنت أن "وزيرة المالية في حكومة بغداد طيف سامي أبلغت لجنتنا بأن ما أرسلته من أموال للإقليم خلال الأشهر الستة الماضية يفوق استحقاقه، وتم ذلك بموجب اتفاق وليس بناء على قانون الموازنة". وقالت أيضاً إن "حصة الإقليم كانت ترليونين و500 مليار دينار، وبلغت مجمل إيرادات الإقليم النفطية وغيرها أكثر من 8 ترليونات، مما يعني أن على الإقليم إعادة 5 ترليونات و800 مليار إلى بغداد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التسليم لم يكن حلاً

ويبلغ حجم الديون المترتبة على الإقليم وفقاً لمسؤولين حكوميين نحو 30 مليار دينار، بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت به منذ عام 2014، بعضها ديون الشركات العاملة في القطاع النفطي، والأخرى مرتبات موظفي القطاع العام عجزت عن دفعها بموجب نظام طارئ طبقته تحت مسمى "الإدخار الإجباري" بين أعوام 2015 و2018.

تأتي الإضرابات وسط جدل محتدم في الوسطين السياسي والشعبي الكردي حول جدوى ونتائج تسليم الإقليم لنفطه إلى بغداد، إذ صعد حزب بارزاني من انتقاداته للأصوات التي كانت تعول على هذه الخطوة كحل للأزمة المالية، ومنها حزب "الاتحاد الوطني".

القيادي في "الديمقراطي" فاضل رؤوف بدوره قال "كانت حملة مضللة، واليوم اتضح أننا حتى لو سلمنا كل ما لدينا لبغداد فإنها ستبقى تنظر لنا كعدو"، وأردف أن "الذين وقفوا ضد فكرة إدارة الإقليم لنفطه بشكل مستقل عن بغداد تيقنوا متأخرين مدى مخاطرها"، في إشارة إلى حزب طالباني وبعض القوى المعارضة.

مراجعة للضوابط

 وفي مؤشر على احتمال استمرار أمد الأزمة، وجهت مؤسسات في حكومة أربيل تعليمات تحد من ضوابط وساعات عمل موظفيها، في عودة لإجراءات مماثلة كانت اتخذتها بعد أزمتها المالية عام 2014. إذ أصدرت وزارة التربية قراراً يحد من الإجراءات الصارمة في تطبيق نظام الزي الموحد في المدارس مراعاة للأوضاع المعيشية، وسمحت للمدرسين بمغادرة مدارسهم قبل انتهاء الدوام الرسمي في حال اكتمال حصصهم التدريسية، كما أصدرت قراراً يمنع أية وسيلة إعلامية القيام بالتغطية في أية مدرسة إلا بعد الحصول على رخصة مسبقة من المديرية العامة للتربية.

للتدخل الخارجي وقعه

ولتعثر التفاهمات المبرمة أبعاد تتخطى الصراع المحلي وفق ما يراه المحلل في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية رنج نوزاد، الذي يعتقد أن "شروط بغداد في ما يتعلق بالموازنة تتخذ صيغة مبطنة وغير مباشرة لانتزاع مكاسب سياسية في ملفات عدة بضغط خارجي، بغية ضرب كيان الإقليم ومنعه من تصدير نفطه. وفي الوقت نفسه تمتنع أن تتولى مهمة تصديره كما ترفض إطلاق مرتبات موظفيه، ولا ننسى أنها قبل سنوات كانت تشترط أن يسلمها الإقليم 200 ألف برميل يومياً فقط، بينما اليوم تماطل بعد تسليمها النفط كاملاً، وتطالب بدفع كامل إيرادات الإقليم".

في المقابل تقلل مصادر سياسية من تداعيات الخلاف بكونه يندرج ضمن الترويج الانتخابي لاستقطاب الشارع مع قرب موعد انتخابات مجالس المحافظات المقررة نهاية العام الحالي، في ظاهرة لم تغب عن العملية السياسية منذ أول انتخابات شهدتها البلاد عام 2005.

الصراع نتاج الإخفاق

أما المحلل الكردي جمال بيره فإنه يحذر من أن "الشارع الكردي سيكون له كلمته في حال استمرار الأزمة، وهذا لا يعني أن يكون في هذه المعادلة طرف رابح وآخر خاسر، فليس من المستبعد أن تخرج الأمور عن السيطرة لتخلف تداعيات غير محسوبة النتائج، نظراً إلى الوضع المعيشي المزري"، وأردف أن "استخدام المرتبات وقوت الشعب كورقة سياسية يعكس فشلاً سياسياً وإدارياً، في حين أنه بإمكان طرفي النزاع اللجوء إلى خيار القضاء لحسم الخلاف بدلاً من جعل الموظفين ضحايا هذا الصراع المزمن".

وتابع بيره أن "المبدأ السياسي القائم على هزيمة الآخر لن يثمر في ظروف كالحالة العراقية، وقد يكون له انعكاسات توسع من الفجوة بين الإقليم وبغداد، وقد يدفع الكرد نحو خيارات غير مرغوب بها تفضي إلى التماهي مع مشاريع دول إقليمية وعالمية، وهذا بدوره سيفتح باباً جديداً أمام مزيد من التدخل الخارجي في الشأن العراقي". وأضاف "لذا ليس أمام الطرفين سوى التحلي بالمسؤولية لوضع حد لهذا الصراع الذي أرى أنه ليس عصياً على الحل، ولا يبدو أن هناك خيارات أخرى متاحة سوى الاتفاق".    

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير