ملخص
الموقف التركي جاء مباشرة بعد قرار محكمة باريس القاضي بتعويض العراق 1.5 مليار دولار عن تصدير نفط كردستان من دون موافقة بغداد
ذكر تقرير بريطاني أن تركيا ترفض نقل وتخزين وتحميل نفط كردستان ما لم تظهر نتائج فحص الأنبوب العراقي التركي إمكانية ذلك، مبيناً أنها طالبت بغداد بتقديم تقارير فحص وصيانة للأنبوب من الجانب العراقي إضافة لإصلاح خط الأنابيب (46) قبل أن يتم استئناف تصدير النفط عبر أراضيها.
التقرير الصادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية ومقره العاصمة البريطانية لندن، أوضح أن ادعاء تركيا بتوقف تصدير الخام العراقي عبر أراضيها بسبب الظروف القاهرة الناجمة عن الزلزال، يتناقض مع إعلان مسؤولي قطاع الطاقة لديها بسلامة خط أنابيب "كركوك – جيهان"، واستمرار تدفقات النفط فيه في أعقاب الزلزال.
ويثير توقيت إيقاف العمل بالأنبوب العراقي التركي عديداً من علامات الاستفهام، فقد جاء مباشرة بعد قرار محكمة باريس القاضي بوجوب دفع تركيا نحو 1.5 مليار دولار تعويضات للعراق عن تصدير نفط كردستان من دون موافقة الحكومة العراقية في الفترة من 2018 -2020.
وبحسب لجنة النفط والطاقة النيابية في البرلمان العراقي فإن تركيا تشترط إلغاء هذه التعويضات ومنحها خصماً يقدر بـ13 دولاراً من سعر كل برميل نفط يصدر من الإقليم إضافة إلى أجور نقل تلك الصادرات النفطية والبالغة سبعة دولارات عن كل برميل.
توظيف الأزمة
يشير التقرير البريطاني إلى أن وزارة النفط العراقية لم تطالب الجانب التركي بمعلومات تتعلق بالكشف والفحص لمنظومة الأنبوب حتى تاريخ 22 يونيو (حزيران) الماضي، أي بعد ثلاثة أشهر من توقف العمل فيه، على رغم خسارة العراق جراء ذلك قرابة ثلاثة مليارات دولار.
ويبين التقرير أن كلا الحكومتين العراقية والتركية ليستا في عجلة من الأمر في ما يتعلق باستئناف صادرات نفط كردستان والتي تقدر بنحو 400 ألف برميل يومياً، فإنتاج العراق من النفط يصل إلى 4.6 مليون برميل يومياً في حين أن حصته التي حددت بموجب اتفاق "أوبك+" للعام المقبل هي 4.431 مليون برميل يومياً.
كما بلغ متوسط صادرات العراق في يوليو (تموز) الماضي 3.444 مليون برميل يومياً وهو أقل بكثير من صادرات العراق في فبراير (شباط) الماضي، إذ بلغت 3.74 مليون برميل يومياً، لذا استخدمت وزارة النفط العراقية مسألة توقف صادرات نفط الإقليم لإظهار التزامها باتفاق "أوبك+" لخفض الانتاج والتخلي طوعياً عن إنتاج 210 آلاف برميل يومياً في محاولة للحفاظ على الأسعار.
كما عقد العراق اتفاق مقايضة مع إيران يتم بموجبه تصدير 100 ألف برميل يومياً لإيران معظمها من نفط كركوك مقابل ما يعادلها في القيمة من الغاز الإيراني، لتوليد الكهرباء في العراق.
أما ما تبقى من نفط الإقليم الشمالي، فتقوم وزارة النفط العراقية باستلام 85 ألف برميل يومياً يمكن زيادتها لتصل إلى 120 – 150 ألف برميل ويتم تكريرها للاستهلاك المحلي.
ويوضح التقرير أن توقف صادرات إقليم كردستان النفطية قد وظف سياسياً في العراق لإقرار الموازنة العامة، فقد تمسكت قوى ما يسمى بـ"الإطار التنسيقي" الموالي لإيران بضرورة تسليم إيرادات نفط الإقليم إلى الحكومة العراقية، على رغم أن الاتفاق السياسي الذي تم بموجبه تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كان ينص على غير ذلك.
حسابات الربح والخسارة
على رغم خسارة كل من العراق وتركيا مبالغ مالية كبيرة جراء توقف صادرات نفط كردستان عبر الموانئ التركية إلا أن حسابات الربح والخسارة بالنسبة إلى الجانب التركي تختلف عما هي عليه في العراق، فزيارة وزيري الخارجية والطاقة التركيين إلى بغداد لها دلالة واضحة عبر عنها وزير الخارجية هاكان فيدان عندما طالب العراق بتصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.
ويشير هذا بوضوح إلى استخدام تركيا ورقة الطاقة للضغط على العراق لتحقيق مكاسب أمنية وسياسية قد تفوق بكثير خسائرها من توقف تصدير النفط العراقي عبر أراضيها.
قانون النفط والغاز
ويشير التقرير إلى أن عدم التوصل لاتفاق حول قانون النفط والغاز، يضعف الموقف العراقي الرسمي خلال محادثاته مع الجانب التركي، فمسألة إنتاج النفط والتعاقد مع الشركات الأجنبية لا تزال قضية خلافية منذ إقرار الدستور العراقي في عام 2005، إذ يفسر كل طرف المواد المتعلقة بالاستفادة من الثروات الطبيعية من وجهة نظر دستورية تختلف عن الطرف الآخر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كانت شركات النفط الأجنبية العاملة في إقليم كردستان علقت نشاطاتها في وقت سابق بسبب توقف الصادرات وعدم وجود قدرات تخزينية كافية للكميات التي يتم إنتاجها يومياً، كما سرحت مئات العاملين لديها مطالبة باحترام حقوقها التعاقدية في ما يتعلق باسترداد التكاليف والأرباح المنصوص عليها في عقود المشاركة في الإنتاج ومراعاة ذلك خلال صياغة مشروع قانون النفط والغاز الذي يجري التفاوض في شأنه بين كل من بغداد وأربيل.
وبحسب التقرير فإن حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا مرجح للارتفاع لا سيما وأن العراق يعمل على إنجاز طريق التنمية الرابط بين البصرة جنوب البلاد والحدود مع تركيا شمالاً، ويتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 20 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة بعد أن وصل إلى 15 مليار دولار العام الماضي، مع ارتفاع ملحوظ في عدد الشركات التركية العاملة في العراق.
وفي ما يتعلق بملف المياه، حذر تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية من الآثار الخطرة والكارثية التي سيخلفها تقليص تركيا حصة العراق المائية وتسبب ذلك بموجات نزوح لمئات الآلاف من الأفراد وتراجع مستوى الأمن الغذائي وخسائر زراعية وبيئية ستكون لها انعكاسات خطرة على مستقبل العراق والمنطقة.