Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قمة الـ20" بطاقة مودي الرابحة للفوز بانتخابات 2024

صحيفة "التايمز" ترى أن رئيس الوزراء الهندي يستغل استضافة نيودلهي القمة للترويج لإعادة انتخابه

تمثل مجموعة الـ20 بداية موسم الحملات الانتخابية التي سيفوز بها مودي العام المقبل (أ ف ب)

ملخص

العقيدة القومية اليمينية تسعى إلى إعادة صياغة الهند العلمانية كأمة هندوسية والمسلمين كأعداء

على طول طريق ريفي مليء بالحفر، يبعد أميالاً من شوارع دلهي التي تصطف على جانبيها النباتات، يلوح في الأفق ملصق واحد لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، فوق أنقاض المتاجر والمنازل التي دمرتها الجرافات، يعلن "أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد".

تقول صحيفة "التايمز" في افتتاحية حملت عنوان "داخل الهند في عهد مودي القومية الهندوسية عمقت خطوط الصدع"، إن الملصق بعيد كل البعد من الأبهة التي تجتاح العاصمة بينما تستعد لاستضافة قمة مجموعة الـ20، إذ تلصق صور مودي كل الأسطح، وتغطى الأحياء الفقيرة القبيحة بالستائر الخضراء، ويحرس رجال الشرطة آلاف أصص النباتات المنتشرة لتجميل رحلات زعماء العالم.

وتضيف الصحيفة "لكن هنا في مدينة نوه في ولاية هاريانا الهندية، على بعد 50 ميلاً من دلهي، وفي الأسابيع التي سبقت القمة، اندلعت أحدث موجة من العنف الديني القاتل، مما كشف عن جانب قبيح آخر من الهند في عهد مودي الذي يفضل إخفاءه".

وتابعت الصحيفة "حدث ذلك في 31 يوليو (تموز) الماضي، عندما قاد القوميون الهندوس مسيرة دينية عبر المنطقة التي يسمونها (باكستان الصغيرة) نسبة إلى سكانها المسلمين، وسخروا من سكانها، الذين ردوا بإلقاء وابل من الحجارة، وسرعان ما تحولت الاشتباكات إلى أعمال شغب عنيفة، أسفرت عن مقتل شرطيين وثلاثة من المتظاهرين".

وفي غضون ساعات امتدت الاضطرابات إلى جورجاون، ضاحية دلهي الناشئة في مجال التكنولوجيا، والتي تضم شركات متعددة الجنسيات من "غوغل" إلى "إكسبيديا" وموقع الاجتماعات الأولية لمجموعة الـ20 هذا الأسبوع، إذ تجمع حشد من الغوغاء حول الزعماء القوميين الهندوس مطالبين بدماء المسلمين قبل أن يسيروا إلى أحد مسجدي جورجاون لإشعال النار فيه، وفي الداخل أطلق الغوغاء النار على الإمام الشاب، الذي بقي لحراسة المبنى، وطعنوه حتى الموت، كما تقول الصحيفة.

لحظة على المسرح العالمي

وفي الأيام التالية في نوه، وقف القرويون المسلمون بلا حول ولا قوة بينما دمرت السلطات منازلهم ومتاجرهم في ما يبدو أنه عقاب جماعي. استجاب المئات من السكان المسلمين في جورجاون، الذين انجذب عديد منهم إلى هناك كعمال مهاجرين بسبب طفرة البناء، لتحذيرات الغوغاء القوميين بالخروج، وحزموا أمتعتهم وغادروا.

وقال شادب أنور، 26 سنة، شقيق الإمام القتيل محمد سعد، 22 سنة، والذي عاد الآن إلى ولايته بيهار، للصحيفة "لقد غادرت مع جثمان أخي. وقفت الشرطة متفرجة عندما قتل، ولم أعد أشعر بالأمان في جورجاون بعد الآن".

وبينما تستعيد الهند لحظتها على المسرح العالمي، فإن مثل هذه المشاهد تؤكد فقط تناقضاتها في ظل العقد الماضي من حكم مودي. ومن اللافتات التي تحتفل بمجموعة الـ20 يشيد مودي بالهند، بتاريخ مشكوك فيه، باعتبارها "أم الديمقراطية" حتى مع تزايد التحذيرات في شأن انحدار المؤسسات الديمقراطية.

وبينما يتحدث مودي عن "عائلة واحدة ومستقبل واحد"، فإن علامته القومية الهندوسية كانت سبباً في تعميق الصدوع في الهند وتهميش الأقليات، بما في ذلك المسلمون والمسيحيون، في حين يسعى إلى تحويل الدولة التي كانت علمانية ذات يوم إلى أمة هندوسية، ولكن في الوقت نفسه كان رائداً في التحول الاقتصادي، بما في ذلك نظام الدفع الرقمي الذي قضى على الفساد المنخفض المستوى بين المسؤولين الحكوميين.

وعلى الصعيد الدبلوماسي أيضاً لم تتمتع الهند قط بمثل هذا الوضع البارز، إذ تتودد إليها جميع الأطراف في عالم تمزقه المنافسة بين القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين، بينما تقاوم الضغوط لاختيار جانب يمكن أن يحد من طموحاتها.

وفي الشهر الماضي حققت الهند إنجازاً تاريخياً لأول مرة بهبوط سلس في المنطقة القطبية الجنوبية للقمر، مما أطلق العنان للاحتفال الوطني. ويقول بورو، وهو رجل أعمال في دلهي "إن أكبر شيء قدمه مودي للهنود هو الفخر بالهند، لم يكن ذلك موجوداً من قبل".

مودي وإصرار على عظمة الهند

تقول الصحيفة إنه قد لا يوافق الجميع على رأي رجل الأعمال، إذ يصف المفكر الهندي البارز ومؤلف كتاب "الهند غير منضم"، جورتشاران داس، إصرار مودي على عظمة الهند وصوره الشاملة في جميع أنحاء البلاد بـ"الرياء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "القادة الآمنون والدول الآمنة لا يحتاجون إلى التباهي، لكن ترقية بائع الشاي إلى منصب رئيس الوزراء هي بمثابة مصدر إلهام قوي للرجل العادي، لقد جلب مودي الكرامة لتلك الطبقات الدنيا"، في إشارة إلى أسرة نهرو الناطقة باللغة الإنجليزية والتي هيمنت على سياسات ما بعد الاستقلال.

ويضيف "إنه واحد منهم، وليس من النخبة المتعالية، ولعقود من الزمن كانت السياسة الوطنية تجري فوق رؤوس الناس، وتدار باللغة الإنجليزية، وهي اللغة التي يتحدث بها 15 في المئة فقط من السكان، تخيل أنك تشعر بالصمم في بلدك بعد 75 عاماً من الاستقلال".

لمسة مودي الشعبوية

ومع ذلك تقول الصحيفة إن لمسة مودي الشعبوية تحمل جانباً أكثر قتامة، في ترويجه للهندوتفا، العقيدة القومية اليمينية التي تسعى إلى إعادة صياغة الهند العلمانية كأمة هندوسية والمسلمين كأعداء.

وتشير الصحيفة إلى أنه في الأسبوع الذي هزت فيه أعمال العنف نوه وجورجاون، قتل شرطي بالرصاص ثلاثة مسلمين في قطار، وأمر راكباً آخر بتصوير خطاب يطالب فيه بأنه إذا أراد أي شخص أن يعيش في الهند فيجب عليه التصويت لصالح مودي. وعلى رغم أن الهند شهدت إراقة دماء طائفية من قبل، فإن السلطات كانت تدينها في الأقل على الدوام، وفي عهد مودي تم اتهامهم بالوقوف متفرجين على وقوع أعمال العنف بينما ظل مودي نفسه صامتاً، وعندما تحدث أنور مع شقيقه الإمام قبل مقتله، أكد له محمد أنه آمن لأن الشرطة كانت تحاصر المسجد ولكن بعد دقائق نزل الغوغاء من دون عوائق.

وفي مدينه نوه أصيب المسلمون العاديون الذين لم يشاركوا في أعمال العنف بالذهول عندما دمرت السلطات منازلهم ومتاجرهم انتقاماً لمقتل شرطيين وثلاثة من المتظاهرين الهندوس. وقال محمد شريف (52 سنة) الذي يملك عدة متاجر عند تقاطع الطرق إذ ردد المتظاهرون الهندوس شعارات معادية للمسلمين قبل أن يبدأ الحشد المسلم في رشق الحجارة، "لم نتلق أي تحذير".

واعتقل مئات الشباب المسلمين من دون توجيه تهم إليهم وما زالوا رهن الاحتجاز، بحسب الصحيفة، كما لم تحدث مثل هذه المسيرات في هذه المنطقة ذات الغالبية المسلمة إلا قبل ثلاث سنوات.

اعتبرت هذه الحادثة مثيرة بشكل خاص، وتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل القادة القوميين الهندوس المحليين بما في ذلك مونو مانيسار، المشتبه في حرقه شابين مسلمين حيين في عمل من أعمال جماعة "حرس الأبقار"، وهو استهداف غير الهندوس المتهمين بذبح الأبقار.

فيما سخر زعيم قومي هندوسي آخر، بيتو باجرانجي، من المسلمين المحليين قائلاً "جهزوا أكاليلكم، صهركم قادم"، وهو تهديد مستتر بالاغتصاب. وقال شريف "كنا نعيش بسلام مع الهندوس هنا من قبل. إنها السياسة التي كسرت سلامنا، قلبي مثل الحجر الآن".

وأضاف شريف "في أكواخ المهاجرين التي نشأت في ظلال أبراج جورجاون الزجاجية لم تعد إلى ديارها سوى حفنة من الأسر المسلمة التي فرت". وتم تغطية المسجد المحترق الذي قتل فيه الإمام الشاب بنفس المظلات المستخدمة لإخفاء الأحياء الفقيرة في دلهي عن أعين زعماء العالم الذين يحضرون قمة مجموعة الـ20، وكان واحداً من مسجدين فقط في جورجاون شنت فيهما الجماعات القومية الهندوسية المحلية حملة ضد أماكن الصلاة الإسلامية.

ويعترف رئيس منطقة جماعة هندوسية قومية أخرى، هي "هندو سينا" آرون بانشال، بأن مقتل الإمام كان خطأً، لكنه يتهم المسلمين بالتكاثر المفرط، والسعي إلى تحويل الأطفال الهندوس إلى المسيحية، وإغراء الفتيات بعيداً في "جهاد الحب" والتخطيط لأعمال إرهابية بالتواطؤ من باكستان. ويقول عن 200 مليون مسلم في الهند من أصل 1.4 مليار نسمة "المسلمون ليسوا أقلية، ولا ينبغي معاملتهم كأقلية. نحن هنا لحماية هندوتفا، ومودي يقوم بعمل جيد في الترويج لعقيدة الهندوتفا، لكنه لا يستطيع رؤية كل شيء، لذا نحن على الأرض نعتني بالأمور وهو يتولى الأمور إدارياً".

أيديولوجية مودي

ويرى داس أن حماسة مودي الأيديولوجية هي بمثابة إلهاء عن الإصلاحات الاقتصادية الحيوية التي لا تزال الهند في حاجة إليها، والتي من غير المرجح أن تكون المعارضة الباهتة غير راغبة في المضي قدماً بها.

وتخلى مودي عن إصلاحات الأراضي والزراعة في مواجهة احتجاجات حاشدة من المزارعين، وبالمثل توقفت الإصلاحات المؤيدة لقطاع الأعمال في قوانين العمل.

ويشير داس إلى أن "مودي لم يحاول قط الترويج لهذه الإصلاحات، إنه لا يعارضهم أيديولوجياً، إنه يؤمن فقط بالفوز في الانتخابات، ويعتقد أنه إذا تعثر الاقتصاد فإن قوة هندوتفا ستتعثر حتماً أيضاً". في غضون ذلك يخشى أن يدفع حزب بهاراتيا جاناتا البلاد أقرب فأقرب إلى ما يصفه بـ"دولة أصولية دينية، باكستان هندوسية".

وختمت الصحيفة بالقول إن الانتخابات المقررة في العام المقبل هي الانتخابات التي سيفوز بها مودي، إذ يتطلع حزبه بالفعل إلى الانتخابات التي تليها. وتضيف بالنسبة إلى مودي تمثل مجموعة الـ20 بداية موسم الحملات الانتخابية، ودليلاً على مكانة الهند الرائدة في العالم ورمزاً آخر للفخر لشعبها.

وقالت الصحيفة إن الحكومة لا تشعر بالخجل من التباهي بمجموعة الـ20 أمام شعبها باعتبارها جائزة فازت بها في مسابقة، وليس من طريق التناوب الصارم. وتساءلت "لماذا لا يتم استخدام مجموعة الـ20 في السياسة الداخلية؟"، واستشهدت بما قاله وزير الداخلية الهندي أميت شاه "إذا جاءت مجموعة الـ20 إلى البلاد في عهد مودي واكتملت بالنجاح فيجب أن يحصل مودي على الفضل".

اقرأ المزيد