أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر، أن الهيئة اقترحت 17 ديسمبر (كانون الأول) 2023 موعداً لإجراء الانتخابات المحلية لرمزية هذا التاريخ السياسية وتزامنه مع ذكرى اندلاع شرارة الثورة التونسية عام 2010، وهو يوم عطلة رسمية، كما أن انتخابات الغرفة الأولى (البرلمان) جرت في 17 ديسمبر 2022، مضيفاً أن القرار النهائي يبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي سيصدر قريباً أمر دعوة الناخبين للانتخابات المحلية، الذي يجب أن يكون قبل ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات، أي قبل 16 سبتمبر (أيلول) 2023.
جهوزية الهيئة
وشدد بوعسكر لـ "اندبندنت عربية" على أن "الهيئة على أتم الاستعداد لهذه المحطة الانتخابية بعد أن نظمت بنجاح محطات انتخابية سابقة عدة"، مضيفاً "الهيئة تنتظر صدور عدد من القوانين من أجل إحكام تنظيم هذا الموعد الانتخابي، لا سيما سد الشغور في تركيبة الهيئة وتعزيزها بثلاثة أعضاء جدد، وسيكون ذلك قريباً"، وينتظر أن "يصدر قريباً أمر تقسيم الدوائر الانتخابية عن رئاسة الجمهورية لضبط عدد المقاعد في انتخابات المجالس المحلية ومجالس الجهات والأقاليم، بعد استكمال مشروع تحديد التقسيم الترابي للدوائر الانتخابية ونشره في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية".
وبخصوص الدوائر الانتخابية التي يبلغ عددها 2155 دائرة، اعتبر رئيس الهيئة أن ذلك "سيشكل تحدياً لأن هذا العدد سابقة في تاريخ تونس، إلا أن الهيئة راكمت من الخبرة والتجربة ما يمكنها من تنظيم العملية الانتخابية بشكل طبيعي، بخاصة أن الهيئة سبق وأن نظمت الانتخابات البلدية عام 2018 في 350 دائرة انتخابية، والانتخابات التشريعية الأخيرة في 161 دائرة".
السجل الانتخابي
ولفت بوعسكر إلى أن "التحدي الثاني هو تحيين السجل الانتخابي في ظل العدد الكبير للدوائر الانتخابية، وبدأت الهيئة في حض الناخبين على تحيين مراكز الاقتراع باستخدام الهاتف الجوال والتثبت من مركز الاقتراع"، ونوه رئيس الهيئة "بمشاركة وسائل الإعلام السمعية والبصرية في التوعية بأهمية تحيين مراكز الاقتراع والتسجيل في الانتخابات".
شبهات سياسية تلاحق المنظمات
وعن إمكان استثناء الهيئة بعض المنظمات من المشاركة في الانتخابات المقبلة، أكد فاروق بوعسكر أن "القانون ينص على جملة من الشروط والضوابط لمشاركة المنظمات المدنية الوطنية في الانتخابات، من بينها شرط جوهري، وهو وقوف المنظمات التي يتم اعتمادها لمراقبة الانتخابات على المسافة نفسها من مختلف المكونات السياسية، من أحزاب ومترشحين، إضافة إلى الكفاءة والحيادية والموضوعية في ملاحظة الانتخابات"، ورأى أن الهيئة لاحظت أن "منظمات عدة تبنت، بعد 25 يوليو (تموز) 2021، مواقف سياسية من خلال بياناتها ومواقف رؤسائها لا تختلف عن بيانات الأحزاب السياسية"، وشدد على أن "مجلس الهيئة لن يمنح الاعتماد للمنظمات التي لا تحترم واجب الحياد والموضوعية للحفاظ على نزاهة الانتخابات"، لافتاً إلى أن "الملاحظين الدوليين كانت مواقفهم أكثر توازناً وحياداً وشفافية من المنظمات الوطنية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نسبة مشاركة عالية
وبخصوص تدني نسب المشاركة في الانتخابات، أشار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى "أزمة الديمقراطية التمثيلية في العالم"، معتبراً أن "العزوف ليس ظاهرة تونسية، بل عالمية، وتونس ليست استثناء"، لافتاً أيضاً إلى أن "من مبادئ الديمقراطية حرية المشاركة وهو حق كل ناخب ما يعكس موقفاً شعبياً من الانتخابات بشكل عام"، وأمل أن تكون المشاركة في الانتخابات المقبلة عالية.
إرهاق الناخب
يذكر أن الناخب في تونس دعي للإدلاء بصوته حوالى 13 مرة منذ سنة 2011، بينما تنص القوانين على دعوة الناخب مرة كل خمس سنوات، وفي تعقيبه على سؤال حول إمكان إرهاق الناخب التونسي بهذا المسار الانتخابي المكثف، أكد بوعسكر أن "تونس، اليوم، بصدد تركيز مؤسسات جديدة، والفترات الانتقالية تشهد بطبيعتها جملة من المحطات الانتخابية تؤدي في النهاية إلى الاستقرار"، مشيراً إلى أن "أكثر من ستة آلاف مدرسة ابتدائية منتشرة على كامل تراب الجمهورية ستصبح دوائر انتخابية يوم الاقتراع وهي قريبة من الناخب جغرافياً".
هيئة الانتخابات
وبسبب غياب هيئة الإعلام السمعي البصري عن المشهد الانتخابي، وضعت هيئة الانتخابات خلية لرصد وسائل الإعلام خلال فترة الحملة الانتخابية بإشراف متخصصين في الإعلام، وهي "تجربة جديدة، إلا أن هيئة الانتخابات راكمت الخبرة وسيكون أداؤها أفضل في رصد وسائل الإعلام خلال الانتخابات المحلية المقبلة"، وشدد رئيس الهيئة على أن "هيئة الانتخابات لا تتدخل في وسائل الإعلام ولن تحل محل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، إلا أن القانون منحها حق مراقبة وسائل الإعلام خلال فترة الحملة الانتخابية بعد أن تعذر صدور قرار مشترك بين هيئة الانتخابات والهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري".
تنازع الصلاحيات
وخلص رئيس الهيئة إلى أن صلاحيات الغرفة النيابية الثانية (المجلس الوطني للجهات والأقاليم) محسومة بالدستور ولا مجال للتنازع بين المؤسستين، لأن الغرفة الأولى (البرلمان) تسن القوانين، والغرفة الثانية (المجلس الوطني للجهات والأقاليم) لها اختصاصات تنموية اقتصادية من بينها الميزانية والمخططات التنموية والاستثمار لافتاً إلى أن القوانين الترتيبية ستنظم عمل المؤسستين.
يذكر أن تونس عاشت تجربة الغرفة الثانية قبل الثورة من خلال مجلس المستشارين.