ملخص
تعتقل إسرائيل حالياً نحو 5 آلاف فلسطيني في سجونها يقيمون في غرف تتسع كل واحدة منها لـ6 أسرى في مساحة تصل إلى 18 متراً مربعاً
منذ توليه منصب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، ومسؤول عن السجون منذ بداية العام الحالي، ينتهج إيتمار بن غفير سياسة قائمة على حرمان الأسرى الفلسطينيين من "حقوقهم وامتيازاتهم، لأنهم قتلوا اليهود"، وذلك في ظل رفض المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية معظم إجراءات بن غفير "الانتقامية".
ومع أن بن غفير اتخذ إجراءات عدة ضد الأسرى الفلسطينيين، لكن حكومة بنيامين نتنياهو رفضت معظمها بسبب تأثيرها على "الوضع الأمني، والخشية من إشعال الأوضاع مع الفلسطينيين".
إضراب عن الطعام
وفي فبراير (شباط)، اتخذ بن غفير "إجراءات عقابية وتعسفية" ضد الأسرى، بحسب وصف نشطاء حقوقيين، قبل أن تتراجع إسرائيل عن تنفيذها بعد اتخاذ الأسرى خطوات "العصيان والتمرد على قوانين السجن".
حينها كان من المقرر أن تتوج تلك الخطوات بالإضراب عن الطعام مع بداية شهر رمضان، قبل أن يتم إلغاء العقوبات إثر اتفاق الأسرى مع الحكومة الإسرائيلية على ذلك.
وسحب الاتفاق بين الأسرى وحكومة نتنياهو من بن غفير صلاحية اتخاذ أي إجراءات بحق الأسرى، ومنحها للمجلس الإسرائيلي المصغر.
وأراد بن غفير حينها إغلاق المخابز، وتقليص الوقت المخصص للاستحمام، وتقييد الخروج إلى الفورة (ساحة القسم) ووقت المكوث فيها، ومضاعفة عمليات الاقتحام والتفتيش واستخدام القوة المفرطة، وتوسيع سياسة العزل الانفرادي.
لكن بن غفير، أعلن نهاية الأسبوع الماضي تقليص عدد زيارات ذوي الأسرى من واحدة شهرياً إلى واحدة كل شهرين، وذلك بعد خمس سنوات على تقليصها من زيارتين في الشهر إلى واحدة.
وسريعاً جاءت معارضة نتنياهو لخطوة بن غفير، بالتأكيد أن هكذا قرارات تعود لمجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، وذلك في ظل معارضة المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية لقرار بن غفير خشية تفجر الأوضاع.
إلا أن بن غفير تحدى ذلك، بإرساله كتاباً رسمياً إلى مفوضة مصلحة السجون الإسرائيلية بقراره تقليص عدد زيارات الأسرى، على رغم أن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أوعز لمصلحة السجون بعدم تنفيذ ذلك.
ويرى بن غفير أن مفوضة مصلحة السجون الإسرائيلية ملزمة بتطبيق قراره باعتبارها تتبع لمسؤولياته، معتبراً أن "خطوته تتم وفق القانون الإسرائيلي".
"تضييق على الأسرى"
ورداً على ذلك، أعلنت "لجنة الطوارئ العليا للحركة الوطنية الأسيرة" الإضراب المفتوح عن الطعام اعتباراً من الخميس 14 سبتمبر (أيلول) الحالي للمطالبة بوقف قرار بن غفير.
وقالت اللجنة، إن الإضراب جاء من أجل "وقف كل القرارات والسياسات التي من شأنها التضييق على الأسرى، وإعادة ما تم سلبه من حقوق خلال الفترة الماضية".
وشددت لجنة الطوارئ العليا على أن "حقوق الأسرى وتضحياتهم، ليست منة أو فضلاً من أحد، كما أنها ليست محل تفاوض أو تنازل".
وأشارت إلى أن الخلاف في صفوف الحكومة الإسرائيلية حول قرار بن غفير "ليس اعترافاً بهذا الحق ولا تسليماً بهذا الإنجاز، بل حول التوقيت وآلية اتخاذه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصفت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة قرارات بن غفير بـ"اللعب بالنار التي ستحرق من أشعلها"، مشيرة إلى أن الرد "سيثبت للقاصي والداني أليس هناك من سيرفع الراية البيضاء".
وقالت مصادر فلسطينية لـ"اندبندنت عربية"، إن اتصالات بدأت بين مسؤولين فلسطينيين والحكومة الإسرائيلية في محاولة لمنع تطبيق قرارات بن غفير، ولتفادي اللجوء إلى الإضراب.
وأشارت المصادر إلى أن الأيام المتبقية على مهلة الأسرى قد تكون كافية لإبطال القرار وعدم تنفيذه.
القوانين الدولية
ويعتبر الأسرى الفلسطينيون تحسين شروط وظروف حبسهم إنجازات حققوها "بعد مشوار طويل من النضال"، وحقاً لهم كفلته القوانين الدولية خاصة اتفاقيات جنيف الرابعة.
"هذه هي سياستي، وعلى هذا الأساس تم انتخابي، وسوف أطبقها، أي قرار أتخذه قد يزعج السجناء، لكنه اتخذ بعد أن فكرت في الأمور"، أشار بن غفير، مضيفاً أنه "يجب حرمانهم (الأسرى) من المزايا، وبالتأكيد يجب حرمانهم من الحقوق باستثناء السجناء الجنائيين".
وأوضح بن غفير أنه "يعمل على وقف تحسين حياة الإرهابيين في السجون، ولا يزال هناك كثير يتعين القيام به... وفي الأشهر الستة الماضية منعنا وجود المخابز وقللنا من استخدام المياه إلى الحد الأدنى، وألغينا علاجات الأسنان على حسابنا".
ومع ذلك، فإن بعض قرارات بن غفير ضد الأسرى وجدت طريقها إلى التنفيذ، وكان آخرها نقل 120 من قدامى الأسرى بينهم القيادي في حركة "فتح" مروان البرغوثي من سجن نفحة إلى العزل الانفرادي في معتقل عوفر المقام فوق أراضي محافظة رام الله وسط الضفة الغربية.
وقالت مصادر مقربة من البرغوثي، إن وضعه في العزل الانفرادي "محاولة للحد من تأثيره في الأسرى في السجون بعد قيادته ثورة التعليم الجامعي في السجون التي تخرج منها مئات الأسرى في برنامجي البكالوريوس والماجيستير".
رسوم مالية لعلاج الأسنان
وأشارت المصادر إلى أن البرغوثي تمكن من الحفاظ على سجن هداريم موحداً لكل الفصائل، وهو السجن الوحيد الذي عاش فيه سوياً وفي قسم واحد أسـرى "فتح" و"حماس" وكافة الفصائل.
كما عانى الأسرى، أخيراً، من فرض رسوم مالية على علاج أسنانهم في عيادات السجون الإسرائيلية بعد أن كانت تقدم مجاناً.
وتعتقل إسرائيل حالياً نحو خمسة آلاف فلسطيني في سجونها، يقيمون في غرف تقع بأقسام السجون المختلفة.
وفي كل قسم من تلك السجون يوجد أكثر من 10 غرف مسجون في كل منها ستة أسرى في مساحة تصل إلى 18 متراً مربعاً.
وتخصص مصلحة السجون الإسرائيلية لكل قسم ساحة لممارسة الرياضة، ومطبخاً مشتركاً، ومكاناً للاستحمام، وغسل الملابس، إضافة إلى متجر صغير (الكنتين).
وتسمح المصلحة للأسرى بالخروج من غرفهم إلى ساحة القسم أكثر من مرة يومياً في ظل رفضهم تناول وجبات المطبخ المركزي في السجن لسوء "طهيها وعدم نظافتها".
ومع أن إسرائيل كانت تسمح للأسرى الفلسطينيين بالتعليم المدرسي والجامعي، لكنها أوقفت ذلك قبل سنوات، ما أجبرهم على التعلم الذاتي في السجون بالتعاون مع أسرى يحملون شهادات جامعية، ومع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية والجامعات الفلسطينية.
وتحول السلطة الفلسطينية شهرياً مبلغاً مالياً لكل أسير يصل إلى 65 دولاراً أميركياً يسمى "الكنتين" لشراء أدوات التنظيف والمواد الغذائية.