Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سباق أميركي - صيني على الريادة النووية في العالم

بكين تبني مفاعلات بعدد يفوق ضعفي أي دول أخرى في العالم وواشنطن تعاود التدشين

 الولايات المتحدة تمتلك 93 مفاعلاً في محطات الطاقة تنتج من الكهرباء ما يصل إلى 95 غيغاواط في الساعة (أ ب)

ملخص

 21 مفاعلاً نووياً قيد الإنشاء حالياً في الصين تستهدف توليد 21.61 غيغاواط في الساعة.

تتفوق الصين حالياً على أية دولة في العالم بعدد المفاعلات النووية تحت الإنشاء، إذ تبني صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم عدداً من المفاعلات لتوليد الطاقة يفوق بمرتين ونصف أي بلد آخر.

وبحسب أرقام أحدث تقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن هناك 21 مفاعلاً نووياً قيد الإنشاء حالياً في الصين تستهدف توليد 21.61 غيغاواط/ الساعة.

بينما تأتي الهند في المرتبة الثانية من حيث التوسع في بناء المفاعلات النووية، إذ لديها ثمانية مفاعلات تحت الإنشاء تستهدف إنتاج ستة غيغاواط/ الساعة من الطاقة الكهربائية، وفي المرتبة الثالثة تركيا التي تبني حالياً أربعة مفاعلات نووية لإنتاج 4.5 غيغاواط/ساعة.

وبحسب تقرير الوكالة فإن الولايات المتحدة تأتي في ذيل قائمة الدول التي تبني مفاعلات نووية، فليس لديها سوى مفاعل واحد قيد الإنشاء يستهدف إنتاج واحد غيغاوات/ الساعة.

وفي مقابلة مع شبكة "سي أن بي سي" الأميركية يقول أستاذ العلوم والهندسة في معهد "ماساشوستس للتكنولوجيا" جاكوبو بونغيورنو، إن "الصين في الوقت الحالي وبصورة عملية هي الرائدة في العالم بالنسبة إلى التكنولوجيا النووية"، مضيفاً أن "ذلك يدفع الأميركيين إلى محاولة اللحاق بها في مسار بناء المفاعلات النووية وتطوير تكنولوجيا الطاقة النووية بعدما فقدت الولايات المتحدة ريادتها السابقة في هذا المجال".

من جهته قال رئيس "الشراكة من أجل الأمن العالمي"، وهي المنظمة غير الربحية وتعنى بسياسات الطاقة والأمان النووي العالمي، كينيث لونغو، إن "الصين في هذه اللحظة عازمة وتسابق فعلياً للوصول إلى ريادة الطموح النووي العالمي".

الريادة الأميركية

وبطبيعة الحال تظل الولايات المتحدة في مقدم دول العالم من حيث عدد المفاعلات النووية العاملة في محطات الطاقة حتى الآن، إذ إن لديها 93 مفاعلاً تنتج ما يصل إلى 95 غيغاواط/ الساعة من الكهرباء.

وهناك عدد معقول من تلك المفاعلات لم تصل إلى نهاية عمرها التشغيلي بعد ويمكن أن تستمر في العمل لأعوام، فغالباً ما تكون مدة عمل المفاعلات النووية من ذلك النوع نحو 60 عاماً قبل أن يتم إخراجها من الخدمة وتفكيكها، وفي بعض الحالات يمكن أن يصل عمر التشغيل للمفاعل النووي إلى 80 عاماً، بحسب ما ذكر تقرير حول سلاسل الإمداد النووية أصدرته الرابطة النووية العالمية.

وبحسب أرقام تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن فرنسا تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في عدد المفاعلات النووية العاملة حالياً، إذ إن لديها 56 مفاعلاً في محطات للطاقة تنتج 61 غيغاواط/ الساعة من الكهرباء، أما الصين فتأتي في المرتبة الثالثة مع وجود 55 مفاعلاً نووياً عاملاً في محطات الطاقة، وتنتج ما يصل إلى 53 غيغاواط/ الساعة من الكهرباء.

ولم تبدأ بكين بناء المفاعلات النووية إلا مع تحولها الاقتصادي الكبير في ثمانينيات القرن الماضي، وتزامن ذلك مع بدء تراجع بناء المفاعلات النووية في الولايات المتحدة، وعن ذلك قال كينيث لونغو إن "هناك اتفاقاً على أن الولايات المتحدة فقدت هيمنتها العالمية في مجال الطاقة النووية، إذ بدأ منحى التراجع منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، تزامناً مع بناء الصين أول مفاعل نووي عام 1985".

وفي تلك الأثناء تعمل الصين على قيادة سباق المفاعلات النووية عالمياً بإضافة أكبر عدد ممكن من المفاعلات، إذ تطور الصين قدراتها التكنولوجية في مجال المفاعلات النووية في وقت تتراجع قدرات منافسيها".

ويرتبط تطور القدرات النووية إلى حد كبير بمسار النمو الاقتصادي وتوسع النشاط، فخلال الثمانينيات من القرن الماضي بدأ التحول الاقتصادي في الصين ضمن مبادرة فتح الاقتصاد على يد الزعيم الصيني الراحل دنغ زياو بنغ، وبدأت برنامجها للطاقة النووية بشراء مفاعلات نووية من فرنسا والولايات المتحدة وروسيا، ثم طورت برنامجها النووي الذاتي بالتعاون مع فرنسا بعد ذلك.  

الطلب الصيني على الطاقة

ومع النمو السريع والقوي للاقتصاد الصيني خلال الربع الأخير من القرن الماضي والربع الأول من القرن الحالي، زاد الطلب على الطاقة بصورة هائلة وهو ما تعكسه الأرقام المتعلقة بعدد المفاعلات النووية التي تعمل منذ عقود وتلك الجديدة أو قيد الإنشاء، فبحسب تقرير الرابطة النووية العالمي عن سلاسل التوريد النووية فإن 70 في المئة من سعة الإنتاج النووية توجد حالياً في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التي تضم في عضويتها الدول الغربية، وفي المقابل فإن 75 في المئة من المفاعلات النووية قيد الإنشاء حالياً موجودة في دول خارج المنظمة.

ويتسق ذلك مع زيادة الطلب على الطاقة في الاقتصادات الصاعدة في مقابل استقراره أو حتى تراجعه في الدول الصناعية التقليدية، وتقول أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن إنتاج الطاقة في الصين زاد بقدر هائل مع توسع النشاط الاقتصادي فيها، فعلى سبيل المثال كان إجمال إنتاجها من الكهرباء عام 2000 عند 1280 تيراوات/ الساعة، ومع النمو الاقتصادي ارتفع إلى 7600 تيراوات/الساعة عام 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما زاد إنتاج الطاقة من محطات تعمل بالمفاعلات النووية ضمن تلك الزيادة الهائلة في الإنتاج لتلبية الطلب المتنامي، وعن ذلك قال نائب رئيس معهد الطاقة النووية جون كوتيك في مقابلة مع شبكة "سي أن بي سي" الأميركية، إن "المهمة الأساس هي تلبية الطلب الناجم عن النمو الهائل خلال الأعوام الـ 20 الأخيرة"، مضيفاً أنه "لم تكن الصين تنشئ مزيداً من المفاعلات النووية وحسب، بل كانت تطور كل شيء".

ولا تشكل الطاقة المنتجة من مفاعلات نووية أكثر من نسبة خمسة في المئة من إجمال إنتاج الكهرباء في الصين، ولا يزال إنتاج الطاقة من محطات تعمل بالفحم يشكل نحو ثلثي إنتاج الكهرباء فيها بحسب أرقام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتستهدف الصين من التوسع في إنتاج الطاقة من محطات تعمل بالمفاعلات النووية أولاً تلبية الطلب المتنامي على الطاقة، وثانياً استخدام مصادر طاقة نظيفة للحد من تلوث الهواء في سياق مكافحة التغيرات المناخية، فإنتاج الطاقة بالمفاعلات النووية لا يؤدي إلى انبعاثات للغازات المسببة للاحتباس الحراري كما في حال محطات الفحم، وكما قال جاكوبو بونغيورنو فإن "التزام الصين وريادتها في مجال الطاقة النووية مفيد جداً للتطور التكنولوجي وأمن الطاقة في الصين واستقرار شبكات الكهرباء وللاقتصاد بصورة عامة، وأيضاً لمكافحة تلوث الهواء ومكافحة التغيرات المناخية عالميا".

التنافس النووي

ربما لدى الولايات المتحدة وأوروبا مصادر للطاقة تكفي من دون الحاجة إلى زيادة إنتاج الطاقة من المفاعلات النووية، لكن مع اضطرابات أسواق الطاقة التقليدية وأيضاً تعهدات مكافحة التغيرات المناخية، عادت أميركا وأوروبا للعمل على إنشاء مفاعلات نووية جديدة بعد توقف لأعوام طويلة، وعلى رغم أهمية ذلك إلا أن الهدف الأهم هو عدم التخلف في المنافسة النووية مع التقدم الصيني السريع في ذلك المجال.

وأوضح بونغيورنو أنه "إذا بدأت الصين في تصدير التكنولوجيا النووية لدول أخرى فإن مصدر القلق هو اعتماد تلك الدول بصورة جيوسياسية واقتصادية على بكين لفترة طويلة"، مضيفاً أن "الأمر ذاته ينطبق على روسيا"، ومؤكداً أن "بناء وتشغيل المفاعلات النووية يستغرق عقوداً حتى تفكيكيها، وخلال هذه الأعوام ستقوى العلاقة بين الدولة المصدرة للتكنولوجيا النووية والدولة المستوردة".

في غضون ذلك تواجه دول أوروبا وأميركا مشكلة تعوق تنافسها النووي مع بكين نتيجة أعوام من التوقف عن بناء المفاعلات، وعن ذلك قال بونغيورنو إن "دول أميركا وأوروبا بدأت في العودة لبناء المحطات النووية منذ نحو 10 أو 15 عاماً، وكانت العمالة الماهرة والخبرات البشرية وسلاسل التوريد النووية قد اختفت تقريباً"، مشيراً إلى أن ذلك أدى إلى ارتفاع الكلفة بشدة مع التأخير في مواعيد انتهاء المشاريع".

وخلال فترة رئاسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بدأت واشنطن ضخ المليارات في برامج تطوير إنتاج المفاعلات النووية الصغيرة، وهو ما استمرت فيه إدارة الرئيس الحالي جو بايدن بهدف محاولة استعادة الريادة الأميركية في مجال الطاقة النووية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير