Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اشتباكات طرابلس تهدأ بعد إطلاق سراح قيادي في حكومة الدبيبة

أسفرت عن قتيلين وأكثر من 30 جريحا والبعثة الدولية تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار

ملخص

إطلاق سراح قيادي ينتمي "للواء 444" التابع لحكومة الدبيبة وسط تواصل دوي القتال

شهدت العاصمة الليبية طرابلس اليوم الثلاثاء أسوأ أحداث عنف هذا العام عندما اندلعت اشتباكات بين فصيلين مسلحين لكن يبدو أن القتال الدامي قد هدأ بعدما أطلق أحد الفصيلين سراح قائد الجانب الآخر.

وأعلن مصدران أحدهما ينتمي للواء 444 والآخر لقوة الردع الخاصة أن القوة أفرجت اليوم الثلاثاء عن محمود حمزة قائد اللواء الذي أدى اعتقاله أمس الاثنين إلى اندلاع قتال عنيف في العاصمة طرابلس.

وقال شهود من رويترز في المدينة إن دوي القتال لم يهدأ في مناطق وسط طرابلس بعد الإفراج عن حمزة مباشرة.

تتواصل في بعض مناطق طرابلس وضواحيها منذ ليل الاثنين الثلاثاء اشتباكات مسلحة بين مجموعتين مسلحتين مواليتين للحكومة التي تتخذ من العاصمة مقرا، ما أدّى الى إقفال مطار طرابلس ونقل الطائرات الى مدينة أخرى.

وكانت حادثة اختطاف جديدة السبب في اندلاع ااشتباكات عنيفة في العاصمة الليبية طرابلس، بعد أشهر طويلة من توقف النزاعات المسلحة في المدينة، لتسلط الضوء على هذه الظاهرة المتفشية في ليبيا منذ سنوات من دون حل لها، على رغم ما تشكله من خطر كبير على السلم الأهلي في البلاد.

وتزامنت هذه الأحداث مع حادثة إخفاء قسري ثانية كان ضحيتها المدير التنفيذي للشركة العامة للنقل البحري خالد التواتي، الذي اعتقلته قوة عسكرية مجهولة في طرابلس واقتادته إلى مكان غير معلوم، ولم تنل الحادثة حصتها من الاهتمام الشعبي والإعلامي بسبب الانشغال بأحداث العاصمة.

وبحسب المعلومات الواردة صباح اليوم الثلاثاء، فقد تجددت الاشتباكات في مناطق عين زارة وطريق الشوك وخلة الفرجان في العاصمة طرابلس، بين قوة الردع (التابعة للمجلس الرئاسي) واللواء قتال 444 (التابع لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة).

معارك شرسة في العاصمة

الاشتباكات المسلحة الجديدة في طرابلس كانت عنيفة وخطرة لوقوعها بين أكبر قوتين عسكريتين عاصميتين، كتيبة "الردع" و"اللواء 444 قتال"، وسط أحياء سكنية، بعد إقدام مجموعة مسلحة تابعة للأولى على اختطاف آمر الكتيبة الثانية محمود حمزة في مطار معيتيقة مساء أمس الإثنين، مما تسبب بحالة من الذعر بين السكان، وإيقاف حركة الملاحة الجوية في المطار.

شرارة الاشتباكات اندلعت بعد انتهاء مهلة قصيرة لساعات منحتها قوات "اللواء 444" لقوة الردع لإطلاق سراح قائدها، وهو ما لم يحدث، لتحرك مدرعاتها وجنودها لفك أسره بالقوة.

الغريب أن الكتيبتين المتصارعتين وسط أحياء مدنية في طرابلس، يتبعان لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ويشكلان معاً ذراعاً مسلحة لها أسهم في تثبيت سلطتها في العاصمة، عندما حاولت قوات تابعة لحكومة البرلمان في الشرق اقتحام المدينة العام الماضي.

ولم تتضح حتى الآن حصيلة الخسائر البشرية، لكن وسائل إعلام محلية أكدت وقوع قتلى وجرحى من طرفي الاشتباكات.

اتساع رقعة الاشتباكات

واتسعت رقعة الاشتباكات المسلحة بين الكتيبتين في الساعات الأخيرة من مساء الإثنين مع سماع إطلاق نار ودوي انفجارات قوية في مناطق عين زارة والفرناج والطرق المؤدية إلى صلاح الدين، وكلها مناطق في جنوب طرابلس.

كما نشر مدونون على مواقع التواصل مقاطع فيديو تظهر خروج عدد من الدبابات والسيارات المسلحة التابعة لـ"لواء 444 قتال" من معسكر التكبالي بمنطقة صلاح الدين في طرابلس.

وشهدت منطقة عين زارة أعنف المعارك وأخطرها على المدنيين، لأنها جرت في مناطق مكتظة بالسكان، ما تسبب بحالة من الخوف والهلع سيطرت على العائلات في المنطقة، بخاصة بعد وقوع إطلاق نار بالقرب من أكبر الأسواق العامة فيها.

وقالت مصادر إعلامية ومحلية إن عائلات في المنطقة وجهت نداءات استغاثة لإخراجها بعد سقوط مقذوفين قرب هذه السوق بمنطقة عين زارة، مع اندلاع اشتباكات قوية بالقرب من عمارات سكنية، وطالبت هذه العائلات العالقة بهدنة موقتة للخروج من منازلها بأمان.

التوتر الأمني الذي تسببت به حادثة اعتقال قائد "اللواء 444 قتال" لم تقف عند طرابلس، بل امتدت لمدينة ترهونة المحاذية لها، حيث قال آمر قوة الإسناد بعملية "بركان الغضب"، ناصر عمار، إن "قوة تابعة لـ(اللواء 444 قتال) قامت باقتحام مقر جهاز الردع بمنطقة الداوون في مدينة ترهونة".

وأضاف عمار أن "أكثر من 70 آلية طوقت المقر وأجبرتهم على الاستسلام وتم حجزهم ومصادرة أسلحتهم".

وقائع من الميدان

وقال صحافي من رويترز في طرابلس إن دخانا داكنا تصاعد فوق أجزاء من المدينة في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، ودوت أصوات أسلحة ثقيلة في الشوارع. وأفاد سكان ووسائل إعلام محلية باندلاع قتال في مناطق مختلفة من العاصمة.

وناشدت وزارة الصحة المواطنين التبرع بالدم لمساعدة المصابين. وقال أسامة علي وهو متحدث باسم خدمة الإسعاف إن 19 شخصا أصيبوا وتم إجلاء 26 أسرة من المناطق التي شهدت اشتباكات ولم يشر إلى سقوط أي قتلى.

وذكرت مصادر في شركات طيران ومطار معيتيقة إن السلطات حولت مسار الرحلات من وإلى المطار إلى مدينة مصراتة الواقعة على بعد 180 كيلومترا شرقي طرابلس. وقال صحفي من رويترز إن اشتباكات اندلعت بالقرب من المطار في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين واستمرت حتى ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء.

وقال أحد سكان منطقة طريق الشوك في جنوب طرابلس إنه سمع أصوات القتال عندما ذهب للنوم الساعة 1:30 بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي وسمعه بقوة أكبر عندما استيقظ في الساعة 7:30 صباحا.

وأضاف "نسمع إطلاق نار كثيفا منذ الصباح الباكر. تعيش عائلتي في منطقة خلة الفرجان على بعد حوالي سبعة كيلومترات وهي تسمع الاشتباكات أيضا".

وأظهرت لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تتمكن رويترز من التحقق منها، سكان طرابلس وهم يغلقون الطرق بإطارات مشتعلة.

استمرار التحشيد

وقال ضابط مسؤول في وزارة الداخلية لوكالة الصحافة الفرنسية صباح الثلاثاء "تشهد مناطق عين زارة جنوب طرابلس منذ مساء أمس اشتباكات متقطعة بين قوة الردع واللواء 444، فيما يستمر التحشيد وإغلاق بعض الطرق في محيط مطار معيتيقة الدولي".

تسببت الاشتباكات في سقوط قتيلين وأكثر من 30 جريحا، بحسب ما أفاد مصدر طبي.

وقال المصدر إن إصابات الجرحى "متفاوتة" في الخطورة ونقلوا إلى عدد من المراكز والمصحات في طرابلس، من دون أن يحدد إذا كانوا مدنيين أو عسكريين.

وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو على نطاق واسع تظهر اشتباكات في مناطق في الضواحي الجنوبية لطرابلس وانتشارا كثيفا لآليات عسكرية ثقيلة في طريق الشط المؤدي إلى مطار معيتيقة الدولي.

كما أظهرت بعض الصور تعرّض عدد من المنازل لسقوط فذائف عشوائية في مناطق مختلفة في العاصمة الليبية.

ودعت وزارة الصحة بالحكومة الليبية، طرفي النزاع إلى توفير ممر آمن لإنقاذ واخراج العائلات العالقة من مناطق الاشتباكات، مشددة على أهمية إلزام تسهيل مرور الخدمات الطبية إلى المناطق المحاصرة.

أول بيان حكومي

وفي أول بيان وتعليق من حكومة الوحدة في طرابلس على الاشتباكات في المدينة، حثت وزارة الصحة بحكومة الوحدة، صباح اليوم الثلاثاء، المواطنين على ضرورة الابتعاد عن مناطق الاشتباكات.

وطالبت الوزارة جميع الأطباء والعناصر الطبية والعناصر المساعدة في طرابلس العاملين بالمراكز والوحدات الصحية والمستشفيات، بضرورة التوجه لمقار عملهم وتلبية نداء الواجب وبقائهم على أهبة الاستعداد لتقديم الرعاية الصحية للمواطنين والتعامل مع حالات الطوارئ.

أسرى من الطرفين

في الأثناء تبادل جهاز "الردع" و"اللواء 444 قتال" إعلان أسر عدد من العناصر التابعة لكل منهما في عين زارة والفرناج، حيث ألقت عناصر "اللواء 444 قتال" القبض على مجموعة تابعة للشرطة القضائية الموالية لـ"الردع" حاولت التحصن في إحدى مباني عين زارة، ونشر جهاز "الردع" مقطع فيديو لأسر سرية كاملة تتبع "اللواء 444 قتال".

اعتقال في ظروف غامضة

وسط احتدام الاشتباكات المسلحة واتساع نطاقها، بدأت تتكشف تفاصيل جديدة في شأن ملابسات اعتقال آمر "اللواء 444 قتال"، العقيد محمود حمزة في مطار معيتيقة.

مصادر من "اللواء 444 قتال" كشفت تفاصيل الاعتقال لوسائل إعلام ليبية، وقالت إن "إبراهيم الدبيبة شقيق رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، طلب من آمر الكتيبة محمود حمزة الحضور صباحاً لمطار معيتيقة، والذهاب برفقة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى مدينة مصراتة بطائرة خاصة لحضور الاستعراض العسكري في الكلية الجوية، وأنه تم القبض عليه من داخل الطائرة من قبل قوات الردع، واقتياده لمكان مجهول بعدها فقد الاتصال به".

وأكدت المصادر أن "قيادات اجتماعية في منطقة سوق الجمعة طلبت مهلة من (اللواء 444) حتى صلاة العشاء للتوسط وإطلاق سراح محمود حمزة، فضلنا الاستماع لصوت العقل ووافقنا على المهلة، ولن نسمح بمواصلة التعدي على قوات الجيش الليبي النظامية، فواقعة اختطاف محمود حمزة رسالة من جهات تسعى لهدم جهود القوات النظامية".

بيان الردع

أما جهاز "الردع" فتأخر ساعات قبل التعليق على الاشتباكات في طرابلس التي هو طرف فيها. وقال في بيان متأخر "نأسف على ما يشهده جنوب العاصمة من تصعيد عسكري أثار الذعر والهلع بين أوساط المدنيين". وأضاف "نحن لم نشرع في اتخاذ أية إجراءات خارج إطار القانون، أو خارج الصلاحيات الموكلة إلينا بأوامر من الجهات ذات العلاقة، وعملية إيقاف محمود حمزة تمت وفقاً لمذكرة قبض بأوامر من المدعي العام العسكري بما يكفله له القانون من اختصاصات وصلاحيات".

وتوجه جهاز "الردع" لـ"كل العسكريين المنضوين تحت (اللواء 444) بضرورة ضبط النفس وعدم الانجرار وراء دعاوى التصعيد والعنف وسفك الدماء، ونحن نحذر من ترويع الآمنين وإهدار الممتلكات العامة والخاصة، وندعوهم إلى الانسحاب إلى مواقعهم وثكناتهم العسكرية".

تنديد من الشرق

في الشرق الليبي، علق رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان أسامة حماد على الاشتباكات التي طرأت، قائلاً إنه "يتابع بقلق التطورات الأمنية الحاصلة في طرابلس".

ودعا حماد "الجهات الأمنية والعسكرية إلى ضبط النفس وتغليب الحوار حقناً للدماء ومنعاً لتدمير الممتلكات العامة والخاصة".

تدخل الدبيبة

وبعد ساعات من الصمت حيال ما يجري في العاصمة، تحرك رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة لحل الأزمة، التي تشكل أكبر تحدٍّ أمني لحكومته منذ أشهر، وعقد اجتماعاً مع آمر جهاز "الردع" عبدالرؤوف كاره للإفراج عن آمر "اللواء 444 قتال" العقيد محمود حمزة.

وسربت مصادر حكومية أنباء عن قرب الإفراج عن محمود حمزة وتسلمه من قبل رئيس هيئة الأركان اللواء ركن محمد الحداد، بعد تدخل رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة لإطلاق سراحه بشكل فوري.

لكن "اللواء 444" نفى تماماً أي اتفاق على إطلاق سراح قائده. وأكد أنه لن يوقف القتال حتى يتحقق هذا الأمر.

وفي مؤشر إلى تعثر مفاوضات إطلاق سراح حمزة بين رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة وقائد قوة "الردع" عبدالرؤوف كارة، تجددت الاشتباكات في مناطق متفرقة من طرابلس في ساعات الفجر من يوم الثلاثاء وما زال دوي الاشتباكات يسمع بشكل متقطع في هذه المناطق.

البعثة الدولية تندد

من جهتها، نددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالاشتباكات ودعت إلى "وقف فوري" للتصعيد.

وقالت البعثة الأممية في بيان صحافي، إنه ينبغي "وضع حد للاشتباكات المسلحة المستمرة"، معتبرة أن العنف ليس "وسيلة مقبولة لحل الخلافات".

كما طالبت بالمحافظة على المكاسب الأمنية التي تحققت في السنوات الأخيرة ومعالجة الخلافات من خلال "الحوار"، وحذرت من "التأثير المحتمل لهذه التطورات على الجهود الجارية لتهيئة بيئة أمنية مواتية للنهوض بالعملية السياسية، بما في ذلك الاستعدادات للانتخابات".

الفصيلان المتقاتلان

يعدّ اللواء 444 الذي يقوده العقيد محمود حمزة ويتبع رئاسة الأركان العامة للجيش في غرب ليبيا، واحداً من أكثر القوى العسكرية تنظيماً، وتنتشر معظم قواته جنوب العاصمة، كما تسيطر على مدن بارزة في غرب ليبيا وتحديداً ترهونة وبني وليد، وتقوم بتأمين أجزاء واسعة من الطريق الرابط بين العاصمة وجنوب البلاد.

فيما تعد قوة الردع، وهو جهاز لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة مستقل عن وزارتي الدفاع والداخلية ويتبع المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي، من القوى المسلحة النافذة في طرابلس، إذ تسيطر على معظم وسط وشرق المدينة وتفرض سيطرة مطلقة على قاعدة معيتيقة العسكرية الجوية التي تضمّ المطار المدني الوحيد في طرابلس وغرب البلاد.

تحتجز قوة الردع في سجن رئيسي داخل القاعدة معظم رموز نظام معمر القذافي الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية أو ينتظرون أحكاما نهائية وأبرزهم عبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل ورئيس جهاز مخابراته السابق.

تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان، الأولى تسيطر على غرب البلد ومقرّها طرابلس ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وشُكّلت إثر حوار سياسي مطلع 2021، وأخرى تسيطر على شرق البلاد ويرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من المشير خليفة حفتر.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات