Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الموت من أجل الحياة... دماء المهاجرين بين تونس وليبيا

الجانبان يتبادلان الاتهامات وقيظ الصيف يزيد معاناة الأفارقة الهاربين من الفقر 

حرس الحدود الليبيون يقولون إنهم أنقذوا مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية إلى الحدود (أ ف ب)

ملخص

كيف يتم نقل المهاجرين الأفارقة من ليبيا إلى الحدود التونسية في الظروف القاسية؟  وهل الجزائر على صلة بالأزمة؟

من يدفع بمهاجري أفريقيا جنوب الصحراء إلى الحدود بين تونس وليبيا؟

سؤال أثار وما زال، كثيراً من الجدل خلال الأيام الماضية، وتواترت مقاطع الفيديو من هنا وهناك تظهر معاناة المهاجرين وهم يمشون بخطى متثاقلة منهكين من التعب والعطش والحر الشديد في قيظ صيف ذهب بأرواح بعضهم، بينهم أطفال ونساء.

آخر مقاطع الفيديو ما نشرته السلطات التونسية لسيارات تقول إنها تابعة للسلطات الليبية تنقل مهاجرين من ليبيا نحو الحدود التونسية، وتبقى الحقيقة الوحيدة الظاهرة وسط هذا الجدل هي الأوضاع اللاإنسانية والصعبة التي يعيشها هؤلاء الباحثون عن الهجرة إلى أوروبا عبر سواحل شمال أفريقيا، بخاصة تونس وليبيا هرباً من الفقر في بلدانهم.

صور صادمة ومؤلمة لجثة امرأة مع طفلتها في الصحراء ماتا عطشاً زادت من اشتعال الأزمة، وفي تصريح لزوجها لوكالة الصحافة الفرنسية قال، إنهم يعيشون في ليبيا منذ مدة وإنهم أرادوا الذهاب للعيش في تونس، لأن إمكانية تدريس ابنتهم الصغيرة بالفرنسية متاحة هناك، لكن للأسف زوجته وابنته الصغيرة لم تستطيعا عبور الحدود وماتا عطشاً وتعباً في الصحراء القاحلة.

تدفق غير المسبوق

ارتفعت وتيرة الأزمة بعد أن اتهم المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، الأسبوع الماضي، تونس بقوله إنهم قلقون من "طرد" مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء من تونس نحو الحدود الليبية والجزائرية.

وقال المتحدث باسم أنطونيو غوتيريش، خلال مؤتمر صحافي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، "لقي عدد منهم حتفهم على الحدود مع ليبيا، وتفيد تقارير بأن ثمة مئات الأشخاص، بينهم حوامل وأطفال، لا يزالون محاصرين في ظروف قاسية، فيما تقل فرص حصولهم على طعام وماء".

إلا أن وزارة الخارجية التونسية ردت على هذه الاتهامات بأن "تونس تجدد رفضها القاطع للمغالطات والإشاعات التي اتخذت شكل حملات مغرضة، والتغطية على الجهود التي تبذلها الدولة التونسية لتأمين الحماية والإحاطة للمهاجرين غير النظاميين".

وأبرزت وزارة الخارجية، في بيان نشرته يوم الجمعة الرابع من أغسطس (آب)، حرص السلطات التونسية على حسن معاملة المهاجرين وأن الدولة لم تدخر جهداً، بمساعدة جمعية الهلال الأحمر التونسي، لتوفير جميع الحاجات الضرورية لهؤلاء المهاجرين وتأمين الرعاية الطبية اللازمة لهم وتمكينهم من التواصل مع عائلاتهم في بلدانهم الأصلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعت تونس المنظمات الأممية ذات الاختصاص إلى "الاضطلاع بدورها بكل مسؤولية في عمليات الإغاثة وتأمين الحاجات الأساسية في ظل هذا التدفق غير المسبوق للمهاجرين، وعدم الاكتفاء بإصدار بيانات".

وتولى الهلال الأحمر التونسي في 12 يوليو (تموز) إيواء نحو 630 مهاجراً وجدوا في منطقة رأس جدير الفاصلة بين تونس وليبيا، كما اعتنى بنحو 200 آخرين عثر عليهم عند الحدود الجزائرية، وفق منظمات غير حكومية من بينها "هيومن رايتس ووتش".

يبدو أن ملف المهاجرين يؤرق تونس كما يؤرق ليبيا على حد سواء، خصوصاً مع تزايد عدد المهاجرين على الحدود بين البلدين.

رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة عقد اجتماعاً يوم 27 أغسطس لمتابعة الوضع الأمني على الحدود الليبية التونسية شدد خلاله على "ضرورة التعامل الإنساني مع المهاجرين، والالتزام بعدم تسربهم إلى الدولة الليبية وضرورة التنسيق مع تونس لإرجاعهم لبلدانهم، وتكفل ليبيا بجميع الإجراءات اللوجيستية اللازمة".

وأكد الدبيبة خلال الاجتماع، وفق البيان الصادر عن السلطات الليبية، أن بلاده لن تكون بلد توطين للمهاجرين، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية تجاه ملف الهجرة في التفاصيل المتعلقة به كافة.

وجاء في حصيلة جديدة أعلنتها مصادر في طرابلس الخميس الماضي أنه عثر على 24 جثة بعضها لنساء وأطفال في الصحراء الليبية منذ مطلع يوليو.

مخطط للاستيطان

من جانبه، قال الصحافي الليبي جمال الكافالي، إن "الاتهامات بين تونس وليبيا هي في الأساس اتهامات غير رسمية والحقيقة أن كلا البلدين متضرران من ظاهرة المهاجرين الذين يصلون تونس تحديداً من الحدود الجزائرية، لأن الحدود الليبية التونسية صحراء قاحلة ولا يمكنهم السير من ليبيا إلى تونس لأنهم حتماً سيموتون".

وأضاف الكافالي لـ"اندبندنت عربية" أن "المهاجرين يريدون الدخول إلى ليبيا، لأن فرص العبور إلى أوروبا عبر البحر متوفرة أكثر"، مشيراً إلى أن "الأمر أكبر من اتهامات، بل هو مخطط دولي كامل للاستيطان وبناء دول ذكية للمهاجرين في الصحراء الليبية والجزائرية وهو مقترح أوروبي قديم، وهو تابع لمشروع الشرق الأوسط الجديد المعلن عنه منذ سنة 1993 وبدأ التنفيذ الفعلي له، وذلك بمساعدة المافيا الإيطالية التي تتاجر بالبشر"، وفق تعبيره.

وعن مدى تفاقم أزمة المهاجرين في ليبيا قال "لدينا مدينة مرزق، هجرها أهلها الليبيون، وأصبحت أفريقية بالكامل، ويوجد أيضاً مدن وقرى أخرى تتعرض لغزو بارد، فالمهاجرون الأفارقة سيطروا تقريباً على جنوب ليبيا، هذا في إطار مخطط التوطين وما يحدث اليوم بين تونس وليبيا تدريب فقط والخطر الأكبر داهم".

وأكدت وزارة الخارجية التونسية، في بيانها، أن هؤلاء المهجرين ضحايا شبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر لغايات معلومة" بحسب تعبيرها.

من جانبه، قال المحلل السياسي التونسي مهدي المناعي "لنتفق أن أزمة المهاجرين بدأت منذ سنة 2011 وليست وليدة اللحظة، هي تراكمات منذ الحرب الأهلية في ليبيا، والكل يعرف أن عدد الأفارقة جنوب الصحراء كان كبيراً في ليبيا منذ خطة الاستقطاب التي اعتمدها الراحل العقيد معمر القذافي.

وأضاف المناعي في تصريح خاص "باندلاع ما يسمى الثورة واحتدام الصراع بين الأطراف الليبية هرب هؤلاء الأفارقة من ليبيا إلى تونس التي احتضنهم وآوتهم في مخيم الشوشة على الحدود بمساعدة منظمات إغاثة دولية".

وأوضح "حتى عندما تخلت هذه المنظمات عن دورها في مساعدة تونس لإيواء هؤلاء المهاجرين اللاجئين، هذا كان سبباً مباشراً لتسللهم إلى مدن تونسية عدة، وقامت تونس بواجبها الإنساني خصوصاً في البداية عندما كانت الأعداد محدودة، لكن اليوم صارت مهولة وتونس غير قادرة في ظل وضع اقتصادي صعب على التصدي لهذه الظاهرة ".

ويذكر المناعي بأن "تونس ليس لديها أي حدود مع دول أفريقيا جنوب الصحراء والأعداد تفاقمت بالآلاف لأنهم تسللوا إلى تونس عبر الحدود الليبية والجزائرية لتكون تونس محطة انطلاق نحو أوروبا".

لكن وجود هؤلاء الأفارقة، بحسب رأي المناعي، "أصبح يهدد أمن تونس بتزايد أعدادهم، بالتالي ارتفع معدل الجريمة، خصوصاً أن أغلبهم موجودون بطريقة غير قانونية، وهذا خطر على الأمن القومي"، لافتاً إلى أن "الكل شاهد مقاطع الفيديو التي نشرتها السلطات التونسية على الحدود الليبية وكيف ينقل هؤلاء من ليبيا إلى الحدود التونسية في ظروف قاسية لا إنسانية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير