Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يؤثر توسيع "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" بلندن في الانتخابات؟

قد تكون مسألة توسيع منطقة الانبعاثات الحرارية المنخفضة هي التي حسمت نتيجة الانتخابات الفرعية في دائرة أكسبريدج. لكن ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى الأحزاب البريطانية عام 2024؟

منتقدو الخطوة يعتبرونها جزءاً من حملة أوسع نطاقاً ضد سائقي السيارات (رويترز)

ملخص

قد تكون مسألة توسيع منطقة الانبعاثات الحرارية المنخفضة هي التي حسمت نتيجة الانتخابات الفرعية في دائرة أكسبريدج. لكن ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى الأحزاب البريطانية عام 2024؟ هل يصبح عاملا مقررا في الانتخابات المقبلة؟

تحدى حزب "المحافظين" في بريطانيا التوقعات وتمكن للتو من الاحتفاظ بمقعد دائرة "أكسبريدج أند ساوث رايسلب" الذي كان يتولاه رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، وذلك في انتخابات فرعية طغى عليها تنافس حاد. وكانت نسبة انتقال الأصوات من "المحافظين" إلى حزب "العمال" - نحو 6.7 في المئة (أي 67 ناخباً لكل ألف ناخب في المتوسط) - أقل بكثير من التقلبات التي لوحظت في التنافس على مقعدين آخرين، مع انتخاب نائبين جديدين مساء الخميس الماضي، في دائرتي "سوميرتون أند فروم" و"سيلبي أند أينستي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعزت جميع الأطراف المعنية بهذه الانتخابات الفرعية النتيجة المفاجئة إلى عدم شعبية فرض رسوم "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" Ultra Low Emission Zone (Ulez) المقرر البدء بتنفيذها في وسط العاصمة البريطانية، الشهر المقبل. لكن مهما كانت الفوائد البيئية من هذه الخطوة، فقد ثبت أنها سياسياً ضارة على نحو صاعق. وقد تكون هذه النتيجة بمثابة درس أيضاً لسلطات محلية أخرى، أو رؤساء بلديات، يسعون إلى استنساخ تجربة ضريبة "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" التي تطبقها لندن، أو تنفيذ مخططات مماثلة.

ما هي مشكلة "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية"؟

إنها مكلفة لأنها ستفرض على السكان الذين لديهم بعض السيارات والحافلات القديمة - ذات المحركات الأكثر تلويثاً - دفع مبلغ 12.50 جنيه استرليني (16.13 دولار أميركي) في كل مرة يستخدمون فيها الطرقات داخل المنطقة. وتنطبق هذه الرسوم أيضاً على زائري المنطقة، بما في ذلك جميع أحياء لندن الخارجية. وتبلغ غرامة عدم الامتثال للقوانين 180 جنيهاً استرلينياً (232 دولاراً) التي تخفض إلى 90 جنيهاً (116 دولاراً) إذا تم دفع الرسوم في غضون 14 يوماً من تسطير المخالفة.

هذه الرسوم ستؤثر فقط في نحو 10 إلى 20 في المئة من السيارات الموجودة في المنطقة، إضافة إلى تلك الآتية من المقاطعات المجاورة. وستبقى سيارات كثيرة من تلك التي تعمل بالبنزين والتي لا يتجاوز عمرها 15 سنة، غير ملوثة بدرجة كافية، لتكون معفاة من رسوم "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية". ومع ذلك، تسود مخاوف في شأن طريقة انعكاس ذلك على الشركات الصغيرة والأسر غير الميسورة التي لا تستطيع تحمل كلف تطوير وسائل نقلها لتكون أكثر حداثة ومراعاة للبيئة.

وتبرز في المقابل مخاوف أخرى من أن تتم إضافة مزيد من المركبات إلى قائمة رسوم "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" مع مرور الوقت، وأن ترتفع قيمة هذه الرسوم، تماماً كما حدث مع "مخطط رسوم الازدحام" Congestion-Charge Scheme (المنفصل) طويل الأمد.

منتقدو الخطوة يعتبرونها جزءاً من حملة أوسع نطاقاً ضد سائقي السيارات، ويرون أنها ذات دوافع سياسية، وتفتقر إلى التدقيق والتشاور المناسبين، وأنها غير ضرورية للمناطق الأقل ازدحاماً في الضواحي الخارجية للعاصمة لندن. أما المؤيدون للخطة، فيقولون إنه لا يوجد مستوى آمن لتلوث الهواء، مستشهدين في ذلك بالانعكاسات السلبية للتلوث على صحة الرئتين، لا سيما لدى الشباب، والحاجة لتحقيق الأهداف البيئية الوطنية والدولية (في ما يتعلق بمعالجة أزمة تغير المناخ).

ما علاقة "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" بانتخاب أحد أعضاء البرلمان؟

في المعنى الدقيق للكلمة، لا علاقة لها بالبرلمان (إلا إذا أراد البرلمان البريطاني التدخل في حكم مدينة لندن). إن هذه المسألة تقع ضمن اختصاص "سلطة لندن الكبرى" Greater London Authority، ولعمدة العاصمة صلاحيات لوضعها موضع التنفيذ. لكن مرشح حزب "المحافظين" ستيف توكويل وحزبه، اعتبرا منذ إطلاق الحملة الانتخابية هذه القضية مركزية، وبمثابة استفتاء على سياسة "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية". وقد أثار الموضوع جدلاً كبيراً في الانتخابات.

ومن المفارقة أن النائب السابق بوريس جونسون، كان هو الذي طرح تطبيق "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" في وسط لندن، خلال فترة توليه منصب رئيس بلدية العاصمة، لكنه بات ينتقدها الآن.

كيف أساء حزب "العمال" التعامل مع هذه المسألة؟

قال توكويل بعد انتخابه: "لم تكن هذه هي الحملة التي توقعها حزب ’العمال‘. ويتعين الآن على زعيمه كير ستارمر وعمدة لندن صادق خان أن يجلسا للاستماع إلى سكان دائرة ’أكسبريدج أند ساوث رايسلب‘".

مع ذلك، كان يفترض بحزب "العمال" أن يتوقع أن تكون هذه هي الحملة، بالمعنى الذي تحدث عنه تاكويل عندما تم اختياره مرشحاً عن حزب "المحافظين" في الـ16 من يونيو (حزيران) الماضي حين قال: "إذا فاز حزب ’العمال‘ بمقعد أكسبريدج، فسيبعث ذلك برسالة واضحة إلى صادق خان، مفادها بأنه يمكنه توسيع ’منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية‘، وإغلاق مركز الشرطة لدينا. أما التصويت لحزب ’المحافظين‘، فسيقول له إنه لا يستطيع الإفلات من المحاسبة".

يبدو أن حزب "العمال" لم يتنبه لأهمية "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" كعامل مقرر، أو ربما اختار تجاهلها لفترة طويلة. وكان مرشح الحزب داني بيلز، وهو عضو في المجلس المحلي لضاحية كامدن، قد أبدى في السابق تأييده لتوسيع منطقة الانبعاثات المنخفضة، لكن في أحد اللقاءات الانتخابية في الخامس من يوليو (تموز) الفائت، انقلب على موقفه قائلاً إن "الوقت ليس مناسباً". وبعث برسالة إلى صادق خان يوضح فيها مخاوفه، إلا أن ذلك لم يجدِ نفعاً.

ماذا سيفعل الآن حزب "العمال" (وخان)؟

كير ستارمر الذي حاول إخفاء بعضاً من الإحباط الذي يشعر به حض صادق خان على إعادة "التفكير" في تأثير فرض رسوم "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" في الناس، مشيراً إلى أنه كان "السبب في عدم فوزنا هناك بالأمس". وأضاف: "علينا جميعاً الانكباب على الموضوع، بمن فينا رئيس بلدية العاصمة". لكن على رغم ذلك، فإن زعيم حزب "العمال" لا يملك سلطة للقيام بشيء في هذا الإطار، وعلى رغم التعاطف معه الذي أبداه خان، فقد وعد فقط "بالاستماع لمطالب الناس".

ويرى عمدة العاصمة البريطانية أن تنشق هواء نظيف هو "حق من حقوق الإنسان وليس امتيازاً"، وفيما أقر بأن "سكان لندن يواجهون مصاعب في تحمل أزمة غلاء كلفة المعيشة هذه، لكنهم يعانون أيضاً عواقب تلوث الهواء". وألقى خان باللائمة على الحكومة المركزية في المصاعب التي عاناها الناس خلال أزمة غلاء المعيشة، مشيراً إلى أنها فشلت في تقديم أي دعم مالي لمخطط التخلص من المركبات القديمة، وإبعادها من الطرق.

بيد أن الأحداث قد تطغى على الجدل السياسي. وقد انضمت أربع ضواح خارجية في لندن - هي بيكسلي وبروملي وهارو وهيلينغدون - إلى مجلس مقاطعة ساري، في رفع دعوى أمام المحكمة لوقف المخطط، بحجة أن رئيس بلدية العاصمة "لا يمتلك السلطة القانونية" لتوسيع "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية"،  وأن هناك "معلومات رئيسة لم يتم الكشف عنها" في المشاورات التي أجريت.

هل يمكن أن تؤثر هذه المسألة في انتخاب عمدة لندن؟

بالتأكيد. فعلى رغم أن صادق خان يتقدم في الوقت الراهن بشكل واضح على منافسته الجديدة من حزب "المحافظين" سوزان هول، فإن نتيجة دائرة أكسبريدج، كانت بمثابة جرس إنذار لعدم شعبية رسوم "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية"، بين الناخبين في خارج لندن الذين يميلون تقليدياً إلى التصويت لمصلحة "المحافظين"، مقارنة بنظرائهم في داخل لندن. أو إذا كان جيريمي كوربين على سبيل المثال، سيتدخل كمرشح مستقل عن حزب "العمال" في انتخابات رئاسة بلدية لندن العام المقبل التي تجرى في الثالث من مايو (أيار) ويحصل على دعم كبير من خان، وإذا ما ثبت أن "منطقة الانبعاثات المنخفضة للغاية" ضارة من الناحية الانتخابية، فهناك احتمال أن تتمكن سوزان هول من التغلب على خان وفق النظام الانتخابي  First-Past-The-Post (FPTP) الذي تم اعتماده حديثاً (يفوز فيه المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات، ولا يحتاج بالضرورة إلى غالبية تزيد على 50 في المئة للفوز).

ماذا عن الانتخابات العامة المقبلة؟

هناك مجموعة معينة من "الدوائر الزرقاء" (مؤيدة لحزب "المحافظين") تقع في مناطق خارج لندن وأنحاء محيطة بها، التنافس فيها متقارب بين "المحافظين و"العمال"، ما من شأنه أن يساعد الحزب المعارض على تحقيق غالبية إجمالية بأرجحية منخفضة نسبياً. وتشمل تشيبينغ بارنيت وتشينغفورد وهارو وفينشلي وكرويدن ساوث.

وهناك مؤشر آخر على الأقل يصب في هذا الاتجاه. فقد اقترح مجلس مدينة كامبريدج الذي يسيطر عليه حزب "العمال"  فرض رسوم ازدحام، من دون منح المقيمين إعفاءات. وكان الأمر مثيراً للجدل، بحيث استقال نائب زعيم حزب "العمال" السابق أليكس كوليس، بسبب الخطة. وفي الانتخابات الفرعية اللاحقة للمجلس المحلي التي أجريت في الرابع من يوليو، فاز بسبب هذه القضية "المحافظون" بمقعد حزب "العمال، ليكون أول ممثل لهم في المجلس منذ عام 2012.

وكانت الفكرة أن يدفع جميع مستخدمي السيارات رسوماً يومية مقدارها خمس جنيهات استرلينية (ستة دولارات و45 سنتاً) إذا ما قادوا السيارة داخل المنطقة بين الساعة السابعة صباحاً والسابعة مساء خلال أيام الأسبوع، بينما يدفع سائقو الحافلات 10 جنيهات استرلينية (12.9 دولار) وسائقو الشاحنات الثقيلة 50 جنيهاً استرلينياً (64.5 دولار). وهناك كثير من الخطط المشابهة، وكل منها يحمل في طياته أخطاراً انتخابية. ويبدو أن حزب "العمال" لديه على المستوى الوطني قدرة محدودة على التأثير في صنع القرار داخل المجالس المحلية والبلديات.

© The Independent

المزيد من دوليات