Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجوع والمرض يحاصران معسكرات النازحين في السودان

"الحرب تغير النفوس لكنها لا تقتل الحب ولا الرغبة في الحياة"

نزح أكثر من ثلاثة ملايين شخص منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" (رويترز)

ملخص

يشكو عدد كبير من النازحين في أقاليم السودان المختلفة من غرق المأْوى واضطرارهم للبقاء في العراء مع أطفالهم

على عكس الظروف العادية يستقبل آلاف النازحين السودانيين فصل الخريف وأهواله وسط أوضاع صعبة وقاسية، إذ تزداد فاتورة المطالب اليومية مع اشتداد وطأة المعاناة الإنسانية لكثيرين هجرتهم الحرب من منازلهم بحثاً عن الأمن والحياة، فإذا بالأمطار الغزيرة التي ضربت معظم أنحاء البلاد تغمر مساكنهم. وتأخذ المعاناة أشكالاً مختلفة في عدد من معسكرات الفارين من ويلات الصراع المسلح، منها الظروف المناخية وعدم توافر الغذاء والدواء لكثير من الأسر، خصوصاً الأطفال وكبار السن، وغياب مساعدات المنظمات الدولية.

 

أوضاع مأسوية

ويشكو عدد كبير من النازحين في أقاليم السودان المختلفة من غرق المأوى واضطرارهم إلى البقاء في العراء مع أطفالهم، مطالبين بالالتفات إلى أوضاعهم بشكل سريع. وقال مبارك حسن أحد النازحين في مدينة ود مدني جنوب الخرطوم إن "معظم الفارين من ويلات الحرب قصدوا المدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء في ولايات عدة بالبلاد، ومنذ اندلاع الاشتباكات تغلبنا على ظروف بالغة التعقيد، لكن مع هطول الأمطار وزيادة معدلاتها المتوقعة، يصبح كل شيء على حافة الخطر، مما ضاعف القلق والهموم، بخاصة في ظل عدم قدرة صمود المدارس على استيعاب مزيد من تدفقات المياه"، ونوه حسن إلى أن "حالات الإصابة بأمراض الإسهال والحميات وسوء التغذية والملاريا ارتفعت بصورة ملحوظة إلى جانب بعض الأمراض المعدية المنقولة عبر المياه وانتشار الالتهابات الرئوية وسط الأطفال والكبار، فضلاً عن انعدام الرعاية الصحية. ولفت إلى أن "أكثر ما يفتقدونه هو المواد الغذائية والمعينات الصحية، لأن بعض الأسر في العراء يستظل بأي شيء متاح بعد أن أغرقت المياه المدارس التي تعاني تصدعات، وبعضها آيل إلى السقوط وغير قادرة على صد الرياح العاتية وتحمل معدلات الأمطار الغزيرة".

مجاعة وأمراض

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، منتصف أبريل (نيسان) الماضي، نزح أكثر من ثلاثة ملايين شخص، وبلغ عدد الذين غادروا البلاد ما يقرب من 724 ألفاً، بينما تجاوز عدد النازحين بالداخل 2.4 مليون نسمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق، قال عبدالعظيم فضل، أحد النازحين من العاصمة "جئت إلى مدينة سنار (وسط البلاد) مع زوجتي وأبنائي، هارباً من مناطق القتال، لكنني وجدت نفسي في مركز إيواء لا يصلح للسكن، مما عزز قناعتي بأن معسكرات النزوح أقسى ما رسمته الحرب، في الأسابيع الأخيرة تفاقمت الأوضاع المعيشية والإنسانية وانحدرت نحو الكارثة، خصوصاً بعد هطول الأمطار بغزارة، إذ دهم الجوع غالبية الفارين وبات الجميع يعيشون أوضاعاً في غاية الصعوبة والبؤس في ظل تفشي الأوبئة وانعدام الرعاية الصحية والأدوية والغذاء".

أضاف فضل أن "المدارس التي تؤوي الآلاف غمرتها المياه، وبعضها يعاني تشققات وتصدعات خطرة، الأمر الذي يهدد بانهيارها في أي لحظة"، مشيراً إلى أن "انعدام البنية التحتية لتصريف المياه في معظم مدن السودان يراكم المياه الراكدة لأيام عدة، مما يجعلها بيئة خصبة لانتشار الأوبئة والحشرات السامة".

أطفال النزوح

وداخل معسكرات النزوح تتبعثر حكايات المآسي وقسوة رحلة الفرار وتغمر الفرحة الممزوجة بالألم قلوب البعض نتيجة لما حدث لهم، لا سيما خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وأجبرت ظروف الحرب القاسية مائدة محمد (20 سنة) على إنجاب طفل في مركز إيواء بمدينة ربك جنوب العاصمة، من رحم النزوح خرج (توفيق) إلى الحياة ليواجه مستقبلاً مجهولاً ما بين أوضاع التشرد الصعبة وأمل العودة إلى الديار بعد توقف المعارك، ويحمل الطفل الصغير رسالة من الأمل والإصرار، إذ أثبتت مائدة أنه حتى في الظروف الصعبة يستطيع الإنسان أن يجد قوته في التضامن والروابط الإنسانية، والحياة تستمر على رغم دوي القذائف والرصاص.

وتقول والدة توفيق إنها "تشعر بسعادة ومسؤولية في الوقت نفسه"، متحسرة على عدم استقرار أسرتها الصغيرة في منزلها، "هذا طفلي الأول أتمنى أن تتوقف الحرب ويعيش في ظروف أفضل ويحظى بعناية جيدة بعيداً من أوضاع النزوح والتشرد". وأضافت مائدة أنها "عانت بشدة، يوم مولد توفيق، بسبب وجود وحدة صحية واحدة في المعسكر تعمل من الثامنة صباحاً حتى الثالثة بعد الظهر، علماً أن هناك نساء حوامل في حاجة لخدمات الطوارئ"، لافتة إلى أن "المتطوعين في معسكر النزوح وقفوا إلى جانبها وذللوا كل العقبات حتى الساعات الأولى من الصباح"، ومضت قائلة "تقديراً للخدمات الجليلة، أطلقت اسم طفلي على المتطوع توفيق الذي وقف إلى جانبي على مدى يومين".

زاوج وفرح

ووسط تجمع النازحين بمدينة ربك جنوب الخرطوم أقام عروسان حفل زفاف متواضعاً، واستقبل المئات الزوجين على أنغام الموسيقى، وكانت هذه الخطوة رسالة تؤكد أن الحرب لا يمكن أن توقف الحب والحياة. ويقول العريس حازم حمدي "الحرب تغير النفوس، لكنها لا تقتل الحب ولا الرغبة في الحياة، تعرفت على إيناس، ووجدت أن هناك روابط مشتركة بيننا، قررنا إكمال الخطوة علها تغير واقعنا إلى الأفضل عندما تنجلي المعارك ويتوقف الرصاص".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات