Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معاناة السودانيين تتضاعف برسوم جديدة للأوراق الثبوتية

كانت السلطات نفذت زيادات هائلة على الخدمات والمعاملات الحكومية مطلع 2023

المعارك محتدمة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" مع ما يرافقها من تداعيات (أ ف ب)

ملخص

رسوم جديدة للأوراق الثبوتية تثير غضب السودانيين المنكوبين

في وقت ما زالت تحتدم فيه المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" مع ما يرافقها من تداعيات، حتى تقدمت الحاجة إلى الأوراق الثبوتية لتزيد معاناة السودانيين الذي غالباً ما فروا من دون أن يتمكنوا من حملها، فقد تفاجأ السودانيون، بخاصة من هم في حاجة ماسة إلى هذه المستندات، بالإعلان عن زيادات جنونية في رسومها التي تضاعفت إلى نحو ثلاثة أضعاف.

 

زيادات مهولة

وتداول السودانيون بغضب كبير منشوراً ممهوراً بتوقيع إدارة الإيرادات بالإدارة العامة للسجل المدني بولاية البحر الأحمر، يتضمن تفاصيل رسوم جديدة لاستخراج وتجديد معاملات فرعية لاستخراج الوثائق والأوراق الثبوتية كالجواز والرقم الوطني والإفادة به والبطاقة القومية وبدل الفاقد والتوثيق.

وحدد المنشور المتداول رسوم استخراج الأوراق الثبوتية الجديدة المختلفة بحسب كل معاملة، إذ إن رسم استخراج بدل فاقد للرقم الوطني يبلغ 33.350 جنيه ما يعادل نحو 60 دولاراً أميركياً، و59.350 جنيهاً ما يعادل (107 دولارات) لتجديد أو استخراج البطاقة قومية، و58.350 جنيهاً (105 دولارات) لتجديد شهادة الميلاد أو بدل فاقد لها، و111.250 جنيهاً (201 دولار) للبطاقة القومية أو بدل فاقد أو تعديل بها، و60.200 جنيه أي نحو (109 دولارات) لتعديل بيانات الرقم الوطني، و6.650 جنيهاً أي نحو (12 دولاراً) لإفادة الرقم الوطني، و16.650 جنيهاً أي نحو (30 دولاراً) لتوثيق شهادات الميلاد والرقم الوطني، و122.456 جنيهاً أي (222 دولاراً) لبدل فاقد الجواز، و95.797 جنيهاً أي نحو (174 دولاراً) لتجديد الجواز، و135.445 جنيهاً أي نحو (246 دولاراً) لاستخراج الجواز الجديد.

قسوة واستغلال

في السياق، اعتبر الناشط الاجتماعي أشرف حامدين إدريس الزيادات في رسوم استخراج الوثائق استغلالاً قبيحاً لظروف المواطنين المحتاجين يزيد من إرهاقهم ويضاعف الضغوط عليهم بهدف تحقيق موارد عجزت أجهزة الدولة المالية عن استنباط سبل ووسائل أخرى لتحقيقها من جهات أخرى خلاف جيوب المواطنين المنكوبين ولجأت إلى أقصر الطرق، وشكك إدريس في مدى شرعية مثل هذه الرسوم التي لم يقرها جهاز تشريعي أو تخضع لأي إجراءات مؤسسية، "ويبدو كأنما حددت بشكل جزافي أو بناء على تقديرات حسابية أساسها زيادة حصيلة الإيرادات في وقت نضب فيه كثير من مواعين الإيرادات بسبب الحرب وما خلفته من ظروف اقتصادية وتوقف حركة التجارة والأسواق وحتى مداخيل الناس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالب إدريس مجلس الوزراء الاتحادي الموجود بشكل ما في مدينة بورتسودان حيث يعقد جلساته الدورية، بسرعة التدخل بإصدار قرار بإعادة النظر في هذه الرسوم التي لا تتماشى مع الظروف القاهرة والإنسانية الصعبة التي تستدعي تقديم العون والدعم للتخفيف عن المواطنين كأبسط ما يمكن أن تقدمه لهم الدولة في محنتهم الحالية". ولفت إلى أنه على رغم محاولات التملص من تلك الرسوم من بعض المسؤولين، لكن المعلومات تؤكد حقيقة صدور المنشور الخاص بها ممهوراً بخاتم السجل المدني الولائي، من دون حتى الإشارة إلى كيفية إقرارها واعتمادها للتنفيذ، منوهاً كذلك إلى أن من الواضح أن الهدف الوحيد من تلك الرسوم هو مقابلة كلفة الماكينات والأدوات التي تم استيرادها خصيصاً بعد أن تم تدمير مطبعة العملة الجهة الوحيدة التي كانت تقوم بذلك في الخرطوم.

خطأ مركب

ووصف الأكاديمي والمحلل الاقتصادي محمد الناير قرار الزيادات بأنه خطأ من جميع النواحي الاقتصادية والإنسانية والأخلاقية، إذ من المتعارف عليه أنه يجب ألا يتم التعديل في أي رسوم أو جبايات على الإطلاق في ظل ظروف الحروب "لا يعقل والدولة في مثل هذه الأوضاع والمعاناة والظروف القاسية التي يعيشها الناس، أن يكون مطلوباً منهم دفع رسوم لاستخراج أو تجديد أوراقهم الثبوتية أو غيرها أياً كانت كلفتها"، منوهاً إلى أن "غالبية أفراد الشعب السوداني غير قادرة على مواكبة كلفة الرسوم الجديدة، سواء كانوا موظفين في الخدمة المدنية والعامة الذين لم يصرفوا رواتبهم لمدة أربعة أشهر مضت، أو من الشرائح الفقيرة أو أصحاب المهن الحرة الذين لم تعد لديهم القدرة حتى على تلبية حاجاتهم المعيشية ناهيك بتحمل أعباء وتكاليف إضافية من أجل استخراج مثل تلك الوثائق بهذا الشكل".

التخفيض واجب

ورأى الناير أنه كان من الواجب على الدولة تخفيض الرسوم السابقة تسهيلاً على المواطنين، وليس زيادتها بهذا الشكل الكبير المرهق من خلال نظرة ضيقة غير سليمة بزيادة الرسوم من أجل زيادة حصيلة الإيرادات، "وكان من الأفضل، من أجل زيادة الإيرادات، خفض تلك الرسوم، لتشجيع كل أو معظم الذين لديهم مشكلات في أوراقهم الثبوتية للإقبال على معالجتها أو استخراجها، لأن من شأن ذلك أن يزيد من حصيلة الإيرادات وليس العكس"، وتوقع المحلل الاقتصادي أن تؤدي الزيادة الجديدة للرسوم إلى نتائج عكسية، لا سيما تراجع الإيرادات كمصدر دخل حكومي، كونها ستتسبب في إحجام كثيرين عن الإقبال لاستخراج مثل هذه الوثائق إلا عند الضرورة القصوى والاضطرار، بخاصة بالنسبة إلى الساعين إلى السفر إلى الخارج، وشدد الناير على ضرورة أن تعيد السلطات النظر سواء بواسطة مجلس الوزراء أو وزارة المالية في فئات تلك الرسوم، والسعي لتخفيضها تسهيلاً على المواطنين، أو أن تبقي عليها كما كانت قبل الحرب.

مصنع الجوازات

وكانت مصادر ولائية بالبحر الأحمر أعلنت عن الشروع في تركيب وتشغيل معدات مصنع الجواز الإلكتروني، المتوقع أن تستغرق ترتيبات البدء الفعلي في إصداره ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، إلى حين وصول ماكينة الطباعة خلال الأيام القليلة المقبلة إلى بورتسودان. ولفتت المصادر إلى أنه سيتحتم على من لا يملك جواز سفر سابقاً الانتظار إلى حين معالجة بعض الأمور التقنية، قبل الشروع في إصدار الجوازات الجديدة التي ستكون مقروءة آلياً، وربما لا تحمل شريحة داخلية، وطالبت المواطنين بعدم الاستعجال والسفر إلى مدينة بورتسودان في الوقت الحالي، نظراً لتوفر إمكانية التقدم وإتمام المعاملات من الولايات الآمنة.

انتظار

في الأثناء، ينتظر عدد كبير من السودانيين العالقين في مدينة وادي حلفا، بينهم نساء وأطفال ومسنون ومرضى، للحصول على التأشيرة الدخول إلى مصر، وتفاقمت مشكلاتهم مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة التي تسببت في ظهور العقارب وتعرض عدد من الأطفال للدغاتها.

ويتحدث منتصر عبدالرؤوف المقيم في إحدى المؤسسات التعليمية في وادي حلفا التي وصل إليها من دون جواز سفر عن معاناتهم، لا سيما انقطاع المياه "فوجئنا قبل أن يتم البدء في استخراج الجوازات بمنشور يحمل زيادة جديدة خرافية في الرسوم في وقت بدأت فيه أموالنا في النفاد، والمشكلة الأخرى أن الجوازات لا تستخرج إلا في بورتسودان أو مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، وهي كلفة أخرى لأن السفر إلى أي من المدينتين والعودة إلى حلفا مرة أخرى يكلف أيضاً مبالغ باهظة"، ويشير عبدالرؤوف إلى أنه بعد إلغاء الوثيقة الاضطرارية واستبعاد الجوازات الممددة أو التي تقل مدة صلاحيتها المتبقية عن ستة أشهر من التأهل للحصول على التأشيرة، ما يعني ضرورة استخراج جواز جديد لكل من أصحاب تلك الحالات، فالحكومة بمثل تلك الرسوم كأنما تحكم علينا أن نكون عالقين إلى الأبد في ظل ظروف تتعقد وتصبح أكثر بؤساً كل يوم، ولا نعلم ماذا ستحمل لنا الأيام المقبلة.

ترحيل عالقي أرقين

ووجه والي الولاية الشمالية الباقر أحمد بترحيل العالقين بمعبر أرقين الحدودي مع مصر إلى المناطق التي يختارونها بمواقع الإيواء سواء كانت في دنقلا أو وادي حلفا أو كريمة، وتفقد الوالي برفقة وزير النقل الاتحادي هشام عباس وعدد من المتخصصين المعبر والمشكلات التي تواجه العالقين هناك، مؤكداً ضرورة إيجاد الحلول اللازمة لتلك المشكلات انطلاقاً من أهمية المعابر الحدودية في دعم عجلة الاقتصاد والتنمية.

وكانت السلطات السودانية، قد نفذت زيادات هائلة على رسوم الخدمات والمعاملات الحكومية مطلع 2023، شملت رفع رسوم استخراج الأوراق الثبوتية، تضاعفت معها رسوم استخراج جواز السفر إلى 51250 جنيهاً ما يعادل (90 دولاراً أميركياً)، و26250 جنيهاً أي نحو (46 دولاراً) لوثيقة الأطفال، بينما بلغت كلفة الجواز التجاري 253050 جنيهاً أي نحو (444 دولاراً)، فضلاً عن زيادات في رسوم معاملات دخول وإقامة الأجانب المختلفة، كما ارتفعت بشكل كبير رسوم ترخيص السيارات وقفزت رسوم ترخيص مركبة صالون ملاكي إلى نحو 69 ألف جنيه (121 دولاراً).

وكان السودان قبل الحرب يشهد تدنياً كبيراً في أوضاعه الاقتصادية والمعيشية فاقمها انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) بتسببه في تجميد المؤسسات الدولية مليارات الدولارات كان يؤمل أن تنعش الاقتصاد، كما أدت الحرب المندلعة، منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، إلى خسائر اقتصادية فادحة نتيجة جمود الحركة التجارية وضمور الصادرات والواردات وعائدات الذهب وفقدان معظم مصادر إيرادات الدولة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات