Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة لإنشاء "مقبرة للأثرياء" في النجف تثير اعتراضات واسعة

مجلس المحافظة متحمس... ومدونون يتساءلون: هل يدفع العراقي حتى بعد مماته؟

مقبرة "وادي السلام" في النجف (رويترز)

كشفت وثيقة رسمية اطلع عليها مراسل "اندبندنت عربية"، عن خطة في محافظة النجف العراقية، لإنشاء "مقبرة نموذجية"، وفقاً لنظام الاستثمار، ما يعني أنها ستقدم خدمات مدفوعة للمستفيدين. وتقول الوثيقة التي وجهتها هيئة استثمار النجف إلى ديوان الوقف الشيعي التابع للحكومة العراقية، "إشارةً إلى الطلب المقدم إلينا من قبل "شركة أديم الأرض للتجارة والمقاولات العامة"، المتضمن إنشاء مشروع استثماري (مقبرة نموذجية) في محافظة النجف الأشرف، بحسب قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل، وبعد دراسة المشروع أعلاه من قبل هيئتنا من النواحي القانونية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، وجدنا أن المشروع فيه منفعة اجتماعية وحضارية واقتصادية للعراق بشكل عام ومحافظة النجف الأشرف بشكل خاص".

خدمات مدفوعة لما بعد الموت

ووفق مسؤولين محليين اطلعوا على بعض تفاصيل التصميم الأساس لهذا المشروع، فإنه سيتضمن تقديم حزمة خدمات لذوي الراغبين في دفن موتاهم فيها، منها قطعة أرض تتحول إلى وقف مدى الحياة، وخطوط نقل داخلية، فضلاً عن تصاميم خاصة لشواهد القبور، وخدمات أخرى تتعلق بالمأكل والراحة وغيرهما. ووفق قانون الاستثمار، فإن على المستفيدين الدفع لقاء الحصول على هذه الخدمات. وتضيف الوثيقة أن "المحافظة بحاجة ماسة إلى هكذا مشاريع حضارية كبرى تليق بسمعتها وبسمعة العراق"، لتنتهي إلى الطلب من الوقف الشيعي دراسة المشروع، وإعلام هيئة استثمار النجف بالرد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"وادي السلام"

فعلياً، تقع في النجف، أكبر مقبرة معروفة في العراق، تحمل اسم "وادي السلام"، حيث يحرص الشيعة العراقيون على دفن موتاهم فيها، تيمّناً بقبر الإمام علي بن أبي طالب، الذي يقع بالقرب منها. ويشكو كثيرون منذ سنوات، من صعوبة الحصول على مساحة لدفن موتاهم في "وادي السلام"، فيما يقول آخرون إن قبور ذويهم اندرست، بسبب عامل الزمن. وازداد الضغط كثيراً على تلك المقبرة، خلال سنوات العنف الطائفي في العراق بعد العام 2006، كذلك بعد احتلال تنظيم "داعش" أجزاء واسعة من البلاد خلال العام 2014، إذ سقط في المرحلتين عشرات آلاف القتلى العراقيين، فيما تضاعفت مساحة هذه المقبرة مرات عدة لاستيعاب هذا الضغط.

حماسة مثيرة للجدل
وأثارت الحماسة الكبيرة التي حملها اقتراح هيئة استثمار النجف، جدلاً واسعاً في مدينة تكتسي طابعاً مقدساً، بسبب وجود قبر الإمام علي فيها. وقال صحافيون ومدونون إن هيئة الاستثمار، المكلفة بإيجاد حلول لأزمة السكن الخانقة في العراق، "تفكر في الأموات أكثر من الأحياء".


أزمة السكن
في مركز مدينة النجف، يبلغ سعر المتر الواحد للأراضي السكنية، نحو خمسة آلاف دولار، ويزداد كلما اقتربت الأرض السكنية من محيط مرقد الإمام علي بن أبي طالب. وعلى الرغم من أن أزمة السكن، هي شأن عراقي عام، إلا أنها تكون مضاعفة في مدينتَي النجف وكربلاء، بسبب طابعهما الخاص، الذي يجتذب ملايين الزوار من داخل البلاد وخارجها، لأداء طقوس خاصة في مناسبات محددة.
 

الخشية من الاتجار بالموتى

يقول المدون العراقي محمد الجبوري، إن مشروع المقبرة النموذجية "ظاهره حضاري إيجابي ولا بد منه ولا ريب، سوى الخشية من المتاجرة حتى بالأموات". وعبّر مراقبون عن خشيتهم من استغلال المشروع لأغراض ربحية، ما يعني حصر الفائدة منه بالأثرياء.
وتساءل الجبوري عن "كلفة اللحد"، بعد إنجاز هذا المشروع، مشيراً إلى أن "الحكومة تتحول إلى منشار يأكل الأموات والأحياء".
وانتقد الناشط والمدون حيدر الخالدي، المتحدّر من النجف، مشاريع هيئة الاستثمار في مدينته، محذراً من أنها "تلتهم المساحات الخضراء لتنفيذ مشاريع لا تتعلق بأزمات السكن الحقيقية".
 

جهات متنفذة
وقال الخالدي إن "هيئة الاسثمار تحاول تمرير فرصة اسثمارية لإنشاء مقبرة نموذجية بحسب وصفها، بمساحة 6300 دونم"، متسائلاً "ماذا تريد هيئة الاستثمار بعدما أفرغت المحافظة من المساحات الخضراء بمشاريع تجارية أو سياحية لمصلحة جهات متنفّذة من دون أن تراعي جذب الاستثمار الذي يعود للبلد بالمردود المالي ويقّلل نسبة البطالة". وتابع أن "الأموات مشمولون بالاستثمار، وهيئة الاستثمار تدعو إلى عزل الأثرياء بمقابر بعيدة من الفقراء". الصحافي والناشط حسين رشيد، شنّ هجوماً على المشروع، واصفاً إياه بأنه "الوسيلة المثلى لنهب المال العام". وانتقد رشيد انهيار مستوى الخدمات التي تقدمها الحكومة المحلية للسكان، مقابل انشغالها بمشاريع مثيرة للجدل، ما يرسم علامات استفهام حول أهدافها.
اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات