يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي دخل السياسة من عالم الأعمال، مساعيه إلى تقليص نفقات الميزانية العامة. وها هو يحاول مرةً جديدة من باب ميزانية الدبلوماسية الأميركية والمساعدات الخارجية، فضلاً عن إعادة تقييم الجهود العسكرية الأميركية خارج الولايات المتحدة مقارنةً بجهود الدول الحلفاء. واستتبعت سياسة ترمب الخارجية في بعض الأحيان معارضة في الداخل الأميركي، من الديمقراطيين وحتى الجمهوريين.
وحضّ أعضاء بارزون في الكونغرس الأميركي، معنيّون بالسياسة الخارجية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الجمعة 9 أغسطس (آب) الحالي، إدارة ترمب على التخلي عن مراجعة أمرت بها للمساعدات الخارجية، خشية أن تقود هذه الخطوة إلى اقتطاع أربعة مليارات دولار من الميزانية المخصّصة للدبلوماسية الأميركية والمساعدات الإنمائية، التي تشمل برامج الصحة وحفظ السلام وغيرهما.
ضماناً لـ "سلامة الشعب الأميركي"
في رسالة إلى مدير مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض ميك مولفاني والقائم بأعمال مدير المكتب راسل فوت، وقّعها كلّ من رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الديمقراطي إليوت إنغل وعضو اللجنة، الجمهوري مايك مكول ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السناتور الجمهوري جيم ريش وعضو اللجنة السناتور الديمقراطي بوب منينديز، ذُكِر أن "هذه الأموال التي خصّصها الكونغرس ووقّع عليها الرئيس لتصبح قانوناً، عقب مفاوضات مطوّلة بين الحزبين، ضرورية لتعزيز القيادة الأميركية العالمية وضمان سلامة الشعب الأميركي. نحضّكم على توفيرها من دون إبطاء".
وكانت إدارة ترمب وجّهت خطاباً لوزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيد" قبل أيام، أمرت فيه بالتجميد الفوري ومراجعة ما يصل إلى أربعة مليارات دولار من المساعدات الأجنبية الواردة في ميزانية السنة المالية الحالية التي تنتهي في آخر سبتمبر (أيلول) المقبل، مطالبةً بتدقيق مفصل في هذه الأموال التي لم تُنفق بعد، في إجراء يخشى معارضون من أن يؤدي إلى تقليص هذه المخصّصات أو إلغائها.
تحذير من انتهاك الدستور
ولدى الطلب منه التعقيب على هذه المسألة، أجاب مسؤول في الإدارة الأميركية إن "تعليق" الإنفاق مؤقت، من دون أن يوضح قدر الأموال التي قد يُعاد تخصيصها بعد المراجعة. إلا أن الدستور الأميركي يعطي الكونغرس، وليس الرئيس، الحق في تحديد سبل إنفاق الأموال العامة. وفي هذا الصدد، حذّر موقّعو الرسالة من أن أي "محاولة لتخطي أبسط حقوق الكونغرس" ستكون "في غير محلها" وستشكل "سابقةً" و"انتهاكاً مباشراً لمبدأ الفصل بين السلطات".
وفيما يحاول باستمرار الاقتطاع من ميزانية الدبلوماسية والمساعدة الإنمائية وزيادة ميزانية الدفاع، يواجه ترمب معارضة برلمانية لهذه السياسة. لكنّ الإدارة تمكنت من اتخاذ قرارات شديدة التسييس، قضت بإلغاء أو تجميد برامج مساعدات عدة، طاولت الفلسطينيين ودول أميركا الوسطى، التي ينطلق منها آلاف المهاجرين سعياً إلى الوصول إلى الولايات المتحدة.
وأوضح الديمقراطيون أن الأموال التي يسعى ترمب إلى تجميدها الآن تهدّد بصورة خاصة برامج مكافحة وباء الإيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما تتضمّن حوالى 140 مليون دولار لليونيسف و150 مليون دولار لدعم حقوق الإنسان.
واشنطن تهدّد بسحب قواتها من ألمانيا
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في إطار المساعي الأميركية إلى تقليص نفقاتها العسكرية خارج الولايات المتحدة مقابل الضغط على حلفائها في حلف شمال الأطلسي لزيادة إسهاماتهم في برامج الدفاع، هدّدت واشنطن بسحب قواتها من ألمانيا ونقلها إلى بولندا، إن لم تُقْدم برلين على زيادة إنفاقها العسكري.
وقال سفير الولايات المتحدة في ألمانيا ريتشارد غرينيل الجمعة، إن عدم رغبة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في زيادة الإنفاق العسكري قد لا يترك للولايات المتحدة خياراً سوى نقل القوات الأميركية المتمركزة في ألمانيا إلى بولندا.
وتشير تصريحات غرينيل إلى نفاد صبر ترمب بسبب تقاعس ميركل عن زيادة الإنفاق العسكري إلى اثنين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق رغبة حلف شمال الأطلسي. وأضاف غرينيل في حديث إلى وكالة الأنباء الألمانية، "من الإهانة افتراض أن دافعي الضرائب الأميركيين يواصلون دفع الأموال لأكثر من 50 ألف أميركي في ألمانيا، بينما الألمان لديهم الفرصة لإنفاق فائضهم (من الميزانية) على البرامج المحلية".
وتتوقّع خطط ألمانيا المالية ارتفاع ميزانية الدفاع إلى 1.37 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، قبل أن تنخفض إلى 1.24 في المئة عام 2023.
ورفعت دول في شرق أوروبا مثل بولندا ولاتفيا، إنفاقها العسكري إلى نسبة 2 في المئة المستهدفة من الناتج المحلي الإجمالي، خوفاً من روسيا بعدما ضمّت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014. وأثنى ترمب على ذلك، داعياً ألمانيا إلى القيام بالشيء نفسه.