Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهرم الأسود... رابع صروح الفراعنة مفقود أم دفين؟

لعنة أصابت أول مكتشفيه فمات منتحراً وإشاعة تقول إن محمد علي هو من هدمه

مشهد عام لهضبة الأهرام في الجيزة (الموسوعة التاريخية)

ملخص

لعنة أصابت أول مكتشفيه فمات منتحراً وإشاعة تقول إن محمد علي هو من هدمه

في ما يشبه محاولة التصالح مع مصر والمصريين، خرجت علينا قناة "نتفليكس" الوثائقية، أخيراً، بفيلم مثير تم تصويره في منطقة الأهرام في الجيزة، حمل عنوان "الهرم الضائع" أو المفقود، وقد شارك فيه الأثري المصري الشهير الدكتور زاهي حواس، ومعه الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة المصرية بجبانة "البوباسطيون".

لكن لماذا تسعى "نتفليكس" لمصالحة المصريين؟

ربما محاولة للتعويض عن أزمة فيلم "كليوباترا"، الذي أجج مشاعر الغضب، لا سيما أنه كان يرجح كفة القول بالجذور الأفريقية للحضارة المصرية أو ظاهرة "الأفروسنتريك" التي أشعلت جدلاً كبيراً في مصر العام الماضي.

على أن التساؤل: ما قصة هذا الهرم الرابع، وهل حقاً هو هرم ضائع أم مختف كما يقول البعض؟

الشاهد أن هناك كثيراً جداً من الأساطير التي تدور حول هذا الهرم، وكيف تبخر على هذا النحو، في حين أن بقية الأهرام قائمة منذ أكثر من أربعة آلاف عام وحتى الساعة.

ثم وهذا هو الأهم في القصة: هل تم بالفعل في خمسينيات القرن الماضي اكتشاف هذا الهرم بالفعل عبر أحد الأثريين المصريين الكبار، الذي يتردد في أوساط الباحثين في علم الآثار أن لعنة الفراعنة قد طاردته بعد كشفه هذا، وأدت به إلى الانتحار؟

مهما يكن من أمر الإجابة عن هذه التساؤلات، فإنها تعود بنا إلى واحدة من أهم دوائر الأحاجي في تاريخ الإنسانية، دائرة الأهرام المصرية القديمة التي لم تفك شيفرات الطريقة التي تم بناؤها بها من جانب، والهدف الرئيس الذي قامت من أجله من جانب آخر.

الهرم الضائع من نوردن إلى سيبسون

لا تبدو قصة الهرم الرابع الضائع قصة حديثة، وربما لم يكن أحد ليسمع عنها، قبل أن تبث شبكة "نتفليكس" فيلمها، فقد تحدث في شأنه الرحالة الدنماركي الشهير "فريدريك لودفيج نوردن" عام 1737، وقد اعتبر وقتها أنه وفي وقت ما كان هناك هرم رابع غرب هرم منقرع.

لاحقاً وبعد نحو ثلاثة قرون تقريباً، عاد عالم المصريات الإنجليزي "ماثيو سيبسون" ليتحدث ثانية عن اكتشافه وجود هرم رابع في الجيزة، ومؤكداً أنه بالفعل كان هناك عمل هرمي متميز جداً في نفس منطقة الأهرام الحالية وكلها بنيت في زمن الأسرة الرابعة للمملكة المصرية القديمة، التي حكمت من عام 2613 إلى 2496 قبل الميلاد.

يرى "سيبسون" أنه باستخدام كلمات نوردن الخاصة بالجيزة، والنظر في تضاريس الأرض واستناداً إلى بحث أجراه عام 2018، فإن هناك ولا شك هرماً آخر كبيراً كان يقبع في تلك المنطقة.

وبالنظر إلى صور الأقمار الاصطناعية، فإن البحث يتركز في منطقة تقع غرب المحور القطري الرئيس، وهي منطقة تقع خارج هرم منقرع.

تظهر لوحة من كتاب المستكشف الدنماركي نوردن أربعة أهرامات بهضبة الجيزة، ومن الصورة يتبين أن ذلك الهرم كان أصغر بنحو 100 قدم عن الهرم الثاني (خفرع)، وفي أعلاه كان يوجد مكعب وليس هُريم صغير كما هي الحال في معظم الأهرام الأخرى.

على أن هناك آراء أخرى منافية تقول، إنه كان أعلى من هرم خوفو بنحو 240 قدماً، بل ومن الممكن أن يصل إلى 722 قدماً.

ويذكر الدكتور زاهي حواس أن الهرم يعود إلى الفرعون "منكاورع" الذي حكم ثماني سنوات، وأن قاعدته المكتشفة حديثاً وجدت بعد أعمال تنقيب استمرت عاماً ونصف العام، ومن شكله المتخيل يتبين أنه يعود إلى الأسرة الخامسة الممتدة من 2465 إلى 2325 قبل الميلاد.

هل هو هرم الملك "جدف ـ رع"؟

بالغوص عميقاً في دراسات بعض علماء الآثار ومنهم "ميروسلاف فيرنر"، التشيكي الجنسية، نكتشف أنه يرجع ملكية هذا الهرم إلى أحد أبناء الملك خوفو، وكان يسمى جدف- رع"، الذي لم يتم تحديد هوية أمه ومن كانت بين ملكات الملك خوفو.

يقول "ميروسلاف" إن "جدف- رع"، اختار منطقة قريبة من صحراء أهرام الجيزة ليبني فيها هرمه، وهي المنطقة المعروفة حالياً باسم "أبو رواش"، وبعيداً من منف الواقعة جنوب الجيزة، تلك العاصمة المصرية العريقة، التي يقابلها على البر الغربي أماكن دفن ملوك تلك الفترة.

لم يعرف السبب وراء اختيار منطقة أبو رواش لبناء هرم "جدف- رع"، الذي يظن الباحثون أنه هو الهرم الرابع المفقود، لكنه حدث من قبل عندما بنى جده الملك "سنفرو" أول أهراماته في منطقة "ميدوم"، ثم توجه إلى صحراء "دهشور"، وبعدها بلغ الملك خوفو "هضبة الجيزة" حيث أقام هرمه الكبير والشهير.

حديثاً أسفرت الحفائر عن أطلال هرم، وتماثيل مهمشة لـ"جدف- رع" موزعة بين متاحف العالم على رأسها المتحف المصري واللوفر، وتنوعت تفسيرات ذلك الهرم ما بين أنه كان هرماً للملك أو أنه كان معبداً للشمس، وتوالت الأبحاث حتى تم حسم الأمر بشكل كبير، وقد مال البعض الآخر إلى القول إنه كان أكبر من هرم "كاورع" بقليل، وإنه كان ثالث أكبر أهرام أسرة الملك "خوفو".

على أن التساؤل المثير هو: كيف تم تدمير هذا الهرم ومن الذي قام بتدميره وعلى أي نحو، بمعنى هل كان هذا التدمير مقصوداً أم إنه جرى على مدى فترات زمنية متعاقبة وبهدف آخر؟

التفسير الأولي والبسيط الذي يقدمه ميروسلاف التشيكي، هو أن منطقة أبو رواش، كانت منطقة سكنية مليئة بالبشر، مأهولة بالسكان، وقد كانوا على الدوام في حاجة إلى حجارة لبناء منازلهم وحوانيتهم ومخابزهم وإن كانت في صورة بدائية.

عطفاً على ذلك، فإن مصر ومنذ العصور الرومانية، ومروراً بالحقبة العربية بتعدد أسمائها من طولونيين وفاطميين وإخشيديين، مماليك وعثمانيين، جميعهم نظروا إلى تلك الأهرام على أنها مصدر ثري للحجارة اللازمة لبناء القلاع وكبريات المدن.

عرفت مصر "نشاط التحجير"، أي بيع الأحجار في أسواق، وهذه كان يتم الحصول عليها من الآثار المصرية القديمة لا سيما الأهرام، وهو الأمر الذي يفسر وجود عديد من العناصر المعمارية المصرية القديمة في عديد من الآثار الإسلامية في مصر، وربما توجد أيضاً في الأديرة والكنائس الأثرية في براري مصر وصحاريها.

ينسب إلى عالم الآثار الفرنسي بيير رينغ، المتهم بأنه أحد لصوص الآثار المصرية، أنه عاين عام 1839 ما تبقى من ذلك الهرم، لا سيما بعدما بدأ الوالي المصري الألباني الأصل محمد علي، إعمار مصر في شكلها الحديث.

قدم بيير رينغ تقريراً عن حال الهرم، عكس استمرار عملية اقتطاع حجارته.

لكن وجهة نظر أخرى تدحض هذا الحديث قدمها عالم المصريات الفرنسي الشهير إميل شاسيناه، وزميله الفرنسي مدير هيئة الآثار المصرية لاحقاً بيير لاكو وقد صاغا نظرية فارقة مؤداها أن ذلك الهرم الرابع، قد تم هدمه عن عمد في زمن المملكة المصرية القديمة، بعدما تم التخلص من الملك "جدف- رع"، الذي اعتبر ملكاً مغتصباً وليس شرعياً، ولهذا رغب المصريون القدماء في هدم وإزالة أي أثر له من فوق سطح الأرض، وربما ساعد على إقرار هذا التصور العثور على تماثيل مهشمة للملك وكذلك تحديد أفراد من عائلته مثل الأمير "ست – كا" ابنه الأكبر.

الرحالة العرب والمسلمون وتاريخ الأهرام

ولأن قضية الهرم الرابع تستدعي بحثاً معمقاً، فقد لجأنا في محاولة لسبر غور القصة إلى الوقوف عند رؤى الرحالة العرب والمسلمين، منذ الفتح الإسلامي لمصر بحدود 646 ميلادية، بأمل أن نجد في كتاباتهم ما يؤشر إلى وجود هذا الهرم.

في هذا السياق استعنا بدراسة أعدها الدكتور ياسر أحمد أنور مدرس التاريخ الإسلامي بكلية التربية جامعة المنصورة، وفيه نجد حديثاً مطولاً عن استحواذ الأهرام على حيز كبير من اهتمام نفر غير قليل من الرحالة والجغرافيين والمؤرخين المسلمين، وذلك على مر أزمنة وعصور التاريخ الإسلامي، وهو ما يعني أنها لم تكن موضوعاً استثنائياً أو هامشياً بالنسبة إلى الفكر الإسلامي.

يلفت النظر في كتابات هؤلاء أن القضية الرئيسة التي شغلت تفكيرهم هي الفترة الزمنية التي شيدت فيها الأهرام، ومن قام بتشييدها.

ذهب أكثر الرحالة والجغرافيين والمؤرخين المسلمين، إلى أن بناء الأهرام تم قبل حادثة الطوفان أو الفيضان الكبير. وقد نقل عن المؤرخ ابن وصيف شاه المتوفى عام 1200 ميلادية قوله "ويذكرون أن الأهرام بنيت قبل الطوفان، وهو القول الذي تقول به الخواص، أي المحققين من المؤرخين كما الحال مع العالم المسلم أبي جعفر الإدريسي المتوفى عام 1100 ميلادية، بل إن هناك من المؤرخين العرب والمسلمين من حدد التوقيت بـ300 سنة قبل حادثة الطوفان".

والحقيقة أنهم يلتقون في المجمل بهذا الرأي مع بعض النظريات التي ذهبت إلى أن الهرم الأكبر قد أقيم قبل حادثة الطوفان، استناداً لما عثر عليه من أصداف بحرية كثيرة عند قاعدته.

أطلق الرحالة العرب والمسلمون اسم "سوريد" على باني الهرم الأكبر الذي هو خوفو، وتحدثوا عن قيامه بتشييد أهرام ملونة أخرى، بجانب الهرم الأكبر، الأمر الذي يفتح الباب بشكل أو بآخر لتصديق رواية وجود هرم أسود رابع، في منطقة الجيزة الأثرية، حتى ولو تعددت الروايات ولم يخلص المرء إلى حقيقة واضحة بشكل أو بآخر.

الهرم الدفين هل اكتُشف بالفعل؟

على رغم فيلم "نتفليكس" الذي شارك فيه الأثري المصري زاهي حواس وعديد من خبراء الآثار المصريين، فإن تعميق البحث يكاد يخبرنا بأن الهرم ليس ضائعاً، وإنما كان دفيناً، وقد تم الكشف عنه بالفعل في خمسينيات القرن الماضي من خلال عالم الآثار المصري الراحل "محمد زكريا غنيم".

في مايو (أيار) من عام 1954 نشرت صحف العالم خبر اكتشاف هرم مدرج جديد بمنطقة سقارة.

كانت هيئة الآثار المصرية قد أوكلت لغنيم مهمة الكشف عن حقيقة الجزء المرتفع من السور الجانبي الواقع غرباً من هرم زوسر المدرج، الذي اتضح أن العمل في تشييده لم يتم بشكل نهائي، حيث بلغت مقاييس السور 550م في 200 متر، ولم يعرف بداية الأمر ما يشير إلى اسم من بناه، لكن جميع الأثريين والباحثين الذين زاروا تلك المنطقة آنذاك أجمعوا على أن صاحب هذا البناء يجب أن يكون ممن خلفوا الملك زوسر مباشرة، لأنه قريب جداً من مدفنه.

ترك لنا العالم المصري الراحل كتاباً مهماً للغاية عن موضوع الهرم الضائع، وقد كتبه بالإنجليزية عام 1955، وحمل عنوان: "The Buried Pyramid"، أو "الهرم الدفين".

في تمهيده يقول "هذه قصة كشفي في سقارة بالقرب من القاهرة عن هرم لم يكن معروفاً حتى الآن. يرجع إلى الأسرة الثالثة المصرية (2780- 2720 ق.م)".

في لغة تحمل تواضع العلماء، وتترك مجالاً لكثير من الأبحاث والحفائر، يقول "إنها ليست القصة الكاملة التي تلزم لكتابتها أعواماً كثيرة، لأن المنطقة التي يجب الحفر فيها على اتساع عظيم، حتى ليستغرق العمل 10 أعوام آتيات".

هل يعني هذا الحديث أن ما اكتشفه محمد غنيم كان بداية للهرم الضائع أو الدفين، وأن بقية العمل قائم، أم أنه اكتشف الهرم المنشود مرة واحدة، فيما حديثه يعني أن هناك مزيداً من الاكتشافات الممكنة والواردة في هذه المنطقة الصحراوية الأثرية، التي لم تمط اللثام بعد عن كل ما تحويه في باطنها من كنوز أثرية؟

بعد نحو ثلاثة أعوام من الحفر والتنقيب، وكان ذلك عام 1954، عثر غنيم في محيط السور على بناء اتضح أنه هرم مدرج الشكل لم يكتمل العمل به، واعتقد حينها أن هذا الهرم لم يتعرض لعبث اللصوص، حيث وجد المدخل مسدوداً تماماً بجدار من الأحجار.

بدا شكل الهرم قريب جداً من هرم زوسر المدرج، إذ يتكون من مصطبة سفلى وجزء من المصطبة الثانية، بلغ ارتفاعه ما يقرب من سبعة أمتار، أما قاعدته فكانت مربعة الشكل طول كل ضلع من أضلاعها نحو 120 متراً، ما يدل على أن من وضعوا تخطيطه الأول أرادوا أن يجعلوه نسخة شبه مطابقة لهرم زوسر.

خلال أعمال الحفر والاستكشاف، وجد غنيم عدداً قليلاً من المومياوات التي ترجع للعصر البطلمي، إضافة إلى 62 قطعة من أوراق البردي التي ترجع إلى الأسرة الـ26 وبعضها يحمل اسم الملك أحمس الأول، كما اكتشف قطعاً أثرية عديدة.

وقر عند غنيم أن الهرم الناقص هو للملك "سخم –خت" أو زوسر الثاني كما أطلق عليه، وهو من ملوك الأسرة الثالثة التي امتد حكمها في الفترة من 2780 ق.م وحتى 2720 ق.م، ومن المرجح أنه ابن الملك زوسر وخليفته على العرش، وقد ذكر اسمه سبع مرات على سدادات الأواني، ويعتقد أنه حكم مصر مدة سبعة أعوام.

لكن التساؤل المثير يبقى حول ما الذي جرى لهذا الهرم، وهل هناك نظريات أخرى، غير نظرية "تجارة الأحجار"، أو هدمه من قبل معاصريه لاعتبار بانيه غير واضح الشخصية حتى الساعة، لا سيما في ظل عديد من النظريات والرؤى؟

لصوص الآثار وهدم الهرم الدفين

ربما يقدم لنا غنيم قراءة مختلفة، تربط بين عمليات النهب والسلب التي جرت للمقابر والمدافن وربما الأهرام المصرية، وفكرة الهدم من أجل الحصول على الأحجار.

يكتب غنيم متحدثاً عن الوباء الذي أصاب جميع قبور الفراعنة سواء في مصر العليا أو السفلى، في وادي الملوك أو هضبة الأهرام في الجيزة.

من بين جميع قبور وادي الملوك قبر واحد فقط، هو قبر توت عنخ أمون يكاد يكون سليماً، وإن أضاف غنيم أن حتى هذا سرق جزئياً، ولو أنه من حسن الحظ، فوجئ اللصوص كما يظهر، قبل أن يتموا عملهم، وهي عبارة غامضة ترد في كتابه، ربما تحتاج لعودة لاحقة.

نأتي لحديث الأهرام، وعنها يقول إنه لا يوجد هرم لم يأت عليه النهب منذ آلاف السنين، والسبب بسيط هو أن من عادة دفن الملوك أن يتم في توابيت من الذهب وقد تزينوا بالحلى الذهبية وأحيطوا بأثاث جنائزي ثمين، ما جعل الأمر مغرياً بشكل يتجاوز الحد لمن خلفوهم.

يكتب عالم الآثار "فوليو بيكي" يقول "لا بد من أنه جاء وقت من الزمن كان مختزناً فيه في الأهرام مزيد من الثروة سواء كانت سبائك من المعادن النفيسة أم مصنوعات فنية أكثر من أي مكان آخر في العالم، ولكن المشكوك فيه أنه قد طال لأمد بعيد".

ويضيف بيكي "لقد فشلت وسيلة بعد وسيلة، فأهرام الدولة القديمة الهائلة وممرات التيه المحكمة في أهرام الدولة الوسطى المتواضعة، قام البرهان على أن كليهما كانا عديمي الحيلة أمام مهارة لصوص المقابر المصرية المتوارثة".

أما عالم الآثار المصرية ليوناردو كوترل، فيصف في مؤلفه "الفراعنة المفقودون"، قدر المجازفة التي كان يقوم بها سراق الأهرام القدامى، وكيفيه إقدامهم على الدخول لغرف دفن الملوك.

ويذكر كل من زار غرفة دفن الملوك المصريين الفزع الذي كان يحل بهم عند دخولهم تلك الغرف لأول مرة، لا سيما من جراء الخوف المحدق بهم من أسطورة لعنة الفراعنة التي يمكن أن تحل بهم... هل كانت هذه اللعنة من نصيب الرجل الذي توصل بحسب دعواه للهرم المفقود؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غنيم منتحراً... هل أصابته لعنة الفراعنة؟

في التاسع من مارس (آذار) عام 1954 وبحضور الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، جاء الوقت المقدر لفتح تابوت الألباستر الذي اكتشفه العالم المصري زكريا غنيم أثناء تنقيبه في ممرات الهرم الضائع، وقد كان السؤال الأول الذي شاغبه: هل سيكون التابوت سليماً لم يمس أم لا؟

كان يعتقد أن التابوت يحتوي على مومياء الملك "سخم – خت"، ما يجعله أهم اكتشاف ربما منذ العثور على مقبرة توت عنخ أمون، وبخاصة لأن هذا الهرم الذي اعتقد جازماً أن إمحوتب، هو من بناه للملك زوسر، وقد عزز من هذه الفرضية وجود سراديب بطول سبعة كيلومترات، وتوابيت من المرمر لدفن بناته الـ11.

كانت المفاجأة حين فتح التابوت أنه لم يُعثر إلا على  جزء من ذراع الملك "زوسر" وهي الآن محفوظة في كلية الطب جامعة القاهرة.

يسطر غنيم في كتابه يقول "إنه من الصعب علي أن أصف هذه اللحظات، خليط من الرهبة والفضول والشك، شعرت أن للهرم شخصية، وأن هذه الشخصية كانت مجسدة في الملك ذاته الذي بني من أجله الهرم، ولا تزال أصداء أنفاسه تتردد بيننا".

بدت مسيرة العالم المصري غنيم ماضية قدماً، ما رشحه لتولي أمانة المتحف المصري بالقاهرة عام 1959، الأمر الذي تطلب إجراء عملية جرد لعهدته في منطقة سقارة، وهنا كانت ملامح النهايات الغريبة والعجيبة... ما الذي حدث؟

تم اكتشاف غياب قطعة آثار من التي عُثر عليها في المقبرة الأثرية للمك "سخم – خت" أو زوسر الثاني.

لم تكن هناك أدلة تدينه، غير أن الرجل لم يتحمل الصدمة، فألقى نفسه في نهر النيل ليموت منتحراً، الأمر الذي عاد بالجميع لقصة لعنة الفراعنة مرة جديدة.

كانت الأقدار رحيمة بالعالم غنيم، فيما لم يكن هو رحيماً بنفسه، ذلك أنه بعد نحو عامين من انتحاره، تمكن صديقه الأثري الفرنسي جان فيليب، من العثور على دليل براءته، واكتشف القطعة الأثرية المفقودة في أحد مخازن البدروم في المتحف المصري بالقاهرة، وهو ما أشار إليه زاهي حواس في كتابه المعنون "معجزة الهرم الأكبر".

هل يمكن أن تنتهي إلى هنا قصة الهرم الضائع، أم أن التساؤل العميق الخاص بالهدف من بناء الأهرام نفسه لا يزال غائباً وضبابياً؟

الأهرام والرؤية للعالم الروحاني الآخر

تزامن التطور المعماري للأهرام من عند المصاطب البسيطة المبنية بالطوب اللبن، مروراً بالأهرام المدرجة ثم الشاهقة، مع التغيرات اللاهوتية، إذ تشير النصوص التي وجدت على المصاطب لوجود اعتقاد أن الفراعنة سيصعدون للسماء عبر درجاتها.

تعكس نصوص لاحقة من فترة الأهرام الحقيقية، وجود عبادة إله الشمس، وتصف الفراعنة وهم يرتفعون للسماء عبر أشعة الشمس، وكانت الجوانب المنحدرة للهرم، التي تشبه شكل أشعة الشمس وهي تشرق من السماء، هي الطريق الجديد للسماء.

التساؤل المحير: هل ألهمت عبادة الشمس المعماريين المصريين لتصميم الأهرام؟

يبدو من النظرة الأولية أنه من غير المحتمل أن يكون كل هذا العدد الكبير الإضافي من أطنان الأحجار قد استخرج –لزاماً– من المحجر ونقل وجر لموقع البناء، فقط لمجرد أن السلم لم يعد يعتبر وسيلة فعالة للوصول للسماء.

هل هي مقابر أم مولدات طاقة أم زوايا لارتكاز الكون ومغناطيسيته؟

لا أحد يمتلك جواباً شافياً وافياً عقلاً أو عدلاً، ما يفتح مجالاً واسعاً لتأويلات تالية عن بناة الأهرام، وهل هم من البشر أم من حضارات مغايرة، وهذا ما يعطي قضية البحث عن الهرم الرابع أهمية خاصة.

المزيد من تحقيقات ومطولات