Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا عزز اكتشاف مقبرة "توت عنخ آمون" الاعتقاد في "لعنة الفراعنة"؟

22 شخصاً توفوا في ظروف غامضة وباحث مصريات يفسر ذلك بسموم الكهنة

استطاع الأثري الإنجليزي هوارد كارتر أن يحفر اسمه في سجلات أعظم علماء الآثار عبر اكتشافه لأهم مقبرة ذهبية فرعونية للملك الشاب توت عنخ آمون بوادي الملوك والملكات بمدينة الأقصر المصرية في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1922 ميلادية، بعد 5 سنوات من التنقيب غير الموفق، إلا أن اكتشاف المقبرة وما حوته، عزز من اعتقاد الكثيرين حول العالم بـ "لعنة الفراعنة" بعد وفاة اللورد جورج كارنارفون ممول اكتشاف المقبرة و21 شخصاً آخرين لهم صلة مباشرة وغير مباشرة بها، إضافة لتعطل خدمة الكهرباء عن العاصمة المصرية القاهرة لساعات خلال دخول المقبرة وغيرها من شواهد.

"لا تفتح التابوت... فسيضرب الموت بجناحيه كل من يعكر صفو الملك"، لعل هذه الجملة المدونة على جدران المقبرة أشعلت الاعتقاد في "لعنة الفراعنة"، وجعلت الصحافة العالمية وكبار الكتاب والروائيين يتحدثون عن ذلك.

 

الملك الشاب والملاريا

الملك الشاب توت عنخ آمون هو أحد ملوك الأسرة الثامنة عشر، تولى الحكم وهو في سن صغير فلم يتجاوز حينها 11 سنة، خلال فترة عصيبة بعد أن بادر والده الملك أخناتون بتغيير الديانة الرسمية لمصر من عبادة الآلهة المتعددة إلى عبادة إله واحد وهو أتون الشمس. بعد وفاة والده قرر الملك الصغير أن ينصاع لضغوط كبار الكهنة في طيبة بعودة الديانة القديمة، إلى أن توفي في سن 19 سنة.

وحول لغز وفاة الملك توت عنخ آمون الذي حير الباحثين وهو ملك صغير في عمر 19 سنة، أعلن عالم الآثار المصري الشهير زاهي حواس في عام 2010 أنه بعد تحليل الحمض النووي لمومياء الملك توت عنخ آمون، أظهرت النتائج أن سبب الوفاة يرجع لإصابته بطفيل الملاريا، ومن المرجح أن المضاعفات الناجمة بشكل حاد عن المرض أدت لوفاته، مؤكداً أنه لم يتعرض لحادثة اغتيال، كما كشف تحليل الحمض النووي والمسح بالأشعة المقطعية أن الملك أخناتون هو والد الملك توت عنخ آمون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المقبرة الذهبية

ووصف الأثري صلاح الماسخ مدير معبد الكرنك لـ"اندبندنت عربية" مقبرة الملك توت عنخ آمون، كاشفاً أنها تبدأ بسلالم مكونة من 16 درجة، يتبعها ممر مائل يقدر بثمانية أمتار ويتفرع من هذا الممر حجرتان أحدهما للتابوت والأخرى للكنوز. تتزين جدران المقبرة بنقوش رائعة من كتاب الموتى المقدس، من أبرز الكلمات المدونة على جدران المقبرة "لا تفتح التابوت... فسيضرب الموت بجناحيه كل من يعكر صفو الملك".

وأضاف الماسخ أن محتويات المقبرة ضمت أكثر من 5000 قطعة أغلبها من القطع الذهبية الخالصة، وتلك القطع ما زالت تحظى بدراسة وافية من علماء الآثار والمصريات لأنها تعكس كواليس الحياة في مصر القديمة، باعتبار أنها حوت أشكالاً متنوعة من الأسلحة والآلات الموسيقية والترفيهية والملابس والأثاث، بجانب تلك المقتنيات حجرة المومياء التي وضعت بداخل ثلاثة توابيت متداخلة.

وكانت وزارة السياحة والآثار المصرية في عام 2020 قد أعلنت في بيان رسمي عن الانتهاء من ترميم قطع ومحتويات مقبرة الملك توت عنخ آمون بشكل كامل، والتي ستعرض جميعها في جناج خاص يحمل اسم الملك في المتحف المصري الكبير المرتقب افتتاحه. سيضم هذا الجناح 105 فاترينة في قاعتين على مساحة تبلغ 7200 متر مربع، لعرض 5200 قطعة بأحدث أساليب العرض المتحفي العالمي.

 

لعنة المقبرة وسموم الكهنة

المقبرة الذهبية ما زالت تُحكى حولها العديد من الحوادث الغريبة منذ شهر نوفمبر من عام 1922، وهو الأمر الذي جعل تلك المقبرة العجيبة الحديث الشاغل لكافة الصحف الأوروبية في ذلك الوقت. وانهمك كبار الكتاب العالميين والروائيون في الحديث عنها من أمثال شارلوك هولمز وفيليب فاندنبرغ وأنيس منصور للحديث عن لعنة الفراعنة وتلك المقبرة.

وكشف أحمد البدري مرشد سياحي من سكان مدينة القرنة الواقعة بها مقبرة الملك توت عنخ آمون بوادي الملوك والملكات بالأقصر، أنه يتردد بأنه فور اكتشاف العالم الأثري هوارد كارتر للمقبرة، رفض دخولها إلا بحضور اللورد جورج كارنارفون ممول عملية التنقيب التي استمرت لأكثر من 5 سنوات، وفي يوم دخولهما المقبرة برفقة فريق بعثة التنقيب، تعطل تيار الكهرباء عن العاصمة المصرية القاهرة كاملة لساعات طويلة، وظهرت حية سامة في استراحة هوارد كارتر بالأقصر، كادت تقتله بعد أن التهمت عصفوره المفضل، ولم يلتفت الجميع لكلتي الحادثتين، إلا أن بداية الشعور بالقلق كانت بوفاة الأثري المصري محمد زكريا، أحد معاوني كارتر في نفس يوم دخول المقبرة في ظروف غامضة.

وأضاف البدري أن العالم بدأ يتحدث عن مصطلح لعنة الفراعنة للمرة الأولى بعد وفاة اللورد جورج كارنارفون، الذي لدغته بعوضة سامة خلال زيارته للمقبرة تسببت في وفاته بعد 6 أشهر من اكتشاف المقبرة في 5 من شهر أبريل (نيسان) من عام 1923 عن عمر يناهز 57 سنة. كما رحل في ظروف غامضة أيضاً أرتشبولد دوغلاس أحد أعضاء فريق هوارد كارتر، والذي كان متخصصاً في الأشعة السينية، وكان أول من قطع الخيوط حول جسم مومياء الفرعون توت عنخ آمون. كما توفى رجل الصناعة الإنجليزي غول وود بعد أيام من زيارته مقبرة توت عنخ آمون بأعراض حمى مفاجئة، وغيرهم من الكثيرين الذين شاركوا في التنقيب عن المقبرة أو كانوا من أول الزائرين لها.

 

وقال الكاتب فيليب فاندنبرغ صاحب كتاب "لعنة الفراعنة"، إن عدد من توفوا بلعنة الفراعنة بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون بلغ 22 شخصاً لهم علاقة مباشرة وغير مباشرة بهذا الاكتشاف، ما يعزز الاعتقاد في تأثير تلك اللعنة القاتلة للفراعنة.

وفي المقابل لتفسير تلك المواقف والوفيات العديدة التي عقبت اكتشاف المقبرة، قال عبدالله السوهاجي أستاذ علم المصريات وصاحب بحث متخصص عن حقيقة لعنة الفراعنة، إن تلك الوفيات المتواترة لم تكن محض صدفة، وفي نفس الوقت المنطق والعلم يرفض الخرافات والشعوذة أو ما يطلق عليه لعنة الفراعنة، لكن التفسير العلمي لما حدث في تلك المقبرة على وجه التحديد أن الكهنة قديماً كانوا مهرة في صناعة السموم والغازات المميتة، كانوا يستخدمون ذلك في تحصين المقابر الفرعونية قبل إغلاقها لحمايتها من اللصوص، كما هو معلوم أن المصريين القدماء هم أول من اكتشف وزرع النباتات السامة لأغراض متعددة.

وأضاف أن الدراسات التي أجريت على بعض العينات الخاصة ببعض المقابر الفرعونية الملكية في الأقصر تبين وجود نسب كبيرة من مواد الفورمالدهيد وكبريتيد الهيدروجين والأمونيا، كلها مواد سامة تقتل الإنسان الذي يستنشقها أو يلامسها، ما يعزز صحة هذه الدراسات. كما أن الأثري محمد زكريا أول من توفى مباشرة يوم اكتشاف المقبرة، وقد أثبتت الأبحاث أنه جرح بآلة حادة مسممة داخل المقبرة أدت لوفاته، مشيراً إلى أن بعض الوقائع المتواترة كان مبالغاً فيها من قبل الصحافة العالمية، مثل انقطاع الكهرباء عن العاصمة المصرية القاهرة لساعات وقت دخول المقبرة، فذلك الزعم لا دليل له، مؤكداً أن العديد ممن دخلوا تلك المقبرة لم يصابوا بمكروه وعلى رأسهم الأثري الإنجليزي هوارد كارتر الذي توفي بشكل طبيعي عام 1939 عن عمر يناهز 64 سنة، إضافة لكبار المكتشفين لأهم المقابر الفرعونية الذين ماتوا بشكل طبيعي من دون مكروه.

المزيد من ثقافة