ملخص
ارتفاع تذاكر طيران الشرق الأوسط الوطني يدفع اللبنانيين للبحث عن بدائل مبتكرة ولكنها أرخص.
روح التحدي والعزيمة التي يظهرها اللبنانيون في ابتكار طرق جديدة للتخفف من وطأة الأزمات المعيشية تستحق أن تدرّس. فمثلاً دفع الانقطاع المستمر للكهرباء والمياه عدداً من اللبنانيين إلى تركيب ألواح شمسية على الأسطح وبذلك سبقوا دولتهم في الاعتماد على الطاقة البديلة. كما أن بعضهم لجأ إلى الزراعة ليستطيع توفير لقمة عيشه هرباً من التضخم وزيادة الأسعار.
اليوم ومع ارتفاع تذاكر سفر "طيران الشرق الأوسط" الوطني (MEA)، إذ لا يقل سعر أرخص تذكرة للمسافر الواحد عن 1000 دولار أميركي، وجد اللبنانيون حلاً بديلاً عبر التنقل من أوروبا إلى قبرص ومن ثم إلى بيروت على متن شركات طيران أجنبية بأسعار لا تتجاوز نصف أو حتى ثلث كلفة تذاكر شركة الطيران اللبناني الخيالية، وهكذا ازدحم مطار لارنكا في قبرص باللبنانيين الذين يتوافدون إلى وطنهم.
أساليب مبتكرة
يشير سامر شرفا (44 سنة) إلى أنه من خلال عمله كتاجر ملابس يضطر إلى السفر كثيراً لبلدان بعيدة أبرزها الولايات المتحدة وإسبانيا وتركيا والصين، مضيفاً "لكي أتفادى الكلف الباهظة أصبحت مجبراً على اختيار الترانزيت، أي الطيران غير المباشر، بخاصة أن كلفته زهيدة مقارنة بالرحلات المباشرة".
أما زياد الغوش (37 سنة)، فيقول إنه لم يعد يلجأ إلى مكتب طيران الشرق الأوسط للحجز وبات يستعين بالتطبيقات التي تسهل عملية البحث عن الرحلات الزهيدة الكلفة، موضحاً أن "هذه العملية تتم عندما تقوم الشركات بحجز التذاكر مسبقاً ومن ثم يجري بيعها بأسعار مقبولة".
مدير عام الطيران المدني المهندس فادي الحسن يوضح لـ"اندبندنت عربية" أسباب غلاء تذاكر طيران الشرق الأوسط بعد تلقي عدد من الشكاوى ويشير إلى أن "الأمر يخضع للعرض والطلب، إضافة إلى توقيت الرحلة كالمواسم الأكثر زحاماً في الصيف، وهو ما لا يتعلق بشركة الطيران الأوسط فقط بل بالشركات الأخرى أيضاً".
وعن العروض التي تروج لها بعض شركات الطيران بتقديم تذاكر رخيصة، يوضح الحسن أن "هذه الشركات غير محلية فهي تعمل خارج لبنان، تحديداً في الدول الأوروبية، وكنا نتمنى وجودها عندنا ونشجع على مجيئها لتوفير التذاكر ذات الكلفة المنخفضة للمواطن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بدوره، يشرح نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "أسعار التذاكر ليست وحدها المرتفعة، بل إن ضريبة المطار التي كنا ندفعها منذ أعوام إلى اليوم هي التي تزيد الأعباء على التذكرة، بحيث يتحمل المواطن بطريقة غير مباشرة كلفتها بحسب كل درجة، فالاقتصادية ضريبتها 33 دولاراً، أما درجة الأعمال، فـ50 دولاراً والدرجة الأولى 70، وتقوم شركات الطيران بتحديثها دائماً ومن ثم يدفعونها للدولة".
يوضح عبود أن "مكاتب السفر والسياحة ليست مسؤولة عن وضع الأسعار بل المسؤول الفعلي هو شركات الطيران التي تحددها، ونحن نقوم بتحقيق نسبة من الربح من خلال التسويق لها على منصاتنا".
من ناحيتها، تؤكد عضو نقابة السياحة والسفر ميشلين بو عبود لـ"اندبندنت عربية" أن "طيران الشرق الأوسط ليس الوحيد الذي ترتفع أسعار تذاكره، فهناك الطيران الإماراتي والفرنسي. وكل وجهة تعتبر رحلة مباشرة، فمثلاً الرحلة من دبي إلى بيروت باهظة الثمن وهذا الأمر طبيعي، بخاصة في موسم الصيف. أما الذين يريدون التوفير مثل الوافدين من فرنسا، فيحجزون إلى قبرص ومنها إلى بيروت بأرخص أنواع الطيران".
نشاط على رغم الكلفة
مع انطلاق موسم الصيف شهد مطار بيروت الدولي حركة طيران نشطة وعلى أساسه جاءت التوقعات إيجابية، وهنا يشير الحسن إلى أن "الموسم استثنائي، بخاصة أننا كنا نتوقع أن الذروة ستبدأ من يوليو (تموز) الجاري، غير أننا فوجئنا بأرقام يونيو (حزيران) الماضي غير المسبوقة، إذ وصل عدد الركاب في نهاية الشهر إلى 430 ألفاً، وهذا شبيه بالأعوام الماضية أي قبل بداية الأزمة في 2018 و2019، لكننا لا نزال نحتاج إلى 15 في المئة من الوافدين لمعادلة هذه الأرقام. أما بالمقارنة مع عام 2020، فتخطينا نسبة الـ25 في المئة، ومن هنا حتى آخر الصيف نتوقع أن يصل عدد الوافدين إلى 1.3 مليون ولكن مع أرقام يونيو نتوقع أن يتخطى العدد الـ1.5 مليون".
بدوره، يتمنى عبود أن "تتعدى حركة الوافدين المليونين"، لافتاً إلى أن "حركة المطار تبلغ يومياً ما بين 16-17 ألفاً، أما في يونيو، فكان مجموع عدد الركاب 450 ألفاً"، متوقعاً أن "يزداد العدد ما بين يوليو وأغسطس (آب) المقبل بما يقارب 1.8 مليون وافد، من بينهم 40 في المئة سياح عرب وأجانب".
وحول ما إذا كانت أسعار التذاكر تأثرت بتعديل المديرية العامة للأمن العام رسوم جوازات السفر وعموم المعاملات المنوطة بها بدءاً من الـ24 من يونيو 2023، أكد الحسن أن "الرسوم اقتصرت على جوازات السفر الجديدة"، معتبراً أن "الباسبور لا تزال كلفته زهيدة مقارنة بالبلدان الأخرى، إذ بلغت 10 مليون ليرة لبنانية (نحو 100 دولار أميركي)".
ويقول الحسن إنه "على رغم الوضع غير المسبوق الذي يشهده لبنان فإن القطاعات السياحية جميعاً نشطة وتعمل بوتيرة قوية، الأمر الذي يثبت مكانة البلاد باعتبارها من أهم الوجهات السياحية في العالم"، متمنياً "دوام ارتفاع أعداد الوافدين بهذه الوتيرة لأنه يسهم في الانتعاش المالي والمعيشي للبنان".