Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إمكانات المغرب الفوسفاتية تضمن الأمن الغذائي العالمي إذا استغلت

ستلعب البلاد دوراً مهماً في هذا الإطار لأنه بات متحكماً بمجال الأسمدة

يمتلك المغرب نحو 70 في المئة من الاحتياطي العالمي من مادة الفوسفات (رويترز)

ملخص

سطع نجم المغرب الذي يمتلك إمكانات مهمة تجعل منه ضامناً محتملاً للأمن الغذائي

أثارت جائحة كورونا اختلالاً في سلاسل التجارة العالمية، زادت من حدتها الحرب الروسية - الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع أسعار المحروقات، وأيضاً ارتفاع الطلب على السلع بالمقارنة مع العرض، وتقلص حجم تجارة المواد الغذائية الأساسية بما يهدد الأمن الغذائي العالمي.

في الأثناء، سطع نجم المغرب الذي يمتلك إمكانات مهمة تجعل منه ضامناً محتملاً للأمن الغذائي، وذلك عبر امتلاكه أضخم احتياطي عالمي لمادة الفوسفات التي تدخل في صناعة الأسمدة.

خطر الأمن الغذائي

وحذر كل من منظمة الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، في بيان مشترك، من احتمال تزايد تدهور الأمن الغذائي في 18 منطقة من بؤر الجوع حيث الصراعات الدولية والتغير المناخي. وأكد البيان أنه منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا شهدت الأسواق الزراعية تقلبات كبيرة، وأدت الآثار الناجمة عن الحرب، مقترنة بقلة المخزونات العالمية، إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية. مضيفاً "على رغم هذه الاضطرابات ظلت أسواق الرز هادئة نسبياً بسبب الإمدادات العالمية الكبيرة وعدم وجود صلة تجارية مباشرة بالحرب في أوكرانيا، ومع ذلك ارتفعت أسعار الرز بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة منذ سبتمبر (أيلول) من عام 2022".

وأشار البيان إلى أنه في عام 2022 سجلت أسعار الأسمدة ارتفاعاً قياسياً لأسباب عديدة، منها العقوبات المفروضة على بيلاروس وروسيا، والقيود التجارية التي فرضها كبار منتجي الأسمدة مثل الصين، وعلى رغم تراجع الأسعار بنسبة 80 في المئة تقريباً عن مستويات الذروة التي بلغتها عام 2022، فإنها لا تزال ضعف مثيلاتها في ینایر (كانون الثاني).

تفاقم الأزمة

وأشار قادة مجموعة الدول "السبع" في قمتهم التي انعقدت في هيروشيما في مايو (أيار) الماضي إلى أن "هناك عوامل تهدد الأمن الغذائي العالمي كتداعيات جائحة كوفيد-19، وتقلب أسعار الطاقة والأغذية والأسمدة، والأثر الخطر لتغير المناخ والنزاعات المسلحة، مع تأثيرات غير متناسبة على الفئات الأكثر ضعفاً"، موضحين أن "الحرب في أوكرانيا أدت إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي المستمرة في جميع أنحاء العالم، بخاصة في البلدان النامية والأقل نمواً، ونلاحظ بقلق بالغ الأثر السلبي للحرب في أوكرانيا، ونؤكد أنها تسبب معاناة إنسانية هائلة وتؤدي إلى تفاقم الهشاشة الحالية في الاقتصاد العالمي، من تقييد النمو وزيادة التضخم وتعطيل سلاسل التوريد وزيادة مستوى اللا أمن الطاقي والغذائي، ورفع مستوى الأخطار المالية".

ولحماية الأمن الغذائي العالمي دعت مجموعة "السبع" جميع المشاركين في مبادرة حبوب البحر الأسود إلى الاستمرار والتنفيذ الكامل لتشغيلها السلس بأقصى إمكاناتها، مؤكدين أهمية السماح للحبوب بالاستمرار في الوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها، في حين يواجه 828 مليون شخص الجوع في جميع أنحاء العالم في عام 2021، كما يعاني 258 مليون شخص في 58 دولة أزمة غذائية، بخاصة في البلدان النامية والأقل نمواً، هم في حاجة إلى مساعدات غذائية طارئة في عام 2022، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة.

إمكانية هائلة

ويمتلك المغرب نحو 70 في المئة من الاحتياطي العالمي من مادة الفوسفات، مما يجعل منه واحداً من أهم منتجي هذه المادة عالمياً، وبحسب "المؤسسة الأميركية للجيوفيزياء" أنتجت المملكة 40 مليون طن من الفوسفات خلال عام 2022، واحتلت بذلك المرتبة الثانية في لائحة مصدري تلك المادة عالمياً بعد الصين، في وقت يصل فيه الإنتاج العالمي إلى نحو 240 مليون طن، وأدى ارتفاع أسعار الفوسفات إلى تحقيق "المكتب الشريف للفوسفات" (المكلف إنتاج الفوسفات بالمغرب)، خلال عام 2022، ارتفاعاً قياسياً في رقم المعاملات.

ومع تحجيم دور روسيا في تجارة الأسمدة العالمية بسبب العقوبات المفروضة عليها على أثر إعلانها الحرب على أوكرانيا، إذ كانت تستحوذ على نسبة 15 في المئة من حجم هذه التجارة باعتبارها أكبر مصدر لتلك المادة على المستوى العالمي، إضافة إلى إقرار الصين منع تصدير الأسمدة لضمان إمدادات كافية للحاجات الداخلية، تقدم دور المغرب لكسب نصيب ضخم من حجم التجارة العالمية للأسمدة، وذلك مع توجه عديد من الدول لاستيراد الفوسفات المغربي، مثل البرازيل التي كانت تعتمد على روسيا، إضافة إلى اليابان وبنغلاديش وغيرهما.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار المتخصص في الشأن الاقتصادي محمد جدري إلى أن العالم يعيش حالياً متغيرات أساسية، أبرزها آثار جائحة كورونا، إضافة إلى ظهور تحديات مهددة للسيادة الوطنية للدول، وكذلك تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، موضحاً أن المغرب، عن طريق "المجمع الشريف للفوسفات"، سيلعب دوراً مهماً في تحقيق الأمن الغذائي العالمي، "لأن المغرب أصبح يتحكم في مجال الأسمدة، بالنظر إلى كون احتياطاته من الفوسفات يمكنها أن تدوم لـ50 سنة مقبلة، عكس مجموعة من الدول التي ستنضب فيها هذه الاحتياطات خلال سنوات معدودة مثل الصين".

وأكد المتخصص في الشأن الاقتصادي أن "المغرب سيكون رقماً صعباً في ما يتعلق بالأسمدة على المستوى العالمي، بخاصة أن مجمع الشريف أطلق مشروعاً استثمارياً أخضر"، مشيراً إلى أن "المغرب سيحقق مكاسب هائلة خلال السنوات القليلة المقبلة بتحقيق الأمن الغذائي عن طريق توفير الأسمدة".

وكان الاتحاد الأوروبي قد اعتمد عام 2018 معياراً يحدد فيه أن نسبة مادة الكادميوم في الفوسفات المصدر لها يجب ألا تتعدى 60 مليغراماً للكيلوغرام الواحد، إلا أن تلك النسبة تصل في بعض الأحيان في الفوسفات المغربي لأكثر من 70 في المئة، وهو ما حد من حجم الصادرات للاتحاد الأوروبي.

تعزيز النفوذ الدبلوماسي

من جانبه أوضح مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية خالد الشرقاوي السموني أن المغرب حقق تطوراً مهماً ونتائج إيجابية في مجال تصدير الفوسفات إلى عدد من دول العالم في السنوات الأخيرة، مما عزز النفوذ الدبلوماسي المغربي في الدول الأفريقية ودول أميركا اللاتينية، مشيراً إلى أن التطور الإيجابي يندرج في إطار التوجه الذي كرسته المملكة في مجال الانتقال إلى الطاقات الخضراء وتطوير الطاقات المتجددة بصفة عامة، وتطوير قطاع الفوسفات والنهوض به بصفة خاصة، وثمن الباحث في الدراسات السياسية والاستراتيجية المجهودات التي يضطلع بها "المكتب الشريف للفوسفات"، بعد أن خصص أربعة ملايين طن من الأسمدة من أجل تعزيز الأمن الغذائي في القارة الأفريقية خلال العام الحالي.

الطاقة الخضراء

ويتوجه المغرب نحو اعتماد الطاقة النظيفة في مجال استخراج الفوسفات، الأمر الذي سيسهم في تخفيض الكلفة، إضافة إلى زيادة حجم تنافسية منتجاته، إذ أطلق "المكتب الشريف للفوسفات" برنامجاً للاستثمار بقيمة 12 مليار دولار للفترة الممتدة من 2023 إلى 2027، وذلك من أجل رفع قدرات الاستخراج المنجمي، وإنتاج الأسمدة، ويلتزم المكتب كذلك تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2040، إذ يهدف إلى تشغيل جميع المنشآت الصناعية بالطاقة الخضراء، بحلول عام 2027، عبر إنتاج الكهرباء من الطاقة الريحية والشمسية والكهرومائية.

اقرأ المزيد