Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من أوروبا إلى آسيا كيف يتم تجاوز العقوبات على موسكو؟

دفع الهند ثمن وارداتها النفطية باليوان يعزز نصيب العملة الصينية عالمياً

تعمل مصافي الهند كطرف ثالث للالتفاف على العقوبات الغربية على موسكو (أ ف ب)

ملخص

حرب أوكرانيا والعقوبات على روسيا عززتا نصيب اليوان الصيني في التجارة الدولية على حساب الدولار

تزيد حصيلة روسيا في سلة احتياطاتها الأجنبية من العملة الصينية "اليوان" سواء نتيجة زيادة حجم التجارة بينها وبين الصين منذ بدء الحرب في أوكرانيا مطلع العام الماضي أو نتيجة قبول موسكو ثمن بعض صادراتها من الطاقة إلى دول أخرى باليوان.

وكانت روسيا أبرمت اتفاقات مع بعض الدول للتعامل بنظام المقايضة بالعملات المحلية مقابل الروبل الروسي في التعاملات التجارية بينهما مع تشديد العقوبات الغربية غير المسبوقة على موسكو، التي أصبحت تعوق تماماً التعامل بالدولار الأميركي مع روسيا. وهذا الأسبوع، نشرت وكالة "رويترز" تقريراً حصرياً عن أن "مصافي التكرير الهندية بدأت دفع ثمن بعض واردات النفط من روسيا باليوان الصيني، حيث تضطر العقوبات الغربية موسكو وعملاءها لإيجاد بدائل للدولار لتسوية المدفوعات".

ومع أن بعض مصافي التكرير الخاصة في الهند أخذت تدفع ثمن وارداتها النفطية من روسيا بعملات أخرى غير الدولار منذ مدة طويلة، إلا أن الأمر هذه المرة يتعلق بالمصافي الحكومية. وذكرت تقارير قبل أشهر أن بعض المصافي الهندية تدفع ثمن وارداتها النفطية من روسيا بالدرهم الإماراتي وغيره من العملات غير الدولار.

ونقلت الوكالة عن مصدر حكومي هندي لم تذكر اسمه، "تدفع بعض المصافي بعملات أخرى مثل ’اليوان’ إذا أبدت البنوك عدم رغبتها في تسوية التجارة بالدولار". وأدت العقوبات الغربية بعد الهجوم الروسي لأوكرانيا إلى تحول تدفقات التجارة العالمية لأكبر صادرات موسكو وهو النفط، مع بروز الهند كأكبر مشتر للنفط الروسي المنقول بحراً حتى في الوقت الذي تبحث فيه عن طريقة لدفع الثمن في ظل عقوبات متغيرة.

التحول عن الدولار

ونقل تقرير الوكالة عن ثلاثة مصادر مطلعة قولها إن "مؤسسة النفط الهندية، وهي أكبر مشتر للنفط الخام الروسي في البلاد، أصبحت في يونيو (حزيران) الماضي أول شركة تكرير حكومية تدفع مقابل بعض المشتريات الروسية باليوان"، بينما قال مصدران آخران، إن "اثنتين في الأقل من ثلاث مصاف خاصة في الهند تدفعان أيضاً ثمن بعض الواردات الروسية "باليوان".

وظل الدولار الأميركي لزمن طويل عملة النفط العالمية الرئيسة، بما في ذلك مشتريات الهند، لكن "اليوان" الصيني أصبح الآن يلعب دوراً متزايد الأهمية في النظام المالي الروسي بعد منع موسكو من التعامل عبر شبكات الدولار واليورو المالية في إطار العقوبات الدولية.

وأهمية دفع أغلب المصافي الهندية ثمن وارداتها من النفط الروسي بعملات غير الدولار، بخاصة اليوان، أن نيودلهي الآن تستورد القدر الأكبر من الصادرات الروسية التي حظرتها دول أوروبا. ليس فقط للاستهلاك المحلي للطاقة، وإنما لإعادة التصدير في شكل مشتقات كالديزل والبنزين للدول التي تلتزم بالعقوبات على موسكو بخاصة في أوروبا وأميركا الشمالية.

وذكرت تقارير عدة من قبل أن دولاً أوروبية وغربية، مثل بريطانيا وأميركا، تشتري شركات الطاقة فيها مشتقات نفطية من مصافي تكرير هندية كبرى مصدرها خامات نفطية روسية تستوردها الهند وغيرها حيث تقوم الدول، بدور "طرف ثالث" للالتفاف على العقوبات الغربية المشددة مما يزيد التعامل بعملات غير الدولار الأميركي، الذي ما زال العملة الرئيسة لتسعير وتداول السلع في الأسواق الدولية.

صعود اليوان

ونتيجة لذلك، زاد نصيب العملة الصينية في تمويل التجارة الدولية بأكثر من الضعف في العام الأخير، منذ بدأت الحرب في أوكرانيا. وأرجع المحللون ذلك إلى زيادة استخدام "اليوان" بكثافة في تسهيل التجارة نتيجة العقوبات الاقتصادية المشددة المفروضة على موسكو، إلى جانب ارتفاع كلفة التمويل بالدولار الأميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت بيانات تمويل التجارة من نظام المراسلات المصرفية الدولية "سويفت" المستخدم في المدفوعات ومنصات التمويل الدولية، الصادرة في ربيع هذا العام، إلى أن نصيب "اليوان" من تمويل التجارة الدولية ارتفع من أقل من نسبة اثنين في المئة في فبراير (شباط) 2022 إلى نسبة 4.5 في المئة في فبراير (شباط) الماضي، بحسب تحليل صحيفة "فايننشال تايمز" لتلك البيانات والأرقام وقتها.

ومع أن تلك النسبة تظل صغيرة مقارنة بنصيب الدولار الأميركي من تمويل التجارة الدولية، الذي يصل إلى نسبة 84.3 في المئة، إلا أنها قفزة كبيرة في نصيب "اليوان" تجعله يقترب من نصيب العملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، في تمويل التجارة الدولية. وكان نصيب الدولار تراجع في العام الماضي عن نسبة 86.8 في المئة، بينما ظل نصيب "اليورو" في تمويل التجارة الدولية عند نسبة ستة في المئة. ويعني ذلك أن الزيادة الكبيرة في نصيب "اليوان" جاءت على حساب نصيب الدولار الأميركي تقريباً.

ويبدو أن الحرب في أوكرانيا التي ربما كانت ضرراً اقتصادياً على روسيا بسبب العقوبات تعود بالنفع على الصين كمستفيد من عدة نواح منها تعزيز مكانة عملتها دولياً. وكما قال كبير الاقتصاديين في بنك سنغافورة منصور محيي الدين: "هذه خطوة هائلة (لليوان) للأمام... من الصعب التفكير في سبب وراء تلك الخطوة وهذا التغيير غير ما حدث مع الحرب في أوكرانيا".

صحيح أن القدر الأكبر من زيادة دور اليوان في التعاملات الدولية يعود إلى حجم التجارة بين موسكو وبكين، إلا أن بدء استخدام دول أخرى، مثل ما يحدث مع مصافي تكرير النفط الهندية يعزز أكثر دور اليوان. وبلغ حجم التجارة بين روسيا والصين العام الماضي 185 مليار دولار، دفعت الشركات الروسية القدر الأكبر من ثمن تلك التجارة باليوان الصيني. وبحسب أرقام البنك المركزي الصيني ارتفعت مدفوعات التبادلات التجارية على نظام "سيبس" إلى 97 تريليون يوان (14 تريليون دولار) في عام 2022، وذلك بزيادة بمعدل سنوي بنسبة 21 في المئة.