Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب الرقائق تستعر بين أميركا والصين بحظر تصدير معدنين

يعتبر تنفيذيون في الصناعة إيقاف بكين صادرات "الغاليوم" و"الجرمانيوم" بمثابة انتقام واشنطن من قيود الرقائق

تقيد الصين صادرات اثنين من المعادن المستخدمة في رقائق عالية الأداء (أ ف ب)

ملخص

توقعات بتأثير مضاعف وفوري في صناعة أشباه المواصلات بعد الخطوة الصينية

فرضت الصين قيوداً على تصدير معدنين تقول الولايات المتحدة إنهما مهمان لإنتاج أشباه الموصلات وأنظمة الصواريخ والخلايا الشمسية في استعراض للقوة قبل المحادثات الاقتصادية بين متنافسين يضعان قواعد تجارية بشكل متزايد لتحقيق الهيمنة التكنولوجية

وقالت وزارة التجارة في بكين أول من أمس الإثنين إن معدني "الغاليوم" و"الجرمانيوم" وأكثر من 36 معدناً ذات صلة ومواد أخرى ستخضع لضوابط تصدير غير محددة اعتباراً من الأول من أغسطس (آب) المقبل.

وأشار بيانها إلى حماية الأمن القومي والمصالح، موضحة إن بعض طلبات التصدير المستقبلية ستتطلب مراجعة من قبل أعلى هيئة حكومية، أي مجلس الدولة.

ويتميز التنافس بين الولايات المتحدة والصين بشكل متزايد بقيود التصدير المصممة لإبطاء صناعات التكنولوجيا العالية للدولة الأخرى، في حين أظهرت الشكاوى التجارية حول مثل هذه الضوابط التي يقول الجانبان إنها مصممة لحماية الأمن القومي، الرغبة في العودة للمحادثات رفيعة المستوى بين الحكومتين.

من المرجح أن يكون التركيز أكثر على هذه القضية عندما تزور وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بكين في وقت لاحق من هذا الأسبوع وفي حال قيام وزيرة التجارة جينا ريموندو برحلة متوقعة في الأشهر المقبلة. 

ولم يصدر تعليق فوري من وزارة التجارة الأميركية على قرار الحظر الصيني للمعدنين. 

وكانت الولايات المتحدة أوقفت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الصادرات إلى الصين من المعدات المستخدمة لإنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدماً تقنياً واعتمدت على حلفاء مثل كوريا الجنوبية وهولندا لفعل الأمر نفسه.

من جانبها حذرت بكين شركاتها من النظر في الآثار المترتبة على الأمن القومي للصادرات إلى الولايات المتحدة، كما حظرت استخدام المنتجات التي تصنعها شركة "ميكرون"، أكبر شركة لتصنيع شرائح الذاكرة في أميركا، داخل شركات البنية التحتية للمعلومات المهمة، بينما حذرت حلفاء أميركا في شأن رفضها ما تسميه "الحمائية" باعتبارها من نوع الحرب الباردة التي روجت لها واشنطن. 

وتلزم التعقيدات الولايات المتحدة والصين إنتاج سلع مثل أشباه الموصلات بطرق تجعل من الصعب على أي من الجانبين التصرف بتهور، فيما تحاول إدارة بايدن إغراء منتجين مثل "سامسونغ" و"تايوان سيميكوندكتور مانيوفاكتورينغ كو" للتوسع في الولايات المتحدة، لكن حمل هاتين الشركتين على إدارة ظهورهما للصين يبدو غير مرجح. 

تداعيات الحظر 

وتؤثر القيود الجديدة المفروضة على "الغاليوم" و"الجرمانيوم" في المعادن المتخصصة المنتجة والمكررة بشكل أساسي في الصين، مما يمنحها نفوذاً في بعض القطاعات المتطورة.

وعلى رغم أنه لا يتم تداول المعدنين بكميات كبيرة إلا أن الاثنين لهما استخدامات مهمة لصناعات معينة، لا سيما إنتاج أشباه الموصلات التي غالباً ما تصمم وتستعمل في الولايات المتحدة حتى لو صنعت في تايوان وكوريا الجنوبية. 

وقال عضو مجلس إدارة معهد " كريتيكال مينيرال إنستيتيوت" ألستير نيل الذي يمتلك حوالى 30 عاماً من الخبرة في صناعة المعادن في الصين لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "سيكون لهذا الإجراء تأثير مضاعف فوري في صناعة أشباه الموصلات، بخاصة في ما يتعلق بالرقائق عالية الأداء". 

وكانت الصين أذهلت جهود الولايات المتحدة لإبطاء تقدم تصنيع أشباه الموصلات، وهو ما تحذر واشنطن من أنه يهدف في النهاية إلى تعزيز قدرات الجيش الصيني، كما جعلت إدارة بايدن من الصعب على بكين شراء آلات الطباعة الحجرية اللازمة لإنتاج رقائق عالية الأداء، وحققت الأسبوع الماضي فوزاً عندما قالت الحكومة الهولندية إن صانعي المعدات مثل "إيه أس أم إل" وهي شركة هولندية متعددة الجنسيات متخصصة في تطوير وصناعة نظم التصوير الضوئي لصناعة أشباه الموصلات، سيحتاجون إلى إذن حكومي لشحن بعض المنتجات إلى الخارج. 

وكان صانعو الرقائق الصينيون والموردون الذين اجتمعوا في شنغهاي لحضور حدث صناعي متطور في مزاج كئيب ولكنه متحدٍّ بعد تقرير الصحيفة أن إدارة بايدن تدرس قيوداً جديدة على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الصين. 

في حين يرى محللو الصناعة نمطاً من المعاملة بالمثل، إذ قال نيل "إذا لم ترسل رقائق عالية الجودة إلى الصين، فستستجيب بكين بعدم إرسال العناصر عالية الأداء التي تحتاج إليها واشنطن لتلك الرقائق"، مضيفاً أن الصين تحاول عادة مطابقة الإجراءات التجارية بتدبير مضاد بنسب متساوية. 

المعدنان والصناعة الحربية الأميركية 

ويظهر كل من "الغاليوم" و"الجرمانيوم" ضمن 50 نوعاً من المعادن تعتبرها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية "بالغة الأهمية"، مما يعني أنهما ضروريان للأمن الاقتصادي والقومي للولايات المتحدة ولديهما سلسلة إمداد معرضة للاضطراب. 

ويعتبر "الغاليوم" وهو معدن فضي ناعم في درجة حرارة الغرفة، مكوناً رئيساً في فئة سريعة النمو من أشباه الموصلات المستخدمة في شواحن الهواتف والمركبات الكهربائية، من بين مجموعة متزايدة من التطبيقات التجارية والعسكرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان تم استيراد نحو 53 في المئة من "الغاليوم" الأميركي من الصين بين عامي 2018 و2021، وفقاً للمسح الجيولوجي الأميركي مع انخفاض الواردات بشكل كبير عام 2019 بعدما فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية أعلى على "الغاليوم" الصيني، مع الإشارة إلى عدم وجود إنتاج أميركي من "الغاليوم" غير المكرر. 

ويستخدم "زرنيخيد الغاليوم"، مركب يحتوي على الزرنيخ، على نطاق واسع للرقائق عالية الأداء لأنه أكثر مقاومة للحرارة والرطوبة، إضافة إلى أنه أكثر توصيلاً من السيليكون، وفي الوقت الحالي "لا توجد بدائل فاعلة لأحجار الغاليوم في هذه التطبيقات"، كما أشارت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية لعام 2023.

كذلك يعتمد الجيش الأميركي على "نيتريد الغاليوم"، وهو منتج ذو صلة، لخصائصه لنقل الطاقة بكفاءة في أكثر الرادارات تقدماً قيد التطوير، كما يتم استخدامه أيضاً في استبدال نظام الدفاع الصاروخي "باتريوت" الذي تصنعه" آر تي إكس"، المعروف سابقاً باسم "رايثيون تيكنولوجيز" ، بعدما قالت بكين سابقاً إنها ستسعى إلى منع وحدة "آر تي إكس" التي لم ترد على سؤال للصحيفة حول "الغاليوم"، من استخدام المنتجات الصينية في تقنيتها العسكرية. 

مبيعات رقائق المعدنين

وبلغت مبيعات الرقائق التي تستخدم "نيتريد الغاليوم" 2.47 مليار دولار في العام الماضي، وفقاً لـ"بريسيدينس للأبحاث"، لكن من المتوقع أن ترتفع إلى 19.3 مليار دولار بحلول عام 2030، كما من المرجح أن تنمو الرقائق المنتجة باستخدام "زرنيخيد الغاليوم" من 1.4 مليار دولار العام الماضي إلى 3.4 مليار دولار في 2030، وفقاً للبحوث والأسواق. 

في حين يستعمل "الجرمانيوم"، وهو معدن لامع أبيض مائل إلى الرمادي، غالباً في صنع أنظمة الألياف الضوئية والخلايا الشمسية، بما في ذلك تلك المستخدمة في التطبيقات الفضائية. 

وبالنسبة إلى الخبراء التجاريين، فإن قيود الصين الجديدة على الصادرات هي تذكير بنظام حصص التصدير السابق الذي فرضته بكين على" الأرض النادرة" التي تضم مجموعة أخرى من المعادن تنتج غالباً في الصين والتي تتمتع بصفات مميزة لمصنعي التكنولوجيا العالية.

من جانبه قال نائب الرئيس الأول وقائد سياسة التكنولوجيا في شركة الاستشارات "أولبرايت ستونبريدج" التي تتخذ من واشنطن مقراً لها بول تريولو إن ضوابط التصدير تسمح لبكين باستهداف الشركات الفردية وكذلك القطاعات الأوسع من صناعات معينة واتخاذ القرارات بناء على الاعتبارات الجيوسياسية. 

وأشار إلى أن الصين أوضحت للولايات المتحدة أنها مهتمة بإقامة حوار ثنائي جديد في شأن ضوابط التصدير وأن الخطوة الأخيرة يمكن أن توفر لبكين مزيداً من النفوذ في المحادثات المقبلة مع واشنطن. 

في حين تتبع الضوابط التي تم الإعلان عنها أول من أمس نمطاً من القيود الأكثر هدوءاً على وصول الأميركيين إلى سلع أخرى منتجة في الصين مثل المواد المعروفة باسم المواد الكاشطة الفائقة التي تستخدم أيضاً في صناعات التكنولوجيا العالية، وفقاً لما ذكرته المحامية التجارية نازاك نيكاختار التي كانت تشغل مناصب في السابق تتعلق بالأمن القومي وسلاسل توريد السلع في وزارة التجارة الأميركية وهي الآن شريكة في شركة المحاماة "وايلي رين إل إل بي" بواشنطن، إذ قالت "إنه حقاً استعراض للقوة من الصين لتذكير الولايات المتحدة بمدى قوتها وتذكيرنا بمدى سيطرتها على سلاسل التوريد الخاصة بنا". 

ولا تعتقد نيكاختار بأن قيود "الغاليوم" و"الجرمانيوم" مصممة لتكون ورقة مساومة للمحادثات المقبلة مع المسؤولين الأميركيين، مشيرة إلى أنه ينبغي على الأميركيين اغتنام الفرصة لتذكير نظرائهم الصينيين بأن واشنطن يمكنها إغلاق الثغرات في قيود التصدير الحالية وأن لديها القدرة على تطبيق العقوبات الاقتصادية.

اقرأ المزيد