Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس أمام فاتورة مرهقة من استحقاقات الديون في 2023

وسط تعثر الحكومة في تعبئة موارد الاقتراض الخارجي بقيمة 4.77 مليار دولار

60.3 في المئة من الديون التونسية قروض ضمن اتفاقات التعاون المتعددة الأطراف (رويترز)

ملخص

بلغت الحاجة إلى سد عجز الموازنة وخدمة الدين نحو 7.55 مليار دولار

لم تسجل تونس اضطراباً على مستوى خدمة الدين منذ انطلاق العام الحالي على رغم المصاعب التي تمر بها المالية العمومية.

وسددت الدولة التونسية المستحقات من أقساط القروض الخارجية والداخلية التي استحقت آجالها، ويأتي ذلك في ظل عدم التوصل إلى تعبئة الموارد الخارجية التي خططت لها الحكومة بموازنتها لعام 2023، إذ بلغت الحاجة بهدف سد عجز الموازنة وخدمة الدين نحو لـ23.5 مليار دينار (7.55 مليار دولار) لتغطية العجز المقدر بـ7.49 مليار دينار (2.4 مليار دولار) ولتسديد أصل الدين وقيمته 15.7 مليار دينار (5 مليار دولار)، موزعاً بين 6.67 مليار دينار (2.1 مليار دولار) ديناً خارجياً، و9.12 مليار دينار (2.93 مليار دولار) ديناً داخلياً، إضافة إلى فوائد الدين وتبلغ 5.3 مليار دينار (1.7 مليار دولار).

كما خططت الحكومة التونسية لتعبئة موارد اقتراض خارجي بقيمة 14.85 مليار دينار (4.77 مليار دولار)، وموارد اقتراض داخلي بقيمة 9.53 مليار دينار (3 مليار دولار) لكنها لم تتمكن من تعبئة موارد خارجية إلى حدود الشهر الجاري، وتحصلت على قرض وحيد من البنك الأفريقي للتوريد والتصدير وقدره 500 مليون دولار وخصص لدعم الموازنة، مما دعا الخبراء إلى التكهن بصعوبات منتظرة في الأشهر المقبلة في ظل ارتفاع قيمة أقساط القروض بالعملات التي يتحتم تسديدها في هذه الفترة.

تسديد 1.12 مليار دولار

وسددت تونس ما قدره 3.493 مليار دينار (1.12 مليار دولار) من الديون الخارجية بحلول الـ10 من يونيو (حزيران) 2023 وفق بيانات للبنك المركزي التونسي، بينما بلغت خدمة الدين العمومي 2.79 مليار دينار (897 مليون دولار) في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الحالية من مجموع 21.1 مليار دينار (6.78 مليار دولار) لكامل العام.

ويضم المبلغ المسدد 1.44 مليار دينار (463 مليون دولار) أصل دين و1.35 (434 مليون دولار) فائدة، وانخفضت خدمة الدين بنسبة 27.8 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، علماً أن إجمالي الدين العمومي للدولة التونسية يبلغ 115.7 مليار دينار (37.2 مليار دولار) حتى مارس (آذار) الماضي بالمقارنة مع 105.8 مليار دينار (34 مليار دولار) حتى الشهر نفسه من العام الماضي.

ويتوزع المبلغ بين 49.5 مليار دينار (15.9 مليار دولار) دين داخلي و66.16 مليار دينار (21.27 مليار دولار) دين خارجي، بنسبة 57.2 في المئة منخفضاً عن نسبته العام الماضي إذ بلغ آنذاك 59.9 في المئة، ويعود ذلك إلى الاتجاه في السنوات الأخيرة نحو الاقتراض من السوق الداخلية.

وتمثل قروض اتفاقات التعاون المتعددة الأطراف الجزء الأعظم من الديون التونسية بنسبة 60.3 في المئة منها في حين لا تزيد قروض التعاون الثنائي على 18.3 في المئة في مقابل 21.4 في المئة من الديون المترتبة عن سندات بالسوق المالية.

ويسيطر اليورو على حجم الدين الخارجي لتونس ويستحوذ على 60.4 في المئة منه في مقابل 24.4 في المئة من الدولار، ويمثل الين الياباني 8.2 في المئة من إجمالي الدين إضافة إلى 7.1 في المئة من العملات الأخرى.

شح الاقتراض

لم تتمكن تونس من الخروج إلى السوق المالية الخارجية للاقتراض، ولم تزد موارد الاقتراض الخارجي عن 374.5 مليون دينار (120.4 مليون دولار) إلى حدود مارس 2023 مقارنة بـ1.56 مليار دينار (501 مليون دولار) في الفترة نفسها من عام 2022، إضافة إلى قرض البنك الأفريقي للتوريد والتصدير، وتكونت هذه الموارد المحدودة من 43.4 مليون دينار (13.9 مليون دولار) سحوبات على القروض الخارجية لفائدة الموازنة منها 10.3 مليون دولار (3.3 مليون دولار) من البنك العالمي و32.9 مليون دينار (10.57 مليون دولار) من الوكالة الفرنسية للتنمية، إضافة إلى 328.8 مليون دينار (105.7 مليون دولار) من القروض الخارجية الموظفة لمشاريع الدولة، بينما بلغت موارد الاقتراض الداخلي 714.9 مليون دينار (229.8 مليون دولار) حتى مارس الماضي جميعها متأتية من الاكتتاب في القرض الوطني، مقارنة بـ 1.2 مليار دينار (385 مليون دولار) عام 2022.

في ظل هذا النقص في الاقتراض الخارجي ينتظر أن تواجه الحكومة استحقاقات مهمة في النصف الثاني من العام الحالي تمثل سداد أقساط قروض مرتفعة القيمة، ومن أهمها القرض الأوروبي (سندات) باليورو في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل وقيمته 500 مليون يورو (545 مليون دولار)، وقرض بضمان ياباني يبلغ 22.4 مليار ين (158 مليون دولار) في شهر أغسطس (آب) 2023.

كما تسدد تونس أقساط قروض صندوق النقد الدولي البالغة نحو 412 مليون دولار، منها نحو 178 مليون دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وهو قسط أداة التمويل السريع لعام 2020، في حين وزعت بقية الأقساط وهي 234 مليون دولار على كامل عام 2023، كما سدد جزء من قرض السعودية البالغ 100 مليون دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي في وقت يحين تسديد الجزء الثاني في يوليو (تموز) المقبل.

وتحين آجال أقساط قرض صندوق النقد العربي البالغ نحو 96 مليون دولار في الشهر الحالي وأغسطس وأكتوبر وديسمبر (كانون الأول) المقبلين بعد أن سدد قسطين في شهري فبراير (شباط) وأبريل (نيسان) الماضيين.

بينما سدد قرض داخلي بالعملة وقيمته 140 مليون يورو (152.6 مليون دولار) في مارس الماضي، ونحو 19 مليون يورو (20.7 مليون دولار)، و5 ملايين دولار في أبريل، و86 مليون يورو (93.7 مليون دولار) و43 مليون دولار في الشهر الجاري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما سددت سندات خزانة بالعملة المحلية قيمتها 953.1 مليون دينار (307.4 مليون دولار) في أبريل الماضي، و438.6 مليون دينار (141.4 مليون دولار) في يونيو الجاري.

بينما ينتظر أن تسدد الحكومة أقساط أخرى بقيمة 735.8 مليون دينار (237.3 مليون دولار) في أكتوبر المقبل، و401.4 مليون دينار (129.4 مليون دولار) في نوفمبر، و306.8 مليون دينار (98.9 مليون دولار) في ديسمبر، وقسط من القرض الاستثنائي للبنك المركزي بقيمة 500 مليون دينار (161.2 مليون دولار) في ديسمبر المقبل، وسندات خزانة تبلغ 4 مليارات دينار (1.29 مليار دولار).

التزامات ثقيلة

وتمثل الأقساط التي سيحين سدادها في الفترة المتبقية من السنة الراهنة الجزء الأعظم من الديون، إذ تواجه الحكومة الحالية تحدياً آخر في ظل عدم الحصول على التمويلات الخارجية التي أعلنتها بالموازنة وفق المتخصص في الشأن الاقتصادي جمال بن جميع في حديثه لـ"اندبندنت عربية" بعد أن ضمنت الموازنة بما فيها الموارد من الاقتراض الخارجي على أساس توقيع اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي، إذ اشترط الشركاء الذين وعدوا بالإقراض توقيع هذا التمويل مع صندوق النقد الدولي، وهو ما لم يحدث بسبب تعثر المفاوضات.

وألقى شح الاقتراض الخارجي بظلاله على وضعية المؤسسات العمومية المكلفة بتوريد المواد الأساسية التي تعاني ظروفاً مالية صعبة أثرت في تزويد السوق الداخلية، كما يرجح أن يؤدي هذا النقص إلى صعوبات تحف بالاستحقاقات المالية بالعملات والمتعلقة بتسديد القروض باليورو نهاية العام، علاوة على قروض ضخمة بالعملة المحلية، وإن تمكنت الحكومة التونسية من الإيفاء بالتزاماتها فإنها لن تستطيع تفادي الانعكاسات السلبية على مخزون العملات، كما يقول المتخصص.

في حين رجح محمد صالح سويلم المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي أن تقوم الحكومة بإصدارات جديدة لتغطية الالتزامات المالية، إذ سيلجأ إلى إصدار سندات قصيرة المدى لتسديد سندات حل آجالها.

وأضاف "واجهت المالية العمومية صعوبات تحت تأثير العجز عن حصول تمويلات لدعم الموازنة حتى مايو (أيار) الماضي، ويشترط تحقيق انتعاشة في القطاعات الموفرة للعملات للتخفيف من وطأتها وأهمها السياحة، إضافة إلى الفوسفات في حال التوصل إلى استعادة نسق التصدير المعتاد".

ولفت إلى مواصلة انخفاض أسعار النفط والمواد الأساسية بالسوق العالمية انعكاساته الإيجابية على الميزان الجاري الذي تقلص عجزه وبلغ نسبة 2.2 في المئة من الناتج المحلي، والميزان التجاري الذي تراجع عجزه إلى 8.1 مليار دينار (2.6 مليار دولار) إلى حدود مايو الماضي بالمقارنة بـ9.9 مليار دينار (3.19 مليار دولار) في الفترة المثيلة العام الماضي، مما لا يشكل تهديداً كبيراً لمخزون العملات بحكم تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات، مما يمكن الحكومة من مجاراة نسق ارتفاع مستوى الالتزامات المالية الممثلة في الديون، في حين يظل الحل الجذري لتونس هو التوصل إلى اتفاق تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي الذي سيفتح أبواب التمويل الخارجي.

اقرأ المزيد