Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لو دريان يزور بيروت لتصويب المبادرة الفرنسية السابقة

أوساط "حزب الله" تتريث في موقفها من الزيارة وتشدد على تمسكها بفرنجية و"القوات اللبنانية" تشكك بحصول خرق في الاستحقاق الرئاسي

جان إيف لو دريان إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت (أ ف ب) 

ملخص

هل زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان إلى لبنان تحمل تغييراً في المبادرة الفرنسية السابقة؟ وما الجديد الذي سيحمله إلى الأطراف المتنازعين؟

يصل الأربعاء إلى بيروت وزير الخارجية الفرنسي الأسبق جان إيف لو دريان مبعوثاً رئاسياً مكلفاً بمساعدة لبنان على إيجاد حل للجمود الرئاسي. ويشكل اختيار لو دريان من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منعطفاً فاصلاً بين المرحلة السابقة والحالية في موضوع رئاسة الجمهورية. علماً أن المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل (الذي تولى ملف الانتخابات الرئاسية) وفق مصادر فرنسية باق في مركزه مستشاراً تقنياً لشؤون الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان، أما لو دريان فقد عين كموفد خاص ومتفرغ. ويعول كثر على حنكة الدبلوماسي المخضرم وقدرته على خرق الجدار الرئاسي، خصوصاً أن الكاثوليكي المحافظ المقرب من الفاتيكان، والتي زارها مرتين من أجل الملف اللبناني عندما كان وزيراً للخارجية، تربطه أيضاً علاقات مميزة بالسعودية والولايات المتحدة الأميركية.

وتؤكد مصادر دبلوماسية فرنسية لـ"اندبندنت عربية" أن لو دريان لا يحمل مبادرة جديدة، بل سيعمل على تصويب المبادرة الفرنسية السابقة. وسيبدأ من الصفر، للنجاح في التوصل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن ليس على قاعدة المبادرة السابقة. وتصف المصادر نفسها مهمة لو دريان بالاستطلاعية، وسيلتقي خلالها كل القوى السياسية والنيابية من دون استثناء، لتكوين فكرة شاملة عن الأزمة، على أن يقترح على أساسها الأفكار الآيلة للحل ويعرضها على الرئيس الفرنسي الذي سيناقشها بدوره مع المجموعة الخماسية (السعودية وقطر ومصر وأميركا وفرنسا)، لوضع خريطة واضحة لتطبيقها. وتكشف المصادر الدبلوماسية عن أن الاجتماع الخماسي لم يحدد موعده بعد، وقرار انعقاده ومستوى التمثيل فيه يتوقف على نتائج زيارة لو دريان. وفي الموازاة كشفت مصادر سياسية لبنانية عن تشكيل مجموعة ضغط لبنانية في فرنسا على غرار المجمعات اللبنانية في أميركا، للتواصل مع الإدارة الفرنسية حول الملف اللبناني، على أن تظهر أولى نتائجها في نهاية شهر يونيو (حزيران) الجاري.

انتهت المقايضة؟

تؤكد مصادر دبلوماسية متابعة للملف اللبناني أن مرحلة المقايضة التي قامت على أساسها المبادرة الفرنسية السابقة قد انتهت، وأن المقاربة الفرنسية الجديدة للملف الرئاسي لن تقوم على دعم فريق ضد آخر من خلال التمسك باسم محدد كما حصل في الفترة السابقة. ويكثر التساؤل في لبنان عما إذا كان لو دريان يحمل معه اسماً جديداً يقترحه مرشحاً للرئاسة بعد أن دعمت فرنسا في الفترة السابقة مرشح "الثنائي الشيعي" رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، وسط تأكيدات بأن الاسم يمكن أن يأتي لاحقاً نتيجة الاتفاق على المشروع والبرنامج، خصوصاً أن جلسة الانتخاب الأخيرة كرست عمق الخلاف بين مشروعين متباعدين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتستند المصادر في نظرتها إلى تطورات أخيرة فرضت الواقع الجديد أهمها الدينامية الداخلية الاعتراضية التي أوضحت لباريس أن فرض رئيس أمر غير ممكن، إضافة إلى التقاطع العربي الدولي باتجاه رئيس إصلاحي سيادي، وتوجه سعودي إلى رؤية جديدة للمنطقة، للبنان دور أساس فيها لكن من خلال قيادات جديدة. وأتت معبرة الفقرة المقتضبة المتعلقة بالملف اللبناني التي تضمنها البيان الختامي للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي نصت على "ضرورة وضع حد سريع للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان، الأمر الذي يعد العائق الرئيس أمام حل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخطرة". وتناقلت وسائل إعلام لبنانية معلومات غير مؤكدة مفادها أن ماكرون طلب مساعدة ولي العهد السعودي في التوسط مع إيران لإقناع "حزب الله" بتليين موقفه في الملف الرئاسي.

تنسيق دولي يواكب الزيارة

وكشفت المصادر لـ"اندبندنت عربية" عن أن زيارة لو دريان المحصنة بتنسيق دولي وعربي وفاتيكاني قد سبقها اجتماع لافت جرى الإثنين الماضي في مقر السفارة الأميركية في باريس، حضره إلى السفيرة جيمي ماكورت والمبعوث الرئاسي إلى لبنان جان إيف لو دريان ومديرة دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية السفيرة آن جيجون ومستشار الديوان الملكي المكلف إدارة الملف اللبناني نزار العلولا والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، جرى خلاله البحث بالملف اللبناني خصوصاً الرئاسي من جوانبه كافة، وحصل تواصل بعد اللقاء مع الجانبين القطري والمصري، وكذلك مع مجموعة الدعم الدولية التي أصدرت بياناً عبرت فيه عن "قلقها العميق من أن يؤدي الجمود السياسي الحالي إلى تفاقم تآكل مؤسسات الدولة وتقويض قدرة لبنان على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والأمنية والإنسانية الملحة التي يواجهها". وحثت مجموعة الدعم الدولية القيادات السياسية وأعضاء البرلمان على تحمل مسؤولياتهم وإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية من خلال انتخاب رئيس من دون مزيد من التأخير. ومجموعة الدعم الدولية التي شكلت عام 2013 تضم الأمم المتحدة وحكومات الصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

"الحزب" يأمل في الحوار و"القوات" تشكك

وبينما ستبقى جلسات الانتخاب معلقة مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري التريث في الدعوة إلى جلسة جديدة "بانتظار تبلور الحراك الإقليمي والدولي الجاري حالياً". وتختلف التوقعات بين الفريقين المتنافسين في شأن النتائج التي يمكن أن تخرج بها مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي. في مقلب "حزب الله" تؤكد مصادر مطلعة على موقفه أن لا خيار سوى المبادرة الفرنسية السابقة لأنها الوحيدة اليوم ولأنها مدعومة سعودياً، خصوصاً أن علاقة الحزب جيدة مع فرنسا والتنسيق مستمر معها. في غياب الحوار الداخلي تقول أوساط الحزب نأمل في أن يساعد الأصدقاء في الخارج في الخروج من الأزمة وأن يكون الحوار غير المباشر بديلاً عن الحوار المباشر. ويتريث "حزب الله" في تعليق الآمال على زيارة لو دريان بانتظار الاستماع إلى ما لديه، وتؤكد أوساطه أن مرشحه واحد اليوم وغداً، كما أن الأسباب التي تدعوه إلى التمسك به لا تزال هي ذاتها.   

لا تسوية جديدة

حزب "القوات اللبنانية" من جهته يستبعد أن تؤدي زيارة وزير الخارجية الفرنسي الأسبق إلى خرق في الأزمة الرئاسية. ويعبر عضو "تكتل الجمهورية القوية" النائب بيار بو عاصي عن شكوك بنوايا "حزب الله"، الذي بحسب رأيه لن يقبل بأي مخرج لأنه غير مستعد بعد للتخلي عن فرنجية أو أي رئيس لا يكون تابعاً له. ويتحدث بو عاصي العائد منذ أيام قليلة من باريس بعد لقاءات شملت الإليزيه والخارجية ومجلسي الشيوخ والنواب هناك، عن عاملين يعززان شكوكه في شأن عدم إمكانية إحداث أي خرق في زيارة لو دريان، الأول إصرار الحزب على سياسته الحالية ومقاربته للاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من مصالحه الخاصة وهي حماية "المقاومة"، والثاني عدم قدرة المجموعة الدولية العربية الخماسية على فرض الحلول التي يقترحونها. ويضيف بو عاصي "نترقب الزيارة بحذر شديد ونشكر لدولة فرنسا وكل الدول اهتمامهم بلبنان، لكننا نعتبر أن لا إمكانية للوصول إلى نتيجة"، معتبراً أنه لا يرى ما الذي يمكن أن يجعل "حزب الله" يتخلى حالياً عن فرنجية. ليس لديه كما يقول معلومات عن تسوية جديدة قد يحملها لو دريان، ويجزم رداً على ما يتردد من طرح يسعى إليه الحزب من خلال الاتفاق على سلة متكاملة تشمل الرئاسة ورئاسة الحكومة وحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش، ويقول "مستحيل أن ندخل في تسوية جديدة كما حصل في الدوحة لأنها أثبتت فشلها بعد تنصل (حزب الله) منها". يؤكد بو عاصي أن حزب "القوات اللبنانية" سيقول للموفد الرئاسي الفرنسي ما يقوله في العلن، وهو التمسك باحترام لعبة الديمقراطية وحق كل فريق أن يكون له مرشح لا يفرضه مرشحه، وحق الاقتراع وتأمين النصاب وعدم الانسحاب، هذا السياق هو المدخل الفعلي والناجع للوصول إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، يختم بو عاصي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي