Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متقاعدو تونس يزاحمون الشباب على الشهادات العليا

معلم عمره 72 سنة تقدم لامتحان الباكالوريا ومسنة تدرس ماجستير القانون مع ابنها

حمادي الغويلة تقدم لامتحان الباكالوريا هذا العام وينتظر النتيجة الأسبوع المقبل (اندبندنت عربية)

ملخص

ينتظر معلم التربية البدنية التونسي حمادي الغويلة البالغ من العمر 72 سنة نتائج امتحان الباكالوريا في الـ 25 من يونيو الجاري الذي تقدم له بعد أكثر من 10 أعوام على تقاعده، حتى يدرس القانون ويتخصص في المنازعات الرياضية... فما قصته؟

في ولاية سوسة شرق تونس ينتظر حمادي الغويلة (72 سنة) بشغف كبير الإعلان عن نتائج امتحان الباكالوريا المرتقبة في الـ 25 من يونيو (حزيران) الجاري وذلك للمضي نحو تحقيق حلم يراوده ألا وهو دراسة الحقوق.

أثارت قصة الغويلة الذي يعد أكبر طالب يتقدم لاختبار الباكالوريا هذا العام في تونس جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي على رغم أن هناك كثيراً من القصص الشبيهة بها التي يمكن لكثيرين الاستلهام منها في التشبث بالتعليم والتحصيل المعرفي لبلوغ أهدافهم المنشودة.

تعليم مستمر

وقبل تقدمه لامتحانات شهادة الباكالوريا أخيراً، قضى الغويلة مسيرة فريدة من التدريس إلى العودة لمقاعد الدراسة على أمل نيل مزيد من التحصيل المعرفي على رغم الأزمات التي يمر بها التعليم في تونس.

وقال الغويلة "كنت معلماً للتربية البدنية في التعليم الثانوي وكنت أقوم بتدريسها من دون أن أحصل على الباكالوريا، إذ إنه في عام 1968 درست في المعهد القومي للرياضة وهو أمر لم يكن يتطلب في ذلك الوقت شهادة باكالوريا، ثم تخرجت في 1970 وبدأت التدريس في معهد ثانوي بمدينة قبلي، قضيت بعدها 38 عاماً في التعليم بمدن عدة منها 10 سنوات في العاصمة السعودية الرياض".

وتابع "كان ضمان مستقبل أبنائي الهدف الأساس في حياتي وحصلوا على شهادات عليا وتزوجوا ولديهم عائلات، واليوم أصبحت جداً لـثمانية أحفاد، لكن بعد أكثر من 10 أعوام من التقاعد قررت العودة للمشاركة في اختبار شهادة الباكالوريا شعبة الآداب".

وإذا نجح الغويلة في الحصول على شهادة الباكالوريا فإنه لن يتوقف عند هذا الحد، إذ يراوده حلم دراسة الحقوق من أجل التخصص في مجال التحكيم وفض النزاعات الرياضية، وقال إنه "الخيار الأول الذي أرغب في المضي فيه، سأحاول أن أختص في التحكيم الرياضي على مستوى النزاعات بين الفرق، فهناك نزاعات نحيلها إلى محاكم دولية ونهدر أموالاً بالعملة الأجنبية".

وأضاف المسن التونسي "اهتممت بدراستي منذ قبول ملفي للمشاركة في اختبار الباكالوريا واستخرجت من الإنترنت تقريباً جميع المواد من باكالوريا 2008 حتى 2022، ولدي زملاء ساعدوني سواء في اللغة الفرنسية أو التاريخ والجغرافيا أو غيرهما".

وحول ما إذا كانت هناك صعوبات واجهها في مسعاه للحصول على شهادة الباكالوريا قال الغويلة إن "الصعوبة التي اعترضتني أنني لم أدرس الفلسفة في مسيرتي الدراسية على رغم أنني أقرأ للفلاسفة، كانت تنقصني المنهجية في التحرير في مادة الفلسفة وسعيت إلى تجاوز هذه المشكلة، لكن لم أجد صعوبات كثيرة، خصوصاً أنني تلقيت مساعدة من زملائي وأصدقائي".

وسجلت تونس هذا العام مشاركة 137906 طلاب في امتحان الباكالوريا الذي يعتبر مفتاح الولوج إلى الجامعات.

استجابة عائلية

قصة الغويلة ليست الوحيدة التي جذبت اهتمام التونسيين لإصرار المسنين على تحصيل شهادات عليا، فقبل أيام لفتت قصة دارين قطاطة وابنها بلال الأنظار، إذ إنهما تحصلا معاً على شهادة ختم الدروس الجامعية، فتخصصت في الحقوق وهو في الاقتصاد من معهد الدراسات التجارية بقرطاج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت قطاطة "ابني هو سندي وأخي وكل شيء في حياتي وشجعني على اجتياز الباكالوريا عام 2020 ونجحنا معاً على رغم أن هذه المرحلة كانت عقدة حياتي".

وأردفت أن "الاستجابة للمسؤولية العائلية والدراسة أمر صعب، لكن لا يوجد شيء مستحيل، إذ كان حلمي أن أواصل تعليمي، والآن سأستكمل الماجستير والدكتوراه، كما أتمنى أن يتم فتح باب القبول لدخول معهد القضاء أو المحاماة حتى أشارك فيه".

وجاءت قصص النجاح هذه على رغم المشكلات التي يشهدها قطاع التعليم في تونس جراء الإضرابات التي تشنها النقابات وتصعيدها المتبادل مع السلطة وكذلك الأزمة الاقتصادية التي تئن تحت وطأتها البلاد.

تشجيع للمسنين

وتسعى تونس منذ أعوام إلى إقرار برامج من شأنها تحفيز المسنين على مواصلة تعليمهم، خصوصاً بعد تسجيلها ارتفاعاً في معدلات الأمية في بلد لطالما أعطى الأولوية إلى التعليم الذي كان يمثل مصعداً في السلم الاجتماعي.

وأعلنت تونس إبان تولي محمد الطرابلسي وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة الوحدة الوطنية عن إنشاء جامعة التعلم مدى الحياة والشروع في تكوين لجنة فنية لإعداد منظومة إعلامية تهدف إلى "مراقبة ومتابعة نشاط برنامج تعليم الكبار على المستويين الوطني والمحلي، وتشخيص مكامن الضعف بهدف التدخل لمعالجتها"، بحسب قول الوزير السابق.

وشدد الطرابلسي على أن "الحكومة التونسية تعتبر محاربة الأمية أولوية في إطار المقاربة الشاملة لمفهوم التنمية الاجتماعية، إذ إن محاربة الفقر تستدعي إكساب الفئات المستهدفة آليات القراءة والتواصل الاجتماعي والمهارات"، لافتاً إلى أن الحكومة تسعى إلى إعادة الاعتبار لملف محو الأمية وتعليم الكبار بالتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية.

وكانت السلطات التونسية كشفت في يناير (كانون الثاني) 2022 عن أن نسبة الأمية في تونس قفزت إلى حدود 17.7 في المئة أي ما يعادل مليوني شخص وذلك على رغم الخطط التي تضعها الحكومة لتطوير التعليم.

وأقرت السلطات برنامج تعليم الكبار في العام 2002 في إطار جهودها آنذاك لتقليص الأمية، لكنها الآن تتجه إلى تغيير هذه المقاربة من خلال اعتماد "المدارس ومراكز التعلم مدى الحياة"، لكن من غير الواضح التعرف على مدى نجاح هذه البرامج في إغراء المزيد من المسنين وأيضاً الشباب باعتبار أن ظاهرة التسرب المدرسي تتفاقم في البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي