Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خمسينية عادت إلى مقاعد المدرسة ونالت البكالوريا

الإبن أشرف على دراسة أمه... والهدف التالي هو التخصص الجامعي

مرّت سنوات طويلة، لم تتخلّ خلالها السيدة اللبنانية صونيا يمّين عن حلمها الكبير بمتابعة تعليمها الذي كانت تخلّت عنه في يوم من الأيام لدى زواجها. لأن "المعرفة لا ترتبط بسن معينة"، بحسب قولها، صمّمت وتخطّت الصعاب بعزم "لتحقق الحلم"، فعادت إلى مقاعد الدراسة ونجحت في شهادة البكالوريا- القسم الثاني في الامتحانات الرسمية التي تجريها الدولة اللبنانية، في يوم عيدها الخمسين بمساعدة ودعم وزوجها وأولادها الذين كانوا تخرجوا من الجامعة. وتضع يميّن اليوم حلماً أكبر أمام عينيها ستسعى إلى تحقيقه.

تمسّك حازم

قد لا تكون يمّين المرأة الوحيدة التي تتخلّى عن التعليم في مرحلة من المراحل بسبب الزواج، إلا أنها قد تكون من القلائل الذين تمسّكوا بهذا الحلم بعزم لافت خلال سنوات طويلة حتى الوقت المناسب لتحقيقه. إذ كانت في الـ 17 من عمرها عندما قررت الزواج كما فعلت كثيرات من بنات جيلها. لم تفكر حينها بالانتظار لإنهاء تعليمها أولاً، رغم عشقها للعلم وتفوّقها في سنوات الدراسة. إلا أن التعليم بقي حلماً راودها طوال سنوات حتى يحين الوقت المناسب لتحقيقه في يوم من الأيام. "كنت مصممة على متابعة تعليمي بعد الزواج، لكني حملت بابنتي سريعاً وزادت مسؤولياتي ولم يعد ذلك ممكناً. ومع مرور الوقت ازداد الأمر صعوبة عندما أنجبت ولديّ. كان صعباً عليّ أن أعود إلى التعليم مع مسؤولياتي الكثيرة. كنت أشعر أني سأقصّر في واجباتي تجاه أطفالي إذا فعلت وهذا ما كان مستحيلاً أن أقبله".
 



"أفضل انجاز"

تحلّت يمّين بالصبر وانتظرت إلى أن كبرت ابنتها وولديها وأصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم. وعندما تخرّج ابنها الأصغر "ماريو"، البالغ من العمر 25 سنة، من الجامعة حيث تخصص في الهندسة الميكانيكة، شعرت أنه آن الأوان لتفكر بنفسها وتعود إلى العلم. "لطالما عشقت التعليم وكان دوماً أساسياً بالنسبة لي في الحياة. وكنت عازمة على العودة إلى مقاعد الدراسة مهما تأخرت وإن مرّت السنوات. واليوم أنصح كل فتاة بمتابعة تعليمها قبل الزواج. لكن شخصياً لست نادمة بل فخورة بأولادي الذين هم لي أفضل إنجاز حققته وأحمد الله على هذه النعمة. ولأني كنت أحلم بالعودة إلى الدراسة، وكان أولادي يعرفون ذلك جيداً كانوا يشجعوني باستمرار. مع بداية العام الحالي اتخذت القرار النهائي بالعودة لأن ابنتي تزوجت وقد تحمل وتنجب لو أطلت الانتظار، ويجب أن أكون إلى جانبها".
 

الابن يشرف على دراسة أمّه

 
لم تكن مرحلة دراسة يمّين تقليدية فقد انقلبت فيها المقاييس وكان ابنها مَن أشرف على تعليمها من تنظيم دراستها إلى جانب توفير كل الظروف المرافقة في المدرسة. إلا أنها حرصت على الدراسة من المنزل بجدّية تامة، فكانت تستيقظ يومياً في الصباح الباكر عند الساعة الخامسة وتلتزم تماماً بالدرس فيما أشرف ابنها على تعليمها المواد العلمية. "تواصلنا أيضاً مع معلّمات من المدرسة لتعليمي المواد الباقية. وعندما حان موعد التخرّج أصرّت الثانوية التي تسجلّت فيها على تخرّجي مع باقي الطلاّب كمثال لكثيرين. كانوا سعداء بما فعلت إلى أقصى حد ويودون تسليط الضوء على ما فعلت رغم أني شخصياً كنت فعلت ذلك لنفسي لا لأظهره للآخرين. ولأنهم اعتبروني مثالاً كنت ضيفة الشرف في حفل التخرج حيث ألقيت كلمة تأثر بها الحاضرون وشجعني الكل".
وتعترف يميّن أنها كانت تشعر بفخر كبير في حفل التخرّج، بما أنجزته. ويُعتبر ذلك طبيعياَ نظراً إلى هذا الإنجاز المهم الذي استطاعت أن تحققه والذي يستحق التقدير. وما زادها فخراً وسعادةً تشجيع الناس وتقديرهم لما فعلت، خصوصاً في يوم الامتحانات حيث تهافت الكل لسؤالها عن حياتها وعن هذا التحدي الذي قامت به وعن عودتها فيما كانوا يهنئونها. فمما لا شك فيه أن العودة إلى الدراسة بعد كل هذه السنوات هو تحدٍ حقيقي لا بسبب السن فحسب، بل أيضاً بسبب التغيير الذي طرأ على البرامج التعليمية والمواد. "أكثر ما كان يقلقني هو القدرة على استيعاب المواد التي تتطلب الحفظ كالتاريخ والجغرافيا. فهذا لم يكن سهلاً بعد غيابي الطويل عن الدراسة. كما أن المواد العلمية والمناهج اختلفت تماماً عما كانت عليه في السابق. درست 3 سنوات في سنة واحدة. لكن رغم الصعوبات والتحديات كنت سعيدة بما أفعل لأني أعشق العلم وكانت لي رغبة في تحقيق حلمي. ولعب دعم المحيطين دوراً مهماً في ذلك حتى نجحت وحزت على علامات مرتفعة رغم الخوف الكبير الذي كنت أشعر فيه أثناء تقديم الامتحانات ثم بانتظار النتيجة".

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الدراسة الجامعية
 
عن تلك المرحلة، يقول ماريو ابنها "كان إحساساً رائعاً أن أشهد على تمسك والدتي بالعلم وبعودتها إلى الدراسة ولتحقيقها هذا النجاح اللافت. كانت تخبرنا أنها كانت متفوقة في الدراسة سابقً لكن لم أتوقع أن تكون كذلك إلى الآن. كما أن أكثر ما لفتني عزمها الواضح وإصرارها فيما كنت أساعدها في الدرس رغم أن المناهج الحالية مختلفة تماماً عن السابق. نحن نفخر بها وبهذا الإنجاز ونشجعها على متابعة دراستها الجامعية".
وتؤكد يمّين اليوم، أنها تنوي متابعة دراستها الجامعية فعلاً في اختصاص الأعمال، آملةً أن تتمكن من تحقيق حلمها المقبل هذا فتكون مثالاً يُحتذى به، كسيدة تحدت كل الظروف متمسكةً بحلم تحصيل العلم حتى حققته.
اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات