Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف فتحت أوروبا باب التمويل أمام تونس؟

متخصصون يرون أن ربط البرنامج بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يضعه في خانة الوعود

برنامج الاتحاد الأوروبي يقرض تونس 972 مليون دولار بمجرد إبرام الاتفاقات اللازمة (ا ف ب)

 

ملخص

يسهم الأوروبيون بـ2700 مؤسسة اقتصادية محلية في تونس، ما يعادل نحو 90 في المئة من المؤسسات الأجنبية القائمة داخل الأراضي التونسية.

تسير تونس نحو نقاش برنامج تعاون اقتصادي جديد مع الاتحاد الأوروبي في الشهر المقبل، وتترقب الحصول على تمويل مهم في الاتفاق مع الشريك الأوروبي حول تفاصيله.

المبادرة الأوروبية المعروضة على تونس ترتكز على نقاط رئيسة وهي تنمية الاستثمار ودعم القطاع الرقمي، ومشاريع للطاقات المتجددة وتوسيع نطاق برنامج الدراسة للطلبة في أوروبا "إيراسموس".

تأتي المبادرة في إطار ما أطلق عليه الاتحاد الأوروبي تعزيز الشراكة مع تونس في إطار مكافحة الهجرة غير المنظمة متضمناً مساعدة مالية طويلة الأجل.

وحول هذا البرنامج الجديد قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين "إنها اقترحت على الرئيس التونسي قيس سعيد هذا البرنامج"، معربة عن أملها في توقيع اتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي قبل القمة الأوروبية المقبلة نهاية الشهر الجاري، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول وكذلك المستثمر الأول في تونس.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن "مقترحات البرنامج تنص على تقديم مساعدة مالية تصل إلى 900 مليون يورو (972 مليون دولار) بمجرد إبرام الاتفاقات اللازمة"، مضيفة "يمكننا تقديم مساعدات إضافية بقيمة 150 مليون يورو (162 مليون دولار) تضخ في الميزانية على الفور، إلى جانب 100 مليون يورو (108 ملايين دولار) للحكومة التونسية لدعم نظم المراقبة الحدودية".

 يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاقتصادي الأول لتونس، إذ يستأثر بأكثر من نصف المبادلات التجارية التونسية، وجمعت بين الطرفين علاقات تجارية تاريخية تعود إلى عام 1969 عندما أبرمت تونس أول اتفاق تجاري مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية ثم تلاه اتفاق تعاون ثان سنة 1976.

وينتمي أغلب المستثمرين الأجانب في تونس إلى دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 90 في المئة، كما تستحوذ منطقة اليورو على نحو 70 في المئة من الصادرات التونسية، كما تستأثر بـ61 في المئة من فاتورة الواردات التونسية. 

إلى ذلك تحتل تونس المركز الـ32 في قائمة الشركاء التجاريين للاتحاد، هذا إلى جانب استحواذ الاتحاد الأوروبي على 90 في المئة من الاستثمارات الخارجية في تونس.

 وتعفى تونس المنتجات الصناعية الأوروبية من الضرائب منذ عام 2008 مع تنفيذ اتفاق إلغاء الضرائب والرسوم الجمركية بين الجانبين بموجب اتفاق الشراكة الموقع عام 1995.

ويسهم الأوروبيون بـ2700 مؤسسة اقتصادية محلية في تونس، ما يعادل نحو 90 في المئة من المؤسسات الأجنبية القائمة داخل الأراضي التونسية، وبلغت صادرات تونس إلى دول الاتحاد الأوروبي 42.2 مليار دينار (13.5 مليار دولار) عام 2022 مقابل 50.28 مليار دينار (16.1 مليار دولار) من الواردات.

غياب التمويلات

 ولم تحصل تونس خلال العام الحالي على تمويلات أوروبية سواء في شكل قروض أو هبات أو منح، مقارنة بالعام الماضي، إذ تمكنت تونس من الحصول على هبة صرفت في أبريل (نيسان) 2022 بقيمة 51 مليون يورو (55.08 مليون دولار) خصصت لدعم قطاعات التربية والاندماج الاجتماعي وكذلك التنمية الريفية.

وصرف الاتحاد الأوروبي في مايو (أيار) 2022 نحو 300 مليون يورو (324 مليون دولار) كقسط ثان من القرض الثالث للدعم المالي الكلي الذي حصلت عليه تونس في إطار حزمة الدعم المالي التي أقرها لمجابهة تداعيات جائحة كورونا.

وإجمالاً جمعت تونس تمويلات من الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من عام 2022 بلغت قيمتها 513 مليون يورو (554 مليون دولار) تتوزع بين هبات بقيمة 213 مليون يورو (230 مليون دولار)، إلى جانب قروض بقيمة 300 مليون يورو (324 مليون دولار)، إضافة إلى منحة بقيمة 20 مليون يورو (21.6 مليون دولار) في إطار التخفيف من تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية على البلدان الشريكة من خلال المبادرة الإقليمية من أجل دعم الغذاء والقدرة على الصمود.

كما منح الاتحاد الأوروبي تونس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 نحو 100 مليون يورو (108 ملايين دولار) دعماً للميزانية التونسية.

عرض متواضع

 وتقاسي تونس أزمة اقتصادية ناجمة عن ارتفاع مستوى المديونية ليصل إلى 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل صعوبة الوصول إلى السوق المالية العالمية للاقتراض مع تراجع التصنيف الائتماني للبلاد حتى هبط إلى "c c c –" من قبل وكالة "فيتش" و"caa1" من قبل مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني.

إلى ذلك دفعت تلك الأسباب الحكومة التونسية إلى الاقتراض من السوق المحلية، وهو الأمر الذي دفع البنك المركزي التونسي إلى التنبيه من مخاطر الاقتراض الداخلي على السيولة.

في غضون ذلك تسعى تونس إلى تدبير نحو 14.9 مليار دينار (4.8 مليار دولار) من الاقتراض الخارجي مقابل 9.5 مليار دينار (ثلاثة مليارات دولار) من الاقتراض الداخلي لتغطية عجز الموازنة وسداد ديون سابقة وفق ما أفصحت عنه موازنة 2023.

في الوقت نفسه لم تتمكن الحكومة من تدبير موارد خارجية بعد تعثر الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي للحصول على 1.9 مليار دولار مع رفض الرئيس التونسي قيس سعيد ما أطلق عليها شروط الصندوق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يأتي ذلك في الوقت الذي يشترط فيه شركاء تونس بما فيهم الاتحاد الأوروبي الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل الحصول على تمويلات.

واعتبر المحلل الاقتصادي جمال بن جميع أن العرض الأوروبي أرضية جيدة للنقاش حول رفع مستوى التعاون بين تونس ومنطقة اليورو، مطالباً الجانب التونسي بتوسيع دائرة التفاوض وتناول نقاط إضافية قادرة على إنعاش الاقتصاد التونسي.

وأضاف بن جميع أن "التعاون بين تونس ومنطقة اليورو في المجال الرقمي سيوفر فرصاً تجارية ثمينة للمؤسسات والسلع التونسية للوصول إلى داخل دول الاتحاد الأوروبي ومنطقة البحر المتوسط".

واعتبر بن جميع العرض المالي من الاتحاد الأوروبي بقيمة 900 مليون يورو (972 مليون دولار) ضئيلاً للغاية مقارنة بحجم التعاون الذي يطلبه الاتحاد الأوروبي.

ستظل في خانة الوعود

من جهته أشار عضو المكتب التنفيذي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مستقلة) منير بن حسين، إلى أن الهبات التي وعد بها الاتحاد الأوروبي موجهة إلى مجالات معينة تشمل الاستثمار والرقمنة والطاقات المتجددة وبرنامج دراسة الطلبة في أوروبا.

وتابع "إن لم يكشف عن تفاصيلها قبل انتهاء الشهر الجاري فهي لن تخرج عن دائرة المصالح المشتركة في أفضل الفرضيات من دون تحديد سقف زمني لصرفها".

 وحذر بن حسين من ربط الاتحاد الأوروبي مبادرة التمويل بشرط التوقيع مع صندوق النقد، قائلاً "ستظل في خانة الوعود"، مشيراً إلى أن التوقيع في حد ذاته فرصة لتدبير تمويلات خارجية أخرى مشروطة بتحسين العلاقة مع الجهات المانحة، لافتاً إلى حاجة تونس إلى التمويلات الخارجية التي لم تحقق تعبئة موارد منها في السنة الراهنة.

وقال بن حسين إنه "قد تتاح فرص لتعبئة موارد داخلية خارج دائرة الإقراض لتفادي هذه الإشكاليات"، موضحاً "يتم ذلك عبر الموارد الضريبية في حال تطبيق العدالة الضريبية والضغط بكل قوة في هذا الجانب لتحصيل مستحقات الدولة من المتهربين".

وتابع أنه "إضافة إلى ذلك هناك فرص متاحة لإدماج القطاع غير المنظم تحت المظلة الرسمية للدولة في حال احتوائه".

في النهاية يرى بن حسين أن توقيت التفاوض غير مناسب للحصول على تمويلات خارجية، في إطار صفقات تشمل ملف الهجرة بحكم حالة الوهن التي يعانيها الاقتصاد التونسي وحاجته الماسة إلى السيولة.

اقرأ المزيد