Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التلاعب بالشراكة الوطنية اللبنانية تحت العنوان الرئاسي

مرشح "حزب الله" الأول هو الفراغ

مجلس النواب اللبناني خسر الدور المناط به حصراً في الدستور وهو انتخاب رئيس الجمهورية (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

لا مجال للمقارنة "بين دولة الحق والقانون" والحكم بقانون الدولة السلطوية الشمولية

مجلس النواب اللبناني خسر واحداً من أهم أدواره الوطنية، وهو أن يكون نوعاً من "مؤتمر دائم للحوار" بحسب التوصيف الذي استخدمه الآباء المؤسسون، وخسر الدور المناط به حصراً في الدستور، وهو انتخاب رئيس الجمهورية، فلا هو مسرح الانتخاب، ولا هو كواليس الحوار الانتخابي، هذا ما يريد "الثنائي الشيعي" (حركة أمل وحزب الله) أن يفهمه ويسلم به اللبنانيون بشكل نهائي، أولاً عبر تغيير مفهوم الحوار، بحيث يصبح مجرد موافقة على موقف "الثنائي"، وثانياً عبر الإصرار على تعطيل النصاب البرلماني المطلوب لصحة الانتخاب، إذا لم يكن النجاح مضموناً لمرشحه الذي سماه "مرشح المقاومة" في بلد يعيش مالياً واقتصادياً واجتماعياً على "التنفس الاصطناعي" ويحتاج إلى إنقاذ قبل أي شيء آخر، وثالثاً من خلال التلاعب باللعبة الديمقراطية وتصوير الحرص على ممارستها بأنه "مؤامرة" على "المقاومة الإسلامية" وارتهان لأميركا وإسرائيل، وليست الدعوة إلى "الحوار تحت سقف الدستور" التي جرى إطلاقها بعد تعطيل النصاب في جلسة التنافس بين المرشحين جهاد أزعور الذي نال 59 صوتاً وسليمان فرنجية الذي حصل على 51 صوتاً سوى خدعة.

ذلك أن الدستور معطل عملياً، ولو كنا نطبق الدستور لما شهدنا مسرحية هزلية اسمها جلسات انتخابية يختمها رئيس المجلس بعد الدورة الأولى في انتظار موعد آخر للمسرحية، والمواعيد حتى اليوم وصلت إلى الرقم 12، إذ لا أولوية لدى البرلمان سوى انتخاب رئيس من خلال تعدد الدورات الانتخابية في الجلسة الواحدة المستمرة حتى التوصل إلى انتخاب رئيس. هناك بالطبع من يقول إن الدستور كان من الأساس معلقاً، كيف؟ خلال تقديم الدستور عام 1926 في المجلس النيابي قال ميشال شيحا (واضع دستور استقلال لبنان عام 1926 بالتعاون مع بترو طراد وعمر الداعوق) للنواب "هذا دستور لبنان الرسمي، أما الدستور الحقيقي فهو أن لبنان لا يحكم إلا بالتسويات"، لكن الفارق كبير بين الحكم بالتسويات، ولو من دون الأخذ حرفياً بالنص الدستوري، والحكم بالفرض والقوة على حساب الدستور والممارسة الديمقراطية، وهو تماماً مثل الفارق بين "حكم القانون وقانون الحكم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا مجال للمقارنة "بين دولة الحق والقانون" والحكم بقانون الدولة السلطوية الشمولية، وعلى "الثنائي الشيعي" البحث عن حجة أخرى غير الحجة المضحكة التي يستخدمها بالادعاء أن التفاهم بين القوى السيادية والمعارضة والتغييرية على ترشيح المدير الإقليمي في صندوق النقد الدولي وزير المال السابق جهاد أزعور هو فقط لإسقاط المرشح سليمان فرنجية. كأن التنافس الديمقراطي الانتخابي ليس الآلية الدستورية الطبيعية التي يلجأ إليها كل مرشح للفوز وإسقاط المرشح الآخر.

ما ثبت حتى اليوم، بصرف النظر عن الخطاب، هو أن مرشح "حزب الله" الأول هو الفراغ، أما المرشح الثاني، فإنه سليمان فرنجية، ولا أحد يستبعد لعبة المرشح الثالث، والمشكلة أبعد وأعمق من مشكلة رئيس أو لا رئيس، وأي رئيس وماذا يمكن أن يفعل، المشكلة أن مشروع الدولة الوطنية في لبنان مهدد بمشروع إقليمي يؤسس ميليشيات مذهبية في بلدان المنطقة للدفاع عنه والعمل له، وهي أيضاً أن الشراكة الوطنية مهددة بغطرسة القوة واستكبار شريك على بقية الشركاء، شيء من اللاسياسة، وشيء من سياسة الغنائم والتصرف كأن لبنان يمكن أن يكون غنيمة.

ولا مهرب في النهاية من العودة إلى التسويات واللعبة الديمقراطية والاحتكام إلى الناس ومعالجة قضاياها، فلا فض الشراكة الوطنية سوى قتل للبنان، ولا إحياء موجبات الشراكة يتطلب سوى التخلي عن مشاريع خيالية مستحيلة ولو بدت ممكنة ومغرية، ولبنان يستحق من هم أفضل من حكامه ويستحق أن يعيش.

المزيد من تحلیل