Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لن تتخلى إسرائيل عن الحل العسكري في رفح؟

ما زال إخراج "حماس" من القطاع وتصفية وجودها بالكامل هدفاً رئيساً تعمل عليه إسرائيل والانطلاقة من شرق رفح والمعبر

ستفضّل إسرائيل الاستمرار في العمل العسكري والاستعداد لتطويره الشامل (رويترز)

ملخص

لا تزال الحكومة الإسرائيلية تتحين الفرصة للعمل في قلب رفح، وإتمام العملية العسكرية بأكملها على رغم ما تلتزمه في الأقل في المستوى الشكلي مع الإدارة الأميركية

في ظل واقع جديد يتشكل في شرق رفح، خصوصاً بعدما دخلت القوات الإسرائيلية المنطقة تمهيداً لبدء عمليات التمشيط، على رغم أن الولايات المتحدة تتحدث عن محدودية العمل العسكري، فإن الإشكالية الرئيسة ماذا بعد؟ وما الذي تخطط له الحكومة الإسرائيلية في الوقت الراهن؟ بخاصة أنها نجحت في إعادة جمع الشعب الإسرائيلي على رغم حالة الانقسام الكبيرة التي لا تزال قائمة، مما يؤكد أن الهدف الرئيس للحكومة هو ترجمة الأقوال إلى أفعال متعلقة بالخطاب السياسي والإعلامي المتسق ما بين نصف حل وشبه خيار، وهو ما جرى.

ومن ثم، لا تزال الحكومة الإسرائيلية تتحين الفرصة للعمل في قلب رفح، وإتمام العملية العسكرية بأكملها على رغم ما تلتزمه في الأقل في المستوى الشكلي مع الإدارة الأميركية، إذ تعمل على التعامل من منطلق التنسيق الأمني والاستراتيجي.

وعلى رغم إحاطة الجانب الأميركي تفاصيل ما يجري في الوقت الراهن، ومسعى الجانب الإسرائيلي للتعامل مع معبر رفح من جانب واحد، إذ يتردد أن شركة أميركية وربما دولية ستعمل على تشغيل المعبر من الجانب الفلسطيني، ما يؤكد أنه لا وجود للسلطة الفلسطينية، أو أي سلطة أخرى، فإن ذلك سيفسح المجال أمام مزيد من الترتيبات الأمنية الكبيرة في هذا الإطار، ويدفع إلى مزيد من تبني إجراءات أمنية أخرى، والانتقال من شرق رفح إلى غربها، إذ معقل حركة "حماس" وتمركزها الاستراتيجي، وكذلك في أقصى الجنوب للوصول إلى المحتجزين وقيادات حركة "حماس".

في عمق رفح

وستواصل الحكومة الإسرائيلية إطلاق تحذيراتها بأن الهدف الرئيس هو إتمام العملية العسكرية لمراحلها النهائية، بدليل أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر وافق على "توسيع محسوب" لعملية رفح، واستكمال المواجهات إلى جباليا والزيتون، إذ تعمل القوات أيضاً في بيت لاهيا وبيت حانون، وهما قريبتان من الحدود الشمالية لقطاع غزة مع إسرائيل، وكذلك في مخيمي رفح والشابورة وأحياء الإداري والجنينة وخربة العدس في رفح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولن تمضي إسرائيل في مسار المفاوضات المجمدة، إنما ستفضل الاستمرار في العمل العسكري والاستعداد لتطويره الشامل، بخاصة أن كل المؤشرات تركز على أنها ماضية في نهجها، ولن تتراجع، وأنها تتبع خططاً استراتيجية مرحلية في عمق رفح، بعدما انتقلت إلى مساحات كبيرة في التعامل مع التركيز على الأولويات، بخاصة أن الحكومة الإسرائيلية عادت لتسوق خيار التهديدات التي لا تزال تمس أمن إسرائيل، وأن قوة "حماس" لا تزال موجودة في رفح، وأن كتائبها العسكرية أكبر مهدد حقيقي للأمن القومي الإسرائيلي، مما يتطلب استمرار العمل العسكري النوعي مع إطالة أمد المواجهة.

وعليه، لن يتم وقف إطلاق نار كامل إلا بعد أن تستوفي إسرائيل حساباتها الأمنية والاستراتيجية أولاً، وإن كان هذا الأمر لا يعني أنها ستبقى على خياراتها الحالية، وستنتقل إلى مرحلة أخرى من الخيارات التي تجمع ما بين السياسي والأمني والاستخباراتي، إذ لن تتوقف الحركة العسكرية لإسرائيل في رفح من واقع ما يجري، وإن اتبعت سياسة خطوة خطوة لحسابات سياسية، ومن خلال تأكيد سياسة الأمر الواقع، وهو ما سيندرج في محاصرة التركيز الإسرائيلي على إدارة معبر رفح من الجانب الفلسطيني عبر خيارات إسرائيلية بديلة مقترحة، ومنها تسليم المعبر للجانب الأميركي، وهو خيار وارد لإقرار مصيره، بخاصة أن الولايات المتحدة هي من أسهمت في بناء الرصيف البحري، وإلزام الجانب المصري التعامل في ظل واقع جديد وتسليم المعبر لهيئة دولية أو شركة عالمية في الغالب أميركية لإدارة المعبر والتعامل معه.

وفي هذا الإطار، فإن مصر ستواجه وضعاً أمنياً جديداً، وفي ظل تحمل مصر خسائر كبيرة في عملية الانتقال من وإلى غزة، وإدارة مشتركة بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، وهو ما سيقر أيضاً بوضع جديد، وسيلزم مصر التنسيق الاستباقي مع الأطراف المختلفة، بخاصة مع الرفض المصري التنسيق الأمني مع إسرائيل، لعدم إعطاء شرعية للوجود الإسرائيلي في معبر رفح من الجانب الفلسطيني.

وستعمل إسرائيل على غلق المعبر بهدف مزيد من الضغوط على الجانب المصري، والبدء في فتح المسار البديل المتمثل في الرصيف البحري بديلاً لإدخال المساعدات مع تشغيل معبر كرم أبو سالم وبيت حانون ولو بصورة موقتة. وفي كل الأحوال، فإن هذه الإجراءات المحتملة ستعني مصر في المقام الأول، وستؤدي إلى تأثيرات سلبية متعددة في الحضور المصري في معبر رفح، بل وستؤدي إلى نتائج وخيمة على مستقبل السلام بين البلدين.

مطالب مستمرة

ومع مطالبة عدد كبير من العسكريين، وليس فقط في مجلس الحرب باستمرار المواجهات وإتمامها، بخاصة أن التوصل إلى اتفاق تهدئة خلال المرحلة الأولى، وهو أمر مستبعد في ظل توقف المفاوضات، لا يعني أن إسرائيل لن تقوم بعمليات نوعية أو محدودة، بخاصة أن وقف إطلاق النار بصورة كاملة غير مطروح في إسرائيل في ظل التصميم على الاستمرار في الإدارة العسكرية لملف غزة بالكامل، وليس فقط رفح.

ولعل هذا ما يؤكد أن إسرائيل ماضية في مسارها بصرف النظر عن وجودها الحالي في شرق رفح، بخاصة أن الحديث الإسرائيلي وداخل هيئة الأركان وأجهزة المعلومات بعدم وقف إطلاق النار بالكامل في ظل أية متغيرات محتملة، لأن هناك من يؤكد أن الإخفاق الذي جرى في شأن عدم التوصل إلى المحتجزين، أو قيادات حركة "حماس" قد يدفع الحكومة الإسرائيلية إلى الاستمرار في النهج العسكري.

وسيرتبط العمل العسكري بالترتيبات الأمنية الكاملة التي ستجريها إسرائيل على أرض الواقع، بما ينهي سلطة "حماس" على الأرض، وحل مؤسساتها أو عدم استمرارها، كما جرى في معبر رفح من الجانب الفلسطيني، مما يؤكد أن إسرائيل ستمضي في إطار حجب الحضور السياسي والعسكري لحركة "حماس" في الداخل، وفرض استراتيجية الأمر الواقع، ما يؤكد أننا أمام سيناريو يمضي في إطار واحد، وعبر منهج يركز على خيار القوة، مع عدم الممانعة في التفاوض، بخاصة مع الضغوط الراهنة التي تمارسها الإدارة الأميركية على إسرائيل، لوقف تمدد العمليات والسيطرة على الموقف العسكري في رفح، وعدم تمدده.

وعلى رغم تأكيد إسرائيل أنها مستمرة في عمليات التنسيق، فإنها لا تجري خطواتها من دون مراجعة الأطراف المعنية منعاً للصدام المحتمل الذي قد يحدث، بخاصة أن استخدام القوة العسكرية في رفح وتمشيطها، وصولاً إلى أهدافها الكبرى سيتطلب حذراً ونمطاً جديداً للتعامل، وإدارة الأزمة الراهنة سياسياً واستراتيجياً داخل إسرائيل اتسمت بتخطيط لافت ومهم، وفي إطار من التقييمات السياسية والاستراتيجية المنضبطة، التي تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية لن تسقط خيار توظيف القوة العسكرية، كما أن التعيينات الأخيرة في الجيش الإسرائيلي، بخاصة في الوحدات النوعية وقيادة الاستخبارات العسكرية "أمان" تشير إلى أن المؤسسة العسكرية عادت بقوة للإمساك بكل التفاصيل الحالية، التي كانت في فترة سابقة محوراً لخلافات وتباينات بين بعض القيادات العسكرية في مستواها الأعلى.

الخلاصات الأخيرة

يمكن التأكيد إذاً أن الخيار الإسرائيلي سيبقى مركزاً لبعض الوقت على النهج العسكري، ولن يتوقف في المدى القصير، لتحقيق مكاسب عليا وعاجلة وتعاون إسرائيل لاحقاً في فرض الترتيبات الأمنية التي تسعى إلى إنجازها في رفح، مع العمل على استراتيجية مفتوحة تركز على أولويات أمنية في المقام الأول، وهو ما قد يأخذ مزيداً من الوقت، إذ لن تتم أية ترتيبات من دون دور أميركي وأوروبي ومصري، وهو ما تضعه إسرائيل في قمة أولوياتها من الآن، بصرف النظر عن إقصاء حركة "حماس" من المشهد السياسي الراهن، أو بقائها بصورة غير مباشرة في المعادلة الفلسطينية.

ما زال إخراج "حماس" من رفح وتصفية وجودها بالكامل هدفاً رئيساً تعمل عليه إسرائيل، وستركز على إنجازه في الفترة الراهنة، وانطلاقاً من شرق رفح، التي بدأت بتوجيه عملياتها من نقاط ارتكاز رئيسه ووفق ما جرى، بخاصة أن إتمام العمل العسكري سيحقق لإسرائيل كثيراً من المعطيات الرئيسة المهمة، ويؤكد أن الحكومة الإسرائيلية جادة أمام جمهورها، بخاصة أن تماسك الدولة وقوتها سيبقى على رأس الأولويات بصرف النظر عما يجري من خيارات، في ظل ما يدور من ضرورة العمل في مواجهة الأولويات الأمنية والسياسية للدولة بأكملها، وفي ظل استكمال ما بدأته إسرائيل من مهام في رفح، وفرض استراتيجية الأمر الواقع، التي من خلالها قادرة على تحقيق أمن إسرائيل وفقاً لمقاربة الجيش والحكومة معاً، وبصرف النظر عن أية خلافات في مراحل تنفيذ الأهداف العسكرية العليا الموضوعة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل