Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتهامات أميركية لأديس أبابا بالاستيلاء على مواد إغاثية

سيناتور في "الشيوخ": الحكومة الإثيوبية وإدارة تيغراي متورطتان في "مخطط إجرامي" لتحويل طعام المانحين الغربيين لوجهات أخرى

عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش (أ ف ب)

ملخص

قادة المنظمات المانحة كانوا على علم بأن المنفذين على الأرض لم يسعوا لوصول المساعدات إلى مستحقيها.

في تفاعل جديد لأزمة تعليق الأعمال الإغاثية المقدمة لإقليم تيغراي الإثيوبي، من قبل برنامج الغذاء العالمي (WFD) والوكالة الأميركية للتنمية (USAID) أصدر عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش، بياناً شديد اللهجة، دان فيه المعلومات المتواترة حول "تحويل الطعام الممول من المانحين الغربيين في إثيوبيا لوجهات أخرى"، واصفاً إياها بـ"مخطط منسق وإجرامي".

ولم يستبعد ريش من "المخطط الإجرامي" الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والإدارة المحلية في الإقليم المنكوب، وألقى باللوم على "قادة منظمات المعونة، في كل من واشنطن ونيويورك وروما" وذلك "لفشلهم في ضمان وصول المساعدات إلى الأيدي الصحيحة".

وذكر السيناتور أنه "في الوقت الذي كانت الوكالات الأميركية منشغلة في تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزته في توفير الغذاء للمحتاجين وإنهاء الحرب التي خلفت ملايين من الضحايا الأبرياء، نكتشف الآن أن القادة على رأس هذه المنظمات، في واشنطن ونيويورك وروما، كانوا على دراية بأن المنفذين على الأرض لم يسعوا لوصول المساعدات إلى الجهة المتضررة". 

واتهم السيناتور الأميركي الحكومة الإثيوبية باستغلالها المعونات الغذائية، مشيراً إلى أن "هذا الفعل الإجرامي حدث في الوقت الذي يعاني فيه العالم من نقص غذائي" مؤكداً أن "هذا غير مقبول تماماً، ويستحق تحقيقات موسعة".

وتأتي هذه الاتهامات الصادرة من عضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، متزامنة مع اقتراب بدء التحقيقات التي تجريها الحكومة الإثيوبية، حول "بيع المواد الإغاثية في الأسواق" وهو الأمر الذي سبق لـ"اندبندنت عربية" أن تناولته في تقرير مستقل، ذكرت فيه أن هناك احتمال وقوع تقصير من قيادات عليا للهيئات الإغاثية الأميركية والأممية العاملة في تيغراي، عن متابعة سير المواد الإغاثية وضمان وصولها للمحتاجين.

تحقيقات مشتركة 

من جهتها أعلنت الحكومة المركزية في أديس أبابا، عملها مع الجهات الأميركية للوصول إلى نتائج دقيقة حول هذا الأمر.

وفي بيان مشترك صادر عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ووزارة الشؤون الخارجية في إثيوبيا، أعلنت الحكومتان أنهما "تجريان تحقيقات حتى تتم محاسبة مرتكبي هذا الانحراف" و"الالتزام بالتعاون نحو نظام فعال لتوزيع المساعدات في إثيوبيا التي ستحمي المساعدة من الانحراف عن اتجاهها الصحيح".

واعتماداً على مذكرة اجتماع عقده، أخيراً، بمجتمع المانحين في إثيوبيا، رد السيناتور ريش بأنه "من الحماقة الاعتقاد أن الحكومة الإثيوبية تعمل معنا بحسن نية، ولا يمكن أن ننخدع مرة أخرى". وأعرب عن أسفه لعدم وجود رقابة وحواجز حماية للمساعدات الإنسانية الأميركية.

وكانت صحف أميركية وأوروبية نشرت معلومات مفادها أن نتائج "المراقبة المكثفة" على مدار الشهرين الماضيين التي أجرتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي أكبر مقدم للمساعدات الغذائية إلى إثيوبيا كشفت "مخطط تحويل على مستوى البلد يستهدف في المقام الأول السلع الغذائية الممولة من الجهات المانحة" وهو "مخطط منسق وإجرامي، يمنع وصول المساعدات الغذائية المنقذة للحياة إلى الفئات الأكثر ضعفاً".

ويقول ريش "يبدو أن المخطط تم تنسيقه من قبل كيانات الحكومة الفيدرالية والإقليمية، مع الوحدات العسكرية في جميع أنحاء البلاد التي تستفيد من المساعدات الإنسانية، كما لعب تجار ومشغلو الحبوب والدقيق من القطاع الخاص دوراً في المخطط".

التعليق موقت

بدوره، قال المتحدث باسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إن قرار وكالته بتعليق الإغاثة في تيغراي جاء بشكل استثنائي حتى استكمال التحقيقات التي وعدت بها الحكومة الإثيوبية، وضمان السير الحسن للمواد الإغاثية ووصولها للمحتاجين.

وأضاف المتحدث في رده على الصحف الإثيوبية أن القرار اتخذ "بعد مراجعات على مستوى الدولة الإثيوبية، حيث تم الوقوف على أن حملة واسعة النطاق ومنسقة تعمل على تحويل المساعدات الغذائية عن شعب إثيوبيا"، مؤكداً "نعتزم استئناف المساعدة الغذائية فوراً، بمجرد ثقتنا في نزاهة أنظمة التوصيل للحصول على المساعدة للمستفيدين المقصودين" وتابع المتحدث "لن نقدم أي دعم قبل التأكد من أن المساعدة تصل للأشخاص المتضررين، وقائمة على الحاجات ومستقلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتصالاً بهذا التطور الخاص بتعليق المساعدات من الوكالة الأميركية، نشرت مواقع إثيوبية عدة، ما قالت إنها "مذكرة داخلية للاجتماع الأخير الذي عقده ما يعرف بمجتمع المانحين للعمل الإنساني والصمود (HRDG)، والذي يضم المنظمات الإغاثية العاملة في إثيوبيا. 

وتكشف المذكرة أن التعليق يستهدف بشكل أساسي الغذاء الممول من المانحين والسلع الأساسية المقدمة للفئات الأكثر ضعفاً.

وتضمنت المذكرة التي أعدتها مجموعة المانحين، وهي "منصة تتيح للمانحين تنسيق أنشطتهم لدعم استجابة إنسانية استراتيجية وفعالة وقائمة على المبادئ"، من بين أمور أخرى، أن "زيارات المراقبة في 63 مطحنة دقيق في سبع مناطق من تسع في إثيوبيا، كشفت تحويلاً كبيراً للسلع الغذائية الإنسانية الممولة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية".

وتشير المذكرة إلى أن "المانحين تحركوا اعتماداً على المساعي الرسمية الإثيوبية التي طالبت بالحصول على 3.9 مليار دولار أميركي، لمساعدة أكثر من 20 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد بالمساعدات الغذائية. ويقدر أن 13 مليوناً من هؤلاء متضررون من الجفاف".

وأوصت المذكرة "الحكومة الإثيوبية بتنفيذ سلسلة من الإجراءات، بدءاً من إصدار بيان عام، يدين تحويل المساعدات الإنسانية ويطالب بعدم مضايقة العاملين في المجال الإنساني بجميع أنحاء إثيوبيا بأي شكل من الأشكال لتحديد وتفكيك الهياكل المنظمة التي تنظم مخطط التحويل كي يتثنى للمنظمات الإغاثية العمل بشكل نزيه.

كما شككت المذكرة في حجم الحاجات المعلنة للمساعدات، مطالبة أديس أبابا بـ"تحديد جدول زمني لإعادة عملية التصنيف المرحلي للأمن الغذائي، بالتشاور مع أصحاب المصلحة المعنيين، والسماح للجهات المانحة وشركائها المنفذين استخدام بيانات وتحليل التصنيف الدولي، لاستهداف الغذاء أو الطرق البديلة لمساعدة الفئات الأكثر تضرراً فقط".

وتبين المذكرة أن "حكومة الولايات المتحدة وحدها قدمت 1.8 مليار دولار من المساعدات المنقذة للحياة منذ العام المالي 2022".

ويعتقد معدو المذكرة أن الأزمة "لا تكمن في تحويل المواد الإغاثية إلى وجهات أخرى فحسب، بل أيضاً هناك تزييف في حجم الحاجات، وتضخيم لأرقام المتضررين، مما يتطلب إعادة هيكلة العمل الإغاثي في إثيوبيا، وتقديم دراسات دقيقة ونزيهة". 

بدائل محلية

من جهة أخرى طالبت مؤسسة "إعمار تيغراي" وهي منظمة أهلية مشهرة في الولايات المتحدة الأميركية، المهاجرين الإثيوبيين بـ"المساهمة في إنقاذ أرواح من يعانون الجفاف والجوع في بلادهم"، وانتقدت المنظمة مواقف الولايات المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي، معتبرة قرار تعليق المساعدات بمثابة "المساهمة في قتل الإثيوبيين جوعاً". ودعت المنظمة "ملايين الإثيوبيين المقيمين في المهاجر، إلى التبرع لصندوق إعمار تيغراي، الذي سيسهم بدوره في تخفيف وطأة ندرة المواد الغذائية"، كما دعت حكومة تيغراي إلى "المسارعة في التحقيقات وإعلانها، تحسباً لمعاقبة المسؤولين المتورطين في تحويل المواد الإغاثية، بالتالي المتسببين في الأزمة مع المنظمات الدولية". 

كما شددت المنظمة على "ضرورة إيجاد بدائل أهلية لأزمة ندرة المواد الغذائية سواء الناتجة من النزاعات المسلحة أو الكوارث الطبيعية كالجفاف والتصحر". 

مآلات التحقيق والاتهامات 

أمام التحديات الدولية الجديدة، بخاصة بعد التصريحات الأميركية، إذ تعد واشنطن الداعم الأول لإثيوبيا، فإن نتائج التحقيقات ونزاهتها تمثل الفيصل الوحيد لإعادة النظر في قرار تعليق المساعدات الإنسانية في إثيوبيا.

إلا أن هذا المطلب لا يزال يواجه صعوبات عدة بحسب المتخصص في الشأن الإثيوبي، آرأيا تسفاماريام، الذي يرى أن "سرية التحقيقات وعدم مشاركة جهات مستقلة في لجانها، يشكك في نزاهتها، لا سيما وأن الاتهامات موجهة إلى منتسبين للحكومة المركزية في أديس ابابا، والإدارة المحلية في تيغراي، فضلاً عن اتهامات التقصير التي طالت القيادات العليا في المنظمات المانحة نفسها".

ويرجح آرأيا أن "تتم التضحية بموظفين صغار في سبيل حماية منتسبي الحكومة الموقتة في تيغراي التي لا تزال تواجه إشكاليات تتعلق بسؤال الشرعية، وتحديات إعادة بناء ما دمرته الحرب".

ويقدر أن "يحدث نوع من التفهم الأميركي لتجاوز مشكلات أكبر تتعلق باستحقاقات المرحلة الانتقالية الناتجة من اتفاق بريتوريا، لا سيما وأن الولايات المتحدة تعد أحد صانعيه، وتبذل جهوداً مكثفة في سبيل ضمان مرور آمن لهذه المرحلة الدقيقة". 

ويعتقد آرأيا أن تستغل الجهات المعارضة للمسار الحالي هذا الملف في الانتخابات المزمع عقدها العام المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير