Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هجمات "داعش" وسط سوريا أحرقت أراضي القمح بمزارعيها

تحاول حكومة دمشق سد حاجاتها الغذائية بالاعتماد على الاستيراد من روسيا وبيلاروس وشبه جزيرة القرم

يتوقع مراقبون زراعيون موسماً أفضل ووفيراً مع زيادة كميات المحصول في سوريا (اندبندنت عربية)

ملخص

عانى إنتاج القمح في سوريا من عوامل عدة بالإضافة إلى الحرب أدت إلى تراجعه، منها تغير المناخ وتعثر الاقتصاد بالإضافة إلى المخاطر الأمنية

يتداول السوريون بكثرة عبارة "اللقمة المغمسة بالدم" الشعبية كدلالة لما يكابده الناس لأجل الحصول على حاجاتهم اليومية من الغذاء، فالعمال والمزارعون في مناطق التوترات أو على أراضٍ دارت فوق ترابها معارك ضارية بين أطراف النزاع يتساقطون بين قتيل وجريح جراء الحرب أو يتم خطفهم وتصفيتهم، لكن لم يخطر في البال أن يأتي يوم تُزهق فيه أرواحهم حرقاً في سبيل لقمة العيش.
في ريف حمص الشرقي، وسط البلاد، لقي مزارعون مصرعهم أثناء عملهم في حصاد محصول القمح، قرب مدينة السخنة وعلمت "اندبندنت عربية" من قيادي ميداني عن حشد تنظيم "داعش" ببادية السخنة لأفراد التنظيم، والزج بهم في عمليات متلاحقة أقرب إلى "الكر والفر". وإضافة إلى ذلك، دارت اشتباكات بشكل متقطع، جاء أعنفها خلال اليومين السابقين، في حين هاجم مسلحون مجهولون يُعتقد أنهم من أفراد التنظيم المتطرف، مساحات مزروعة بالقمح وأحرقوا الحصادات والآلات الزراعية مع المحصول، وأودوا بحياة أربعة من المزارعين.

فلول "داعش" والمباغتة

في غضون ذلك، تفيد المعلومات الواردة بمواصلة الحملة العسكرية التي تشنها القوات النظامية بالاشتراك مع قادة روس في غرفة العمليات، تتمحور حول منطقة السخنة والقرى التابعة لها، وعُثر خلالها على أوكار لأفراد التنظيم، بينما زاد الحشد العسكري للمقاتلين في حملة التفتيش والتقصي لأثر فلول "داعش". وكثفت الحملة نشاطها في البراري المفتوحة على بادية مترامية الأطراف. كما جاءت الحملة بالتوازي مع سلسلة حوادث متفرقة كان آخرها مصرع ضابط برتبة عقيد بالجيش الروسي في ريف حمص الشرقي بعد هجوم مباغت شنته مجموعات من فلول "داعش".



الحادثة التي أدت إلى مصرع العقيد الروسي، أوليغ بيتشفيستي في 26 مايو (أيار) الماضي، أوقدت شعلة الرد السريع من قبل قيادة العمليات، لا سيما وأنها جرت، بحسب معلومات روسية، ضمن محيط بادية السخنة، وهي مدينة تقع بين حمص ودير الزور وتبعد عن تدمر مسافة 70 كيلومتراً شرقاً، وأصيب خلالها عدد من الضباط والعناصر الروس، ما أدى إلى شنّ غارات جوية كثيفة.

في المقابل، تحدث مصدر ميداني عن مواصلة العملية العسكرية، التي بدأت بغزارة مع مطلع العام، وأثمرت باكتشاف أوكار للتنظيم، علاوةً عن وقف تسلل فلول "داعش"، التي حاولت إبقاء المنطقة بحالة توتر عبر شن هجمات وعمليات خطف واغتيال بشكل سريع، بغية دب الرعب بين المدنيين أو القرويين الذين يقطنون على أطراف البادية.

وإن أكثر ما يقلق الناس هي كمية الألغام التي يزرعها التنظيم، حيث يعتبر أفراده الأكثر تدريباً على أعمال التلغيم، والتفجير، والتصفية، وأدى ذلك إلى وقوع حوادث عدة خلال منتصف فبراير (شباط) الماضي، حين قُتل 53 شخصاً أثناء جمعهم الكمأة من أراضي البادية الشاسعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


السنبلة الذهبية والوفرة

وبموازاة ما يحدث في الميدان العسكري، تعيش سوريا حرباً اقتصادية من نوع مختلف، وتسعى جاهدة إلى تأمين الأمن الغذائي بعد أن أفلتت من يدها غلال السنابل، ومساحات الأراضي الزراعية الغنية بالمحاصيل، وآبار الذهب الأسود (البترول)، وآلت إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أو الإدارة الذاتية الكردية التي تبسط سيطرتها على أجزاء من شمال شرقي البلاد، بينما تتشاطر "قسد" الأراضي والآبار مع الداعم الأول لها، الولايات المتحدة وقوى التحالف الدولي.
وبخلاف موسم العام الماضي، يتوقع مراقبون زراعيون موسماً أفضل ووفيراً مع زيادة كميات المحصول المحلي، إذ ساعد في ذلك كمية الأمطار التي هطلت وتوزعها على فصول العام مما ساهمت في تروية الموسم وإشباعه بشكل جيد، إضافة إلى زيادة المساحة المزروعة بشكل يؤدي إلى استثمار كافة الأراضي القابلة للاستثمار مع دخول مساحات عاد إليها المزارعون في أعقاب استتباب الأمن.
ويسري الكثير من التفاؤل بغلال وفيرة من القمح في سوريا هذا العام، وقال وزير الزراعة السوري، حسان قطنا إن "إنتاج المحصول الشتوي ممتاز جداً، ومتفائلون بنتيجة أعلى من المخطط له، والكميات التي سيتم استيرادها في هذا العام ستعادل خمسين في المئة مما كانت تستورده سوريا في الأعوام السابقة".

بمخلب الحرب والتغييرات

في المقابل، عانى القمح من عوامل عدة إضافة إلى الحرب التي أدت إلى تراجع انتاجه، منها تغير المناخ وتعثر الاقتصاد بالإضافة إلى المخاطر الأمنية. وأشار ممثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، مايك روبسون إلى انخفاض بنسبة 75 في المئة في إنتاج القمح بسوريا عن مستويات ما قبل الأزمة.
وتحاول حكومة دمشق سدّ حاجاتها من مادة القمح بالاعتماد على الاستيراد من روسيا وبيلاروس وشبه جزيرة القرم بالإضافة إلى الإنتاج المحلي، بحيث زادت الكميات المستجرّة من القرم على 500 ألف طن عبر البحر الأسود من ميناء سيفاستوبول، خلال العام الماضي.

يُذكر أن سوريا عانت من القلة في توفير القمح بعد عام 2012، ولأول مرة في تاريخها باشرت باستيراد الطحين، في حين تتنافس كل الأطراف التي تسيطر على الأرض (معارضة، وحكومية، ومناطق كردية) على شراء القمح من المزارعين بأسعار منافسة، كما يتهدد المحاصيل الزراعية الحرائق التي تندلع وتهدر مساحات زراعية واسعة، ناهيك عن أخطار موجات الجفاف.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات