Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حقول زيتون وأكواخ ومجهول... غابة المهاجرين في تونس

أكثر من 20 ألفاً ينتشرون في 15 مخيماً موقتاً شمال صفاقس في انتظار عملية عبور محفوفة بالأخطار

شرع هؤلاء بإقامة أكواخ بأغصان الأشجار اعتباراً من منتصف سبتمبر الماضي بعدما طردوا إلى صفاقس (أ ف ب)

ملخص

في 2023، استقل عشرات الآلاف البحر مجازفين بحياتهم انطلاقاً من صفاقس، مركز انطلاق هذه الرحلات في تونس.

يقضي آلاف المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء يومهم في حقول زيتون قرب صفاقس في تونس وهم يطبخون لحم الدجاج ويقيمون تحت شوادر بلاستيكية بانتظار رحلة محفوفة بالأخطار إلى أوروبا بحراً.

تؤكد مصادر محلية عدة لوكالة الصحافة الفرنسية أن ما لا يقل عن 20 ألف شخص ينتشرون في نحو 15 مخيماً موقتاً قرب بلدتي العامرة وجبنيانة الزراعيتين في شمال محافظة صفاقس بوسط البلاد.

زيتون وأكواخ ومجهول

شرع هؤلاء بإقامة أكواخ بأغصان الأشجار اعتباراً من منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي بعدما طردوا ونقلوا بحافلات من وسط مدينة صفاقس.

التحق بهم آلاف آخرون أتوا مشياً إلى حقول الزيتون، إذ يتحينون الفرصة المناسبة للصعود إلى قوارب متهالكة والإبحار باتجاه الشواطئ الإيطالية بصورة غير نظامية.

إبراهيم (اسم مستعار) واحد من هؤلاء، غادر غينيا منذ أكثر من عام للهجرة إلى أوروبا سعياً إلى "توفير حاجات والدته المريضة وأخيه الصغير".

 

 

دخل تونس عبر الحدود مع الجزائر، ووصل إلى حقول الزيتون قبل ثلاثة أشهر في خضم فصل الشتاء بعد أن مشى مدة 20 يوماً.

يقول إبراهيم، الطالب الجامعي البالغ 17 سنة، "الوضع صعب للغاية هنا، حتى بالنسبة إلى التسوق، فنحن نتنقل سراً. يمكننا الخروج للبحث عن عمل، ولكن في نهاية الشهر عندما يتعين علينا دفع الراتب يتصلون بالشرطة".

أطلق الرئيس التونسي قيس سعيد مطلع العام الماضي تصريحات تستهدف المهاجرين غير النظاميين من جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء، كان لها وقع شديد على وجودهم في البلاد.

فقد المئات منهم مصادر رزقهم غير الرسمية في قطاعات مختلفة كالبناء والمطاعم والمصانع الصغيرة، وكذلك طردوا من مساكنهم.

قريباً من الحلم

في 2023 استقل عشرات الآلاف البحر مجازفين بحياتهم انطلاقاً من صفاقس، مركز انطلاق هذه الرحلات في تونس.

يؤكد إبراهيم، "نحن على بعد كيلومترات قليلة من أوروبا"، في إشارة إلى السواحل الإيطالية التي تبعد أقل من 150 كيلومتراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قرب منطقة العامرة الزراعية وداخل أكواخ مؤلفة من شوادر بلاستيكية وأنابيب ري أخذت من الحقول، يمضي هؤلاء المهاجرون الليل على حصائر بالية في مجموعات من خمسة إلى 10 أشخاص.

ينقسم المهاجرون إلى ثلاث مجموعات. فالمتحدثون بالفرنسية في مكان، والناطقون بالعربية والإنجليزية في مكانين آخرين. وهم بغالبيتهم رجال، لكن ثمة نساء وأطفالاً أتوا من غينيا والسودان وسيراليون ونيجيريا وغيرها.

تقوم نساء بإعداد حساء بلحم دجاج يشكل الطبق الرئيس لغالبية المهاجرين.

يروي إبراهيم، "كان الشتاء قاسياً جداً هذا العام، لكننا تمكنا من الصمود بفضل التضامن بين الإخوة الأفارقة".

ويتابع، "إذا كان لدى شخص ما طعام بينما لا تملكه، يعطيك بعضاً منه، الغطاء البلاستيكي اشتريناه بأموالنا أو بعدما تسولنا".

وزعت منظمة "الهلال الأحمر التونسي" و"المنظمة الدولية للهجرة" على المهاجرين أوائل أبريل (نيسان) سلالاً تحوي مواد غذائية استفاد منها 7 آلاف شخص.

يفيد المتحدث الرسمي باسم منظمة "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" رمضان بن عمر، بأن تونس "تتحول إلى مركز احتجاز فعلي بسبب اتفاقات مراقبة الحدود مع الاتحاد الأوروبي".

أين أبواب المغادرة؟

يطالب غالبيتهم بالمساعدة من أوروبا وإخراجهم من هذا الوضع.

ويعرب إبراهيم عن قلقه على الصعيد الصحي ويقول، "أنجب كثير من النساء هنا، ويوجد مرضى ولا نستطيع الوصول إلى صيدلية أو مستشفى".

يؤكد مصدر في محافظة صفاقس، "يومياً يولد طفل مهاجر في مستشفى جبنيانة، وكثير من النساء الحوامل من دون متابعة".

 

 

ويهدد الوضع الصحي بالتفاقم مع قدوم فصل الصيف الحار. تقول سليمة البالغة 17 سنة، "أنا هنا للعبور مع ابنتي الصغيرة البالغة من العمر أربعة أشهر، لا يوجد طعام ولا ماء ولا حفاضات للطفلة، نضع البلاستيك تحت أردافها". وهي عازمة على رغم كل شيء على "الانتظار حتى يفتح المهربون أبواب المغادرة".

حجزت قوات الأمن في الأسابيع الماضية الخيام الصغيرة وتدمير بعضها على أثر شكاوى تقدم بها سكان في المنطقة.

وشاهد فريق وكالة الصحافة الفرنسية في المكان بقايا شوادر بلاستيكية ممزقة وقنابل مسيلة للدموع مرمية على الأرض.

يقول سوكوتو (اسم مستعار) البالغ من العمر 22 سنة، الذي غادر غينيا قبل ثلاث سنوات، "الشرطة ترهقنا كثيراً، أمس تم طردي من المحال التجارية في العامرة".

يحضر محمد البكري، التاجر الخمسيني وأحد سكان منطقة العامرة، بعض الماء والطعام للمهاجرين ويقول، "إزالة الخيام ليست هي الحل، يجب على الدولة أن تجد حلاً عملياً. لم يكن حلاً أصلاً جلبهم إلى العامرة التي يسكنها 32 ألف نسمة، ولدينا الآن 28 ألف شخص من جنسيات دول جنوب الصحراء".

وعلى رغم التوترات وهشاشة الوضع، لا يرغب أي من المهاجرين في العودة إلى بلدانهم. يؤكد سوكوتو، "لقد خرجت لمساعدة عائلتي، وعانيت كثيراً للوصول إلى هنا، ولن أعود إلى غينيا حتى لو اضطررت إلى السباحة للعبور".

المزيد من متابعات