Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزياء المغربيات التقليدية... الملحفة تصمد والحايك يندثر

تعدد أنواع الملاحف حسب نوع المناسبات وتختلف أسعارها وفقاً للجودة

مسيرة إعادة الاعتيار لزي الحايك (مواقع التواصل)

ملخص

التخلي عن الملحفة في المخيال الحساني الصحراوي هو خروج عن عباءة الحشمة والعرف

على رغم من انتشار الملابس النسائية العصرية في المغرب، فإن أزياء تقليدية بعينها لا تزال تقاوم الموضة، حيث تتمسك السيدات في الصحراء على سبيل المثال بارتداء زي "الملحفة" الشهير الذي يرمز إلى حضارة المنطقة وأناقة الصحراويات.

ومقابل "الملحفة" التي تقاوم الاندثار في مناطق الصحراء بالمغرب، صار زي "الحايك" النسائي المعروف في شمال البلاد، كما هو موجود في الجزائر، يواجه خطر الاندثار بسبب عصرنة المجتمع، ما يجعل ناشطات يبادرن إلى حملات لإعادة إشعاع هذا الزي التقليدي.

عباءة الحشمة والعرف

تتكون "الملحفة" الصحراوية من قطعة واحدة لثوب فضفاض، قد يصل طوله إلى أربعة أمتار، وعرضه يناهز المتر ونصف المتر، تلف به المرأة الصحراوية جسدها كاملاً، وهو ما يسمى "التلفع" أو "الالتفاع".

في هذا الصدد تقول الكاتبة والباحثة الصحراوية فتيحة بوجدور، إن "الملحفة" هي الزي الرسمي لنساء الصحراء المغربية وموريتانيا والسودان ومالي وجنوب الجزائر، ولها دلالات تاريخية وتراثية تتجاوز كونها مجرد لباس، إذ لا يستحب للمرأة أن تظهر للناس من دونها في أماكن الدراسة والعمل وأمام الأجانب وخلال المناسبات الاجتماعية وحتى داخل البيوت.

 

 

ووفق بوجدور، "تعتبر الملحفة في الأصل قطعة قماش أبيض تتم صباغته وتطريزه وتزيينه، لكنها عرفت تطوراً مهماً واكب عصرنة المجتمع، حيث أصبحت ترافقها "أكسسوارات" مهمة، مثل الحلي والساعات الفاخرة، وأطقم الأحذية، وأنواع حقائب اليد العالمية وغيرها.

وجواباً على سؤال يتعلق بمدى حضور الملحفة واندثارها مع موجة العصرنة، أفادت بوجدور بأنه "من الصعب الحديث عن اندثار لباس الملحفة داخل المجتمعات الحسانية، حيث إن عدم ارتدائها يعتبر بمثابة عمل مشين ينتقص من قيمة المرأة".

واسترسلت صاحبة رواية "حصاد الجدائل" قائلة: "قد تضطر بعض النساء إلى التخلي عن الملحفة عند السفر إلى الخارج تحت ظرف ما، مثل الطقس في أوروبا، لكن ما إن يقررن العودة يرتدين ملحفتهن"، لتخلص إلى أن "التخلي عن الملحفة في المخيال الحساني الصحراوي هو خروج عن عباءة الحشمة والعرف".

في السياق ذاته، تورد السيدة حدهم براك، أنها ترتدي الملحفة الصحراوية ليس فقط لأنها تنحدر من مدينة الداخلة الصحراوية، لكن لأنها اللباس الذي يوفر لها أقصى درجات الراحة النفسية، باعتباره زياً يستر جسدها أمام الناس بشكل أفضل من غيره من الأزياء المتداولة.

ووفق المتحدثة ذاتها، فإن الملحفة قديماً كانت عبارة عن قماش سميك بلون واحد أو ألوان قليلة، غير أنها اليوم صارت بألوان مختلفة، منها المزركش وفاتح اللون للفتيات والشابات، والألوان الداكنة والغامقة لكبيرات السن، كما أن هناك ملاحف مخصصة للأعراس والمناسبات الاجتماعية وأخرى للحياة اليومية وغير ذلك.

أشكال وأنواع

تعدد بوجدور أنواع الملاحف حسب نوع المناسبات، بينما أسعارها تختلف حسب الجودة، وهي: "ملحفة النيلة" التي يستمد اسمها من كلمة النيل، ومصدرها بعض النباتات ذات الفصيلة القرنية، تستخرج منها مادة زرقاء مفيدة للبشرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوضح أن ارتداء المرأة لهذا النوع من الملاحف تراجع بسبب الزرقة التي قد لا تصلح للزيارات الاجتماعية أو الأماكن العامة، واقتصر لباس "النيلة" في البوادي لكونها تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على البشرة من مضاعفات الشمس، أو في الأعراس حيث يستحب للعروس ارتداؤها.

وأما "ملحفة كاز"، فتردف بوجدور، أنه يتم ارتداؤها في العمل والدراسة والأماكن العامة والزيارات العادية، لكنها لا ترقى إلى حضور مناسبات الزفاف والحفلات، وأسعارها هي الأقل، غير أنها عملية أكثر من غيرها.

ويوجد نوع آخر من الملاحف النسائية الصحراوية، تورد المتحدثة عينها، متمثلاً في ملحفة الخياطة أو الشكة، ومن "ماركاتها" ملاحف النغمة وشكة الطينطان، ترتديها الصحراويات في المناسبات، وهي باهظة الثمن قد تصل إلى حدود 1500 درهم (150 دولاراً) للقطعة الأولى، وتتفنن في صنعها الصباغات المحليات.

نوع آخر من ملاحف الصحراء هو "ملحفة الحر" يتراوح ثمنها ما بين 300 و1200 درهم (بين 30 و120 دولاراً)، ومنها "ماركات" كثيرة من قبيل: ملاحف ديانا ولندن وديجيتال والإيراني، والقميري وبيرسي ومفتيلة، ثم "ملاحف سواري" أو ملاحف السهرات، وهي ملاحف حريرية لامعة، ومنها أيضاً "الشيفون"، وتلبس في الغالب ليلاً في مناسبات كحفلات الزفاف.

اندثار الحايك

وبخلاف الملحفة، التي ما زالت زياً معتمداً ومنتشراً في الجنوب المغربي، فإن لباس الحايك التقليدي التراثي الذي كان معروفاً في مناطق شمال البلاد تقلصت استعمالاته من طرف النساء، واندثر تدريجياً مع مرور الزمن.

وكان الحايك زياً قديماً يلبسه الرجال والنساء على السواء، قبل أن تنفرد به النساء لاحقاً خصوصاً في مناطق الشمال المغربي، غير أنه لم يكن خاصاً بالمغرب فقط، إذ كان معروفاً أيضاً في بلدان شمال أفريقيا، وهو ما ذكره باحثون ومؤرخون في مؤلفات عن جذور اللباس المغربي.

والحايك هو ثوب أبيض اللون غير مخيط، طوله قد يصل إلى ستة أمتار، تضعه المرأة بلفه على جسدها ليغطيه كلياً من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها، وهو أنواع مختلفة تساير الفصول والطقس، فهناك الحايك الحريري والحايك الخشن السميك، والحايك المصنوع من الصوف أو من القطن.

تقول في هذا الصدد الباحثة المهتمة بالأزياء النسائية إيمان الصباحي، إن "الحايك الشمالي كان زياً تقليدياً تراثياً منتشراً في مناطق الشمال المغربي بالخصوص، وهو مثل الملحفة الصحراوية من حيث الرمزية إلى الحشمة والوقار والستر".

وأردفت أنه "في الوقت الذي حافظت فيه النساء الصحراويات على الكحلة كلباس تراثي يرمز إلى هويتهن المحلية، فإن استعمال الحايك تضاءل بشكل كبير جداً، بسبب دوامة العصرنة والانفتاح وعالم الهجرة أيضاً".

وتابعت أنه "للأسف لم يعد الحايك زياً يشاهد في مناطق الشمال إلا نادراً جداً، في بعض القرى والبوادي وعند بعض النساء اللائي ما زلن يلبسن هذا النوع من الزي"، مبرزة أنه في هذا السياق "ظهرت مبادرات وحملات نسائية لإعادة الوهج والحياة إلى لباس الحايك".

وتنظم أحياناً شابات وناشطات مسيرات وتظاهرات يرتدين خلالها زي الحايك ويجبن به شوارع المدن، بهدف إعادة الاعتبار لهذا اللباس التقليدي، وهي المسيرات والصور التي لاقت استحساناً بالغاً وإشادة من طرف عديد من فئات المجتمع المغربي، وخصوصاً من طرف فنانات و"مؤثرات مواقع التواصل الاجتماعي".

المزيد من منوعات