Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يسارع المغرب إلى رقمنة تراثه الثقافي؟

إحداث تطبيق بعنوان "طريق الإمبراطوريات" يتيح السفر افتراضياً عبر التاريخ وآخر يتعلق بالمواقع الأثرية القديمة

القفطان النسائي شكل جزءاً من الاتهامات المتبادلة بين المغرب والجزائر حول أصله التراثي (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

إحداث منصة معلوماتية خاصة بالثقافة المغربية والتراث المادي واللامادي وتطبيق رقمي يتيح إمكانية السفر افتراضياً عبر التاريخ وآخر يخص المواقع الأثرية القديمة

يسارع المغرب الخطى من أجل تأمين وحماية تراثه المادي واللامادي من محاولات السرقة من قبل عدة جهات مختلفة، سواء تعلق الأمر بالألبسة والأزياء أو المأكولات أو الموسيقى أو الآثار التاريخية والعمرانية أو حتى نسب شخصيات تاريخية.

وتعكف وزارة الثقافة المغربية، الوصية على صيانة التراث المحلي، حالياً على رقمنة هذا المجال بواسطة آليات ووسائط رقمية عدة، منها إحداث منصة معلوماتية خاصة بالثقافة المغربية والتراث المادي واللامادي، وتطبيق رقمي يتيح إمكانية السفر افتراضياً عبر التاريخ، وآخر يخص المواقع الأثرية القديمة.

"طريق الإمبراطوريات"

وكشف وزير الثقافة المغربي، مهدي بنسعيد، أخيراً في مجلس النواب خلال تفاعله مع أسئلة برلمانيين، أن الحكومة تعمل على رقمنة التراث المغربي من خلال آليات عدة تتلخص في توثيق التراث الثقافي عبر عملية الجرد.

وتنجز مصالح الحكومة المغربية حالياً نظاماً معلوماتياً جغرافياً يتعلق بجرد مختلف أصناف التراث، وإثرائه بمحتويات معينة وتقارير وخرائط وعناصر مرتبة ومسجلة في عداد الآثار، وفي لوائح التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

وتسعى الوزارة المعنية إلى إنجاز منصة معلوماتية خاصة بالثقافة المغربية، وأشكال التراث المادي واللامادي، وإحداث تطبيق رقمي بعنوان "طريق الإمبراطوريات" يتيح السفر افتراضياً عبر التاريخ، وإحداث تطبيق آخر يتعلق بالمواقع الأثرية القديمة بداية من حقبة الرومانيين والموريين تحت عنوان "المغرب القديم".

وعزا وزير الثقافة المغربي رقمنة تراث بلاده بمختلف أصنافه من أدب وفنون وعمران وغير ذلك، إلى ما أسماه الطلب الكبير للمواطنين لحماية التراث غير المادي للبلاد، وأيضاً إلى ما وصفه بـ"المعارك الإعلامية لخصوم الوطن الذين يسعون إلى تبني تاريخ المملكة"، على حد تعبيره.

وكانت اتهامات ولا تزال اندلعت بين المغرب والجزائر بشأن أصل حرف تقليدية وأغان ومآثر وأزياء نسائية وأكلات والعديد من مكونات التراث. فالمغاربة يؤكدون أحقيتهم في امتلاك أصل الكسكس مثلاً أو القفطان وغيرهما، بينما النشطاء الجزائريون يشددون على أن أصل هذه الأشياء يعود إلى بلدهم.

صون التراث الثقافي

يقول في هذا الصدد المحجوب بنسعيد، باحث في الاتصال والحوار الثقافي، إن مسؤولي المؤسسات المتحفية وخبراء التراث في العالم يُجمعون على ضرورة الاستفادة من الثورة التكنولوجية في رقمنة التراث، وإنشاء قواعد بيانات بشأن جوانبه المادية واللامادية، لتمكين الجمهور من الاطلاع على الممتلكات الثقافية التي تزخر بها بلدانهم، سواء عبر المواقع الإلكترونية أو الزيارات الافتراضية على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأفاد بنسعيد بأن مبادرة وزارة الثقافة المغربية مبادرة مهمة تستحق التنويه والدعم والمتابعة، لأنها من جهة تحرص على الاسترشاد بالتوجيهات الواردة في الرسالة التي وجهها العاهل المغربي إلى المشاركين في الدورة الـ17 للجنة الدولية الحكومية، لصون التراث الثقافي غير المادي التي احتضنتها مدينة الرباط عام 2022، حيث أكد ضرورة رقمنة الموروث الثقافي الغني، ومكونات التراث غير المادي، تماشياً مع تطور العصر، وما يعرفه العالم من تحديات رقمية وتكنولوجية.

واستطرد المتحدث بأن هذه الرقمنة أيضاً تستجيب لدعوة "اليونسكو" إلى رقمنة التراث الثقافي اللامادي من أجل حمايته وضمان انتقاله إلى الأجيال المقبلة، تفعيلاً لمضامين الاتفاقية الدولية حول صون التراث الثقافي غير المادي التي تم اعتمادها في أكتوبر (تشرين الأول) 2003 ودخلت حيز التنفيذ عام 2006.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق بنسعيد، تهدف الاتفاقية المذكورة إلى "السهر على حماية التراث الثقافي غير المادي للجماعات والمجموعات والأفراد المعنيين، والتحسيس على صعيد المستويات المحلية والوطنية والدولية بأهميته وتقديره المتبادل والتعاون الدولي".

وذهب بنسعيد إلى أن "إحداث منصة معلوماتية خاصة بالثقافة المغربية، والتراث المادي واللامادي، وتطبيق رقمي (طريق الإمبراطوريات) لا يتيح فقط إمكانية السفر افتراضياً عبر التاريخ المغربي والتعريف بمختلف محطاته، وإنما يصونه ويحافظ عليه ويجعله في متناول الباحثين والمهتمين، ويربي الأطفال في المدارس على الاعتزاز بتراث بلدهم ويرسخ لديهم قيم المواطنة".

تنوع حضاري

من جهته، يرى الناقد والفاعل الثقافي، الحبيب ناصري، أن رقمنة الموروث الثقافي المغربي في شقيه المادي واللامادي، هو فعل يساير لغة العصر. فالمملكة بلد غني بهذا الموروث، وشكلت عبر التاريخ فضاء خصباً لتلاقح الثقافات والحضارات، وتفاعل كل ذلك في مختبر حضاري واحد نسميه اليوم التراث المغربي المادي واللامادي.

ولفت ناصري إلى أن قارئ تاريخ المغرب منذ قرون عدة، يستخلص أنه بلد عريق بهذا الموروث الثقافي المتعدد الذي يعبر عن جميع مكونات هذه الأمة، من عربي وأمازيغي وحساني وعبري وموريسكي وأفريقي، وغيرها من الفسيفساء الإنسانية.

واسترسل المتحدث عينه بأن "توظيف جميع الوسائط الرقمية والتكنولوجية يجعل هذه الذاكرة المعبرة عن البلد كأمة في متناول الباحثين والطلبة والمتعلمين والإعلاميين وعموم الناس، من داخل المغرب وخارجه، كما ستكون خدمة مندرجة في توثيق الذاكرة المغربية، وجعلها حية رقمياً وتكنولوجياً".

وزاد قائلاً "نحن اليوم نعيش عصر العولمة بل نعيش عصر الصورة والرقميات، بالتالي يتعين استثمار جميع الوسائط الممكنة للتعريف بما لدى المغرب من موروث ثقافي خصب، وجعله وسيلة تعريفية لطبيعة ما تملكه البلاد من خصوبة حضارية قد تخدم السياحة والبحث العلمي والإعلام... إلخ، لا سيما في عصر القرصنة الحضارية.

وشدد ناصري على أن "المغرب لم يولد بقرار ما، أو أُحدِث بتوافقات دولية سابقة، بل هو بلد شكل نموذجاً حضارياً ثرياً، وتمكن من الحفاظ على هويته المميزة له، متمثلة في غنائه الشعبي وأطعمته وحليه وألبسته ومدنه القديمة وما تتميز به من جماليات عمرانية".

واستحضر الفاعل الثقافي ذاته الغنى التراثي الذي تزخر به المدينة المغربية القديمة، مثل فاس ومكناس وسلا والرباط وغيرها من الحواضر العتيقة، من ثقافات، منادياً بابتكار وسائل أخرى للتعريف بالمغرب الحضاري المتنوع القائم على التعايش ومزج الأفكار والحضارات.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات