Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل حان الوقت لمنع تأديب الأطفال بالضرب؟

صدر هذا الأسبوع تقرير حاسم يطالب بمنع ضرب الأطفال في إنجلترا وإيرلندا الشمالية معتبراً أنه يشكل خطراً على نفسية الأطفال

هل يجوز في أي حال من الأحوال أن تؤدب أطفالك جسدياً؟ تقرير جديد يطالب بمنع هذه الممارسة في إنجلترا وإيرلندا الشمالية (غيتي)

ملخص

ضرب الأطفال لتأديبهم لم يعد مقبولاً، وعلى إنجلترا وإيرلندا الشمالية أن تمنع هذه الممارسة بالقانون

هل يجوز في أي حال من الأحوال أن تؤدب أطفالك صفعاً أو بالضرب الخفيف؟ وهل يجوز أن تتضمن تربية الأطفال عقاباً جسدياً؟ عاد هذا الجدال الطويل الأمد الذي تنقسم حوله الآراء إلى الواجهة مجدداً هذا الأسبوع، مع صدور تقرير حاسم يحذر من أخطار ضرب الأطفال الذي قد ينجم عنه اكتسابهم سلوكاً عنيفاً، ومعاناتهم مشكلات نفسية في حياتهم المستقبلية.

وخلافاً للوضع في ويلز واسكتلندا، لا يزال لجوء الآباء إلى العنف الجسدي ضد أطفالهم غير محظور في إنجلترا وإيرلندا الشمالية، وفي الوقت الحالي ينص القانون على أن الوالدين في هذين البلدين يمكن أن يستخدموا حجة "العقاب المعقول" تبريراً لضربهم أطفالهم، فيما تجد أبرز الشخصيات في عالم الطب فظاعة في هذا الواقع الذي دانت استمراره بأقسى العبارات هذا الأسبوع.

وفي تقريرها طالبت الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل Royal College of Paediatrics and Child Health وزيرة التعليم جيليان كيغان بدء عملية تعديل القانون من أجل حذف حجة العقاب المعقول منه في إنجلترا قبل الانتخابات العامة المقبلة، إذ تقول الكلية الملكية إن الدلائل تظهر أن ضرب الأطفال يزيد كثيراً من احتمال معاناتهم من مشكلات في الصحة النفسية، وإحرازهم نتائج سيئة في الدراسة، وتعرضهم للاعتداءات الجسدية أو الاستغلال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول التقرير إن "دلائل تشير إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للعقاب الجسدي أكثر ميلاً للاعتقاد بأن العنف مقبول ويشجع عليه المجتمع، وهذا قد يكسبهم سلوكاً أشد عنفاً خلال فترة المراهقة وبعد البلوغ".

وبعد أن منعت السويد عام 1979 أي نوع من العقاب الجسدي ضد الأطفال، حذت 65 دولة حول العالم حذوها، فيما تعهدت 25 دولة أخرى بإصلاح قوانينها لتصل إلى درجة الحظر القانوني الشامل على هذه الممارسة. وفي مارس (آذار) 2022 منعت ويلز بالقانون إنزال أي شكل من أشكال العقاب الجسدي، سواء الصفع أو الضرب أو اللطم أو الهز، فيما طرحت اسكتلندا حظراً مماثلاً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

ومع ذلك لا يزال المشهد غير واضح في دولتين داخل المملكة المتحدة، ويقول الاستشاري في طب الأطفال ومسؤول حماية الطفل في الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل آندرو رولندز إن القوانين المرعية الإجراء "تخلق مساحة رمادية قد تشرع بعض أشكال العقاب الجسدي، خلافاً لبعضها الآخر".

وبعبارات أخرى، ماذا فعل القاصر الذي ترعاه لكي يستحق الضرب؟ هل ركض إلى الشارع؟ هل لمس شيئاً ساخناً؟ هل ضرب أحد إخوته؟ هل ضربك؟ أو كان صعب المراس إجمالاً، كما هو "حال الأطفال"؟ 

لقد تحملت في الأقل سلوكاً واحداً من هذه التصرفات من أطفالي أو قمت أنا بأحدهما عندما كنت طفلة، وأعترف بأنني ربَتّ، ولم أصفع، رجل أحد أطفالي عندما كان تصرفه لا يحتمل، لكنني عرفت أنني مخطئة. (الطفل المعني يقسم بأنني بريئة، لذلك أفترض أن الموضوع مر مرور الكرام).

عندما كنت طفلة بعمر التسعة أشهر في بانكوك، مكان ولادتي، وجدتني أمي وأنا "أحبو بنية الوصول إلى مقبس كهربائي له طرفان على حافة جدار تايلندي، وأمد أصابعي على مستوى المقبس نحو الطرفين اللذين يتناسبان تماماً مع حجمهما، وبسبب عدم وجود أسلاك التأريض في بانكوك، كان ذلك التصرف ليؤدي إلى الموت الفوري". هرعت أمي عبر الغرفة وأمسكت بيدي الصغيرة وصفعتها وإن بلطف، وتقول وهي لا تزال نادمة على تصرفها، "اتخذت قراراً واعياً ويائساً ولم يلحق بك أي أذى لكنك شعرت بصعقة من نوع آخر ولم تعيدي الكرّة".

ويبرز شعورها غير المبرر بالذنب أن الصفعة الخاطفة قد تكون أقسى على الآباء مما هي على الأطفال أحياناً، وأعرف والداً يشعر بخزي شديد لأنه صفع ولده مرتين صفعة خفيفة.

يبرز شعور والدتي غير المبرر بالذنب أن الصفعة الخاطفة قد تكون أقسى على الآباء منها على الأطفال أحياناً

ومع أن كثيرين من أبناء جيل والديّ يذكرون أنهم تعرضوا للصفع في الصغر، تتغير الآراء تجاه هذا الموضوع، ويكشف استطلاع آراء أجرته الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال أن 67 في المئة من البالغين الذين لديهم حق الانتخاب يعتقدون أن عقاب الأطفال جسدياً خطأ، فيما يعتبر 63 في المئة غيرهم أنه يجب تغيير القانون تحديداً لمنع أي افتراض بأن العقاب الجسدي للأطفال مشروع أو معقول.

وتقول الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل إنه "من الواضح أن الرأي العام يؤيد حصول تغيير لحماية الأطفال بصورة أفضل من إساءة المعاملة".

وفي الوقت الحالي يُترك للمتخصصين القانونيين أمر تقييم شكل العقاب الجسدي ليحددوا إن كان منطقياً ومعتدلاً أم لا، بعد أخذهم بعين الاعتبار عناصر مثل عمر الطفل، وما يعنيه هذا عملياً هو أن بعض "الضرب الجسدي" سيكون مصيره التجاهل، وسيتمتع بعض الأطفال بحماية من الاعتداء أفضل من غيرهم، بحسب الحكم.

لكن لا يُعتقد بأن أي حكم إدانة قد صدر في هذا الموضوع في أي من ويلز أو اسكتلندا منذ تغيير القانون، وهذا ما يعتبره الناشطون دليلاً على أن تشديد القانون يشكل رادعاً.

ودرست الأستاذة المساعدة في تخصص علم الأوبئة والصحة العامة في كلية لندن الجامعية آنيا هايلمان كيف يفاقم العقاب الجسدي المشكلات السلوكية، وتقول إن "الأطفال لديهم الحق بنشأة من دون عنف، ويمثل الوضع الراهن انتهاكاً للمادة الـ 19 من اتفاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي صادقت عليها المملكة المتحدة.

إن الأدلة المتعلقة بهذا الموضوع واضحة جداً حول العالم الآن، ولا ينفع [الضرب]"، مضيفة أن الحظر من شأنه أن يوضح الوضع للآباء.

لكن قبل إدخال أية تعديلات تشريعية فعلى الآباء أن يعلموا من أين يمكنهم الحصول على مساعدة في حال وجدوا صعوبة في ضبط أطفال صعبي المراس، وتقول نيكول راتكليف التي تبلغ من العمر 42 سنة ولديها طفلان، "يشعر الآباء بغياب الدعم والتثقيف، ولو جعلنا الصفع غير قانوني فسنخلق عائقاً لكي يعترف الآباء بأنهم يعانون فعلاً"، واضطرت السيدة لطلب المساعدة الطبية عام 2018 بسبب حال الإنهاك التي أصابتها جراء الحرمان من النوم والمعارك مع ابنتها ذات العامين.

وتقول، "انتابني قلق حقيقي من أن يصل بي الحال حد إيذاء ابنتي"، وأمن لها طبيب الصحة العامة جلسات استشارة نفسية تحولت بعدها إلى دورة للتحكم بالغضب.

"تعلمت إستراتيجيات تساعدني في تهدئة نفسي، لكن ذلك لم يحل المشكلة التي كانت عجزي عن موازنة مشاعري بسبب حرمان دماغي من فرصة التعافي خلال النوم".

وفي نهاية المطاف درست راتكليف سلوك الأطفال من خلال دورة تدريبية عن الأمومة والأبوة يديرها برنامج ذائع الصيت حول العالم اسمه "الأعوام المذهلة" The Incredible Years، تأسس منذ أكثر من 40 عاماً في الولايات المتحدة بهدف تقديم الدعم لتنمية الأطفال.

وتقول راتكليف إن "هذا قلب المعادلة كلياً"، وهي تدير حالياً دوراتها الخاصة المعنية بالنوم (تنويم الأطفال) Baby2Sleep لمساعدة الآباء المرهقين.

وهي تقترح بدائل عدة عن ردود الفعل العنيفة، وتقول "احرصوا على أن يكون الطفل آمناً ثم ابتعدوا منه، هدئوا تنفسكم وجربوا الشهيق لمدة أربع ثواني ثم الزفير لمدة أربع ثواني، وهذه الحركة كفيلة بإبطاء دقات قلبكم، تخيلوا أيدي طفلكم وكم هي صغيرة، ثم تخيلوا ابتسامة طفلكم وضحكته وتذكروا كم هم صغار، بعد ذلك عودوا للغرفة واركعوا لتصلوا إلى مستواهم، وجهزوا أنفسكم للحظة التي يريدون فيها أن يعانقوكم، ولو كنتم هادئين وهم بين أيديكم فقد يهدؤوا أكثر بكثير".

وبالنسبة إلى أي شخص لم يحسم أمره بعد في شأن ضرورة فرض حظر واضح على الضرب في إنجلترا وإيرلندا الشمالية، ويقول البروفيسور رولندز من الكلية الملكية لطب الأطفال وصحة الطفل إن تعديل القانون يعني فتح الباب لبدء "النقاش والتدخلات من منطلق واضح وقوي، وأن عقاب الأطفال الجسدي لا يمكن التسامح معه وهو غير مقبول ولا قانوني تحت أي ظرف من الظروف، وسوف يمنحنا [القانون] فرصاً أفضل كي ندعم العائلات من دون وجود أية نقطة ارتباك، من أجل منع وقوع الأخطار الجدية والمثبتة بالدلائل والمرتبطة بالعقاب الجسدي، والأهم هو تحسين القدرة على اكتشاف حالات إساءة معاملة الأطفال"، وربما عندها تصبح إحدى القضايا في الأقل واضحة، في حقل الألغام المعروف بالتربية الحديثة.

© The Independent

المزيد من منوعات