Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يسهم الالتزام بالهدنة في عودة نازحي حرب الخرطوم؟

تفاقم الأزمة المعيشية والاقتصادية إضافة إلى إمكانية تجدد الاشتباكات

"مسألة العودة التدرجية للذين غادروا الخرطوم سترتبط بالجانب الخاص بإيقاف المعارك بشكل كامل" (أ ف ب)

ملخص

يشهد السودان قتالاً بين الجيش وقوات الدعم السريع اندلع في الخرطوم ومدن أخرى شمال وغرب البلاد منذ 15 أبريل الماضي

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم أجواء هادئة نسبياً بعد سريان وقف إطلاق النار الخاضع لمراقبة سعودية - أميركية، وحققت الهدنة قصيرة المدى نجاحاً بنسبة 70 في المئة بحسب مراقبين وخبراء، مما يعزز قابلية اتفاق جدة للصمود والتزام طرفي الصراع على رغم وجود بعض الخروقات، ويطمح كثيرون أن تقود المساعي إلى إنهاء الحرب من أجل عودة آلاف المواطنين إلى الخرطوم بعد أن تركوها خلال أيام المعارك الأولى ونزحوا إلى الأقاليم ودول الجوار بحثاً عن الأمان.

لكن ضبابية المشهد في الوقت الحالي ومع تفاقم الأزمة المعيشية والاقتصادية والهشاشة الأمنية، إضافة إلى إمكانية تجدد الاشتباكات عقب نهاية فترة الهدنة، مؤشرات تحول دون عودة النازحين إلى العاصمة مجدداً.

مؤشرات غير جيدة

ويشهد السودان منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي قتالاً مسلحاً بين الجيش وقوات الدعم السريع اندلع في الخرطوم ومدن أخرى شمال وغرب البلاد، وبعد خمسة أسابيع من المعارك اتفق الجانبان على هدنة بمدينة جدة السعودية تستمر سبعة أيام لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

أستاذ العلوم السياسية في إحدى الجامعات السودانية مبارك الخير قال إن "طرفي الصراع منهكان تماماً، وكل يوم يمر تترسخ لديهما القناعة بأن الحرب لا يمكن أن تحسم كل شيء، فلا الجيش قادر على السيطرة، ولا الدعم السريع يستطيع هزيمة القوات المسلحة، بالتالي فإن اتفاق جدة على رغم قصر مدته قد يقود إلى اتفاق جديد لفترة أطول، ولا بد لهما في نهاية المطاف من الجلوس على طاولة التفاوض".

وحول إمكانية عودة سكان الخرطوم من جديد حال الالتزام بالهدنة، أشار الخير إلى أن "الأوضاع غير مستقرة حالياً وتهدد الهشاشة الأمنية المواطن بشكل كبير في ظل غياب الشرطة بخاصة مع تنامي ظاهرة السلب والنهب والترويع من قبل العصابات المنظمة والتهديد بالسلاح". وأوضح أن "كل المؤشرات ليست في صالح المواطنين خصوصاً كلف المعيشة وانعدام الأمن والخدمات الضرورية، على رغم التزام طرفي الصراع بشروط اتفاق الهدنة بنسبة 70 في المئة مع سهولة حركة الناس من دون تقييد". وحذر أستاذ العلوم السياسية من انتهاز فرصة توقف إطلاق النار لتعزيز المواقف الميدانية لأي من الطرفين.

خروج بلاعودة

المواطن بشير عبدالرحمن فضل قال إن "ظروف الحرب أجبرته على النزوح إلى ولاية الجزيرة جنوب العاصمة بعد أن فقد الأمان والغذاء والدواء". أضاف أن "الهدنة فرصة لخروج ما تبقى من سكان الخرطوم لا العكس، لأن ظروف البلاد تحتم على أي مواطن خرج من العاصمة ألا يعود إليها، لا توجد ضمانات أمنية إلى جانب النقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء والمياه وانهيار البنية التحتية والمرافق الصحية، الوضع غير ملائم للعودة فالكل يفكر الآن في كيفية التعايش خارج العاصمة". وتابع فضل "وقف إطلاق النار فرصة لمراجعة مواقف طرفي الصراع وتقييم ما تحقق من العمليات العسكرية خلال شهر، ومن الواضح أن الجيش وقوات الدعم السريع أنهكتهما الحرب، فهي فرصة لالتقاط الأنفاس، ومن ثم تحديد الموقف من مواصلة القتال أو التوجه نحو مفاوضات جادة".

التزام وتماسك

الباحث السياسي محمد الخاتم قال إن "مسألة العودة التدرجية للذين غادروا الخرطوم سترتبط بالجانب الخاص بإيقاف المعارك بشكل كامل، ونظراً إلى تجارب هدن سابقة خرقت، فستكون هناك حاجة ماسة إلى تأكد اختلاف هذه الهدنة عن سابقتها، وصحيح قد تكون هذه الهدنة المراقبة هي فعلياً أكثر التزاماً وتماسكاً من نماذج الهدن السابقة التي كانت تنهار في يومها الأول أو حتى ساعاتها الأولى بعودة القتال بشكل أكثر ضراوة وعنفاً بين الطرفين، بالتالي سيكون العامل الثاني مرتبطاً بالمدى الزمني للهدنة بعد ضمان سريانها، لذلك فإن تمديدها لمدة زمنية أطول والالتزام بها قد يدفع البعض إلى التفكير في العودة للخرطوم". أضاف أن "من الضرورة عدم إغفال عوامل أخرى مرتبطة بقرار العودة على رأسها توفر الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغذاء ودواء وأمن وعودة الحياة إلى طبيعتها في المجال الاقتصادي وانتعاش الأسواق مجدداً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الخاتم أن "من الضروري الإقرار بأن الشق الاقتصادي لهذه الحرب ليس ضمن الجوانب المنظورة في ظل التركيز على وقف الحرب، لذلك فإن قرار العودة لا يرتبط فقط بالوضع العسكري والحربي، ولكن بتوفير حاجات الناس التي من المؤكد لن تكون متاحة ومتوفرة كما كانت قبلها".

كارثة اقتصادية

من جانبه قال المحلل الاقتصادي نور الدائم حسين إن "البنية التحتية الاقتصادية والإنتاجية دمرت بشكل كبير للغاية، وتحتاج حال توفر الأموال من الدولة لتغطية الأضرار التي لحقت بها إلى فترة لا تقل عن أشهر أو عام لتعاود العمل مجدداً". أضاف أن "الوضع الحالي سيترتب عليه فعلياً فقدان عدد كبير من الناس وظائفهم وبحثهم عن بدائل جديدة قد يكون معظمها متاحاً في مناطق الإنتاج الحقيقي خارج العاصمة، وهذا ما قد يسهم في انتعاش اقتصاد جديد وبديل في هذه المرحلة لتغطية حاجات الخرطوم أو اللجوء للخيار الثاني لسد فجوة هذا العجز من خلال الاستيراد، وهو أمر ستكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد الكلي للبلاد بزيادة عجز الميزان التجاري وفقدان السودان جزءاً من العائدات الضريبية، وأيضاً توقف قطاعات واسعة من المصانع عن العمل وخروجها من دائرة الإنتاج".

هجرة عكسية

أحد المواطنين في منطقة الثورات في أم درمان يدعى محمد النعيم، قال إن "حالة الإرهاق التي أصابت طرفي الصراع جراء الاشتباكات المسلحة كفيلة بإلزامهما بالهدنة على رغم إطلاق النار المتقطع في بعض المناطق". وأشار إلى أن "آلاف السكان غادروا العاصمة الخرطوم إلى وجهات متعددة، وفي ظل الظروف التي تمر بها البلاد من الصعب عودتهم في القريب العاجل نظراً إلى الدمار الكبير في المؤسسات الحكومية والخاصة". وتوقع النعيم هجرة عدد كبير من المواطنين إلى أرياف السودان المختلفة للإقامة والعمل خصوصاً الباعة المتجولين والعمالة الموقتة. ونوه بأن "فرص العودة الكاملة لكثيرين لن تتحقق على رغم ارتباط البعض بالعمل والحياة والممتلكات ومستقبل الدراسة للأبناء، وهناك عوامل نفسية أخرى تصاحب الذين نزحوا من العاصمة بعد أن شهدوا الترويع والقتل"، وتخوف النعيم من استغلال الهدنة في إعادة ترتيب الأوراق العسكرية والميدانية لكل طرف وتعزيزها وزيادة العدة والعتاد لقتال أكثر شراسة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات