ملخص
أكثر من 33 مليون مستخدم للإنترنت في السعودية يقضي نصفهم ثلث اليوم في شراء السلع والخدمات إلكترونياً، لكن عملية التسوق مهددة عند طلب مندوب التوصيل "الموقع"
أكثر من 33 مليوناً من أصل 35 مليون نسمة في السعودية يستخدمون الإنترنت، و49 في المئة منهم يقضون ثلث يومهم في شراء السلع، والخدمات تتصدر أنشطتهم على الشبكة العنكبوتية بنسبة 64 في المئة. وقد فتح السعوديون للتسوق الإلكتروني محافظ مالية بل وأصبحت طريقتهم المفضلة، وبحسب موقع بيانات "ستاتيستا" فإنه يوجد حالياً 28.4 مليون مستخدم للتجارة الإلكترونية، ومن المتوقع أن يصلوا إلى 34.5 مليون بحلول عام 2025.
وأسهمت سهولة استخدام الإنترنت ونمو خدمات المدفوعات بشكل كبير في زيادة النمو بهذا المجال بنسبة سنوية تتجاوز الـ 32 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، وبلغ إجمال السجلات المصدرة 4093 سجلاً مقارنة بالربع الأول من العام الماضي 2022 البالغ 3499، بزيادة نسبتها 17 في المئة، ليصل الإجمال إلى 33074 سجلاً بنهاية الفترة.
وعلى رغم نمو قطاع التسوق عبر الإنترنت في السعودية إلا أن المستخدمين يصطدمون دوماً بطلب مناديب التوصيل المتمثل في عبارة "أرسل لوكيشن"، أي أرسل الموقع، والتي تفتح الباب أمام المندوب لعدم أداء الخدمة، وفي الوقت نفسه عدم حصول العميل على سلعته، وهو ما يثير التساؤل حول أنه في الوقت الحالي يمكن شراء أي شيء وكل شيء بلمسة واحدة فقط على الهاتف الذكي، ولكن هل من الممكن أن يصل الطرد بعد إتمام عملية الشراء بثوان؟
التحدي القائم في التجارة الإلكترونية مع الإقبال عليها سواء بالشراء أو البيع يحتاج إلى مواكبة شركات تزويد الخدمات اللوجستية التي تعلب دوراً رئيساً، فهي العمود الفقري لهذه التجارة ومن الممكن أن تكون سبباً رئيساً في خسارة أو استمرار المشاريع، فكما أن السرعة والموثوقية أمران ضروريان لشركات التجارة الإلكترونية لتقديم تجربة عملاء متسقة، فإن الابتكارات والسرعة في مجال الخدمات اللوجستية هي مفتاح لمواكبة حاجات العملاء المتزايدة.
سوق جاذبة
وتسعى السعودية إلى تطوير الخدمات البريدية اللوجستية والارتقاء بها لتحقيق الريادة في قطاع البريد والتجارة الإلكترونية إقليمياً وعالمياً، إذ يشهد حالياً عدداً من التطورات التي تستهدف تحقيق نقلة كبرى.
ومن المتوقع ارتفاع حجم استثماراته خلال السنوات القليلة المقبلة إلى 21 مليار ريال (5 ملايين دولار)، ومعها توفير قرابة 139 ألف وظيفة، فهو يمثل ركيزة أساساً للتجارة الإلكترونية التي سترتفع إلى 66 مليار ريال (17 مليون دولار) عام 2030.
لكن العميل لا يهمه أخر تطورات منظومة الخدمات اللوجستية وإنجازاتها، بقدر ما يهمه وصول المنتج إلى الموقع وتنفيذ الخدمات بسرعة فائقة وكلفة منخفضة.
وبحسب تقرير هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية فقد احتلت المواقع المحلية الحصة الكبرى من نسبة الشراء في مواقع التسوق عبر الإنترنت بـ 94.4 في المئة، وسجلت الملابس والأحذية أكثر أنواع السلع المشتراة بنسبة بلغت 84 في المئة.
وذكر أحمد المطيري، وهو مستثمر في إحدى الشركات، أن خدمات التوصيل السريع تعتمد بالدرجة الأولى على البنية التحتية والتقنية في أميركا، فعلى سبيل المثال بدأت شركة "أمازون" فكرة التوصيل السريع معتمدة في ذلك على الدرون، لافتاً إلى أنه "لا يمكن القول إن خدمات البريد والتوصيل كافية بشكل كامل في السعودية، فالسوق كبيرة وضخمة جداً وتحتاج إلى زيادة أعداد موفري خدمة التوصيل"، مشيراً إلى أن هناك تحسينات مستمرة في هذا المجال، ومن المتوقع أن تستمر خلال الأعوام المقبلة.
أما في قطاع التجارة الإلكترونية فمن السهل أن يقوم العميل بالنقرة الأولى التي تؤدي إلى إتمام عملية البيع، ولكنها ستكون الأخيرة نتيجة عدم الاهتمام الكافي بآخر مرحلة من عملية التوصيل، إذ يؤكد المطيري أن "من الصعب تغيير الانطباع الأول لهذه الخدمة لدى العميل، إذ يولد صعوبة في التحسين لاحقاً لأن من يعاود الطلب تكون كلفته دائماً أقل من الاستحواذ على عميل جديد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن فقدان العميل الثقة في المتجر، أشار المطيري إلى أنه إذا تأخر توصيل الطلبات أو لم يتم توصيلها بشكل صحيح فسيسبب ذلك إزعاجاً للعملاء، كما أن كلف الشحن المرتفعة وعدم الدقة في التوصيل يمكن أن تكونا سبباً في إلغاء الطلبات وعدم رضا العملاء، وكذلك الخطأ في الطلب وتسليم شركات الشحن طلبات لديها مشكلات مثل النقص أو اختلاف المقاسات على سبيل المثال، لافتاً إلى أنه ربما يتردد العملاء في التسوق مرة أخرى من المتجر، ولذلك فإن توفير خدمات التوصيل الممتازة والموثوقة والدقيقة جزء أساس من تجربة التسوق الإلكتروني الناجح، ويمكن أن تساعد في بناء سمعة جيدة للمتجر وزيادة الثقة لدى العملاء.
تجربة أولى
وتتذكر خولة ناصر، وهي صاحبة متجر إلكتروني متخصص في الأزياء، أول عملية تسوق لها عبر الإنترنت من موقع بيع أجنبي قبل نحو 16 عاماً، إذ كانت آنذاك بالنسبة إليها تجربة واكتشاف فضاء تسوق جديد أتاحته التكنولوجيا الحديثة، واستغرق وصول الطرد إلى موقعها أكثر من ستة أشهر، وكانت تنظر إلى وصول المنتج بهذه السرعة على أنه "معجزة ".
تعدد الخيارات والمتاجر والمنافسة أسهما في خلق تحول جديد في متطلبات المستهلكين وتوقعاتهم، فالمستهلك اليوم يبحث عن خيارات تسليم سريع ومنخفض الكلفة، وهذا يزيد التحدي لدى شركات الشحن والتوصيل.
وأشارت ناصر إلى معاناتها مع إحدى شركات التوصيل والشحن التي أدخلتها في مواجهة مع المستهلكين مما أدى إلى حدوث خسائر مباشرة، وذلك بإعادة الأموال للعملاء بسبب عدم إيصال الشحنات في الوقت المحدد وتحمل كلف إعادته مرة أخرى.
توثيق العنوان
وتستخدم شركات خدمات النقل بما فيها البريد في معظم دول العالم نظام العنوان الرسمي كوسيلة قانونية معتبرة لنقل البضائع والشحنات، أو مقر الشركة من دون الاتصال بالعميل أو طلب أية معلومات إضافية، إلا أن توصيل الطرد في السعودية يبدو مختلفاً، كما ذكرت خولة، فلا تزال شركات التوصيل تستخدم أساليباً لا تتماشى مع التوجهات الحثيثة في سياق تفعيل دور التقنية في النقل والخدمات اللوجستية، لافتة إلى مشكلة تأكيد البيانات من خلال طلب الشركة تأكيد العنوان عبر رسائل "واتساب".
ولا يتوقف الأمر على ذلك بل يطلب المندوب عبر المحادثات عنوان المنزل الذي تم التسجيل المسبق منه في الموقع، وإذا لم يرد العميل فعليه تسلم الشحنة من الفرع الرئيس للشركة، مشيرة إلى أنها عالجت هذه المشكلة بالتعاقد مع مندوبين أفراد داخل المنطقة حتى لا تخسر مزيداً من الشحنات وتمنحهم مبالغ توصيل عن كل طلب بشكل منفصل.
وعن شكاوى العملاء من شركات التوصيل، نوهت خولة إلى أن غالبيتها تتعلق بتأخر شركات الشحن في تسليم الطرود وعدم تقديمها للخدمة بشكل لائق واحترافي، موضحة أن العملاء لا يسعون إلى عملية توصيل تتميز بمعاملة لطيفة خالية من المتاعب من قبل موظف التوصيل فقط، بل يريدون أيضاً أن تتم بسرعة وبشكل مريح، وعندما لا يحصلون على الخدمة التي يتوقعونها فإنهم يسارعون إلى الاستغناء عنها.
ووفق اللائحة التنفيذية لنظام البريد السعودي فقد أعلنت الهيئة العامة للنقل أن عدم إلتزام مقدم الخدمة باستخدام العنوان الوطني للمستفيدين عند تقديمه أياً من الخدمات البريدية يعد مخالفة تستوجب العقوبة، وحددت قيمتها بـ 5 آلاف ريال (1334 دولار)، بحسب تصنيف المخالفات وتحديد العقوبات الذي أعلنته بداية مايو (أيار) الجاري، بهدف ضمان تطبيق أفضل الممارسات وتحسين تجربة المستفيدين ووضع الأدوات النظامية المناسبة لحماية الأنشطة والخدمات البريدية وتطويرها وتنميتها، والارتقاء بمستوى جودتها.