ملخص
لن يقرر التصويت فحسب من يقود تركيا، لكن أيضاً طريقة الحكم، وإلى أين يتجه اقتصاد البلاد وشكل سياستها الخارجية
تعهد كمال كليتشدار أوغلو منافس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الإثنين بالفوز عليه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد أن أظهرت النتائج شبه الكاملة أن أياً من المرشحين لم يحقق نسبة 50 في المئة زائد صوت المطلوبة.
وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري للصحافيين "إذا كان قرار أمتنا إجراء جولة ثانية، سوف نفوز بها حتماً"، مضيفاً أن "إرادة التغيير في المجتمع أعلى من 50 في المئة".
من جانبه، أعلن أردوغان أن النتائج الحالية تظهر تقدمه على كليتشدار أوغلو لكنه أحجم عن إعلان فوزه على نحو مباشر.
وفي أول ظهور بعد إغلاق مراكز التصويت، قال أردوغان إن فرز الأصوات في الخارج مستمر، مضيفاً أنه يتقدم بما يصل إلى 2.6 مليون صوت على منافسه.
وفي كلمة لحشد من أنصاره أمام مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة أكد الرئيس التركي المنتهية ولايته أنه سيحترم قرار الشعب إذا تبين أن انتخابات الرئاسة تتجه صوب جولة إعادة.
وتتجه البلاد على ما يبدو نحو جولة إعادة للانتخابات الرئاسية، في سابقة بتاريخ الجمهورية التركية الحديثة، مع إعلان حزبي أردوغان ومنافسه المعارض كليتشدار أوغلو تصدرهما السباق، لكن مصادر من كلا المعسكرين قالت إنهما قد لا يتخطيان حاجز 50 في المئة اللازم لإعلان الفوز مباشرة.
وأشارت النتائج الأولية إلى تقدم أردوغان بفارق مريح ولكن مع استمرار إحصاء الأصوات تراجع تفوقه كما كان متوقعاً، مما يمهد الطريق لجولة إعادة في 28 مايو (أيار).
وأظهرت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات تقدماً طفيفاً لصالح كليتشدار أوغلو الذي يقود تحالفاً من ستة أحزاب. وأظهر استطلاعان يوم الجمعة أن نسبة تأييده تتجاوز مستوى 50 في المئة. ورفض كلا الجانبين الأرقام التي أعلنها الآخر ولم تُعلن بعد النتيجة الرسمية.
وفي وقت سابق، قال أردوغان إن التعجيل بإعلان نتائج الانتخابات بينما لا تزال عملية إحصاء الأصوات جارية يعني سرقة إرادة الشعب، في حين دعا كليتشدار أوغلو السلطات الانتخابية إلى تسجيل جميع النتائج من مختلف أنحاء تركيا.
وأغلقت مكاتب الاقتراع في تركيا أبوابها الأحد بعد أن شهدت تدفقاً كبيراً في انتخابات تبدو خطرة على أردوغان الذي يتولى السلطة من دون منازع منذ 20 عاماً.
وانتهت عمليات التصويت عند الساعة 17:00 مساء (14:00 بتوقيت غرينتش) من دون تسجيل حوادث تذكر. وأدلى الناخبون بأصواتهم في مغلفات خضراء كبيرة داخلها بطاقة لاختيار الرئيس التركي للسنوات الخمس المقبلة وأخرى لاختيار أعضاء البرلمان الـ 600.
وعبر أردوغان الذي أدلى بصوته في مكتب الاقتراع بأوسكودار، الحي المحافظ على الضفة الآسيوية لإسطنبول، عن أمله في "مستقبل جيد للبلاد وللديمقراطية التركية"، مؤكداً حماسة الناخبين وبخاصة في المناطق المتضررة من جراء زلزال السادس من فبراير (شباط) الماضي الذي أوقع 50 ألف وفاة في الأقل.
ولم يشأ الرئيس التركي المنتهية ولايته وبدت عليه علامات التعب، إصدار أية توقعات في شأن نتيجة الانتخابات المرتقبة مساء.
وقبيل ذلك حضر مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو للإدلاء بصوته في أنقرة، وقال "اشتقنا جميعاً للديمقراطية ونفتقد وقوفنا معاً ومعانقتنا لبعضنا بعضاً"، مؤكداً "سترون الربيع يعود لهذا البلد إن شاء الله وسيستمر إلى الأبد".
وتبدو المنافسة حامية جداً لاختيار الرئيس الـ 13 للبلاد في ثالث اقتراع عام مباشر بعد قرن على تأسيس الجمهورية التي تبدو منقسمة أكثر من أي وقت مضى.
وعلى الناخبين المنقسمين بين الرئيس المحافظ (69 سنة) الحاكم منذ 20 عاماً ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو (74 سنة) الذي يترأس حزباً اجتماعياً ديمقراطيا علمانياً وهو "حزب الشعب الجمهوري"، أن يمنحوا أحدهما 50 في المئة من الأصوات في الأقل لتأكيد الفوز من الدورة الأولى.
وقال رجب توركتان (67 سنة) الذي كان ينتظر أمام مكتب اقتراع في أوسكودار إن "ما يهم هو عدم تقسيم تركيا".
وسُجل 64 مليون ناخب سيختارون أعضاء برلمانهم أيضاً في جميع أنحاء هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة، ويشهد إقبالاً على التصويت يتمثل في نسب مشاركة تزيد على 80 في المئة، فيما حقق مرشح ثالث وهو سنان أوغان بعض التقدم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي أجواء احتفال في هذا اليوم المصادف عيد الأمهات في تركيا، حضر الناخبون إلى مكاتب الاقتراع في أجواء جيدة.
وقالت هاندي تيكاي (55 سنة) في حي شيشلي الراقي في إسطنبول إن "الاقتصاد ليس أولوية ويجب أن نبدأ بالمواضيع الأساس مثل إعادة حقوق الإنسان والديمقراطية واستعادة كرامتنا".
وإلى جانبها قال ألفي أمينتشي "لتبسيط الأمور نريد الثورة الفرنسية، مساواة وحرية وأخوة، لأن كل هذا فقد خلال الأعوام الـ 20 الماضية".
وأدلت نوركا سوير بصوتها وهي تضع الحجاب في حي أوسكودار المحافظ المؤيد للرئيس المنتهية ولايته على الضفة الآسيوية من البوسفور في إسطنبول، موضحة "أقول استمروا مع أردوغان".
أما في أنطاكية جنوب تركيا التي ضربها زلزال مدمر في السادس من فبراير الماضي، فوصل محمد طوبال أوغلو باكراً ليكون من أوائل الذين يدلون بأصواتهم، مؤكداً الحاجة إلى التغيير.
لكن الجروح تبقى حية بعد ثلاثة أشهر على الكارثة، وبحسب إيلين كاركاس فإن "الدولة لم تأت لمساعدتنا"، مشيرة إلى أن ممثلي الدولة "وصلوا بعد ثلاثة أو أربعة أيام" من الكارثة.
وبحسب الشابة فإن عدد المقترعين لمصلحة أردوغان "سينخفض كثيراً" هذا العام في محافظة هاتاي حيث تقع أنطاكية، وهي من أكثر المناطق تضرراً من كارثة الزلزال الذي أودى بأكثر من 50 ألف شخص.
ويقود كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة ائتلافاً من ستة أحزاب متنوعة من اليمين القومي إلى يسار الوسط الليبرالي، كما حصل على دعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد ويعتبر القوة السياسية الثالثة في البلاد.
وخلال الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت عام 2018 فاز أردوغان من الدورة الأولى بعد حصوله على أكثر من 52.5 في المئة من الأصوات، ولذلك سيشكل احتمال تنظيم دورة ثانية في الـ 28 من مايو (أيار) الجاري انتكاسة له.
ووعد أردوغان باحترام حكم صناديق الاقتراع الذي يراقبه مئات الآلاف من مؤيدي الجانبين.
وكان أردوغان اعتمد على قوة قطاع البناء خصوصاً، مشيراً إلى إنجازاته العظيمة التي أدت إلى تحديث تركيا، ليبرز نجاحه خلال العقد الأول من توليه السلطة كرئيس للحكومة أولاً، لكن الزلزال كشف فساد المقاولين والسلطات التي أصدرت تصاريح البناء في تحد لقواعد الوقاية من الزلازل.
وفي مواجهته استخدم كليتشدار أوغلو ورقة التهدئة واعداً بإقامة دولة القانون واحترام المؤسسات التي تضررت خلال الأعوام الـ 10 الماضية بسبب ميول أردوغان الاستبدادية.
وكشفت استطلاعات الرأي أن خطاباته القصيرة والهادئة خلافاً لما يعبر عنه أردوغان من غضب وشتائم، أقنعت 5.2 مليون شاب تركي سيصوتون للمرة الأولى.
وقال الخبير السياسي أحمد إنسل الذي يقيم في باريس إن "هزيمة أردوغان ستظهر أنه يمكننا الخروج من نظام استبدادي راسخ عبر صناديق الاقتراع".
من جهته قال الباحث في "مركز الدراسات الدولية - علوم سياسية" في باريس والمدير السابق للمعهد الفرنسي لدراسات الأناضول بيرم بالسي، إن "فوز كليتشدار أوغلو سيظهر أنه يمكننا تحقيق انتقال سلس في بلد مسلم".
وتجري الانتخابات وسط متابعة دقيقة من الخارج لما قد يشكل "ربيعاً تركياً"، إذ إن هذا البلد العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) يتمتع بموقع فريد بين أوروبا والشرق الأوسط، وهو لاعب دبلوماسي رئيس.
ومن المتوقع صدور التقديرات الرسمية الأولى بعد أربع ساعات من إغلاق مكاتب الاقتراع.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى منافسة حادة بين المتنافسَين مع تقدم طفيف لزعيم المعارضة التي تتمثل بجبهة موحدة للمرة الأولى.
ويقود كيليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة ائتلافًا من ستة أحزاب متنوعة من اليمين القومي إلى يسار الوسط الليبرالي.
كما حصل على دعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، ويعتبر القوة السياسية الثالثة في البلاد.
تابعوا مستجدات الانتخابات التركية مع اندبندنت عربية: