Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تشرق شمس تركيا من جديد مع كليتشدار أوغلو؟

تراجع الثقة في الحزب الحاكم يعطي المعارضة "المتحدة" خطوة إلى الأمام نحو أنقرة ومخاوف من إفساد الانتخابات بإعلان الطوارئ

6 أحزاب تركية معارضة اجتمعت على ترشيح كليتشدار أوغلو رغم اختلاف أيديولوجياتها  (أ ف ب)

ملخص

الجمهورية التركية تقف في منتصف الطريق وتسعى المعارضة إلى الأخذ بيدها إلى بر الأمان بقيادة كمال كليتشدار أوغلو.

يوماً بعد آخر يشتد الطريق إلى أنقرة صعوبة، إذ تعصف به الرياح من كل ناحية، فالجمهورية التركية تشهد بعد نحو قرن من تأسيسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأشرس والأصعب، فتمر البلاد بواحدة من أكثر المراحل حرجاً منذ قيامها بسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد أخيراً والزيادة غير المبررة على جميع السلع وارتفاع حدي الفقر والجوع، إلى جانب كوارث طبيعية لم تستعد لها الحكومة خلفت عشرات آلاف الضحايا وبات بسببها مئات آلاف المواطنين مشردين في وطنهم بعد خسارة ممتلكاتهم.

حزب التنمية والعدالة يتولى سلطة الحكم منذ نحو عقدين من الزمان ويحمله كثيرون مسؤولية ما تمر به الجمهورية من أزمات منها دخول اللاجئين بشكل غير شرعي وارتفاع نسبة الجريمة في البلاد، حيث ذكرت مساعدة الرئيس العام لحزب الشعب الجمهوري غمزة أكوش الغازدي في التقرير الذي نشرته في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2020 بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان أن عدد الذين صدرت ضدهم أحكام بسبب جرائم قتل ارتفع في2019  بنسبة 532 في المئة مقارنة بـ2009.

ويبدو أن المرشح الأقرب لكسر حكم حزب العدالة والتنمية الذي يمثله الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان هو المرشح عن الطاولة السداسية التي تمثلها أطراف المعارضة كمال كليتشدار أوغلو الذي ارتفعت نسبة وصوله إلى أنقرة وبشكل ملحوظ من خلال الدراسات واستطلاعات الرأي، لكن من هو كليتشدار أوغلو؟

كمال كليتشدار أوغلو

كليتشدار أوغلو البالغ من العمر 74 سنة والمولود في تونجالي والمنتمي في الوقت ذاته إلى الطائفة العلوية، خصم الرئيس الحالي أردوغان اللدود والمواجه الأقوى له في الطريق الـ23 إلى أنقرة.

كليتشدار أوغلو المرشح من قبل ستة أحزاب معارضة اجتمعت على رغم اختلاف طرقها وأيديولوجياتها تحت مظلة واحدة، اتحدت جميعاً على المضي قدماً في سبيل إسقاط حكم دام لمدة عقدين لحزب أنهك في الأعوام الأخيرة، بل أصبح غير قادر على الصمود في وجه ما يعصف بالبلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية.

الحزب الحاكم فقد ثقة كثيرين بحسب استطلاعات الرأي، مما يعطي المعارضة خطوة إلى الأمام تسبق الحزب الحالي نحو أنقرة.

لكن ما يثير فضول كثيرين وما يطغى على قائمة الأكثر تداولاً في الرأي العام، مسألة أمن وسلامة سير الانتخابات بالشكل المرجو. ففي بيانات الناخبين الصادرة من أحد مراكز الاقتراع لوحظ وجود عدد من أصوات غير حاملي الجنسية التركية قد أدلوا بأصواتهم بغير رقيب ولا حسيب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إضافة إلى ذلك فبعد زلزال السادس من فبراير (شباط) المدمر وصل عدد تاركي مناطقهم الحالية إلى سقف مليوني شخص تم قيد وتحديث بيانات 400 ألف منهم، وهذه مسألة تنعكس وتؤثر سلباً في سلامة الانتخابات. فرئيسة حزب "الخير" ميرال أكشنار طالبت بتطبيق ما يسمى "صبغة الانتخابات" ولاقت دعماً واسعاً من قبل أطياف المعارضة، لكن أتى رد المجلس الأعلى للانتخابات سريعاً بخطاب يرفض فيه مطالبها.

جمهورية تركيا تعد واحدة من أدنى الدول من ناحية سلامة أمن الانتخابات، مما يفرض على تحالف الأمة الوقوف بشكل صارم في وجه التلاعب الذي ربما يطرأ من قبل حكومة الرئيس أردوغان كما حدث في انتخابات إسطنبول السابقة. عندها ستتمكن المعارضة والمرشح عنها من تمزيق ورقة من أوراق الرئيس الحالي التي من المرجح أن يستخدمها للبقاء لولاية ثالثة.

حملة انتخابية مختلفة

بينما سئم الداخل التركي من الخطابات الفارغة والوعود الواهمة التي لم يتحقق منها كثير على أرض الواقع والتي على النقيض تماماً منها زجت بالبلاد في طريق ذي نهاية ضبابية لا وضوح فيها، كان لزاماً على تحالف الأمة أن يسعى إلى فض الضباب بأشياء ملموسة معقولة تجذب أصوات الداخل التركي لمصلحتهم. فتماسك المعارضة بمختلف أطيافها ووقوفها صفاً واحداً في وجه الحزب الحالي وتحالف الجمهور ووعد المرشح عن التحالف كليتشدار أوغلو رئيس بلدية إسطنبول الحالي ورئيس بلدية أنقرة أيضاً بمناصب مساعدي الرئيس أكسبتها قوة لم تحصل عليها سابقاً قط.

وعندما ننظر إلى الانتخابات المنعقدة سابقاً كان هناك فكر سائد بين أطراف الداخل التركي بأنه إذا لم تحصل مفاجآت كبيرة تغير مسار الطريق إلى أنقرة فإن الحزب الحاكم سيستمر لولاية ثانية وأنه يجب على المعارضة بذل أقصى الجهود للصمود وتجاوز أردوغان والفوز بالانتخابات، لكن الوضع مختلف تماماً هذه المرة، بل حتى إن الفكر السائد سابقاً انقلب رأساً على عقب، فزاد من فرض فكرة ارتفاع فوز المعارضة في الانتخابات.

فسياسات الحزب الحاكم الأخيرة التي كانت تحاول إبعاد الأحزاب والطوائف الأخرى عن المشهد، بل حتى إعلان عدائها لهم وأنهم كانوا السبب في كل مشكلة حلت بالبلاد، نفرت بعض الداعمين لها من رغبتهم في الإدلاء بأصواتهم وسحب ثقتهم من الحزب الحاكم، فأصبح لزاماً على تحالف الأمة الظهور للعلن من منطلق الحاضن لكل الأطياف، القابل بكل اختلافاتهم وتوجهاتهم وإبراز هذه القيمة المهمة، إضافة إلى أن ظهور جميع رؤساء المعارضة معاً في جولات الحملة الانتخابية هو من أهم أسباب جلب مزيد من الأصوات وكسب ثقة الناخبين.

وإذا أراد تحالف الأمة قلب الطاولة وإنهاء السباق في الجولة الأولى، فعليه حتماً الحصول على دعم حزب الشعوب الديمقراطي، فالأكراد الذين يمثلون ما نسبته ثمانية في المئة من الناخبين كان حصول التحالفات على دعمهم أيضاً أمراً لا يقل أهمية عما ذكر آنفاً. فزيارة المرشح عن تحالف الأمة مقر الحزب بعد إعلانه مرشحاً عن المعارضة كانت خطوة جريئة في سبيل الحصول على أصوات الأكراد.

وتتعاظم فرص كليتشدار أوغلو الذي بدأ يتخطى الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في نسبة استحواذه على الأصوات، بحيث أعلن استطلاع أن نسبة فوز المعارضة في الجولة الأولى ارتفعت إلى 47.7 في المئة بينما ظل احتمال فوز الحزب الحاكم ثابتاً لم يتغير.

على أية حال هناك أقل من أسبوع على صفارة نهاية الحملات الانتخابية لتستعد الجمهورية التركية لإعلان الفائز في الطريق إلى أنقرة.

وعود مختلفة

تستمر الحملات الانتخابية التي يقودها زعماء المعارضة من أجل حشد مزيد من الأصوات والتي تقودهم للفوز في الطريق الصعب إلى العاصمة، فكليتشدار أوغلو المرشح عن تحالف الأمة نشر خريطة الطريق للمئة يوم الأولى بعد توليه الرئاسة، بدءاً من مكافحة الفساد المتفشي داخل أروقة النظام الحاكم إذ لا تكاد تخلو وزارة أو هيئة لم يطرق بابها وكانت على رأس تلك الوعود، فـ418 مليار دولار ستسترد لخزانة الحكومة بحسب ما نشرته المعارضة، إضافة إلى عدم حاجة رئاسة الجمهورية إلى 16 طائرة رئاسية، سيتخلى عنها كليتشدار أوغلو بمجرد وصوله إلى عرش الحكم في أنقرة، فالرفاهية المطلقة على حساب الشعب المكلوم لم يعد لها مكان.

أما بالنسبة إلى التضخم الذي بلغ أوجه وارتفاع أسعار السلع الأساسية بفعل السياسات المتسرعة والمتهورة من الحكومة الحالية التي تحاول بذل أقصى الجهود لصرف أنظار الداخل عن الأزمة باللعب بأوراق المشاريع الحيوية، فما زالت خطابات كليتشدار أوغلو تحول دون مقدرة الحزب الحالي على تغطية الأزمة، فكان لزاماً على أردوغان استخدام الخطابات الدينية المثيرة للجدل لجلب أصوات ساحبي الثقة من الحزب الحالي.

إلى جانب الأزمة الاقتصادية تأتي أحداث زلزال فبراير المدمر على رأس وعود كليتشدار أوغلو، فبعد الإخفاق في مساندة الضحايا من قبل هيئة مكافحة الكوارث، وعد بإعادة هيكلة الهيئة خلال المئة يوم الأولى. أما في ما يتعلق بوعود الإصلاحات التنفيذية والتشريعية، فتعهدت المعارضة بالعودة للنظام البرلماني، إضافة إلى إعادة منصب رئيس مجلس الوزراء الذي تم إلغاؤه بواسطة الرئيس الحالي أردوغان بعد استفتاء أجري في 2017. ومحاربة البطالة كانت أيضاً في مقدمة وعود المرشح من قبل المعارضة، فأعلن كليتشدار أوغلو عن تعيين 100 ألف معلم احتفاء بمرور مئة عام على تأسيس الجمهورية، إضافة إلى وعده بقرب وصول التعليم إلى أصغر قرى الجمهورية للارتقاء بالمستوى التعليمي للبلاد.

كل هذه الوعود وغيرها توحي بإشراق شمس الجمهورية من جديد، وهي التي يسعى الحزب الحاكم الحالي إلى إبقائها متوارية والزج بالجمهورية في مزيد من الطرق الوعرة التي سئم الداخل التركي من الخوض فيها، فأصبح المواطن البسيط لا يجد قوت يومه في بعض الأوقات بحسب محللين، الأمر الذي يستدعي الوقوف بكل حزم في وجه محاولات حكومية حالية لإفساد الانتخابات، فحديث وزير الداخلية سليمان صويلو عن فرصة لاستكمال المهمة التي بدأت في الـ15 من يوليو (تموز) لتمهيد الطريق للحكومة الحالية للمواصلة في حالة الطوارئ بمثابة إعلان لمزيد من التوتر الذي طرأ ولا يزال على الطريق إلى أنقرة، بخاصة أن الحكومة الحالية ستلجأ بكل الوسائل إلى الفوز بالانتخابات تحت شعار "كل شيء في طريق الفوز مباح".

الجمهورية التي تقف في منتصف الطريق تسعى المعارضة إلى الأخذ بيدها إلى بر الأمان بقيادة كمال كليتشدار أوغلو.

وأخيراً فإن الحفاظ على التماسك الذي يبدو مستمراً ما بين أطراف المعارضة والوعود المقدمة وحرصهم على سلامة صناديق الاقتراع من التلاعب وخروجهم في الحملات الانتخابية تحت سقف واحد يقودهم فيه مرشحهم كمال كليتشدار أوغلو وتمثيلهم لمبدأ "تحت قلب رجل واحد" جميعها عوامل تلعب بعكس السياسة المتبعة لمدة أعوام طويلة من قبل الحزب الحاكم وستكون فرصتهم في الفوز بسباق الطريق إلى أنقرة.

المزيد من تحلیل