Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في مؤشر جديد... اليمن عدو للصحافة

إحصائيات جديدة تكشف عن حالة التردي المريع الذي يعيشه واقع الكلمة في كل أطراف البلاد

صحافيون يمنيون يطالبون بتحرير زملائهم المعتقلين في وقت سابق (رويترز)

ملخص

منذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي تعيش الصحافة اليمنية أسوأ فتراتها منذ أن دخل البلد في حرب دامية جراء الانقلاب الحوثي في عام 2014

منذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي تعيش الصحافة اليمنية أسوأ فتراتها منذ أن دخل البلد في حرب دامية جراء الانقلاب الحوثي في عام 2014، حتى بات على الصحافي توقع أسوأ الاحتمالات التي من الممكن أن تواجهه من قتل واعتقال واعتداء أو نفي في مخيمات النزوح أو بلدان الشتات في أحسن الأحوال.

هذا الواقع كشفت عنه البيانات الصادرة المعززة بالإحصائيات والأرقام المرصودة التي تترجم الوضع المأسوي لممتهني "السلطة الرابعة" هناك، منها ما أورده بيان صادر من منظمة "مراسلون بلا حدود"، تزامناً مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، 3 مايو (أيار)، قالت فيه إن "اليمن ما زالت من أخطر بلدان العالم على سلامة الصحافيين، إذ لا يزال في المرتبة 168 على مستوى العالم وفي المرتبة 19 بين الدول العربية".

أرباب الكلمة رهائن

أصدرت "مراسلون بلا حدود" (مقرها باريس) تصنيفها السنوي وفقاً لمؤشر حرية الصحافة العالمي الذي شمل 180 بلداً، وكشف عن أن الوضع جيد جداً في 8 دول، وجيد في 44 دولة، وإشكالي في 55 دولة، فيما أظهر التصنيف أن الوضع صعب في 42 دولة، وشديد الخطورة في 31 دولة.

ونتيجة استمرار الصراع "لا يزال اليمن من أخطر بلدان العالم على سلامة الصحافيين، إذ لا تزال البلاد تحتل الصدارة في التصنيف العالمي للدول، حيث يوجد أكبر عدد من الصحافيين الرهائن، ويلي اليمن في الترتيب سوريا".

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 اتهمت الحكومة اليمنية الشرعية على لسان رئيس الوزراء معين عبدالملك، الحوثيين باتخاذ الصحافيين المعتقلين كرهائن، من أجل إخضاع المناهضين لمشروعها القمعي.

الاستقطاب والسيطرة

ومع حالة الشد السياسي رأت المنظمة أن "الإعلام اليمني مستقطب من قبل مختلف اللاعبين في الصراع وليس أمامه خيار سوى التوافق مع السلطة القائمة، بحسب منطقة السيطرة التي يجدون أنفسهم فيها، تحت وطأة العقوبات، وتم حظر الوصول إلى وسائل الإعلام عبر الإنترنت منذ سيطرة الحوثيين على وزارة الاتصالات".

وجراء حالة الاستقطاب السياسي هذا "يعد توفير المعلومات المستقلة في اليمن أمراً صعباً، حيث تخضع الصحافة لسيطرة أطراف النزاع. أما بالنسبة إلى الصحافيين الأجانب، فقلما يستطيع الوصول إلى الميدان بغض النظر عن المنطقة التي يوجدون فيها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتصدر الحوثيون قائمة المنهكين للصحافة في اليمن بالمسؤولية عن ارتكاب 467 حالة احتجاز، تليها الحكومة اليمنية بالمسؤولية عن 56 حالة اعتقال، ثم التشكيلات المسلحة الخارجة عن الدولة بالمسؤولية عن ارتكاب 46 حالة اختطاف، ثم رابعاً التنظيمات المتطرفة بـارتكاب أربع حالات اختطاف، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة "رايتس رادار". ولم تعلق أي من الجهات المتهمة على البيان، لكن جماعة الحوثي اعتادت ترديد مزاعم تبنيها خيارات حرية الصحافة والتعبير في اليمن رغم صدور عشرات التقارير المحلية والدولية التي تؤكد توثيقها لعدد كبير من الانتهاكات المروعة التي تمارسها بحق الصحافيين.

تغيير المهنة

عن طبيعة عملهم في ظل هذه البيئة المخيفة "يخضع الصحافيون للمراقبة، ويمكن اعتقالهم لمجرد نشرهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى لا يتعرضوا لأعمال انتقامية يقرر بعضهم تغيير وظائفهم بشكل جذري، وهذا لا يمنع عنهم المقاضاة على كتاباتهم القديمة"، وفق تقرير المنظمة.

إضافة إلى هذه الانتهاكات، فإن حرية الصحافة واجهت موجات تجريف ممنهجة، وتحولت أكبر مدن البلاد إلى مناطق مغلقة على الصوت الواحد الذي لا يعلو سواه، وتم طمس التنوع الإعلامي الذي كان سائداً في البلاد إلى حد ما. 

عرضة للاعتقال والتغذيب

ونتيجة لهذا الحال، بات "الصحافيون في اليمن عرضة للاختطاف من قبل الحوثيين أو (القاعدة) أو الحكومة الرسمية، كما أنهم مستهدفون بالعنف والانتهاكات من قبل الميليشيات، ومستهدفون بالهجمات والاغتيالات والتهديدات بالقتل". وأكد التقرير أنه "بمجرد اعتقالهم قد يصبحون ضحايا للتعذيب وسوء المعاملة". كما تؤكد إحصاءات رسمية سابقة مسؤولية ميليشيات الحوثي عن مقتل 40 من الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام في اليمن، متصدرة قائمة الجهات المسؤولة عن هذا النوع الجسيم من الانتهاكات، تليها مجموعات مسلحة مجهولة بالمسؤولية عن 17 انتهاكاً، وجاءت في المرتبة الخامسة تنظيمات متطرفة بارتكابها حالتي قتل.

ومن بين الأسرى الذين جرى تحريرهم في صفقة التبادل السابقة صحافيون كانوا مدانين بالإعدام قبل أن تتم مبادلة سجناء آخرين بهم.

6 رهن الاعتقال

وفي آخر عملية رصد للعاملين التابعين لها، رصدت نقابة الصحافيين اليمنيين وفقاً لتقريرها الصادر الشهر الماضي 20 حالة انتهاك طالت الحريات الإعلامية ابتداء من 1 يناير (كانون الأول)، إلى 30 مارس (آذار) من العام الجاري 2023.

 وأشارت النقابة إلى أنه لا يزال هناك 6 صحافيين معتقلين، منهم 3 لدى جماعة الحوثي هم وحيد الصوفي، ومحمد عبده الصلاحي، محمد علي الجنيد، وصحافي لدى قوات الحزام الأمني بعدن التابعة للمجلس الانتقالي الشريك في الحكومة الشرعية، وصحافي لدى تنظيم القاعدة بحضرموت منذ العام 2015 هو محمد قائد المقري.

ليست بحجم الواقع

ومع ما يكشفه التصنيف من مكابدات صعبة للعاملين في المجال الصحفي في البلد، إلا أن رئيس لجنة الحقوق والحريات في نقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسدي يرى أن التقارير الدولية الصادرة عن المنظمات المهتمة بالحريات الصحافية ليست بحجم واقع الكارثة التي يعيشها العاملون في المجال في بلاده. 

ويرجع أسباب ذلك إلى الوضع السياسي والاقتصادي والتعاطي الهامشي لليمن في نظر المجتمع الدولي وعدم الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان والحريات الصحفية هناك. 

ويضيف الأسيدي، "دائماً ما تظهر هذه الاحصائيات أقل بكثير مما نجده على أرض الواقع، نظراً لغياب عمليات الرصد الميداني الحقيقي في الداخل، ما يجعل القضية الإنسانية وحرية التعبير في مرتبة متأخرة من الاهتمام الدولي، وربما لو كانوا على اطلاع كاف بما يجري، لوجدنا اليمن في ذيل القائمة على مستوى العالم".  ولهذا يعتقد أن تقرير بلا حدود "رغم أهميته، إلا أنه بحاجة للمزيد من الاطلاع واقعياً لمعرفة كافة الجوانب الحقيقية التي تسببت بهذه الكارثة التي حلت بالعمل الصحفي في اليمن".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي