ملخص
البنك الدولي يخفض توقعاته لنمو اقتصاد دول الشرق الأوسط إلى ثلاثة في المئة
رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو القطاعات غير النفطية في دول الخليج خلال العام الحالي، بينما خفض تقديراته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة خلال عام 2023، وفي تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي"، قلص الصندوق تقديراته لنمو اقتصاد دول المنطقة بمقدار 0.7 نقطة أساس إلى 2.9 في المئة مقارنةً بـتقديراتها السابقة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي البالغة نحو 3.6 في المئة.
ومع ذلك، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد غير النفطي من 3.7 في المئة في التقديرات السابقة، إلى 4.2 في المئة خلال العام الحالي، وأشار إلى أن معظم البلدان المصدرة للنفط، يتوقع أن تستمر في تعزيز مواردها المالية العامة، لكن مع ذلك، سيظل بعضها معرضاً بشدة لتقلبات أسعار النفط، مع احتمال التحول إلى عجز مالي إجمالي على المدى المتوسط في حال تراجع سعر النفط عن المستوى اللازم لموازنة ميزانيات تلك الدول.
تأتي توقعات صندوق النقد الدولي بعد تقرير صادر عن معهد التمويل الدولي، أشار إلى أن القطاعات الاقتصادية غير النفطية في دول الخليج ستحافظ على أدائها القوي في العام الحالي، الأمر الذي يحد من تأثير تراجع إنتاج النفط وأسعاره في نمو دول المنطقة.
السيطرة على معدلات التضخم
وكان البنك الدولي، قد خفض توقعاته للنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى ثلاثة في المئة خلال العام الحالي مقابل نمو محقق بنسبة 5.8 في المئة خلال العام الماضي، وذكر في تقرير المستجدات الاقتصادية الأخير، أنه بعد نشوب الحرب في أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، زاد التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية للسلع مثل النفط والغاز والمنتجات الغذائية.
لكن وفق البنك الدولي، تعامل دول المنطقة مع التضخم كان متبايناً... فمن ناحية، تمكنت اقتصادات مجلس التعاون الخليجي إلى حد كبير من إبقاء معدلات التضخم فيها دون المتوسطات العالمية، كما شهد الأردن والعراق مستويات منخفضة نسبياً من التضخم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن ناحية أخرى، شهدت بلدان مثل مصر والمغرب وتونس مستويات أعلى من التضخم، حيث لعب انخفاض أسعار الصرف مقارنة بالدولار الأميركي دوراً مهماً بين مارس (آذار) وديسمبر (كانون الأول) 2022، فقد انخفضت قيمة العملة المحلية لمصر مقابل الدولار الأميركي بنسبة 32.2 في المئة، وفي المغرب بنسبة 7.4 في المئة، وفي تونس بنسبة 5.8 في المئة.
وبلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 10 في المئة في معظم اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات الدخل المتوسط والمنخفض في عام 2022، وكان تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى كثيراً من التضخم العام في أغلب اقتصادات المنطقة، فقد بلغ متوسط تضخم أسعار المواد الغذائية على أساس سنوي مقارنة بين مارس وديسمبر 2022 حوالى 29 في المئة في المنطقة، وهي نسبة أعلى بكثير من التضخم العام الذي بلغ 19.4 في المئة، ومن شأن هذه الزيادات المتفاقمة في أسعار المواد الغذائية، حتى وإن كانت مؤقتة، أن يكون لها آثار طويلة الأمد.
رفع الفائدة وهروب الاستثمارات الأجنبية
ويرى البنك الدولي، أنه على رغم توقع حدوث تراجع في معدل التضخم العالمي، فإن التوقعات تشير إلى أنه سيظل أعلى من مستويات ما قبل الوباء لفترة أطول، وهو ما يزيد من مخاطر إقدام الاقتصادات المتقدمة على زيادة تشديد السياسة النقدية، الأمر الذي سينعكس بشكل كبير على تدفقات رؤوس الأموال إلى البلدان النامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يزيد من الضغوط على أسعار الصرف في هذه البلدان، الأمر الذي قد يؤدي بعد ذلك إلى مزيد من التضخم نظراً لزيادة تكلفة السلع المتداولة عالمياً بالعملة المحلية.
وركز تقرير البنك الدولي على أن أسعار النفط كانت العامل الحاسم في تقدير توجهات اقتصادات هذه المنطقة، فكما كانت الأسعار المحرك الرئيس الذي دعم النمو القوي لدول مجلس التعاون خلال 2022، شكلت هذه الأسعار العامل الرئيس أيضاً في تقليص توقعات البنك خلال العام الحالي والمقبل.
لكن وعلى رغم ضعف الطلب على النفط، يتوقع البنك استمرار النمو المرتفع نسبياً وذلك بزيادة الطاقة الإنتاجية للهيدروكربونات، لا سيما بمساعدة تنمية حقول الغاز الطبيعي الجديدة.
ورجح التقرير، أن تنخفض الأرصدة المالية العامة لدول الخليج، لكنها ستظل في حيز الفائض، مع توقع أن تحقق قطر فائضاً في المالية العامة بنسبة 6.5 في المئة، والإمارات بنسبة 6.2 في المئة في 2023، وعلى رغم التباطؤ الأخير، فإن كلاً من أرصدة الحساب الجاري والمالية العامة أعلى بكثير من المتوسط الذي كان سائداً قبل الوباء في دول مجلس التعاون الخليجي البالغ نحو 5.7 في المئة في حساب المعاملات الجارية وسالب 3.2 في المئة لأرصدة المالية العامة في 2019.