Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذيرات من عاصفة "كبرى" تجتاح القطاع المصرفي الأميركي

مستثمر دولي يؤكد أن البنوك تعاني أزمة "القروض الرديئة" لقطاع العقارات التجارية

إجمالي احتياطي البنوك لدى البنك المركزي الأميركي  2.999 تريليون دولار (أ ف ب)

ملخص

خفضت مؤسسة "موديز" التصنيف الائتماني لنحو 22 بنكاً أميركياً الشهر الماضي

حذر المستثمر الشهير تشارلي منجر نائب رئيس أكبر الصناديق الأميركية "بيركشاير هاثاوي" والذراع اليمنى لرئيسها وارين بافيت من عاصفة تعتمل بشدة في سوق العقارات التجارية. وقال منجر في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" إن البنوك الأميركية "مليئة بالقروض الرديئة" في الوقت الذي بدأت فيه أسعار العقارات في الانخفاض.

وتأتي تصريحات منجر متزامنة مع انهيار بنك آخر في أميركا، وهو بنك "فيرست ريبابليك"، مما يشير إلى استمرار أزمة البنوك التي اندلعت منتصف شهر مارس (آذار) الماضي بانهيار "بنك وادي السيليكون" وبنك "سيغنتشر" وقبلهما بنك "سيلفر غيت".

يذكر أن الأزمة المالية العالمية في عام 2008 بدأت أيضاً من هبوط أسعار العقارات في أميركا وانهيار سوق شهادات ضمان القروض العقارية التي أفلست بنوكاً كبيرة وقتها، لكن المستثمر البالغ من العمر 99 سنة استبعد أن تكون الأزمة الحالية مشابهة لأزمة عام 2008. وقال في المقابلة الصحافية "لن تكون بقدر السوء الذي كانت عليه في 2008، لكن المشكلات تحدث للبنوك كما تحدث في أي قطاع آخر. ففي أوقات الفورة تعتاد على سلوكيات سيئة، وحين تأتي أوقات الشدة تكون الخسائر كبيرة جداً".

أزمة مختلفة

كانت شركة بافيت ومنجر قد استثمرت في بعض البنوك الكبرى في الأزمة السابقة، لكنها هذه المرة بقيت بعيدة تماماً من أزمة انهيارات البنوك الأخيرة. ففي أزمة 2007 – 2008 استثمرت بيركشاير هاثاوي 5 مليارات دولار في "غولدمان ساكس"، واستثمرت مبلغاً مماثلاً في "بنك أوف أميركا" في 2011.

يقول تشارلي منجر "قامت بيركشايرر ببعض الاستثمارات في المصارف كانت جيدة جداً بالنسبة إلى الشركة، لكن لدينا خيبات أمل في البنوك أيضاً. فليس من السهل أن تدير مصرفاً بذكاء، إذ إن هناك كثيراً من الإغراءات لارتكاب الأخطاء". ويضيف مركزاً على مشكلة حيازات البنوك من القروض العقارية المتعثرة "لم يعد كثير من الاستثمارات العقارية جيدة الآن. فلدينا كثير من بنايات المكاتب والبنايات الإدارية في وضع صعب جداً، وهناك كثير من مراكز التسوق تعاني أيضاً، وكذلك عقارات أخرى تواجه مشكلات. هناك كثير من الاضطراب في القطاع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لذا توقفت غالبية البنوك عن اقراض المطورين العقاريين، وبخاصة في قطاع العقارات التجارية. وقال منجر "كل بنك في البلاد الآن متشدد جداً في تقديم قروض عقارية أكثر مما كان الوضع عليه قبل ستة أشهر. ويبدو أن الجميع يعاني مشكلات كبيرة".

تتفق وجهة نظر المستثمر المخضرم مع ما جاء في تقرير مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني المصاحب لقرارها خفض التصنيف الائتماني لنحو 22 بنكاً أميركياً الشهر الماضي، كما خفضت المؤسسة توقعاتها لأداء القطاع المصرفي الأميركي كله من "قوي جداً" إلى "قوي+"، في إشارة إلى المخاطر التي ما زال القطاع يواجهها. ومن بين العوامل التي اعتمدتها "موديز" في خفض التصنيف الائتماني انكشاف تلك البنوك على حيازات كبيرة من العقارات التجارية. ويمثل ذلك مخاطر هائلة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة معدلات البطالة وعدم توفر الاقراض الكافي لذلك القطاع العقاري.

توقعات متشائمة

وعلى رغم ما يبدو من سلامة القطاع المصرفي، مع الوضع المالي الجيد للبنوك الكبيرة وتشديد السلطات الأميركية لإجراءات المراقبة والمتابعة، فإن بعض المحللين يرون أن أزمة انهيارات المصارف الإقليمية، الصغيرة والمتوسطة الحجم التي اندلعت مطلع شهر مارس (آذار) الماضي لم تنته بعد.

وهكذا، ينتظر أن تشهد تلك البنوك أزمة ائتمانية خانقة في الفترة المقبلة، مع استمرار سحب العملاء مليارات الدولارات من ودائعهم فيها. وفي مقابلة معى شبكة "سي أن بي سي" قبل أيام قال رئيس شركة "اندبندنت ستراتيجي" ديفيد روش إن مخاوف انتشار عدوى الانهيارات لم تختفِ.

وأضاف روش "أعتقد أننا رأينا كيف أن البنوك الكبرى تمثل ملاذاً آمناً، وأن الودائع التي يتم سحبها من البنوك الصغيرة والإقليمية تذهب إليها، لكن علينا أن نتذكر أنه في كثير من القطاعات الرئيسة تمثل البنوك الصغيرة نسبة 50 في المئة من المقرضين، لذا أعتقد أن النتيجة النهائية ستكون مزيداً من تشديد سياسات الائتمان، أي الاستعداد للاقراض، بالتالي انكماش الائتمان في الاقتصاد بشكل عام، وتحديداً الاقتصاد الحقيقي مثل قطاع الخدمات وقطاع الضيافة والبناء والتشييد وللشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي تمثل ما بين 35 و40 في المئة من الناتج الاقتصادي الأميركي".

ومما يشير إلى ما تعانيه البنوك الأميركية، بخاصة الصغيرة والمتوسطة الحجم، اضطرارها لاستخدام احتياطيتها لدى البنك المركزي (الاحتياطي الفيدرالي الأميركي) لتغطية أزمات السيولة لديها وتأمين الفارق بين العائد على القروض التي قدمتها في وقت سابق بأسعار فائدة منخفضة واضطرارها اللآن للتمويل بفائدة مرتفعة.

بحسب أحدث بيانات متوفرة من الاحتياطي الفيدرالي للأسبوع الأول من شهر مارس (آذار) الماضي كان إجمالي احتياطي البنوك لدى البنك المركزي 2.999 تريليون دولار، وهو ما يقل بنحو 1.3 تريليون دولار عن ذروة ذلك الاحتياطي بنهاية عام 2021 حين كان عند 4.3 تريليون دولار.

مع ذلك، يستبعد اقتصاديون ومحللون أن تكون أزمة البنوك الحالية بالحدة ذاتها التي شهدها القطاع المصرفي في عام 2007 و2008، بالتالي قد لا يكون العالم على شفا أزمة مالية عالمية جديدة بالقدر ذاته.

اقرأ المزيد