Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلى متى تستمر أزمة القطاع المصرفي واضطراب الأسواق؟

المشرعون الأميركيون يبدأون سلسلة تحقيقات في "انهيار البنوك" ومحللون يستبعدون تكرار ما حدث في 2008

تنتظر الأسواق بيانات اقتصادية مهمة الأسبوع المقبل في ظل أزمة القطاع المصرفي (رويترز)

ملخص

تخشى الأسواق من انتقال عدوى انهيارات البنوك عبر #الأطلسي من #الولايات_المتحدة إلى #أوروبا ومخاوف من أحداث مفاجئة قد تهز القطاع المصرفي

تبدأ لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب بالكونغرس الأميركي في غضون أيام، سلسلة من التحقيقات في أزمة انهيار "بنك وادي السيليكون" في كاليفورنيا وبنك "سيغنيتشر" بنيويورك في وقت سابق من هذا الشهر، وقبلهما انهيار "سيلفرغيت بنك".

وتستدعي اللجنة للمثول أمامها بعد يوم من فتح الأسواق تعاملات الأسبوع، مارتن غروينبيرغ رئيس مجلس إدارة المؤسسة الفيدرالية للتأمين على ودائع البنوك، ومايكل بار نائب الرئيس للإشراف والمتابعة في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي" الأميركي، ونيللي ليانغ مساعدة الوزيرة لشؤون التمويل في وزارة الخزانة.

وستركز اللجنة على الأسئلة التي يطرحها المشرعون الأميركيون لكشف ما حدث للبنوك في الأيام الأخيرة، وتحديداً: لماذا لم يلحظ أحد من السلطات المالية وهيئات الرقابة والتدقيق والمتابعة المشكلات التي أدت لانهيار البنوك؟ أو عما إذا كان أحد قد لاحظ بالفعل أن هناك كارثة مقبلة؟

تأتي تلك التحقيقات بالتوازي مع بدء السلطات التنفيذية، النقدية والمالية، إجراءات للحيلولة دون تكرار الانهيارات في البنوك. وترأست وزيرة الخزانة جانيت يلين الجمعة اجتماعاً طارئاً للهيئات الرقابية في القطاع المالي لبحث تطبيق القيود المشددة على البنوك لضمان استمرارها في وضع يتمتع بسيولة كافية لمواجهة الأزمات. كما أطلق الاحتياطي الفيدرالي تحقيقاً في ما حدث لبنك "وادي السيليكون" على أن يكون التقرير متاحاً للجمهور مطلع مايو (أيار) المقبل.

الأزمة لم تنته بعد

على رغم المزاج الإيجابي للأسواق في شأن إشارات الاحتياطي الفيدرالي وعدد من البنوك المركزية الرئيسة بأنها قد لا تضطر لرفع أسعار الفائدة بسرعة وبقوة مجدداً، إلا أن أسهم قطاع المصارف عانت بشدة وهبطت بمؤشرات الأسهم في أكثر من جولة تداول. وفقد سهم أكبر البنوك الألمانية "دويتشه بنك" نحو تسعة في المئة من قيمته ما اضطر المستشار الألماني أولاف شولتز للتصريح بأن البنك في وضع جيد.

ومنذ صفقة دمج بنك "كريدي سويس" على عجل مع بنك "يو بي أس" في عطلة نهاية الأسبوع السابقة لتفادي انهيار ثاني أكبر بنك سويسري تخشى الأسواق من انتقال عدوى انهيارات البنوك عبر الأطلسي من الولايات المتحدة إلى أوروبا. على رغم تأكيدات السلطات الأوروبية، ورئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أن القطاع المصرفي الأوروبي لا يعاني مشكلات حادة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الأسواق، التي صرفت تركيزها الآن بعيداً من البنوك المركزية وسياسات التشديد النقدي، تركز على أزمة البنوك وتنتظر أحداثاً مفاجئة قد تهز القطاع المصرفي والنظام المالي. وفي بؤرة الاهتمام ما يمكن أن يحدث لمصرف "فيرست ريبابليك" الأميركي الذي يخشى أن يكون التالي في سلسلة الانهيارات. وإذا امتد تأثير ذلك إلى أوروبا مع مشكلة في بنوك كبرى مثل "دويتشه بنك" في ألمانيا أو "باركليز" في بريطانيا يصعب التكهن برد فعل السوق.

إنما المؤكد، كما أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأسبوع الماضي، إلى أن أزمة البنوك الحالية ستؤدي إلى انكماش ائتماني ربما يضر بفرص التعافي والنمو الاقتصادي. وهذا الأسبوع حذرت مؤسسة "كونزيرفاتيف إنسايدر" في مدونة لها من أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات النقدية والمالية قد لا توقف استمرار الأزمة.

خلاف حول نظرية "البجعة السوداء"

وتركز المدونة على أن إقراض عدة بنوك أميركية كبرى 30 مليار دولار لبنك "فيرست ريبابليك" لم يحل أزمة البنك الذي هوت أسهمه في البورصة إلى أدنى مستوى لها. ومع رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية الأسبوع الماضي، من نطاق 4.75 في المئة إلى 5 في المئة، يتوقع زيادة الضغط على الوضع الائتماني في الاقتصاد الأميركي وحول العالم.

وينقسم المحللون حتى الآن في شأن ما إذا كانت أزمة البنوك تقود إلى وضع "البجعة السوداء"، وهي نظرية تعني عدم القدرة على التنبؤ بالأحداث واحتمال وقوع هزات مفاجئة. بينما يرى بعض المتشائمين أن هناك حلقة مفرغة ستؤدي إلى مزيد من الانهيارات، بالتالي اضطراب الأسواق والتأثير السلبي على الاقتصاد بشكل عام. ويستند هؤلاء، وإن كانوا قلة بين المحللين والاقتصاديين، إلى أن البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة لم تعد تملك الأدوات الكافية للتدخل لمنع أزمة. كما أن السلطات المالية، ممثلة في وزارات الخزانة، تجد نفسها بين مطرقة انهيارات القطاع المصرفي وتبعاتها وسندان التدخل للإنقاذ مستخدمة الأموال العامة التي تجمعها من دافعي الضرائب.

تلك المشكلة الأخيرة التي وصفها محافظ بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" السابق ميرفين كينغ باسم "المأزق الأخلاقي". وهو ما حدث في الأزمة المالية العالمية في 2008 حين تدخلت السلطات والحكومة لإنقاذ البنوك المنهارة بأموال دافعي الضرائب. وهو ما يرى كينغ، ويشاركه الرأي محافظ البنك الحالي أندرو بايلي، أنه ما كان يجب أن يحدث ولتترك البنوك والمؤسسات التي ترتكب أخطاء لتتحمل هي ثمن أخطائها.

ترى الغالبية من الاقتصاديين والمحللين أن أزمة انهيارات البنوك الأميركية الحالية لا تشكل "بجعة سوداء"، وليست مشابهة لما حدث في عام 2007 وأدى إلى الأزمة المالية العالمية. فما زال الاقتصاد الكلي بأغلب الدول الرئيسة في وضع جيد، حتى لو شهد تباطؤاً في النمو. كما أن قطاعات أخرى في الاقتصاد تظل قوية، بخاصة القطاع العقاري الذي وإن كان يشهد تباطؤاً في النمو إلا أنه ما زال في وضع جيد حتى الآن، ذلك إضافة إلى القطاع الصناعي وقطاع الخدمات.

وتنتظر الأسواق بيانات اقتصادية مهمة الأسبوع المقبل، منها الأرقام الأولية لنمو أكبر اقتصاد في العالم في الربع الأول وأيضاً أكثر من قراءة لمؤشرات مديري المشتريات في القطاعات الاقتصادية المختلفة.