Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصادر أمنية: المسؤول الإيراني الذي أعدمه النظام كان جاسوسا لبريطانيا

عاش رضا أكبري حياة مزدوجة انتهت بإعدامه في مطلع العام الحالي

علي رضا أكبري هو أول مسؤول حكومي بارز يعدم في إيران منذ عام 1982 (وكالة خبر أونلاين)

ملخص

تحقيق لـ"نيويورك تايمز" يسرد كيف عاش علي رضا أكبري حياة مزدوجة، إذ كان في العلن متعصباً دينياً وصقراً سياسياً فيما وفر لبريطانيا معلومات استخبارية قيمة عن برنامج إيران النووي

نشرت "نيويورك تايمز" تحقيقاً مطولاً عن علي رضا أكبري، نائب وزير الدفاع الإيراني السابق الذي وفر للمملكة المتحدة معلومات استخبارية قيمة عن البرنامج النووي والبرامج العسكرية في بلاده لأكثر من عقد الذي أعلنت طهران إعدامه في يناير (كانون الثاني) 2023 بعدما دانته محكمة بالتجسس.

ولفتت الصحيفة إلى أن معدي التحقيق، الصحافيين فرناز فصيحي ورونين برغمان (الأخير مؤلف كتاب عن الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل)، أجريا مقابلات مع مسؤولين استخباريين حاليين وسابقين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل وألمانيا وإيران بغرض وضع التحقيق.

وأشار الصحافيان إلى أن لندن شاركت المعلومات التي وفرها أكبري لها مع إسرائيل منذ أبريل (نيسان) 2008، ولفتا إلى أن المعلومات أكدت للعواصم الغربية بما لا يقبل الشك أن إيران كانت تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية وأسهمت في إقناع المجتمع الدولي بفرض عقوبات كاسحة على طهران لمنعها من التوصل إلى غايتها هذه. وظلت هوية الجاسوس سرية، لكن إعدام إيران في 11 يناير 2023 لأكبري بعد إدانته بالتجسس كشف عن سر عمره 15 سنة: أن أكبري كان الجاسوس الذي عمل لصالح لندن.

وبحسب التحقيق، لطالما عاش أكبري حياة مزدوجة. أمام الرأي العام كان متعصباً دينياً وصقراً سياسياً وقائداً عسكرياً بارزاً في الحرس الثوري ونائباً لوزير الدفاع وما لبث أن انتقل إلى لندن وبدأ يعمل في القطاع الخاص من دون أن يفقد ثقة القادة الإيرانيين.

لكن عام 2004، وفق مسؤولين، بدأ يشارك أسرار إيران النووية مع الاستخبارات البريطانية، وبدا أنه بمأمن حتى عام 2019 حين اكتشفت إيران، بمساعدة مسؤولين استخباريين روس، أنه كشف عن وجود برنامج إيراني سري لصنع أسلحة نووية مخبأ في قلب الجبال القريبة من طهران، وفق مصدرين إيرانيين على صلة بالحرس الثوري الإيراني.

ووفق "نيويورك تايمز"، اتهمت إيران أكبري بكشف هويات أكثر من 100 مسؤول، ولا سيما محسن فخري زادة، كبير العلماء النوويين الإيرانيين الذي اغتالته إسرائيل عام 2020. ولم تعترف المملكة المتحدة قط بعمالة أكبري لها، وهو الذي نال جنسيتها عام 2012.

ولفتت الصحيفة إلى أن المنشأة المعنية تعرف باسم فوردو. ورفض متحدثون باسم وزارتي الخارجية البريطانية والأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي التعليق على التحقيق رداً على طلب معديه ذلك.

ويقول التحقيق "لم يكن أكبري، الذي كان يبلغ (62 سنة) يوم إعدامه، ليثير الشبهة. لقد عبر عن تبن حماسي لمثل الجمهورية الإسلامية ودعماً لا يستكين لقادتها، وفق مقابلات أجريت مع شقيقه مهدي أكبري وأشخاص عرفوه. وتميز جسدياً بثنية في جبهته - في إشارة إلى إيمانه العميق بالتشيع الإسلامي فالثنية تنتج من ضغط الجبهة على المهر، وهو حجر صلصالي يستخدم في الصلوات اليومية. وعبر عن آراء سياسية متشددة، في كتابات وخطابات ومقابلات نارية، ووفق دبلوماسي إيراني بارز ومستشار للحكومة، جادل في اجتماعات رسمية لصالح امتلاك إيران أسلحة نووية. وقال شقيقه مهدي أكبري: ’كان أخي شديد التدين وشديد الثورية، أكثر من أي شخص آخر في عائلتنا‘".Top of Form

وأشارت فصيحي وبرغمان إلى أن أكبري ولد في عائلة محافظة من الطبقة المتوسطة بمدينة شيراز وكان مراهقاً حين أسقطت الثورة الإسلامية النظام الملكي عام 1979 وتلت ذلك الحرب مع العراق. ووفق شقيقه، التحق أكبري وشقيق أكبر بالجيش الإيراني وحين سرح بعد ست سنوات كان قد بات أحد قادة الحرس الثوري وحائزاً لأوسمة. وإذ عاد إلى الحياة المدنية، صعد المراتب وصولاً إلى نيابة وزارة الدفاع ومناصب استشارية في المجلس الأعلى للأمن القومي ومؤسسات حكومية أخرى. وصادق فخري زادة وعلي شمخاني، رئيس المجلس وكان نائباً ومستشاراً له.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونقل الكاتبان عن فؤاد إيزادي، محلل السياسات الإيراني المقرب من الحكومة والحرس الثوري قوله عن أكبري: "كان شديد الطموح، ومحللاً ممتازاً يملك مهارات كتابية وخطابية متفوقة، ووثق الناس به. وامتلك وصولاً إلى كثير من المعلومات الحساسة والسرية حول البرامج النووية والعسكرية". وحين تصاعدت عام 2004 مخاوف إسرائيل والغرب من عمل إيران سراً على برنامج للأسلحة النووية، تولى أكبري مهمة طمأنة سفراء المملكة المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا إلى أن بلاده لا تملك برنامجاً كهذا.

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن التلفزيون الإيراني بث بعد إعدام أكبري ثمانية فيديوهات قصيرة ظهر فيها أكبري أنيقاً وحليقاً وجالساً في مكتب حيث روى تفاصيل تجنيده، لكنه في تسجيل صوتي بثته الخدمة الفارسية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وجرى الحصول عليه من خلال عائلته، قال أكبري إن الاعترافات انتزعت تحت الضغط.

وفي الفيديوهات، قال إن دافعه كان "الطمع والسلطة"، على رغم أنه نفى معاناته من ضائقة مالية. وأضاف أنه حين انتقل إلى المملكة المتحدة، التقى بمشغله في الاستخبارات البريطانية، وما لبث أن أسس شركات وهمية في النمسا وإسبانيا والمملكة المتحدة للتعمية على لقاءاته مع مشغليه. وتقول إيران إن الاستخبارات البريطانية زودته بحوالى مليوني جنيه استرليني (2.4 مليون دولار).

ويضيف التحقيق "تقاعد أكبري من مناصبه الرسمية عام 2008، وفق شقيقه، لكنه واصل العمل مستشاراً للسيد شمخاني ومسؤولين بارزين آخرين. وفي وقت لاحق من ذلك العام، اعتقل لأربعة أشهر بتهمة التجسس لصالح بريطانيا، وفق شقيقه وصديقين للعائلة. لكن الاستجوابات لم تفض إلى اعترافات، وتدخل كثر من أصدقاء السيد أكبري النافذين لصالحه، وفق الثلاثة. وأطلق سراحه في مقابل كفالة، وفق شقيقه. وأغلقت القضية وسمح له بالسفر بحرية".

وفي أبريل 2008، تلقت بريطانيا معلومات عن فوردو، وشاركتها مع إسرائيل ووكالات استخبارات غربية، وفوردو منشأة لتخصيب اليورانيوم تقع في عمق مجمع عسكري تحت الأرض وهي تساند جهود إيران لصنع قنبلة نووية. وغير اكتشاف فوردو فهم العالم للبرنامج النووي الإيراني وأعاد رسم خطط الغرب العسكرية والسيبرانية لمكافحته.

وذكر تحقيق الصحيفة الأميركية بأن موضوع فوردو كان على طاولة قمة مجموعة الدول السبع التي استضافتها بيتسبرغ عام 2009، ولفت إلى أن الاستخبارات الغربية كانت على علم من صور الأقمار الاصطناعية بأن إيران تبني منشأة في فوردو لكنها ظنت أنها منشأة عسكرية للتخزين.

ونقل الكاتبان عن نورمان رول، مسؤول الملف الإيراني السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، قوله إن اكتشاف فوردو أقنع الصين وروسيا بأن إيران لم تكن شفافة في شأن برنامجها النووي. في هذه الأثناء، واصل مسؤولون إيرانيون كبار استشارة السيد أكبري وإطلاعه على مجريات الملف النووي وغيره. وعام 2012 نال أكبري الجنسية البريطانية بعد إصابته بأزمة قلبية في لندن قال في الفيديوهات المذكورة أنها كانت أزمة مزعومة.

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن أكبري ظل يتنقل بين طهران ولندن إلى أن سافر إلى العاصمة الإيرانية للمرة الأخيرة عام 2019 حين أخبره شمخاني أن بلاده في حاجة إليه في مسألة مهمة. وبعد أيام من عودته، اعتقلته وزارة الاستخبارات بتهمة التجسس، ونصحه شمخاني بالتعاون مع المحققين لإثبات براءته.

وتبين أن الاستخبارات الروسية عرفت بتورطه وأبلغت إيران. وبعد سنة من اعتقاله، اغتالت إسرائيل فخري زادة بروبوت جرى التحكم به عن بعد. وقبع أكبري في سجن انفرادي تحت الأرض في سجن إيفين السيئ السمعة في طهران. وقال مسؤولون إيرانيون بعد إعدامه إن سجانيه أجبروه على إرسال معلومات مضللة إلى الاستخبارات البريطانية.

وأشار تقرير الصحيفة إلى أن أكبري، الذي أعدم شنقاً على خلفية الاحتجاجات الدائرة في إيران، أول مسؤول حكومي بارز يعدم في البلاد منذ عام 1982. وفي حين دفن جثمانه في غياب عائلته ومن دون علمها، دانت بريطانيا إعدامه وسحبت سفيرها لدى طهران لفترة وجيزة وفرضت عقوبات جديدة على إيران. وسمح لعائلته بإحياء ذكرى مرور 40 يوماً على مقتله، لكن أي شخص من خارج الدائرة العائلية لم يأت لتقديم العزاء.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير