Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مكارثي يجتاز أكبر اختبار تشريعي لكن الأصعب آت

نجح في حشد الجمهوريين لمشروع رفع سقف الدين مقابل خفض الإنفاق والصدام مع الديمقراطيين مؤكد

يعتبر مكارثي أنه أوفى بوعده للشعب الأميركي ووضع البلاد على طريق يمكن التحكم فيه (أ ف ب)

ملخص

لا يزال مكارثي ينتظر مواجهة أكبر مع الرئيس بايدن الذي يهدد باستخدام "الفيتو" لرفض خفض الإنفاق الفيدرالي، فما الذي سيحدث؟

تمكن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي من تجاوز أكبر اختبار تشريعي له منذ توليه المنصب بعدما نجح في حشد الجمهوريين وراء مشروع قانون يسمح برفع سقف الدين مقابل خفض الإنفاق الفيدرالي بعد تسوية خلافات مريرة مع بعض النواب.

مع ذلك لا تزال تنتظر مكارثي مواجهة أصعب مع الرئيس جو بايدن الذي يهدد باستخدام "الفيتو" وكذلك مع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الذين يرفضون خفض الإنفاق الحكومي الفيدرالي ويعتبرون أنه يضر بشرائح اجتماعية واسعة، الأمر الذي يشير إلى أن أزمة الديون الأميركية ستظل عالقة لفترة أخرى مقبلة، فكيف يمكن تجاوزها؟ وهل سينجح مكارثي في تفاوض مثمر مع الديمقراطيين يجنب أميركا والعالم أزمة مالية طاحنة؟

أكبر انتصار

على رغم المفاوضات الشاقة حقق رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي أكبر انتصار تشريعي له منذ أن تولى منصبه في الكونغرس قبل أربعة أشهر حين وافق الجمهوريون على تشريع بغالبية 217 صوتاً مقابل 215 من شأنه خفض الإنفاق الفيدرالي وتمديد سلطة الاقتراض الحكومية الأميركية إلى العام المقبل، مما يثبت أنه وفريق قيادته يمكن أن يوحدوا التجمع الجمهوري في شأن مشاريع قوانين ضخمة للموازنة على رغم غالبيتهم الضئيلة المكونة من 222 نائباً في مجلس يشمل 435 مقعداً.

وفي حين انشق أربعة من نواب "تكتل الحرية" اليميني المتشدد الموالي بقوة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وامتناعهم عن الاصطفاف مع بقية الجمهوريين، نجح مكارثي وفريقه القيادي في استمالة الجمهوريين من الغرب الأوسط والصقور الماليين الذين هددت معارضتهم بإغراق مشروع القانون الذي يستهدف خفض الإنفاق الحكومي بقيمة 4.8 تريليون دولار خلال 10 أعوام مع زيادة سقف الديون بقيمة 1.5 تريليون دولار حتى العام المقبل وهو إنجاز يؤكد قدرة مكارثي على تجاوز الإحراج الذي رافق تصويت الجمهوريين على اختياره رئيساً لمجلس النواب في يناير (كانون الثاني) الماضي وتطلب 15 جولة من التصويت.

بالنسبة إلى مكارثي فإن هذا يعني كثيراً، إذ إنه حصل على تفويض واضح للتفاوض مع الرئيس بايدن والديمقراطيين خلال الأسابيع المقبلة أملاً في التوصل إلى اتفاق نهائي يوافق عليه الحزبان على رغم صعوبة ذلك، وهو يعتبر أنه أوفى بوعده للشعب الأميركي ولم يتخل عنه من خلال رفع حد الدين ووقف ما وصفه بالإنفاق الحكومي المسرف وكبح التضخم ووضع البلاد على طريق يمكن التحكم فيه، فمن المتوقع أن توفر هذه الخفوضات وغيرها للحكومة ما يقرب من 4.8 تريليون دولار على مدى الأعوام الـ10 المقبلة، وفقاً لمكتب الموازنة غير الحزبي في "الكونغرس" ووعد الجمهوريون بتركيز تلك الخفوضات على البرامج الفيدرالية في مجال الرعاية الصحية والتعليم والعلوم مع تجنب المساس بالدفاع.

في انتظار الأصعب

لكن المشكلة التي تواجه مكارثي الآن تتمثل في أن بعض المحافظين حذروا من أنهم سيعارضون أية زيادة في حدود الديون تفتقر إلى بنود خفض العجز في الموازنة المشمولة في اقتراح الحزب الجمهوري بمجلس النواب، بينما لا توجد فرصة لأن تصبح الحزمة التي أقرت في مجلس النواب قانوناً بسبب معارضة مجلس الشيوخ والبيت الأبيض وكلاهما تحت سيطرة الديمقراطيين، فقد دعا الرئيس بايدن إلى رفع ما يسمى سقف الديون "النظيف"، أي غير المرتبط بأية تغييرات في السياسة أو خفوضات في الإنفاق ولم يلتق مع مكارثي في شأن هذه المسألة منذ الأول من فبراير (شباط) الماضي لمناقشة الإنفاق كمسألة منفصلة.

كما رفض الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الاقتراح الجمهوري واتهم زعيم الغالبية تشاك شومر الحزب الجمهوري باستخدام أسلوب اختطاف الرهائن، قائلاً إن الحزب يقرب الحكومة بشكل خطر من التخلف عن السداد، فيما اعتبر ديمقراطيون آخرون الأمر بمثابة مراهنة محفوفة بالأخطار وضعها الجمهوريون بعد حصولهم على الغالبية في يناير الماضي وأصروا على أنه يمكنهم استخدام سقف الديون، وهو الحد القانوني لمقدار الأموال التي يمكن أن تقترضها الدولة لدفع فواتيرها كأداة سياسية تحقق مصالحهم، وأنه نظراً إلى أن "الكونغرس" يجب أن يمرر قانوناً جديداً لرفع الحد الأقصى للديون أو تعليقه، فقد استغل الحزب الجمهوري إمكانية حدوث كارثة مالية وشيكة لمحاولة انتزاع تنازلات سياسية من بايدن.

مشكلة للرئيس

وبينما يعتبر مكارثي أن الكرة الآن في ملعب الرئيس وأن الديمقراطيين لا يستطيعون تجاهل مشروع القانون الجمهوري، ينظر بايدن والديمقراطيون بقلق كبير إلى المشروع الذي أقره الحزب الجمهوري لأنه يلغي إنجازات بايدن الأخيرة بما في ذلك مجموعة من الإعفاءات الضريبية التي تهدف إلى تحفيز تبني السيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات النظيفة وإلغاء خطة الرئيس لشطب 10 آلاف دولار من ديون الملايين من قروض الطلبة الجامعيين، وسيحد من سلطة الوكالات الفيدرالية لإصدار لوائح على مجموعة واسعة من الصناعات، كما يفرض مشروع القانون مجموعة من القواعد الجديدة على الأسر ذات الدخل المنخفض التي تحصل على مزايا فيدرالية بما في ذلك قسائم الطعام ونظام الرعاية الصحية "ميديكيد" ومطالبتهم بالعمل لساعات أطول مقابل الحصول على المساعدات الفيدرالية أو المخاطرة بفقدان المساعدات بالكامل.

علاوة على ذلك يرفع الاقتراح الجمهوري حد الاقتراض حتى العام المقبل بحيث يكون الحد الأقصى لاستدانة الحكومة بقيمة 1.5 تريليون دولار، أو حتى نهاية مارس (آذار) 2024 أيهما يحدث أولاً، كما ربط الجمهوريون زيادة سقف الدين بالحدود القصوى للإنفاق الفيدرالي، مما أدى إلى تقليص موازنات الوكالات الفيدرالية الرئيسة إلى المستويات المعتمدة في السنة المالية 2022، ثم تحديد نمو هذه الموازنات مستقبلاً بما لا يزيد على واحد في المئة سنوياً طوال العقد التالي.

تبادل الاتهامات

وفيما حافظ بايدن على اعتقاده بأن مجلس النواب يجب ألا يضع شروطاً قبل زيادة سقف الدين وأعرب عن استعداده للقاء مكارثي لمناقشة القضايا المالية الأوسع، فإنه رفض التفاوض في شأن سقف الديون في حين طالبت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار الجمهوريين في "الكونغرس" بسرعة التصرف ومن دون شروط لتجنب التخلف عن السداد والتأكد من عدم تعريض الثقة والائتمان الكاملين للولايات المتحدة للخطر، لكن نواب الحزب الجمهوري حملوا الديمقراطيين مسؤولية الأزمة، وقالوا إن بايدن تجنب أية محادثات مع مكارثي وفشل مجلس الشيوخ في تقديم أي اقتراح على الإطلاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يستغرب الديمقراطيون كيف يمكن لمشروع القانون الجمهوري أن يقوض البرامج والخدمات الحكومية الرئيسة بما يؤدي إلى فرض متطلبات عمل جديدة على العائلات التي تتلقى برنامج "ميديكيد"، وهو برنامج تأمين صحي للأشخاص ذوي الدخل المنخفض، وقواعد أكثر صرامة على المسجلين في قسائم الطعام التي تقدم مساعدات غذائية شهرية وإبطاء عمليات فحص الضمان الاجتماعي وتفاقم تأخيرات الرحلات الجوية وإلغاء مساعدات الإسكان ورعاية الأطفال للأميركيين الفقراء، ليصف النائب الديمقراطي جيم ماكغفرن ذلك بأنه ابتزاز من شأنه أن يؤذي الأشخاص الذين يقاتل الديمقراطيون من أجلهم كل يوم، لكن الجمهوريين يعتبرون أن هذا النهج سيساعد العائلات على الخروج من الفقر مع زيادة القوة العاملة ويحسن من الوضع الاقتصادي ويخفض العجز في الموازنة.

وما يخشاه الديمقراطيون أن مشروع القانون الجمهوري يمكن أن ينهي المزايا التي يحصل عليها أفقر الأميركيين، فربما يفقد أكثر من 10 ملايين شخص الرعاية الصحية إذا تم تبني القانون، وفقاً لتحليل من مركز الموازنة وأولويات السياسة، الأمر الذي يهدد حظوظ بايدن والديمقراطيين الانتخابية بعد انتزاع هذه المزايا الاجتماعية من الناخبين، ولعل هذا هو السبب الذي دفع بايدن إلى إطلاق حملة إعادة انتخابه لعام 2024 بسلسلة من الهجمات على أجندة الحزب الجمهوري ووصف أنصار ترمب بأنهم متطرفون.

أخطار محدقة

من الناحية الفنية وصلت الولايات المتحدة إلى سقف الديون البالغ 31 تريليون دولار في يناير الماضي، مما دفع وزارة الخزانة إلى البدء  باتخاذ ما تسميه "إجراءات استثنائية" لمنع البلاد من التخلف عن السداد، لكن هذه الإجراءات المحاسبية ليست سوى حلول موقتة تهدف إلى منح "الكونغرس" مزيداً من الوقت للعمل، لكن الخزانة حذرت في الوقت نفسه من أن التخلف عن السداد محتمل في شهر يونيو (حزيران) المقبل ويتفق الاقتصاديون على أن عواقب التقاعس عن رفع سقف الدين يمكن أن تكون صارخة لأن التخلف عن السداد سيدمر الاقتصاد الأميركي الذي يواجه بالفعل خطر الركود، مما قد يؤدي إلى فقدان ملايين الوظائف وتقلبات كبيرة في سوق الأسهم.

ويحذر اقتصاديون من أنه حتى مجرد احتمال وقوع مثل هذا الحدث المالي الكارثي يهدد بفرض خسائر فادحة، وعلى سبيل المثال عندما حدث أمر مماثل من جانب الجمهوريين حول سقف الديون عام 2011، أدى الاضطراب إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، الأمر الذي كلف دافعي الضرائب أكثر من مليار دولار بكلف فائدة أعلى.

لكن في الأسابيع الأخيرة انتقلت إشارات الأزمة وتداعياتها المحتملة مباشرة إلى بورصة نيويورك، حيث انخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي بنحو 2000 نقطة وسط سلسلة محتملة من المعارك الصيفية حول سقف الديون، على رغم أن مكارثي تعهد بأن غالبيته في مجلس النواب لن تسمح للحكومة بالتخلف عن السداد، لكنه قال لمجتمع "وول ستريت" إن مفاوضات سقف الديون توفر فرصة لفحص الشؤون المالية لأميركا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير