Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب تجبر آلاف السودانيين على الفرار إلى الولايات وسط مصاعب جمة

التنقل على الطرقات شاق جداً في ظل الاشتباكات وغلاء أسعار الوقود وبطاقات السفر

ملخص

كثيرون هربوا من جحيم الحرب السودانية وظروفها الأمنية والإنسانية المعقدة إلى مناطق آمنة تتوفر فيها الخدمات الأساسية على الأقل

الخروج من العاصمة السودانية الخرطوم تكتنفه مخاطر أقل من البقاء فيها تحت القصف وصوت الرصاص، لكن السودانيين الذين حاولوا مغادرة مدينتهم طلباً للأمان اعترضتهم صعوبات كبيرة حتى في ترك ممتلكاتهم ومساكنهم التي ظلوا يبنونها لسنوات، وتمثلت المعاناة أولاً بالوصول إلى مناطق الفرار وبداية رحلة النزوح، فالمخارج إلى الولايات أو حتى إلى الدول المتاخمة للبلاد مثل مصر وإثيوبيا قليلة بخاصة الشوارع المعبدة والآمنة.

التحرك من الأحياء السكنية وسط مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان) محفوف بمخاطر الارتكازات الأمنية المنتشرة على طول الطرق الداخلية، وتلك التي يستغلها الهاربون إلى محطات توجد فيها المركبات السفرية، وفقد كثيرون أرواحهم في تلك اللحظات التي كانوا يهمون فيها بالبحث عن واقع أفضل.

هجرة قسرية

وأجبرت الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة بجانب الافتقار إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وإغلاق الأسواق الغالبية على النزوح من الخرطوم وسط غلاء بدلات وسائل النقل نتيجة فقدان الوقود وزيادة سعره إلى أرقام خيالية، إضافة إلى تذاكر السفر لأكثر من أربعة أضعاف، خصوصاً لمدن وسط وشرق السودان وغربه، وتمكن آلاف بصعوبة من الوصول إلى مناطقهم المستهدفة.
ويقول المواطن فيصل عبدالماجد إن "المغادرين يخوضون غمار رحلة فرار يخيم عليها الرعب والذعر في ظل استمرار الاشتباكات المسلحة وانهمار الرصاص ودوي المدافع على المنازل"، مشيراً إلى أنه قرر الخروج من منزله في منطقة شرق النيل بالخرطوم رفقة أسرته الصغيرة نحو ولاية الجزيرة جنوب العاصمة". وأضاف أن "الرحلة كانت صعبة سيراً على الأقدام وسط أصوات القذائف من دون وجود وسائل نقل، خرجنا نجر الحقائب بطول الطريق ونحمل الأطفال الذين يرتعبون من مشاهد الطرقات". وتابع "عبرنا 18 نقطة تفتيش للوصول إلى محطة مركبات النقل على أطراف الخرطوم، ومن هناك بدأت معاناة توفر التذاكر التي ارتفع سعرها من 7 آلاف إلى 35 ألف جنيه، وفي المحطة كان علينا الانتظار حتى يكمل السائق عدد الركاب لأن المركبة تتسع لـ45 شخصاً". وأوضح عبدالماجد أن "أسباب النزوح لم تتوقف على الأوضاع الأمنية فحسب، بل زاد تدهور الخدمات ونفاد المواد الغذائية وغلاؤها من حدة الهجرة إلى أقاليم البلاد المختلفة".

نزوح جماعي

وتسبب إغلاق أجواء السودان وتوقف العمل في مطار الخرطوم بنزوح جماعي للمواطنين عبر الطرق البرية بواسطة المركبات والسيارات الخاصة، وارتفعت أسعار التذاكر بشكل جنوني. وقال أحد المواطنين بمنطقة الثورات في أم درمان، ويدعى السيد صالح النور، إن "البقاء في العاصمة لم يعد ممكناً مع الانقطاع المتواصل للكهرباء وتوقف إمدادات المياه ونفاد السلع الضرورية من الأسواق بجانب الرصاص الطائش الذي يخترق نوافذ المنازل والقذائف العابرة". وأضاف أن "كثيرين هربوا من جحيم الحرب وظروفها الأمنية والإنسانية المعقدة إلى مناطق آمنة تتوفر فيها الخدمات الأساسية"، لافتاً إلى أن "أسرته عانت الأمرين في رحلة الخروج من الحي الذي يقطنه وجازفت بحياتها لتقطع مسافات بعيدة وسط جنود مدججين بكل أنواع الأسلحة مما خلف حالاً من الرعب للأطفال علاوة على مشقة حمل الأمتعة سيراً على الأقدام".
وأشار النور إلى أنه اضطر إلى ركوب شاحنة بضائع لإجلاء زوجته وأطفاله إلى مدينة القضارف شرق السودان بعد أن دفع مبلغ 240 ألف جنيه لأن سعر التذكرة بلغ حوالى 60 ألفاً".

من جهته قال عبدالقادر أحمد، وهو صاحب مركبة أجرة، إن "انعدام الوقود في محطات التزويد بالعاصمة جعل السائقين يضاعفون قيمة التذاكر"، مضيفاً أن "الغالبية يعملون من منطلق إنساني لمساعدة المواطنين فى هذه الظروف لأن المبلغ الذي يدفعه المسافر في التنقل إلى الأقاليم هو بالضرورة كلفة الوقود"، نافياً الاتهام بالتربح واستغلال ظروف الناس.

وأشار إلى أن سعر صفيحة وقود الغاز سعة 18 لتراً وصلت إلى 60 ألف جنيه، أما البنزين الذي يكاد يكون معدوماً فوصل سعره إلى نحو 150 ألف جنيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


معاناة بالغة

في موازة ذلك يواجه سكان الخرطوم صعوبات بالغة في الخروج صوب الولايات، وأصبح كثيرون بين مطرقة البقاء من دون توفر خدمات الكهرباء والمياه والغذاء وسندان تدبير أموال كبيرة تساعد في المغادرة إلى الأقاليم. وحذر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان "أوتشا" في أحدث تقرير من تزايد موجات النزوح من العاصمة إلى ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض ونهر النيل والقضارف بسبب القتال ونقص السلع الأساسية. وذكرت أماني حمد الله، وهي ربة منزل بمنطقة الحلفايا في الخرطوم، أن "عيد الفطر كان في الأعوام الماضية مناسبة لزيارة الأهل والأقارب خارج العاصمة، لكن الأوضاع تبدلت هذا العام، إذ بات ميسورو الحال يواجهون مصاعب عديدة للخروج من منازلهم". وأضافت أن أسرتها "غادرت الحي الذي تقطن فيه سيراً لمسافة طويلة حتى تورمت أرجل الأطفال ولم يجدوا أكلاً ولا شرباً لمدة خمس ساعات". وتابعت "اضطررنا إلى تقسيم حاجاتنا المنزلية على بعض لكي نتمكن من المسير، وبعد معاناة تقترب من الموت وجدنا مركبة أقلتنا إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة".

في المقابل قال فتحي محمد الشيخ وهو صاحب مركبة أجرة أيضاً، إن "الكلفة عالية في مثل هذه الظروف لأن درجة المخاطرة على الطرق عالية في ظل القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما يضطرنا في كثير من الأحيان إلى أن نسلك طرقاً بديلة وهي أيضاً مكلفة". وأوضح أن "البلاد في حال حرب، لذلك يجب على المواطن ألا يلومنا لأن هدفنا الأساس تأمين خروج الأسر من أماكن الاشتباكات إلى الولايات الأكثر هدوءاً".

وجهة جديدة

وباتت دولتا مصر وإثيوبيا وجهة كثير من السودانيين الفارين من ويلات الصراع المسلح بخاصة المقتدرين منهم. ويتوجه كثيرون إلى أديس أبابا عبر الطرق البرية من الخرطوم مروراً بالقضارف ومنها إلى الحدود. كما اختار آلاف دولة مصر في رحلة تستغرق 53 ساعة منذ لحظة مغادرة محطة الباصات السفرية في العاصمة السودانية حتى لحظة الوصول إلى المعبر على الحدود المصرية. وارتفعت تذاكر السفر إلى إثيوبيا لـ300 ألف جنيه مقارنة بـ 120 قبل اندلاع الحرب، فيما وصلت تذكرة مصر إلى 500 ألف جنيه بدلاً من 50 ألفاً قبل وقوع الاشتباكات.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات