Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران والوكالة الدولية... أهون الشرين!

تطبيق هذا البروتوكول يعني أن طهران وافقت على فتح جميع منشآتها لرقابة صارمة من قبل المفتشين

الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران ورافائيل غروسي في زيارته الأخيرة إلى طهران لم يكشف أي من الطرفين عن تفاصيله (أ ف ب)

ملخص

توجه إيراني لتفكيك ألغام علاقتها وأزمة الثقة مع الوكالة الدولية

بصمت وبعيداً من تقديم أي تفاصيل جوهرية تسير العلاقة بين طهران والوكالة الدولية حتى الآن بالمستوى المطلوب وضمن مقررات وضوابط الوكالة والمطالب والشروط التي وضعتها على طاولة التفاوض أو التعاون، التي شكلت الآلية لعودة الحوار بين الطرفين بعد تفجير أزمة الأسئلة التي وجهتها الوكالة حول عدد من المواقع التي تشهد أنشطة سرية غير معلنة بعيداً من أعين مفتشي الوكالة، وهي الأزمة التي كادت تطيح بما تبقى من الاتفاق النووي، وتعيد إدراج إيران على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي، وإمكانية استخدام "آلية الزناد" لتفعيل جميع العقوبات الدولية التي ألغيت بناء على قرار سابق لهذا المجلس رقم 2231 الصادر عام 2015.

الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران ومدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي في زيارته الأخيرة إلى إيران، لم يكشف أي من الطرفين عن تفاصيله وأبعاده بوضوح، إلا أن الآثار العملية له تبدو متناسبة مع ما يمكن أن تكون طهران قدمته من تنازلات في مقابل المكسب الكبير الذي حققته من هذا التعاون وتنازلاته. فهو عطل الموقف أو التوجه التصعيدي داخل مجلس حكام الوكالة، وعطل مسار الضغط الذي بدأته دول الترويكا الأوروبية القادرة على تفعيل آليات الاتفاق العقابية باعتبارها ما زالت مشاركة في الاتفاق على العكس من الإدارة الأميركية التي خسرت هذه الأفضلية بعد قرار الرئيس السابق دونالد ترمب الانسحاب منه، الذي اصطدمت مساعيه لإعادة العقوبات بموقف مجلس الأمن الرافض لاعتبار الانسحاب.

والتطورات التي حصلت بعد فشل المفاوضات الثنائية بين واشنطن وطهران في العاصمة القطرية الدوحة، تولد قناعة لدى منظومة السلطة والمعنية بالبرنامج النووي أن الأمور دخلت مرحلة من التصعيد غير المسبوق، وقد تؤدي إلى خسارة كبيرة بدلاً من التوصل إلى صفقة كبيرة. وقد زاد من تعقيد الأمور انفجار الحرب الروسية على أوكرانيا، والاتهامات الأوروبية لإيران بدعم الأعمال العسكرية الروسية بالسلاح والعتاد (طائرات شاهد 136 وصواريخ، بحسب تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن)، مترافقة مع اندلاع انتفاضة شعبية في الداخل بعد مقتل الفتاة مهسا أميني، مما دفع الترويكا الأوروبي إلى اتباع مسار تصعيدي عنوانه "حقوق الإنسان والعداء مع أوروبا"، وأدركت معها القيادة الإيرانية قدرة هذه الترويكا على توجيه ضربة مؤلمة للنظام باستخدام آليات الاتفاق النووي.

خيار التنازلات أمام الوكالة الدولية، وتراجع الأخيرة عن خطواتها التصعيدية، يساعد في تلمس حجم التنازلات التي وضعتها طهران على طاولة مدير الوكالة غروسي. وقد تبدأ من موافقة طهران على تنفيذ البروتوكول إضافة إلى التفتيش المباغت من دون العودة إلى البرلمان الذي عطل إمكانية اللجوء إلى هذه الآلية بناء على القانون الذي أقره في (ديسمبر) كانون الأول 2021، الذي ألزم الحكومة بشرط إلغاء جميع العقوبات في مقابل أي تعاون.

تطبيق هذا البروتوكول يعني أن طهران وافقت على فتح جميع منشآتها لرقابة صارمة من قبل مفتشي الوكالة، والسماح لهم بالدخول إلى المواقع السرية المسببة للأزمة مع مجلس الحكام والترويكا الأوروبية، والقبول أيضاً بزيادة كاميرات المراقبة وتوسيع دائرة عملها والأماكن التي تشرف عليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل يبدو من غير الواضح حتى الآن إذا ما كانت طهران توصلت مع الوكالة إلى آليات للتعامل مع مطلبها بالاحتفاظ بمخزونها من اليورانيوم المخصب على أراضيها بعد أن نص اتفاق 2015 على نقل الفائض بالكامل إلى روسيا، وتمسكها برفع تقنيات التخصيب من خلال السماح لها بتوسيع قاعدة استخدام أجهزة طرد متطورة من نوع IR6 وIR6s  أو أعلى، التي تعطيها القدرة على رفع نسبة التخصيب بسرعة عالية وبأقل مدة زمنية، وذلك بهدف عدم الوقوع في أزمة إعادة التصنيع والبناء من جديد على تعطيل تسارع الأنشطة.

التوجه الإيراني لتفكيك ألغام علاقتها وأزمة الثقة مع الوكالة الدولية يأتي مترافقاً مع مؤشرات غير إيجابية على إمكانية التوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة الأميركية، يساعد في إعادة إحياء المفاوضات حول الاتفاق النووي، بخاصة في ظل الشروط والآليات الجديدة التي تسعى طهران إلى الحصول عليها.

هذه الشروط وغيرها التي تتداولها التسريبات التي حرص أكثر من مسؤول إيراني على الإشارة لها أو التلميح بها، بخاصة شرط الحصول على ضمانات تلزم أية إدارة أميركية بعدم الانسحاب من أي اتفاق كما فعل ترمب، تعني إدخال تعديلات جوهري على الاتفاق القديم والانتقال إلى اتفاق جديد مختلف. لاسيما وأن الخطوات التي قامت بها طهران رد على العقوبات الأميركية وتعطيل الاتفاق في ما يتعلق باستئناف عمليات تخصيب اليورانيوم إلى مستويات مرتفعة وإعادة ترميم المنشآت التي جرى تفكيكها.

وإذا ما كان النظام الإيراني يسعى من وراء تحدي المجتمع الدولي والسير على حافة المواجهة الذي ذهب له من خلال الاقتراب من دائرة التصنيع العسكري النووي بشكل متسارع إلى فرض أمر واقع وتحسين شروطه التفاوضية في أية مفاوضات ينتظرها أو يعمل لها مع عواصم القرار، فإن الغموض في الموقف الأميركي في التعامل مع الرغبة الإيرانية بالعودة إلى التفاوض والتوصل إلى اتفاق يكرسها دولة نووية يهدف إلى استنزاف التعنت الإيراني وتفكيك الشروط، بخاصة بعد أن تقلصت وتراجعت لحدود الاحتفاظ بشرط واحد يدور حول الضمانات التي ترتبط بشكل مباشر بجوهر الدور الأميركي ضمن الاتفاق، في حين أن كل المطالب الأخرى لا تمس روح الاتفاق، بل تقع في دائرة آلياته التطبيقية ويمكن التفاهم عليها من دون الحاجة إلى إعادة صياغته أو التفاوض من جديد.

المزيد من تحلیل