Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"طباخ بوتين" وقوات فاغنر يستفيدون من الحروب حول العالم

لفتوا الأنظار أكثر من أي وقت في شرق أوكرانيا، لكن يبدو أنه في أي مكان تندلع فيه حرب - بدءاً بسوريا ومروراً بالسودان - تستفيد مجموعة المرتزقة هذه من هدر الدماء

بريغوجين شريك قديم لبوتين (أ ب)

ملخص

#بريغوجين_يوسع نفوذه ويصبو إلى سدة #الكرملين

بينما يتصادم أصحاب النفوذ العسكري في السودان، تظهر تقارير بأن مطار مروي، الواقع على مسافة 320 كيلومتراً (200 ميل) تقريباً شمال الخرطوم، يستعد لوصول طائرة نقل محملة بشحنة كبيرة من الأسلحة.

وتشير تقارير إلى أن الإمدادات الفتاكة المزعومة هذه أرسلتها مجموعة المرتزقة العسكرية الروسية فاغنر التي يتوزع عناصرها في قسم كبير من القارة الأفريقية، حيث نشرت [فاغنر] قواتها في ليبيا وسوريا، وتلعب دوراً رئيساً في اجتياح فلاديمير بوتين لأوكرانيا.

وجنود فاغنر متمركزون بشكل أساسي في باخموت، حيث يستمر القتال الدامي في الشوارع منذ أشهر. وخير مثال على العنف الوحشي في هذه البلدة الواقعة في مقاطعة دونباس هو حادثة حصلت في سياق هذا الأسبوع، إذ اعترف مقاتلان يدعيان أليكسي سافيتشيف وعظنت أولداروف بأنهما ذبحا 400 مدني من بينهم 40 طفلاً، بينما كان هؤلاء يختبئون في ملجأ. وهذان من مجموعة مجندين يشكلون قسماً كبيراً من مقاتلي الشركة المشاركين في النزاع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بيد أنه لم يعرف بعد إن كانت فاغنر قد أنزلت أسلحة في مدينة مروي التي استولى عليها محمد حمدان دقلو، الحليف السوداني لفاغنر، مع العلم بأن "قوات الدعم السريع" التي يرأسها هذا الأخير تشارك في مواجهة عنيفة مع القوة العسكرية الأبرز في البلاد بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان.

وفي هذا السياق، يزعم عدد من مسؤولي الأمن الأميركيين أن مجموعة فاغنر تؤجج العنف في السودان، رداً على محاولات واشنطن لطرد [عناصرها] من البلاد. غير أن آخرين، ومن بينهم مسؤولون غربيون وسودانيون، يتساءلون حول ما إذا كانت موسكو تريد فعلاً استقراراً مضطرباً من هذا القبيل، بالنظر إلى أنها تستعد لاستثمار عسكري راجح في السودان، يشمل إنشاء قاعدة بحرية في منطقة البحر الأحمر.

المعروف عن مجموعة فاغنر هو أنها نسجت روابط مربحة جداً مع "قوات الدعم السريع" ودقلو، بلغت حد استحداث شبكات لتهريب الذهب من السودان إلى روسيا عبر دبي وسوريا.

في الواقع، يذهب جزء كبير من عائدات الذهب لتمويل العمليات [العسكرية] في أوكرانيا التي تكلف مجموعة فاغنر نحو 100 مليون دولار (81 مليون جنيه استرليني) شهرياً. واتهم يفغيني بريغوجين القيادة العليا في الجيش الروسي بالخيانة، لعجزها عن توفير الأسلحة والذخائر المناسبة لمقاتليه. وأفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن مجموعة "فاغنر" بدأت تحصل على الأسلحة من دول أخرى مباشرة، بما يشمل صواريخ وقذائف من كوريا الشمالية.

ويقال أيضاً إن بريغوجين، الذي يحمل لقب "طباخ بوتين" بعد أن فازت شركة تزويد بالطعام يمتلكها بعقود حكومية مربحة، يملك أيضاً مجموعة "أم إنفست" M Invest التي تتحكم بشركة "ميروي غولد" Meroe Gold، ثالث أكبر شركة إنتاج ذهب في جنوب أفريقيا، على وقع اهتمام الشركة بتوسيع نشاطها بشكل سريع إلى السودان. والجدير بالذكر أن الشركتين خاضعتان لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية والاتحاد الأوروبي.

 ووثقت قناة "سي أن أن" 16 رحلة جوية عسكرية من السودان إلى روسيا عبر مدينة اللاذقية الساحلية السورية وجمهورية أفريقيا الوسطى. وقد اعتبرت القناة في تقريرها أن هذه الرحلات سمحت بنقل سبائك [ذهب] تناهز قيمتها ملياري دولار (1.6 مليار جنيه استرليني) على امتداد 18 شهراً.

بموجب عقد أبرم عام 2019 مع الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير، وافق الكرملين على تصدير الأسلحة إلى السودان وعلى بناء قاعدة في بورت سودان، بالتالي فإن مناشدات موسكو بوقف إطلاق النار، إثر العنف الحالي، قد تكون صادقة، كونها تخدم مصالحها.

 تربط قائد "قوات الدعم السريع"، الفريق أول دقلو، روابط متينة بالحكومة الروسية وبمجموعة فاغنر، وسبق أن زار هذا الأخير موسكو في 24 فبراير (شباط) 2022، يوم الاجتياح الأوكراني، وبعد ذلك في سبتمبر (أيلول)، بينما كان سفير الولايات المتحدة إلى الخرطوم جون غودفري يضغط على النظام السوداني لإلغاء مسودة اتفاقية إنشاء القاعدة البحرية.

ومن جهته يرى خبير الشؤون الروسية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد سامويل راماني، أن مجموعة فاغنر تتأهب في السودان. وأفاد بالقول، "إنني أراهم يتخذون موقفاً أكثر دفاعية، كونهم لم يحصلوا على الضوء الأخضر من الكرملين للاضطلاع بدور أكبر، والأرجح أنهم لا يحركون ساكناً في الوقت الراهن". وأضاف أنه "من الواضح أنه في حال نشوب حرب أهلية وتعرض مصالح التعدين التي يملكها بريغوجين للخطر، سنكون حتماً شاهدين على دور عسكري فاعل أكثر فأكثر".

بيد أن مصالح فاغنر وهرم السلطة في الكرملين تتباعد أكثر فأكثر. فبريغوجين الذي بقي في الماضي متكتماً، بينما كان مقاتلوه ينتشرون في الخارج، بدأ يجذب الأضواء [يلفت الأنظار ويستقطب الاهتمام] أكثر فأكثر، فراح يهاجم الجيش الروسي في شأن استراتيجياته والتكتيكات التي يعتمدها في أوكرانيا. وانضم إليه في انتقاداته اللاذعة رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف، الذي تشارك قواته أيضاً في الحرب، إلى جانب عدد من أصحاب المدونات العسكرية الروس المؤثرين والداعمين للحرب.

 وبدأت القيادة العليا الروسية بالرد. فوضعت حداً لعملية تجنيد السجناء التي كان قد أطلقها بريغوجين (وهو بدوره محكوم عليه بـ13 عاماً سجناً، بتهم السطو المسلح والسرقة). وفي المقابل، راح كبار القياديين يطالبون بوضع مجموعة فاغنر تحت قيادة الحرس الوطني، وبإبعادها عن أي علاقة مباشرة بوزارة الدفاع الروسية.

أما الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة الذي أصبح الآن القائد العام [للعمليات العسكرية] في أوكرانيا الجنرال فاليري جيراسيموف، فقد طلب من أصحاب المدونات العسكرية والسياسية تقليص تغطية [أخبار] مجموعة فاغنر، ويبدو أن ذلك أثر في عدد من المدونين الأكثر رواجاً أمثال "رايبار" Rybar.

أما فلادلن تاتارسكي، وهو صاحب مدونة كان يروج لبريغوجين، فقتل في انفجار استهدفه في سانت بطرسبورغ الشهر الماضي. وقد وجهت السلطات اتهامات بالقتل لشخصيات من المعارضة الروسية بتواطؤ أوكراني، مع أن عدداً كبيراً من منشورات تاتارسكي فضحت نواقص الجيش الروسي، بالتالي، يتعذر فهم ما مصلحة كييف في مقتله.

وجرى تصوير قائد القوات الجوية الروسية الكولونيل ميخائيل تبلينسكي، الذي بدا في إحدى المراحل أنه يؤيد الانتقادات الموجهة لبريغوجين، فظهر [في مقطع فيديو] جالساً في مكتبه، إلى جانب صورة للجنرال جيراسيموف، وصورة شاشة كمبيوتر لوزير الدفاع سيرغي شويغو، في إشارة إلى تغير في موازين القوى.

وليس السعي إلى نيل منصب في موسكو نصب أعين مقاتلي مجموعة فاغنر المقاتلين في الصفوف الأمامية في أوكرانيا. وأطلق طلعت نازاربيكوف، وهو أوزبكي شاب أمسكت به القوات الأوكرانية في دونباس، صرخة غضب وإحباط حيال الخسائر التي تتكبدها [المجموعة] لقاء مكاسب تكاد لا تذكر.

وهو أبلغني أخيراً من داخل مركز احتجازه في أوكرانيا قائلاً، "كان لدينا 100 قتيل وجريح ضمن مسافة 100 متر، بالتالي فإن [ما يحدث] عبثي تماماً". وأضاف "لقد بدأنا ندرك ذلك منذ وقت طويل جداً. والواقع أن شيم المجندين الجدد كانت غير مقبولة، لا سيما أولئك الذين جرى تجنيدهم من السجون. ونحن لا نفهم أبداً كيف يفكر أصحاب المناصب العالية، وما يحاولون فعله، وما يصبون إليه من هذا كله".

ومحاولة تقدير ما يحمله المستقبل لبريغوجين، تقود حتماً إلى طرح تساؤلات حول علاقته ببوتين. وتفيد بعض التقارير الروسية أن احتجاجات بريغوجين العلنية المتزايدة على [أداء] الجيش هي في الواقع محاولة منه ليكون صوته مسموعاً من الرئيس، بعد أن باتت قنوات التواصل المباشر معه مقطوعة.

ويرى البعض أن بريغوجين بنفسه لديه طموحات سياسية، ويحتمل حتى إنه يصبو إلى التربع مكان الرئيس بوتين مستقبلاً. وأفاد الموقع الإخباري الروسي المستقل "ميدوزا" أنه يحاول اكتساب نفوذ في حزب "روسيا العادلة" الذي نوه رئيسه سيرغي ميرونوف بمجموعة فاغنر ووصفها بـ"البطولية".

لكن فيكتور نيكيتين، وهو موظف سابق في مجموعة "فاغنر" سبق أن ترك عمله فيها الخريف الماضي ويقيم حالياً في جنوب أوروبا، استبعد الفكرة التي تفيد بأن بريغوجين سيسعى لتولي رئاسة روسيا.

"لن يحصل ذلك"، على حد تعبيره. "فهو دخيل والنظام لن يقبل به، بل إن النظام سيحمي نفسه، وهو لا يخفى عليه الأمر، بالتالي هل سيقرر بريغوجين تحدي بوتين مباشرة؟ سيكون ذلك حتماً عملاً متهوراً [يفتقر إلى الحكمة] وخطراً".

وأضاف نيكيتين: "يملك مالاً وفيراً منذ وقت طويل، واليوم بات يملك السلطة في مرحلة حرب، لكن هذا النوع من السلطة لن يدوم في مرحلة السلم في روسيا. وهو قد يحظى بنفوذ سياسي في الخارج، وقد يحاول مثلاً أن يحكم دولة صغيرة في أفريقيا بتوسل حكام أتباع يحركهم [يأتمرون بإمرته]، لكنني أعتقد أنه سيبقى في روسيا ويحاول توطيد علاقاته مع الحكومة. أما المال، فسيضطر إلى جنيه في دول المهجر".

وأعقب نشر مقاتلي فاغنر في المهجر إبرام عدد من الاتفاقيات التجارية المربحة للغاية. ففي سوريا، صادق الكرملين على صفقة، نزولاً على مصالح تجارية روسية تقضي بنيل حقوق لاستخراج النفط والغاز والتعدين في مواقع صودرت من داعش. وفي هذا السياق، أبرم عدد من الشركات عقوداً مع مجموعة فاغنر، ونالت هذه الأخيرة حصتها من الأرباح.

في فترة لاحقة، أبرم بريغوجين عقوداً مع نظام الأسد مباشرة. وقد درت عليه شركة يملكها، اسمها "إيفروبوليس" EvroPolis، عائدات بقيمة 162 مليون دولار (130 مليون جنيه استرليني)، خلال سنة واحدة، من حقل غاز الشاعر وثلاثة مواقع أخرى، مع العلم بأنه يخضع اليوم، هو أيضاً، للعقوبات الأميركية.

والجدير بالذكر أن موسكو أرسلت مجموعة فاغنر، خلال عام 2018 [إلى ليبيا] لدعم المشير خليفة حفتر المتمرد، علماً أن القوات المرتزقة اليوم متمركزة بمعظمها في محيط حقول نفط تعود ملكيتها له.

وكذلك، تتمركز طائرات حربية وأنظمة دفاع جوي ومدرعات في القواعد العسكرية الرئيسة في كل من مطار الخادم، وسرت، والجفرة، والمقر الرئيس للمشير حفتر في الرجمة.

وفي المقابل، تسعى واشنطن سعياً حثيثاً لطرد مجموعة فاغنر من ليبيا، حتى إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) وليام بيرنز، سافر شخصياً إلى بنغازي للقاء المشير حفتر، وطالبه بذلك شخصياً منذ شهرين.

وقد أفاد المسؤولون الأميركيون بأن المشير حفتر وافق على دراسة موضوع انسحاب مجموعة فاغنر، لكنه طلب في المقابل من الأميركيين توفير بديل عنها، ورحيل القوات التركية المتمركزة في ليبيا عن البلاد، في ما اعتبرته واشنطن شروطاً خيالية.

تعتبر ليبيا مركز عمليات فاغنر الاستخباراتية في مالي، حيث تحل مكان القوات الفرنسية والبريطانية وغيرها من القوات الغربية، وجمهورية أفريقيا الوسطى. وفي بادئ الأمر انتشرت الشركة في مالي، بموجب عقد يقال إن قيمته بلغت 11 مليون دولار (8.9 مليون جنيه استرليني) شهرياً، وقد نص على تدريب القوات المحلية ودعمها. ومن جهة أخرى، قدمت موسكو للحكومة في باماكو طائرات "سوخوي" ومروحيات عسكرية، وزار وزير الخارجية [الروسي] سيرغي لافروف مالي في فبراير، في أعقاب رحلة قام بها إلى السودان.

ولم يتضح بعد ما ستفعله مالي المفتقرة إلى السيولة لتسديد أعباء مجموعة فاغنر، أو لدفع ثمن مشترياتها العسكرية. وفي هذا الإطار، تزعم مجموعات المعارضة والمجتمع المدني أن صفقات سرية تمت في شأن [منحها] حقوق [استثمار حقول] المعادن. وأشارت إلى تهريب الألماس والذهب إلى خارج البلاد.

وقد علم أن مجموعة فاغنر استحوذت على منجم ذهب حرفي في جمهورية أفريقيا الوسطى في عام 2020 وحولته إلى مجمع صناعي. وفي السنة نفسها، ألغت وزارة المناجم في البلاد ترخيص شركة كندية، ومنحت بدلاً منه امتيازاً على 25 عاماً لشركة مسجلة في مدغشقر اسمها "ميداس ريسورسز" Midas Resources يملكها بريغوجين. وحتى تاريخه، تقدر أرباح فاغنر من التعدين في جمهورية أفريقيا الوسطى بنحو مليار دولار (810 ملايين جنيه استرليني).

كما وانتقلت مجموعة فاغنر إلى قطاع التحطيب. وفي هذا الإطار، منح ترخيص لمدة 30 عاماً لاستغلال الثروات الحرجية في حوض الكونغو لشركة "بوا روج" Bois Rouge الواقع مقرها في سانت بطرسبورغ، والمملوكة لأشخاص مقربين من بريغوجين، علماً أن هذه الشركة ارتبطت بعلاقة تجارية مع شركة "مروي غولد" Meroe Gold في السودان.

وحوض الكونغو هو من أكثر المساحات الشاسعة المترامية الأطراف من الغابات المطيرة العذراء في العالم. وتطوير [استثمار] نسبة 30 في المئة منه سيمثل كارثة بيئية، مع أنه سيدر أيضاً عائدات بقيمة 900 مليون دولار (725 مليون جنيه استرليني) تقريباً في الأسواق الدولية.

ومن جهته أشار موظف سابق في فاغنر اسمه رومان، كنت التقيته للمرة الأولى في مدينة سيمفروبل في القرم عام 2014، إلى مدى تغير الشركة منذ ذلك الحين.

وقال رومان المقيم حالياً في منطقة البلقان: "في تلك الفترة، لم نثر أي صخب، ولم نكن نريد أي دعاية، لكن الحروب أكسبت مجموعة فاغنر أموالاً طائلة، وقرر بريغوجين أن يصبح مشهوراً. وكذلك، قرر أن يجعل أصحاب النفوذ أعداءه، وهذا [استعداء أصحاب النفوذ] على الدوام خطر".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات