Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان اللبناني يمدد للمجالس البلدية والاختيارية وكتل نيابية تستعد للطعن

نواب يتساءلون كيف تم تأمين النصاب لتأجيل الاستحقاق فيما تعطيله مستمر في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية؟

مجلس النواب يرجئ الانتخابات البلدية والاختيارية في أول جلسة تشريعية بعد الشغور الرئاسي (رويترز)

ملخص

التمديد لمدة عام للمجالس البلدية والاختيارية في #لبنان... ونواب أمنوا نصاب #الجلسة فيما يعطلون النصاب لانتخاب #رئيس_اللجمهورية

يكاد يكون التشريع الذي حصل في جلسة مجلس النواب، أمس الثلاثاء، الأسرع في تاريخ البرلمان اللبناني. ففي جلسة لم تستغرق أكثر من 40 دقيقة، استحوذت السجالات وتقاذف التهم على الجزء الأكبر منها، اتخذ في أقل من 10 دقائق قرار التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لمدة عام، وقد سبق وتم تأجيلها مرة واحدة لتزامنها مع الانتخابات النيابية في مايو (أيار) 2022، على أن "تنتهي ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة كحد أقصى في 31 مايو 2024". 

وللتخفيف من وطأة القرار الذي اعترض عليه 55 نائباً قاطعوا الجلسة، أعطى رئيس مجلس النواب نبيه بري بالاتفاق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، صفة التمديد التقني، لما وصفه معترضون كثر بأنه "جريمة في حق الديمقراطية". واللافت أن مجلس النواب الذي اتخذ قرار التأجيل بحجة غياب التمويل ولأسباب لوجيستية تتعلق بالعملية الانتخابية، استبق رد الحكومة المعنية بالمسألتين، والتي كانت عن سابق تصور وتصميم حددت جلسة لمجلس الوزراء للبحث بتأمين الأموال، لكن بعد ظهر اليوم نفسه، وهو ما طرح أكثر من علامة استفهام عن "تواطؤ مخفي" بين رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومعهم كتل نيابية أساسية عملت على تطيير الانتخابات البلدية. 

ووصفت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات "LADE" ما حصل بأنه "تتمة لمسرحية كانت بدأت مع غياب وزير الداخلية والبلديات عن جلسة اللجان المشتركة، التي تقاذف خلالها كل من الحكومة ومجلس النواب الاتهامات في شأن جهوزية الإدارة لتنظيم الانتخابات، وظهرت نتيجتها في التمديد مرة جديدة للمجالس البلدية والاختيارية في البرلمان، وقبل ساعات فقط من جلسة الحكومة التي أدرجت، للمفارقة، بند تمويل الانتخابات في نهاية جدول أعمالها". 

ودانت الجمعية في بيان قرار المجلس النيابي واعتبرت أنه "يقوض العملية الديمقراطية ومبادئ الحكم الرشيد، وهو يؤشر مجدداً إلى النهج الذي تكرسه السلطة، بشقيها التنفيذي والتشريعي، في التعاطي مع العملية الديمقراطية وحرمان اللبنانيين من حقهم في اختيار ممثليهم". وإذ اعتبرت أنه كان من الممكن تفادي هذا السيناريو لو كانت هناك نية سياسية جدية بإجراء الانتخابات، ناشدت النواب المعارضين للتمديد "التوجه إلى الطعن لدى المجلس الدستوري باعتباره الملاذ القانوني الأخير لمواجهة هذه الخطوة التي تشكل مخالفة صريحة للدستور والقانون وتضرب مبدأ تداول السلطات الذي تضمنه الانتخابات الدورية". 

هذا واستغرب النواب المعترضون على التشريع والتأجيل، كيف حصل بـ"سحر ساحر" تأمين النصاب لتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية فيما تعطيله مستمر في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وهددت بعض الكتل النيابية بالطعن بقانون التمديد الصادر عن الجلسة التشريعية.

"التيار الوطني الحر" أبرز الحاضرين

73 نائباً حضروا الجلسة التشريعية التي هي الأولى منذ الشغور الرئاسي في أكتوبر (تشرين الأول)، وقاطعها 55 نائباً هم نواب "القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب" وحركة "التجدد" وكتلة "التغيير" والمستقلون، اعتراضاً على مخالفة الدستور والتشريع في ظل الشغور الرئاسي، ورفضاً لتأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية، واعتبر النائب التغييري إلياس جرادة الذي حضر إلى المجلس ولم يدخل مع عدد من زملائه التغييريين إلى القاعة العامة، أن "الكلفة المباشرة وغير المباشرة لعدم إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية ستكون أكبر بكثير من كلفة عدم حصولها". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما أبرز الحاضرين فكان نواب "التيار الوطني الحر" الذين رفضوا سابقاً حضور جلسات تشريعية بحجة المشاركة فقط لتشريع الضرورة في غياب رئيس للجمهورية. وأسهم نواب "التيار الوطني الحر" و"اللقاء الديمقراطي" وكتلة "الاعتدال" ذات الأغلبية السنية في تأمين النصاب العددي والميثاقي للجلسة، وكان النواب من الكتل الثلاث قد قدموا اقتراحات قوانين بالتمديد للمجالس البلدية تراوحت بين أربعة أشهر وسنة. ولم تخل الجلسة من السجالات التي غلب عليها تقاذف التهم بين عدد من النواب ورئيس الحكومة، على خلفية اعتبار عدد من النواب بأن مسؤولية حصول الانتخابات البلدية أو عدم حصولها تقع على عاتق الحكومة التي رمى رئيسها الكرة في ملعب مجلس النواب. واتهم النائب المستقل أسامة سعد الحكومة بـ"الكذب" ليرد عليه ميقاتي بأن كل النواب يكذبون. وكان رئيس الحكومة الذي تعهد في مداخلة له خلال الجلسة "إجراء الانتخابات ضمن المهل المحددة وبأسرع وقت"، غمز من قناة "التيار الوطني الحر" من دون أن يسميه عندما توجه إلى فريق من اللبنانيين بالقول: "لو كنتم فعلاً لا تريدون تأجيل الانتخابات البلدية لما حضرتم اليوم وأمنتم النصاب للجلسة الحالية ومن لا يرد التأجيل فلا يحضر"، وتابع ميقاتي لنواب التيار من دون أن يسميهم "تحضرون اليوم تحت عنوان تشريع الضرورة فيما الأكثر ضرورة هو النظر بالقوانين الإصلاحية الخاصة بالمصارف ولم تحضروا". 

"التيار" و"الاشتراكي" يبرر

وقف عدد من النواب الذين شاركوا في الجلسة التشريعية خلف المنبر الإعلامي في مجلس النواب مدافعين عن موقفهم، خصوصاً نواب "التيار الوطني الحر" والحزب "التقدمي الاشتراكي" و"الاعتدال". النائب بلال عبدالله استغرب الحجم الذي أعطي للموضوع إلى حد اعتبار الأمر وكأن الديمقراطية سقطت، معتبراً أن مشاركة "اللقاء الديمقراطي" في الجلسة كانت لحماية مصالح الناس، لأنه لا أحد يتحمل مزيداً من الفراغ في المؤسسات، متسائلاً هل المطلوب تعميم التعطيل على كل المؤسسات وتعطيل مصالح الناس؟ وإذ اعتبر عبدالله أن نواب اللقاء الديمقراطي لم يغطوا التمديد للمجالس البلدية والاختيارية إنما حافظوا على كرامة الناس، قال "لا أحد يزايد علينا" مذكراً بأن "اللقاء الديمقراطي طالب ولا يزال بانتخاب رئيس للجمهورية وسعى ولا يزال إلى تحقيق ذلك عبر مبادرات قدمها لتأمين التوافق". 

أما رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل فبرر تأمين نواب "التيار" للنصاب، بأنه لمنع الفراغ. باسيل تمسك في المقابل بموقفه الرافض للتشريع العادي في ظل الشغور الرئاسي، "لكن استثنائية الموضوع فرضت علينا أن نحضر" كما قال. ورداً على اتهام "التيار" بأنه يتهرب من الانتخابات البلدية بسبب تراجع شعبيته، أكد جهوزيته لإجراء الانتخابات وبدء الترشيحات، لكن الحكومة هي التي أعلنت أنها غير قادرة بسبب عدم توفر الأموال. واتهم باسيل وزير الداخلية بسام المولوي بأنه يكتفي بالكلام في الإعلام فيما يلتزم الصمت داخل قاعة مجلس النواب، كاشفاً أن المولوي لم يتصل بأي محافظ أو قاض أو موظف أو قائم مقام للبدء بالإجراءات المطلوبة للعملية الانتخابية. وإذ جدد التأكيد على أن حضور النواب الجلسة التشريعية هو لتحمل المسؤولية ومنع تراكم الفراغ. ورد على المنتقدين والمعترضين بالقول "أسهل شيء الشعبوية والمزايدة". 

المقاطعون يهددون بالطعن

وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قد أعلن بعد اجتماع "تكتل الجمهورية القوية" أن "القوات اللبنانية" ستطعن قانوناً ودستوراً في قرار التمديد، متهماً "محور الممانعة والتيار الوطني الحر بممارسة الغش لتجنب الانتخابات"، معتبراً أن "الجلسة غير دستورية لأن المجلس تحول بعد الشغور الرئاسي إلى هيئة ناخبة لا اشتراعية" كما لا يوجد أي سبب موجب للتمديد. وفي السياق نفسه أعلنت كتلة "الكتائب" أنها ستقدم الطعون في القوانين التي اعتبرتها غير دستورية لإبطالها، ورأت في بيان أن "جلسة التمديد للمجالس البلدية والاختيارية غير دستورية وتعد باطلة، كون المجلس تحول إلى هيئة ناخبة ولا يحق له القيام بأي عمل آخر، استناداً إلى المواد 73، 74 و75 من الدستور".

آخر فصول "المسرحية"

وكما كان متوقعاً، وفي مؤشر إضافي للاتفاق الضمني بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لم تخرج جلسة مجلس الوزراء عن مسار تأجيل الانتخابات النيابية، الذي كانت انطلاقته من اللجان المشتركة مروراً بالجلسة التشريعية وصولاً إلى جلسة مجلس الوزراء، التي قررت البحث بتمويل الانتخابات بعد تأجيلها قبل الظهر في مجلس النواب، فأجلت البحث إلى جلسة أخرى. ولأن البند المتعلق بهذا الموضوع يأتي في آخر جدول أعمال مدجج بالألغام، ليس أقلها رفع رواتب موظفي القطاع العام، استبق رئيس حكومة تصريف الأعمال أي نقاش فأعلن في مستهل الجلسة "نحن كحكومة معنيون بموضوع تأمين التمويل اللازم للانتخابات البلدية والاختيارية وفق دراسة أعدها وزير المال بمنح الحكومة سلفة خزينة لإجراء هذه الانتخابات، ولكن بعد ما حصل في مجلس النواب، من تمديد لولاية المجالس البلدية والاختيارية، يمكننا أخذ وقتنا بالنقاش في هذا الموضوع". 

وطلب ميقاتي من وزير الداخلية أن يقوم باجتماعاته مع المحافظين والقادة الأمنيين والقضاة والمعلمين، لتقديم دراسة بالتواريخ الجديدة المقترحة وبالكلفة، لعرضها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء وإقرارها. وهكذا أقفلت الحكومة الستار على آخر فصول "مسرحية" تطيير الانتخابات البلدية والاختيارية. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير