Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بين حماية المعلومات الاستخباراتية والحاجة لمشاركتها ماذا ستفعل واشنطن؟

التوازن بين الأمرين معضلة أمام الإدارة الأميركية لا سيما بعد أن تبين أن مسرب الوثائق السرية موظف في الحرس الوطني عمره 21 عاماً فقط

جاك تيشيرا المشتبه فيه بتسريب الوثائق الاستخباراتية الأميركية (أ ف ب)

ملخص

بعد هجمات 11 سبتمبر، سهلت #واشنطن تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الوكالات الحكومية فصار بإمكان الكثيرين الاطلاع على معلومات سرية... وكانت النتيجة تسريبات "ويكيليكس" 2013 وتسريبات 2023

كشف التسريب الاستخباراتي الأميركي الأخير عن إشكالية في عمل الاستخبارات، فحماية المعلومات السرية تتطلب الحد من مشاركتها إلا أن التحسب لأخطار على غرار هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 يتطلب مشاركتها.

ويمثل حفظ التوازن بين المطلبين تحدياً محورياً للإدارة الأميركية الساعية إلى منع التسريبات وفي الوقت نفسه حماية أمن الولايات المتحدة وضمان أن يستمر الحلفاء الذين يخشون من التعرض للمخاطر في تبادل المعلومات الاستخباراتية.

وقد عادت المعضلة للواجهة من جديد في أعقاب اعتقال مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي، أمس الخميس، لجاك تيشيرا وهو موظف في الحرس الوطني التابع للقوات الجوية الأميركية يبلغ من العمر 21 عاماً، على خلفية تسريب عبر الإنترنت لعشرات الوثائق الأميركية شديدة السرية التي يقال إنها تكشف تفاصيل حساسة تتراوح بين كشف نقاط الضعف العسكرية لدى جيش أوكرانيا ومعلومات عن حلفاء الولايات المتحدة. وراجعت وكالة "رويترز" أكثر من 50 وثيقة لكنها لم تتحقق بشكل مستقل من صحتها.

الإفراط في الإجراءات

وقال مسؤولون سابقون، إن من المرجح أن يدفع هذا الخرق بقوة باتجاه وضع قيود على تدفق المعلومات، وربما يجعل من الصعب على مسؤولي الأمن "ربط الأمور ببعضها" وتجنب مخاطر مثل هجمات 2001 على نيويورك وواشنطن.

وقال مايكل ألين، وهو مسؤول كبير سابق في مجلس الأمن القومي والكونغرس، "فكرة أن بمقدور طيار يبلغ من العمر 21 عاماً الوصول إلى كل هذه (الوثائق)... تظهر أننا أفرطنا في مشاركة المعلومات في ظل التركيز بعد 11 سبتمبر على مشاركة المعلومات حتى نتمكن من ربط الأمور بعضها ببعض".

وتابع، "وستفرط (الحكومة الأميركية) في رد فعلها في هذه الحالة. وسيقيدون بشدة توزيع هذه الأنواع من الوثائق ولن يتمكن الأشخاص الذين يحتاجون إليها بالفعل من الوصول إليها بعد الآن. وأود أن أحثهم على اتباع نهج انتقائي بصورة أكبر".

ولم توضح وزارة العدل التهم التي سيواجهها تيشيرا، إلا أنها ستشمل على الأرجح تهماً جنائية تتعلق بتعمد الاحتفاظ بمعلومات عن الدفاع الوطني ونقلها.

ولم يرد البيت الأبيض أو وزارة الدفاع على الفور على طلب من "رويترز" للتعليق.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قالت، أمس الخميس، إنها تعمل على مراجعة قوائم توزيع الوثائق السرية وتحديثها.

"الحاجة للمشاركة"

بعد هجمات 2001 التي شنها مسلحو تنظيم "القاعدة"، سهلت الولايات المتحدة تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الوكالات الحكومية.

ودعا تقرير لجنة 11 سبتمبر لعام 2004 إلى مزيد من تبادل المعلومات، وألقى باللوم على وكالات الأمن الأميركية بسبب دعمها ثقافة "الحاجة للمعرفة" لحماية المعلومات بدلاً من الترويج لثقافة "الحاجة للمشاركة التكاملية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهذا يعني، بطبيعة الحال، أن مزيداً من الأشخاص صار بإمكانهم الاطلاع على معلومات سرية.

وقال مسؤول أميركي، إن بعض الوثائق التي اتهم تيشيرا بنشرها على الإنترنت كان من المحتمل أن تكون متاحة للآلاف بتصاريح أمنية من الولايات المتحدة وحكومات حليفة على الرغم من كونها شديدة الحساسية.

وقال مايكل أتكينسون، وهو مسؤول سابق في مجال الاستخبارات، "من بين الأشياء التي تعلمناها من 11 سبتمبر... أننا نحتاج حقاً إلى مشاركة المعلومات... لسوء الحظ يمكن أن تضر التسريبات بهذا النمط المفيد من مشاركة المعلومات".

تسريبات "ويكيليكس"

واتخذت الحكومة خطوات في عام 2013 لتقييد الوصول إلى المعلومات بعد نشر ما يقرب من 750 ألف وثيقة دبلوماسية وعسكرية أميركية سرية وغير سرية على منصة "ويكيليكس" المعنية بكشف المخالفات.

ولا تزال التسريبات التي كشفت عنها تشيلسي مانينغ، التي كانت في ذلك الوقت محلل استخبارات في الجيش الأميركي اسمه برادلي مانينغ قبل أن تتحول إلى امرأة، هي أكبر تسريب معروف لمواد حساسة تابعة للحكومة الأميركية.

ورداً على ذلك، أنشأت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما برنامج "إنسايدر ثريت" الذي يلزم الأجهزة الأميركية بتعزيز تدابير الحماية من عمليات الكشف غير المصرح بها، بما في ذلك المراقبة والتدقيق الروتيني لشبكات الكمبيوتر السرية "لاكتشاف ومراقبة وتحليل أي سلوك غير طبيعي للمستخدمين ورصد مؤشرات سوء الاستخدام".

نوع مختلف من التهديد

وفي حين أن هذه التغييرات يحتمل أن تكون قد وفرت قدراً إضافياً من الأمان، يقول محللون إن برامج الأمن الحكومية مصممة لمنع التسريبات من جانب أولئك المدفوعين بأيديولوجية أو رغبة في الحصول على مكافأة مالية، على عكس دوافع أخرى مثل المطلعين الذين ينشرون الأسرار بهدف الشهرة.

ويلزم برنامج "إنسايدر ثريت" موظفي الحكومة بالإبلاغ عن سوء التعامل مع المواد السرية وإزالتها من المنشآت الآمنة وسفر زملائهم غير المعلن إلى الخارج ودائرة معارفهم وأي زيادة في الثروة غير واضحة المصدر، لكن لا يمكنهم تتبع أنشطة زملائهم الخاصة في العمل على الإنترنت مثل نشر معلومات سرية لإثارة إعجاب الآخرين.

وقال ستيفن أفترغود، وهو خبير في شأن السرية الحكومية الأميركية في اتحاد العلماء الأميركيين، إن برنامج إدارة أوباما فشل في الكشف عن أحدث التسريبات وردعها لكنه أشار إلى أنه مصمم لمواجهة تهديد مختلف. وأضاف، "تم تصميم برنامج ’إنسايدر ثريت’ رداً على (ما فعله) برادلي مانينغ في ذلك الوقت وسيناريو ’ويكيليكس’ إذ كانت التسريبات غير المصرح بها ذات دوافع أيديولوجية أو سياسية... لقد كانت رداً على ظلم مزعوم، أو تهدف لانتقاد سياسة الولايات المتحدة".

وعرف تيشيرا لأول مرة من خلال صحيفة "نيويورك تايمز" التي وصفته بأنه مدير لمجموعة دردشة عبر الإنترنت شارك عبرها الوثائق السرية مع نحو 20 إلى 30 معظمهم من الشبان الذين يتجاذبون أطراف الحديث بخصوص حبهم للأسلحة النارية ويتبادلون صوراً طريفة "ميمز" وألعاب فيديو عنصرية.

وقال أفترغود، "كان برنامج ’إنسايدر ثريت’ يبحث عن أشباه لبرادلي مانينغ، لكن هذه المجموعة الأحدث من التسريبات لم يرتكبها مثيل لبرادلي مانينغ. إنها ظاهرة من نوع جديد يكون فيها التسريب إما استعراضاً أمام الأصدقاء... أو يكون حياداً في ما يتعلق بمضمون التسريبات".

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل