Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا أصبح قاضي ومدعي عام قضية ترمب تحت الأضواء والنيران؟

ميرشان وبراغ انخرطا في قضايا سابقة تتعلق بمنظمة الرئيس السابق وشخصيات مقربة منه

اتهم براغ ترمب بـ34 تهمة تزوير سجلات تجارية (أ ف ب)

ملخص

قضية المدعي العام لمقاطعة #مانهاتن #ألفين_براغ ضد الرئيس السابق والتي ينظر فيها القاضي #خوان_ميرشان إما تافهة تماماً وإما شديدة الإحكام

بصفته رئيساً سابقاً وزعيماً فعلياً للحزب الجمهوري، يعد دونالد ترمب أحد أقوى الأشخاص في أميركا، ولكن بصفته مدعى عليه جنائياً داخل حدود قاعة المحكمة في مانهاتن، حيث ستتم متابعة القضية المرفوعة ضده على مدى أشهر مقبلة، فإن ترمب يخضع الآن لسلطة شخص آخر هو القاضي خوان ميرشان، وكان السبب في ذهابه هناك المدعي العام لمنطقة مانهاتن ألفين براغ، الذي ينبغي أن تكون لديه إجابات مقنعة عن الأسئلة القانونية الكبيرة التي أثارتها هذه القضية، وكلاهما تعرضا لهجمات وانتقادات متكررة من ترمب وأنصاره، فضلاً عن وصف القضية برمتها بأنها ذات دوافع سياسية، فمن هما براغ وميرشان ولماذا تطاردهما الأضواء الآن؟

 

أين الحقيقة؟

بناء على ما قرأته أو شاهدته أو سمعته، فإن قضية المدعي العام لمقاطعة مانهاتن ألفين براغ ضد الرئيس السابق والتي ينظر فيها القاضي خوان ميرشان إما تافهة تماماً أو شديدة الإحكام، لكن الحقيقة قد تكون في مكان ما بينهما، بينما يبدو الطريق نحو خط النهاية مليئاً بالعقبات القانونية وفقاً لخبراء القانون.

وبحسب أوراق الدعوى، اتهم براغ ترمب بـ34 تهمة تزوير سجلات تجارية، إذ تركز القضية على 11 من المدفوعات المالية التي دفعها ترمب لمحاميه ووسيطه السابق مايكل كوهين، والتي يقول الادعاء إن ترمب دفعها لكوهين بهدف شراء صمت نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز، وإن كوهين دفعها من خلال شركة صورية قبل انتخابات عام 2016، لكن ترمب أدرج هذه المدفوعات كنفقات قانونية على رغم أنها لم تكن كذلك، وهو ما اعتبره المدعي العام جريمة تزوير سجلات تجارية، وبموجب قانون نيويورك، يمكن اتهام هذه الجريمة كجناية إذا كان بإمكان الادعاء إظهار القصد من ارتكاب جريمة أخرى أو إخفائها، وهو ما فعله براغ، بزعم أن ترمب زيف السجلات التجارية من أجل ارتكاب أو إخفاء جرائم تتعلق بالاحتيال الانتخابي والاحتيال الضريبي.

وجهاً لوجه

لكن حينما كشف المدعون النقاب لأول مرة عن الاتهامات في مانهاتن، الثلاثاء الماضي، أثاروا أيضاً بعض تعليقات الرئيس السابق على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك تحذير ترمب من أن "الموت والدمار" يمكن أن يتبعهما إذا تم توجيه الاتهام إليه، وهما ما جعل القاضي ميرشان الذي التقى ترمب في المحكمة وجهاً لوجه، يطلب منه الامتناع عن الإدلاء بتعليقات من المحتمل أن تحرض على العنف أو الاضطرابات.

ومع ذلك، عاد بعد جلسة الاستماع إلى فلوريدا وعقد مؤتمراً صحافياً وصف فيه المدعي العام براغ بأنه "مجرم"، والقاضي ميرشان نفسه بأنه قاض يكره ترمب وأن زوجة وعائلة القاضي أيضاً يكرهان ترمب.

مواجهات حساسة

غير أن تحذير القاضي ميرشان ورد فعل ترمب، قدم أمثلة على ما ستكون مواجهات حساسة خلال الأيام ولأشهر المقبلة، حيث من المرجح أن يلجأ الرئيس السابق الذي يرشح نفسه لاستعادة البيت الأبيض، إلى قاعدة سياسية تتغذى على خطابه غير المقيد من دون تجاوز الخط الذي قد يدفع القاضي إلى اتخاذ إجراء ضده، ولكن في الوقت نفسه إذا تجاوز ترمب هذا الخط، فسيتعين على القاضي ميرشان توخي الحذر في كيفية رده، لتجنب أي مظهر متحيز، بخاصة أنه يتمتع بقوة نادرة لتقييد خطاب الرئيس السابق، ومع ذلك يظل السؤال هو ما إذا كان القاضي سيستخدم هذه السلطة وكيف يستخدمها.

ويقول قضاة حاليون وسابقون إن القاضي ميرشان سيتخذ بالتأكيد خطوات أخرى قبل أن يفكر حتى في توجيه اتهام إلى ترمب في قضية ازدراء للمحكمة، ويمكنه أن يوجه اللوم إلى الرئيس السابق أو يطلب منه العودة إلى المحكمة شخصياً في وقت أبكر من الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، وهو موعد مثوله التالي في المحكمة، فقط إذا استمر الرئيس السابق في انتقاده، لكنه أيضاً قد يفكر في عقوبات أشد، وقد يكون أحد الخيارات المطروحة لدى القاضي، هو إصدار أمر بمنع النشر، وهو مصطلح يعني إصدار أمر يقيد ما يمكن للمدعى عليه أو محامي المدعى عليه أن يقوله للجمهور، لكن عادة ما يتردد القضاة في فرض مثل هذه الأوامر ويفعلون ذلك فقط لحظر أنواع معينة من الكلام.

وأثناء محاكمة ترمب قال القاضي ميرشان إن المحكمة لن تفرض أمر حظر النشر في هذا الوقت، حتى لو طلب منها ذلك، ويبدو أن هذا يعود إلى أن هذه القيود تتعلق بحقوق التعديل الأول من الدستور حول حرية التعبير وهو ما ينطبق بشكل مضاعف على ترمب، لأنه مرشح لرئاسة الولايات المتحدة، وعلى رغم ذلك، تشير صحيفة "نيويورك تايمز" نقلاً عن قضاة سابقين إلى أن تحذير ميرشان من الاستمرار في تعليقات ترمب الهجومية، يعكس نية القاضي في ممارسة سلطته على مراحل.

وإذا وجد ترمب في وضع ازدراء المحكمة، فستكون لديه سلطة تغريم الرئيس السابق بما يصل إلى 1000 دولار، أو حتى سجنه لمدة 30 يوماً، لكن الخبراء قالوا إن احتمال حدوث ذلك ضئيل للغاية، وقد يكون الملاذ الأخير لأنه سيزيد الأمور سوءاً وفقاً لباري كامينز القاضي الإداري السابق بالمحاكم الجنائية في مدينة نيويورك.

من هو القاضي ميرشان؟

بحسب قناة "فوكس نيوز"، يمتلك القاضي خوان مانويل ميرشان (60 سنة) خبرة على منصات محاكم نيويورك تمتد لنحو 16 عاماً، وقد هاجر ميرشان المولود في كولومبيا وهو في السادسة من عمره ونشأ في حي كوينز بمدينة نيويورك، وكان أول فرد من عائلته يلتحق بالجامعة، وشق طريقه في التعليم حتى حصل على شهادة في القانون من جامعة "هوفسترا" عام 1994، وشغل منصب المدعي العام المساعد في مانهاتن وعمل في مكتب المدعي العام للولاية قبل أن يعينه عمدة نيويورك آنذاك مايكل بلومبيرغ قاضياً في محكمة الأسرة في عام 2006، وبعد ثلاث سنوات تم تكليف ميرشان العمل في المحكمة العليا للولاية، حيث يترأس قضايا جنائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت جلسة الثلاثاء الماضي هي المرة الثانية التي يشرف فيها القاضي ميرشان على قضية تتعلق بالرئيس السابق، وأشرف على محاكمة الاحتيال الضريبي لشركة العقارات العائلية "منظمة ترمب" في أواخر العام الماضي، ومنذ ذلك الحين انتقد الرئيس السابق القاضي ميرشان واتهمه بالتحيز، كما كتب الأسبوع الماضي على منصة "تروث سوشيال" التي أسسها أن القاضي المكلف قضية المطارة السياسية الخاصة بي "يكرهني"، مؤكداً أنه سيكون "مستحيلاً" أن يحصل على محاكمة عادلة أمام قاضٍ يكره ترمب.

واجب

ومنذ ظهور اسم القاضي ميرشان، تثير وسائل الإعلام المحافظة تساؤلات حول نزاهته، وتطالب بتنحيه فوراً عن القضية فوراً إذ أشارت صحيفة "ذا ويسترن جورنال" اليمينية إلى أنه تبرع لمنظمات ديمقراطية ولحملة الرئيس جو بايدن الانتخابية، وتظهر سجلات لجنة الانتخابات الفيدرالية أنه أسهم في 26 يوليو (تموز) 2020، بمبلغ 15 دولاراً خصصها لحملة "آكت بلو" وهي أكبر منصة لجمع التبرعات الشعبية للحزب الديمقراطي ولحملة "بايدن للرئاسة"، ثم قدم تبرعاً بقيمة 10 دولارات لمشروع الإقبال التقدمي وأوقفوا الجمهوريين في اليوم التالي، وهي مجموعة تشير إلى نفسها على موقعها على الإنترنت بأنها "حملة مساءلة مكرسة لمقاومة الحزب الجمهوري وإرث اليمين الراديكالي لدونالد ترمب".

وعلى رغم ضعف المبالغ التي تبرع بها، فإن أنصار ترمب يقولون إن هذا يظهر أين تكمن ولاءاته، ليس فقط كديمقراطي، ولكن باعتباره مناهضاً قوياً لترمب الذي ينظر في قضيته الآن، فضلاً عن كثير من الأسباب التي تدعو إلى التساؤل عما إذا كان يمكن لميرشان أن يشرف بشكل عادل على محاكمة ترمب.

أسباب مثيرة للتساؤل

ومن بين هذه الأسباب أن ميرشان هو الشخص نفسه الذي أمر بالقبض على ألين فايسلبيرغ المدير المالي السابق لمنظمة ترمب البالغ من العمر 75 سنة، وأبرم معه صفقة إقرار بالذنب في أغسطس (آب) الماضي في التهرب من دفع الضرائب المستحقة على 1.76 مليون دولار من الدخل غير المبلغ عنه على مدى 15 عاماً، وأن البيان الإخباري للمدعي العام قال إن المحكمة وعدت فايسلبيرغ بعقوبة سجن لمدة خمسة أشهر، وأن يخضع لمراقبة لمدة خمس سنوات، بشرط أن يشهد بصدق في المحاكمة الجنائية حول مخالفات منظمة ترمب، مما دفع الرئيس السابق إلى مهاجمة ميرشان، مدعياً أنه حطم فايسلبيرغ وتصرف بوحشية في قضية منظمة ترمب.

ووفقاً لقناة "دبليو أي بي سي"، فإن ميرشان كان منخرطاً بشدة في المفاوضات التي أدت إلى إقرار فايسلبيرغ بالذنب، كما أنه ينظر أيضاً في قضية ستيف بانون، المستشار الاستراتيجي السابق لترمب، في الاتهام بالاحتيال بسبب جهود جمع التبرعات لبناء جدار حدودي على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك.

وعلاوة على ذلك، أفادت صحيفة "نيوزويك" بأن ابنة ميرشان، لورين ميرشان، عملت في حملات انتخابية للديمقراطيين، وكان من بين عملائها النائب الديمقراطي المناهض لترمب آدم شيف من كاليفورنيا، ونائبة الرئيس كامالا هاريس، وحملة بايدن - هاريس، وحملة حاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم.

شكوك ترمب

غير أن لدى ترمب تاريخاً من التشكيك في شرعية القضاة أو حيادهم في القضايا المتعلقة بأعماله أو إدارته، ففي الوقت الذي كان فيه مرشحاً يتباهى بالجدار الحدودي الذي اعتزم تشييده مع المكسيك، أشار إلى "التراث المكسيكي" لقاض فيدرالي مولود في ولاية إنديانا ليشير إلى أنه لا يستطيع التعامل بشكل عادل مع دعوى قضائية ضد جامعة ترمب التي تم حلها الآن، وحينما أصبح رئيساً أشار ترمب إلى قاضٍ اتحادي آخر على أنه "ما يسمى القاضي" بعد أن حكم ضد حظر السفر الأولي الذي فرضه ترمب على سبع دول ذات غالبية مسلمة.

وعلى رغم أن القاضي ميرشان عادة ما يبدو رزيناً ومتوازناً، فإن محامي شركة ترمب وستيف بانون اختبروه في بعض الأحيان، وخلال محاكمة منظمة ترمب، بدا أنه يشعر بالإحباط من اثنين من محامي ترمب بعد أن قاما بإشارات بذيئة في المرافعات الختامية، وفي النهاية، طلب من محامٍ آخر يمثل الشركة أن يخبرهم بالامتناع عن التعبيرات غير اللائقة التي تحدثا بها.

من هو ألفين براغ؟

غير أن القاضي ميرشان ليس وحده الذي يتعرض للهجوم من قبل أنصار الرئيس السابق، فقد سبقه المدعي العام لمنطقة مانهاتن ألفين براغ الذي حرك القضية، وهو ديمقراطي منتخب، وأول أسود يشغل هذا المنصب، وقد أدى اليمين الدستورية في بداية عام 2022، ويبلغ الآن من العمر 49 سنة، ونشأ في حي هارلم في مانهاتن خلال الثمانينيات، في وقت كانت فيه المدينة تصارع معدلات جريمة أعلى وانتشار تعاطي الكوكايين، لكن الجريمة شكلت أفكار براغ عندما كان طفلاً حين احتجزته الشرطة تحت تهديد السلاح.

وحصل براغ على درجة البكالوريوس من جامعة "هارفرد"، ونال بعدها شهادة في القانون من كلية الحقوق بالجامعة نفسها، ثم انخرط في العمل ضمن نظام العدالة الجنائية لمدة 20 عاماً، وفقاً لسيرته الذاتية الرسمية، إذ شغل في السابق منصب مساعد المدعي العام في مكتب المدعي العام لولاية نيويورك وكمساعد المدعي العام الأميركي للمنطقة الجنوبية من نيويورك.

ما تاريخ براغ مع ترمب؟

وواجه براغ ترمب مرات عدة خلال الفترة التي قضاها مع مكتب المدعي العام في نيويورك، إذ انخرط في دعاوى مدنية ضد منظمة ترمب، إذ اتهمت دعوى قضائية أقيمت عام 2018 المنظمة بإساءة استخدام الأموال لمصلحة الرئيس السابق الشخصية أو السياسية، ووافقت المنظمة على حلها تحت إشراف المحكمة، وفي عام 2019، أمرت محكمة في نيويورك ترمب بدفع مليوني دولار شخصياً لتسوية الدعوى.

وخلال حملته الانتخابية للترشح لمدعي عام مانهاتن، روج براغ مراراً لتجربته في مواجهة ترمب وأكد لشبكة "سي بي أس نيوز" أن لديه المعرفة للتعامل مع قضايا الاحتيال الضريبي، والاحتيال في الرهن العقاري وقضايا الفساد العام، من الرشوة إلى الاحتيال في المشتريات الحكومية، كما أثار براغ القضية التي أدت إلى الإقرار بالذنب والسجن لمحامي ترمب السابق، مايكل كوهين، الذي حدد الرئيس ترمب آنذاك على أنه "متآمر" في مخطط مدفوعات شراء صمت ستورمي دانييلز.

وحينما سئل براغ في مقابلات أخرى عما إذا كانت التحقيقات مع ترمب، والتي بدأت في عهد سلفه، سايروس فانس جونيور، ستستمر بعد أن تولى منصبه كمدعٍ عام في مانهاتن، قال إنهم مستمرون، لكن الأمر سيستغرق وقتاً كونها قضية معقدة، لكنه شدد على أن لديه خبرة في هذا النوع من التحقيقات.

تحديات أخرى

غير أن سهام الانتقادات ضد براغ لم تأتِ فقط من ترمب وأنصاره، فقد انتقدته نقابات شرطة مدينة نيويورك، ووصفته بأنه متساهل في التعامل مع الجريمة، بخاصة أن براغ أرسل بعد أيام فقط من أداء اليمين، مذكرة إلى الموظفين قال فيها إن مكتبه لن يلاحق بعض الجرائم، بما في ذلك الجنح الخاصة بالماريجوانا والدعارة والتهرب من الأجرة، كما قال إن النيابة لن تطلب عقوبة السجن في أنواع معينة من القضايا الجنائية، مشيراً إلى أنه يريد بدائل للسجن لمرتكبي الجرائم لأول مرة والأشخاص المتهمين ببعض عمليات السطو والاعتداء.

كما واجه براغ رد فعل عنيفاً من القادة الجمهوريين في نيويورك، بما في ذلك مرشح الحزب الجمهوري لمنصب حاكم نيويورك لي زيلدين، الذي دعا إلى إقالته من منصبه، ورد براغ على أولئك الذين وصفوه بأنه لين في ما يتعلق بالجريمة، مشيراً إلى أن مقاضاة السلاح ارتفعت بنسبة 20 في المئة، وانخفضت عمليات إطلاق النار والقتل، بينما تتزايد محاكمات جرائم الكراهية، مؤكداً أن مكتب المدعي العام يعمل بشكل مدروس، ويركز على الذين يلحقون أكبر قدر من الأذى في مانهاتن.

المزيد من تحلیل