Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

برلمان العراق "مجمد" في الغليان السياسي

طرح مراقبون نظام الثنائية الانتخابية كبديل للوضع الحالي الهش للنواب

مقر البرلمان العراقي في بغداد (أ ف ب)

ملخص

أخفق النواب في اختيار رئيس جديد للبرلمان العراقي خلفاً لمحمد الحلبوسي على رغم إجراء تصويت مرتين ضم جولات اقتراع سري.

بدا 2005 عاماً مفصلياً في تاريخ العراق حين أزيح الستار عن دستور البلاد بمباركة المرجعية الشيعية العليا في النجف التي حثت على التصويت له بـ"نعم" في الاستفتاء عليه.

وتحول نظام الدولة العراقية بقوة التحالف الدولي (2003-2011) إلى دولة اتحادية يديرها نظام نيابي (برلماني) ديمقراطي وفق الإعلان الرسمي لذلك الدستور.

الرئاسات الأربع

أربع رئاسات حالية تدير الدولة العراقية تتمثل في رئاسة الحكومة ومنها القائد العام للقوات المسلحة ورئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة القضاء الأعلى، وهي سلطات مستقلة ومنفصل بعضها عن بعض نظرياً.

وما دام النظام البرلماني الجديد تخلى عن النظام الرئاسي في الحقبة الجمهورية السابقة (1958-2003)، فإنه يعتمد الإدارة الديمقراطية في تشريعاته وأدائه في العمل السياسي، إذ يجري كل أربع سنوات دورة انتخابية للتصويت لاختيار ممثلي الشعب.

مضى حتى الآن خمس دورات تشريعية، تولاها خمسة رؤساء برلمان هم بحسب الترتيب، محمود المشهداني وإياد السامرائي وأسامة النجيفي وسليم الجبوري ومحمد الحلبوسي، والأخير لم يستكمل دورته الثانية، ليترك وراءه خلافاً وجدلاً كبيراً عمن يخلفه، كان آخرها المعارك والاشتباكات بالأيدي بين مؤيديه من جهة وخصومه من الأحزاب الموالية لكتلة خميس الخنجر كما أشيع.

 

 

وبعد أن نفض الغبار عن وطيس المعركة أخفق الأعضاء في اختيار رئيس جديد للبرلمان يخلف الحلبوسي، ولمرتين من جولات الاقتراع السري، إذ كان على العضو المرشح أن يحصل على النصف زائد واحد أي بعدد (169) عضواً من مجموع البرلمانيين البالغ 329 عضواً.

مهام البرلمان

يتلخص عمل البرلمان بدورين رئيسين، الأول تشريعي والثاني رقابي. في المجال التشريعي يقتضي مناقشة وقراءة المشاريع المقدمة من الحكومة العراقية، وبحسب حاجتها، إضافة إلى مقترحات القوانين التي تقدم إلى مجلس النواب وتجري قراءتها مرتين، وتعرض بعدها للتصويت في القراءة الثالثة، ثم توكل للجنة البرلمانية المتخصصة لتنفيذها وإعلام الجهات الحكومية بالتشريع.

أما الدور الرقابي للبرلماني، وهو ثاني مهامه الرئيسة فإنه يتلخص بمراقبة أداء الحكومة وتنفيذها القوانين والمشاريع المصدق عليها، وإلزامها تفعيل أدائها، وفي حال التلكؤ تتعرض للأسئلة الشفوية من النواب، وتوجيهات المذكرات حتى الاستجواب، ثم التصويت على الوزير أو أي مسؤول تنفيذي بالبقاء أو المغادرة من المنصب.

المعارضة البرلمانية الغائبة

أزمتان تواجهان عمل البرلمان العراقي وتحدان من فاعليته، الأولى أنه لم يقر بوجود معارضة وطنية داخل المجلس من بين الأعضاء، كما هو معمول في الأنظمة الديمقراطية في العالم، وخلافات الموازنة بين (غالبية) تشكل الحكومة و(أقلية) تلتزم خط المعارضة التي تراقب العمل الحكومي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن المشكلة الأخرى في العراق أن الجميع يتشارك في الحكومة التي يجري اختيارها من بين أعضاء مجلس النواب (البرلمان)، حتى إن الجميع مشتركون ومسؤولون عن أداء الحكومة وسلوكها، لوجود مرشحين يفرضهم نظام المحاصصة السائد حالياً كعرف، ليس قانونياً، حتى جعل أحد السياسيين القريبين من البرلمان يقول "الوضع الحالي يسير وفق المثل الشعبي (شيلني وأشيلك)، أي احمِ ممثلي في الحكومة أحمِ ممثلك، فلا يحاسب المقصرون والفاسدون خشية فتح ملفات أخرى موازية".

تسلط الكتل

أما الأزمة الثانية التي يتعرض لها البرلمانيون فإنها تتعلق بحرية النائب واستقلالية قراره، فهو مقيد بتوجيهات كتلته التي ترشح عنها، فهو محدد بموافقات رئيس الكتلة، حتى أظهرت بعض الوقائع أن بعض رؤساء الكتل يأخذون توقيعات مرشحيهم على بياض ويحتفظون بالقلم نفسه الذي وقع فيه لضمان ترويج استقالتهم عند الحاجة، أو فرض مبالغ كبيرة يهددون بها بالملاحقة القانونية في حال خروجهم عن طاعة كتلهم التي عمدت ترشيحهم، وكانت هذه المشكلة سبباً في إقالة رئيس البرلمان السابق كما أشيع.

محيط سياسي مأزوم

على رغم هذه الصلاحيات الكبيرة التي منحت للبرلمان العراقي في رقابة أداء أعضاء الحكومة وعموم السلطة التنفيذية، وفق نظام برلماني تعددي يمثل عموم الشعب بـ329 نائباً، ومنح حق تشريع القوانين ومراقبة أداء الدولة كلها، لكنه يبدو برلماناً يعيش وسط محيط مجتمع سياسي مأزوم، يحد من حركته وفاعليته، وتستشري فيه كل التناقضات المجتمعية.

 

 

ويعاني البرلمان العراقي أيضاً فساد السلطات، ولم يتمكن من حماية الدولة من تغول قوى اللادولة وتعدد مراكز القرار وعدم السيطرة على السلاح والهدر غير المسبوق للمال العام.

أزمة النظام الانتخابي

ويعزو النائب السابق حسين الفلوجي كل ذلك إلى ما سماه بـ"النظام الانتخابي"، مضيفاً "منذ عام 2003 اعتمدت العملية السياسية في العراق على نظام انتخابي مبني على التعددية الطائفية والعرقية، مما أدى إلى تعميق الانقسامات والصراعات على السلطة، وهذا النهج أثر سلباً في النسيج الاجتماعي والثقافي في البلاد، وزاد من تعقيدات وأزمات العملية السياسية، وللتغلب على هذه التحديات ينبغي التحول من التعددية الطائفية إلى نظام الثنائية الانتخابية الفعالة".

وقال إن نظام الثنائية الانتخابية يقوم على تأسيس تحالفين انتخابيين رئيسين، يضمان تمثيلاً عادلاً لكل الأطياف العراقية، وهذا التحول سيمنح الناخبين خيارين واضحين، يقلص فرص المناورات السياسية، ويعزز الاستقرار وسيسهل عملية المحاسبة والشفافية في الحكم، إذ تكون الكتل السياسية أكثر وضوحاً في مسؤولياتها تجاه الناخبين.

النواب المستقلون

كان أمل الشعب في التغيير بالنواب الشباب من المستقلين الذين برزوا بعد انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ليكونوا كتلة مستقلة معارضة للسائد في البرلمان العراقي، وعددهم نحو 50 نائباً، لكنهم خذلوا بعد انسحاب الرديف الصدري المكون من 73 عضواً من جهة، وغياب الرؤية الموحدة لإرادة سياسية لديهم، تمكنهم من مكاشفة الجمهور عما يحدث داخل البرلمان من جهة ثانية، وتوحدهم بكتلة قوية شابة.

لم يتحقق أي من الأهداف السابقة بل يكاد يكون هؤلاء النواب ذابوا وسط أمواج الكتل الكبيرة التي تملك المال والدعم والخبرة في العمل البرلماني والسياسي، إضافة إلى القوى الساندة داخل الحكومة وخارجها، فكانوا إزاء لعبة هواة أمام محترفين خبروا العمل البرلماني وأجادوا امتهانه لدورات متكررة.

المزيد من تحلیل