Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عيد زمان في لبنان... "أراجيح" و"كرابيج" أزهقتها العادات الرقمية

غابت العلاقات الإنسانية واستوديوهات التصوير تنازع البقاء

أرجوحة العيد قرب نهر أبو علي في طرابلس (وسائل التواصل الاجتماعي)

ملخص

من طقوس #العيد في #طرابلس_اللبنانية النزهات عند نهر أبو علي وحضور أفلام #فريد_الأطرش

بعد مرور ثمانية عقود من الزمن، ما زالت الحاجة سعاد (87 سنة) تسترجع أيام العيد، عندما كانت جماعة الأطفال تتجه إلى منطقة "المراجيح" عند مجرى نهر أبو علي في طرابلس، حيث كانت تتحلق الحشود حول بائعي مخلل اللفت الملون وعربات "العلوكة" وعرق السوس. كانت أوقات سعيدة، تقول السيدة "كنا نشتري بالفرنك والنصف فرنك "الحلوة" و"كربوج حلب" و"المشبك" و"البافكا". كما شكل دخول السينما إلى مدينة طرابلس "بعد طوفان النهر" (عام 1955) طقساً أساسياً من طقوس العيد لمشاهدة أفلام العيد، وتحديداً أفلام فريد الأطرش التي كانت المفضلة، وتشهد أعداداً كبيرة من الناس، إذ كانوا يأتون من مختلف المناطق إلى المدينة". وكانت العائلات تنتهز فرصة العيد من أجل التوجه إلى بوابة الميناء للتنزه، حيث كانت تزدحم محطة عربات الخيل بالركاب قبل ظهور الحافلات وانتشار السيارات.

كما تشكل المأكولات والحلويات محطة أساسية عشية العيد وامتداداً للعلاقات الاجتماعية الوثيقة، حيث تسترجع تلك الأيام، عندما كان المنزل يعج بالنساء الأقارب، يجتمعن من أجل تحضير "الغريبة" و"معمول العيد" و"الكبة أقراص"، الحاجة سعاد تضيف "كانت النساء تتعاون في التجهيز، وكان هناك دور متفق عليه، (أنا أساعدك اليوم، وفي الغد تجتمع النسوة لديك من أجل تجهيز أطباقك)".

ولا يمكن تجاهل "العيدية" التي كانت مبلغاً من المال، وعربون محبة ومكافأة للأطفال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقبل تحول المعايدات إلى "ستيكرز"، وردود الفعل إلى "إيموجي"، والمناسبات إلى "ستوري". عاش اللبناني أعياده ومناسباته بصورة مغايرة، فقد كانت قائمة على الاتصال الإنساني المباشر ومنظومة القيم. وليس من قبيل المبالغة القول إننا نعيش مرحلة انتقالية بين زمنين من حقبة العلاقات الإنسانية المليئة بالشغف، إلى وساطة الآلة والشاشة بين المرسل والمرسل إليه في عصر الصورة.

 

صورة العيد

تطورت طقوس العيد لتتماهى مع التطور التقني والتكنولوجي، ومع انتشار التصوير الفوتوغرافي تسابق المواطنون إلى التقاط صورة العيد التي تجمع الأهل والأصحاب. يعتبر جمال الشياح (مصور محترف) أحد المعاصرين لحقبة ازدهار الكاميرا، فخلال 40 عاماً اختلفت نظرة العالم إلى الصورة الفوتوغرافية، من الانطلاقة في بعلبك إبان حقبة الثمانينيات، والانتقال الى طرابلس بداية التسعينيات. يتحدث الشياح عن ثلاثة أجيال من التصوير، بدءاً بالتصوير بالأبيض والأسود ومن ثم الملون، وصولاً إلى الديجيتال الرقمي، معبراً عن "حنينه إلى الزمن القديم". يؤكد "في الماضي، كانت تجتمع الأسر في الأعياد لالتقاط صورة مميزة لأطفالهم عند المصور في الاستديو، وتظهيرها لوضعها في الإطار"، قائلاً "كان لصورة العيد نكهتها الخاصة، أما اليوم فينتهي كل شيء بكبسة زر كاميرا الهاتف، حيث استغنوا عن التظهير، مما يؤدي إلى خسارة اللحظات والصور في حال حدوث أي خلل".

يصف جمال الشياح موسم التصوير في الأعياد بـ "الضعيف، لا بل شارف على الانقراض"، أما في السابق "فكنا نبدأ العمل صباح العيد، وسرعان ما يسبقنا الوقت وينتهي النهار. في بعض الأيام تمزق بنطاله عند الركبة لاضطراره إلى الركوع لالتقاط الصور بما يتناسب مع الأطفال". ويختزل المشهد باستعمال 40 فيلم "كوداك" أو "أكفا"، وهو ما يوازي 1500 صورة في يوم العيد الواحد، أما اليوم فقضى الديجيتال على الأفلام، ولم يعد يأتي إلا المحتاج إلى صور الضرورة.

المعايدات

قبل انتشار ثقافة مواقع التواصل الاجتماعي القائمة على كبسة زر الإعجاب. عاش جيل التسعينيات والعقد الأول من الألفية الثالثة، بوادر العصر الجديد من الأعياد، إذ بدأت ألعاب الفيديو البدائية بالانتشار، جنباً إلى جنب مع المفرقعات النارية والأسلحة البلاستيكية، وأساليب التسلية وتمضية أوقات الفراغ عبر الشبكة. ورويداً رويداً بدأت عادات التكنولوجيا الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي في التسلل إلى سلوكيات المواطنين، ففرضت ثقافة الصورة نفسها، وتقدم المظهر على الجوهر، بما يتناسب مع تلك المنصات. وأصبح العيد مناسبة من المناسبات التي يلجأ فيها المستخدم إلى خاصية "الفوتوشوب" لإظهار أكبر قدر من السعادة الافتراضية، وإزالة الشوائب والتفاصيل التي يمكن أن تمس مثالية الصورة.  

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات